أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - الشفافية تستلزم رؤية واضحة حتى لا تصبح مجرد قعقعة















المزيد.....

الشفافية تستلزم رؤية واضحة حتى لا تصبح مجرد قعقعة


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 08:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الرؤية الواضحة والشفافية أوّل ما تستوجبه المصداقية، لكن مع الأسف الشديد، انعدمت المصداقية في الحكومات والأحزاب السياسية ومختلف مؤسسات الدولة والنظام التربوي. ولبدو أنه لا مصداقية باستمرار تحكم المخزن في الأشياء. والمقصود هنا بالمخزن هو بالأساس السلطة غير المتحررة المعاكسة للمشاركة والاستشارة، وبالتالي من الصعب عليه بمكان خدمة المجتمع ناهيك عن خدمة الشعب.

لازال الشعب ينتظر – وقد طال انتظاره- تعميق الديمقراطية وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات والتنزيل الأمثل للدستور الجديد, أملا في حصول التغيير الحقيقي المنشود، قوامه، صيانة كرامة المواطن والعمل على إرجاع الثقة له في المؤسسات وفي الفعل السياسي, إضافة إلى تمكينه من ظروف العيش الكريم والخدمات الاجتماعية الأساسية من أجل الاطمئنان عن الغد.

و حيث أن الثقة تمثل قاعدة الرابط الاجتماعي، فإن هذه الأخيرة في بعديها الشخصي و المؤسساتي، تظهر الحالة الصحية للمجتمع و الجودة الوظيفية لمؤسساته و قدرته على توطيد علاقات التضامن و كذا تأسيس نظام سياسي عادل بهدف بناء دولة القانون. إنه مؤشر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لا سيما في فترات الأزمات أو الإصلاح أو المرحلة الانتقالية.

فلم تعمر الأوطان وتصفو النفوس وتتآلف الأفكار وتتلاقح الأضداد إلا بعد التواصل واحترام الآخر وقبول التنوع والاختلاف والمغايرة، وهذا يتأتى من الثقة السياسية والاجتماعية التي تذيب الحواجز وتزيل الحواجز وتطمر الخنادق وتبدد الشكوك والارتياب.
والثقة تشير بهذا المعنى الى تقبل درجة من التعقد في الحياة الاجتماعية ودرجة الغموض في المواقف لا تصل الى حد الخوف وعدم اليقين الكامل وإلا لما خرج الفرد من منزله الى الحياة العامة.

لكن مع الأسف التاريخ لا يحدثنا عن التسامح والثقة السياسية، بل ان الخداع والحيلة والمكر والكذب وعدم الوفاء بالوعود هي السائدة والطافية على السطح ويكاد ان يكون المكر هو العلامة الفارقة للسلطة السياسية.

والإشكالية هنا، ما بين الماضي المثقل بالزيف والمكر والمستقبل الذي ينتظرنا وفي ذات الوقت لا نستطيع ان نخطو باتجاهه ما لم نغسل النفوس من تلك الأدران من اجل بناء الدولة والأجيال القادمة لكي تحصد ثمار الثقة السياسية من خلال التأسيس لها ووضع حجر الأساس لمشروع مجتمعي انساني يتأسس على قطيعة مع ممارسات الماضي.

فالثقة السياسية هي سلوك معياري/ أخلاقي يحدد مضمون التفاعلات بين مكونات المجتمع والفاعلين فيه، بين طرفين، أحدهما حامل الثقة والآخر صاحب الثقة بحيث يستطيع الأول التمتع بقدر أكبر من حرية الحركة، ودعم تأييد الطرف الثاني له في تبني أهداف الحركة والاختيار بين البدائل وتحديد وسائل الأهداف، دون الرجوع الفوري لصاحب الثقة في التفصيلات.

أما الثقة السياسية كظاهرة اجتماعية (فتشير الدراسات الاجتماعية) الى انها ترتبط بطبيعة الثقافة السياسية وتلعب الدور المحفز المفاعل في بناء الشرعية، كما تتراوح في درجة عقلانيتها بين الثقة في المؤسسات السياسية وثقة في الزعماء السياسيين، والوظيفة الأهم للثقة السياسية هي تجسير الفجوة بين الحاكم والمحكومين وتحقيق الانسجام بين الدولة والمجتمع، فيما تدفع نحو مزيد من الانتاج والاستقرار، وبدون الثقة يصعب تحقيق تعاون بين الأفراد او ضبط الصراعات الاجتماعية.

لم يعد يخفى على أحد اليوم أن أزمة الثقة في المؤسسات ترجع بالدرجة الأولى إلى الإحباط الذي أصاب مختلف الفاعلين وأوسع فئات الشعب بعد عقود من التطور التقهقري الذي يبدو في أحسن الأحوال مجرد جمود ، وهي النتيجة الطبيعية لمرحلة انتقالية تمّ تمطيطها بشكل جعلها تتحول إلى متاهة عبثية.

وتتعمق أزمة الثقة بين المواطنين و مؤسسات الدولة أكثر، و تزداد التوترات النابعة من الشعور بوجود خلل بنيوي يجعل النسق السياسي في حالة من الفساد يصعب معها إصلاح أي قطاع رغم كثرة الكلام بخصوص التصدي للمفسدين،وهذا ما يبطل عمل المؤسسات و تحقيق الأهداف التي من أجلها وُجدت.

وأدّت الوضعية المتردية للسكان من الفئات الفقيرة إلى سحب الثقة من خطاب السلطة حول محاربة الفقر و تقليص نسبة البطالة، مما ساهم بقوة في تفاقم أزمة الثقة في الحكومة و مؤسساتها المختلفة، و ضاعف من اليأس العام من كل إصلاح فعلي تظهر نتائجه على أرض الواقع الملموس.

