أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي غشام - ليلة الثاني من آب عام 1990














المزيد.....

ليلة الثاني من آب عام 1990


علي غشام

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 20:00
المحور: الادب والفن
    


ليلة الثاني من آب عام 1990
بعث الي آمر سريتي الملازم باسم معوق الحرب والذي كان طيار هليكوبتر اصيبت طائرته في معركة تحرير الفاو واصيب اصابة بالغة واحيل على صنف المغاوير ..
- علي ..؟
- نعم سيدي
- تروح لاهلك بالبصرة ..؟؟
- شلون سيدي انا هسه جيت من اجازتي ..!!
- معليك ..تروح لو لا..؟
- سيدي طبعاً منو يرفض هيج شغله ..
- لعد تروح للسرية وتحضر نفسك تروح مأمورية للبصرة تجلب اوراق (الكُونِية) التي تخصني الى هنا لسرية المغاوير..؟
- نعم سيدي
وعلى الفور جهزت نفسي واخذت كتاب المأمورية وانطلقت باتجاه كراج بغداد في مدينة الموصل الرائعة في ذلك الوقت من السنة فالطقس جميل وبارد وهي المدينة المعرفة بـ(ام الربيعين)
انطلقت باتجاه بغداد كانت الاجواء مشحونة فتحركات الجيش في ذلك الوقت كانت مريبة ومكثفة خصوصا والعراق خرج من حرب الثمان سنيين مع ايران تواً..
بغداد كانت تعج باسواقها وعسكرها ، التقطت انفاسي من رحلتي اليها قادما من الموصل ..توجهت فوراً الى كراج النهضة مستقلاً باصات البصرة والحنين يحدوني رغم رجوعي تواً من اجازتي الدورية ..
استغربت امي من حضوري متسائلة بخوف عن سبب قدمومي ...
- ها يمه نقلوك للبصرة مو ..؟!
- لا يمه..
- لعد ليش جيت مو توَّك رحت لوحدتك ..!!
- يمه مأمورية ..
في اليوم التالي انطلقت بحثاً عن عنوان وحدة آمر السرية في مدينة الفاو التي نكبتها الحرب ولفت انتباهي العسكر المتدكسون في ساحة سعد والاجواء الممتلئة طائرات لا تعد ولا تحصى وسط استغراب الناس ومخاوف من مغامرة جديدة يقودها اهوج بغداد هذه المرّة..
استعلمت لا احد يعرف السبب .. زاد قلقي وانا اتفحص وجوه الجنود المنهكة من رائحة البارود والدم لعلي اعثر عن اجابة لسؤالي في وسط اجواء ذلك اليوم الحار من شهر آب والذي ترك في نفسي جرحاً وحسرة الى الآن فانا اعتبره بداية سقوط العراق الى هاوية سحيقة جعلتنا في اسفل سلم التخلف وفي كافة مجالات الحياة .
وصلت الى موقع الوحدة التي انشدها ولم اجد شيئاً غير بقايا اطلال المواضع المتروكة منذ ليلة،استغربت كثيرا من هذه الصدفة التي سوف تنغص راحتي وتقلقني بالبحث عن تلك الوحدة اللعينة ..
استوقفت جنديا وسألته ..
- اين الوحدة المرقمة ..........
- ليش انت ما تعرف..!!
- اعرف شنو .
- يابه الكويت صارت بيها ثورة والجيش كله هناك اخذوه لنصرة الثورة..
- ثورة ...!! بالكويت ..!! گول غيرها يا معود ..!
- نعم ..
- وهذه الوحدة هناك اكيد 100% ..؟
- نعم في نهاية صحراء الرميلة ..
قطعت نصف المسافة الى الوحدة بحوض سيارة عسكرية (إيفا) ، ثم توقف سائقها ليخبرنا بالترجل
- هذا حدي بعد ما اروح لبعيد لان تعبان كلش والامور هناك جدا صعبة ..
سألته مستعلماً عن الوحدة التي اقصدها ؟
ضحك ضحكة مخنوقة واخبرني انه احد جنود هذه الوحدة فتنفست الصعداء ..فسألته بفضول..
- اين القلم
- اترى تلك الخيمة
- نعم
- اذهب واسألهم
توجهت وسألتهم عن قلم الوحدة وسط دهشتهم واستغرابهم من سؤالي ..فرد احدهم ..
- يابه يا قلم يا بطيخ الأمة مخبوصة روح الاهلك احسن لك..
وزاد ذهولي واستغرابي عندما تكللت السماء فجأة بالطائرات التي صعب عليَّ عدّها والقادمة باتجاه البصرة من الكويت ..واردف الجندي بابتسامه..
- شوف عيني مو كتلك الدنيه مخبوصة
صعب الامر عليَّ في الرجوع الى اهلي رغم اني لا ابعد عنهم سوى 50كلم فقد اشتد حر الصحراء وهبوب رياح السموم الحارة فقطعت ثلاثة ارباع المسافة الى البصرة مشيا على الاقدام ورأسي ازدحمت فيه الاستفهامات عن ماهية تلك الثورة المزعومة خصوصا وان لكويت من الدول التي شعوبها في بحبوحة من العيش الرغيد ..!!
عندها احسست بمرارة وتعب شديدين وايقنت ان الخراب اوشك ان يعمَّ العراق وان ما تخبئه الايام اصعب واشد قسوة بكثير من هذا اليوم
وفعلا كان يوم الثاني من آب يوم اسود على العراقيين والكويتيين عندما غامر ذلك الاحمق بدخول الجارة العربية بقوة السلاح ..فكانت القشة التي قسمت ظهر العراق والتي ما زال العراق يدفع ثمن غباء وعنجهية وغطرسة رجل لا يملك من العقل شيء سوى بداوته وشواربه مدعاة فخره واعتزازه وكأنها انجاز من انجازاته السخيفة ..!!
يوم في التاريخ لن يُنسى ابدا ..
يوم ليس كباقي الايام ..
يوم نسي العراقي انسانيته وعطفة وحبه للاخرين..
يوم نُهبت دولة بكاملها من عصابات النظام البائد ورجاله