ويزيد الطين بلة مع إصرار القائمين على الأمور على الإستمرار في لعبة الصراع المستميت، مما حول السياسة إلى سمسرة و نصب و أعمال قذرة تراكم الأحقاد المجانية بدون أية مردودية ملموسة ودون خدمة الصالح العام خدمة فعلية صادقة. هذا المناخ المشحون بالريبة و القلق و الترقب يجعل المواطنين لا يصدقون خطابات بعض المسؤولين حتى و لو كانت صادقة وصحيحة، و لا يأبهون ببعض المنجزات حتى و لو كانت واقعية و ملموسة.

إنها،في واقع الأمر، أزمة ثقة حقيقية لا يمكن أن تزول إلا بإصلاح شامل حقيقي يهتم أيضا بتغيير العقليات التي روضها الفساد العام المستطير.
يرى الكثيرون في الإدارة العمومية بصفة عامة كمؤشر عن تقدم أو تأخر البلاد، ومن خلال السير الإداري ونظافة وفعالية المرفق الإداري العام، يصدر الحكم بالتقدم أو التخلف.

لن يمكن الحديث عن الشفافية الحق دون شعور المواطن بأن المجهود التنموي والاستثماري تخصص لجميع أفراد المجتمع، وعامة مناطق البلاد. ولن يتأتى هذا إلا بتوزيع عادل ومتوازن للثروات، تماشيا مع إقرار العدالة الاجتماعية، والتقليص من مظاهر الفقر والتهميش، والإقصاء، لاسيما في العالم القروي والأحياء الشعبية، وضواحي المدن الكبرى، وأحزمة الإقصاء، الناتجة عن الهجرة القروية وتراجع فرص التشغيل، الشيء الذي أدى إلى اتساع نطاق الخصاص الاجتماعي وتعدد مظاهر الفقر والتهميش.
من هنا تبدو بجلاء أهمية وحيوية التوفر على رؤية واضحة المعالم ومحددة المقاصد للعمل من أجل تعزيز ثقة المغاربة في المؤسسات وتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية وبناء اقتصاد تنافسي يعزز مكانة المغرب وضمان تعليم منتج للمعرفة وتحسين مستوى الخدمات الصحية التي وصلت إلى قاع بئر التدهور والتردي.

ولا يمكن استعادة الثقة في المؤسسات وضمان مشاركة المواطنين في بلورة القرار إلا بتقييم شجاع وجدي للسياسات العمومية المعتمدة ومحاربة الفساد في أعلى الهرم وقاعدته بشكل موازي وبنفس الصرامة. علما نظام فعال للحكامة الجيدة يربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان نجاعة السياسات العمومية وتوفير الأمن بمختلف أبعاده ،كما يستلزم الشفافية الحق التي لن تكتب لها الجدوى والفعالية إلا ضمن رؤية واضحة المعالم ومحددة المقاصد .

هذا هو السبيل الأمثل والأضمن لتنزيل للدستور كإطار عام لتكريس دولة الحق والقانون ودولة الحق والواجب ودولة العدل والمواطنة، والمؤسسات والحرص على إعطائها البعد الديمقراطي الحداثي، وبناء الجهوية وجعلها إطارا لضمان خلق الثروة وتعزيز الديمقراطية التشاركية، وفضاء لضمان المواطنة الكاملة غير المنقوصة وانتهاج استراتيجية جريئة لمحاربة الفساد والريع الاقتصادي والسياسي، ووضع حد للإفلات من العقاب، وتعميق شفافية المالية العمومية لحماية المال العام، وتعزيز دور البرلمان والمجتمع المدني في مجال الرقابة المالية. هذا هو الطريق السيّار لإحداث قطيعة تامة مع دولة الفساد والريع والنفوذ والسلطة المطلقة بلا رجعة.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضائح المؤسسات العمومية مغاربة خانوا ثقة الملك والشعب
- إفلاس صندوق المقاصة مناسبة أخرى للتفكير في تغيير نموذج التنم ...
- هل أمريكا بصدد إعادة ترتيب أوراقها بشمال إفريقيا عسكريا وأمن ...
- متي سنتخلص من تسو نامي تهريب الأموال؟
- التصدي للاعتداء الجنسي على القاصرين تنامي صادم بالقنيطرة وجه ...
- من سيخلف عباس الفاسي؟ بعد فشل التوافق تم تفعيل استراتيجية ال ...
- الجاسوسية والجاسوسية المضادة بنكهة مغربية
- شباب القنيطرة واقع مر وغد دون معالم مضيئة ثلثاهم تقريبا عاطل ...
- عبدالمومن الديوري شبل ابن أسد ظل واقفا صامدا بتصميم إلى أن غ ...
- الأمن الاجتماعي مسؤولية من؟
- الصفر كثير عليها
- دولة الرفاهية بالمغرب حُلم بعيد المنال
- سخط أم يأس؟
- مازلنا نتوق للكرامة وللعيش الكريم
- -كلاّ وموازينو-
- هل من معنى للصالح العام عند القيمين على أمور المغرب؟
- غريب أمر جامعة ابن طفيل -من لا يستحيي فليفعل ما يريد-
- لماذا تُصر النيابة العامة على حفظ الشكايات ضد رجال السلطة؟
- هل مستقبلنا لازال يتضمن بدرة أمل لتحسين واقع الحال؟
- براءة السد راوي ورفاقه أسقطت الأقنعة والآن لا مناص من التقصي ...


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - الشفافية تستلزم رؤية واضحة حتى لا تصبح مجرد قعقعة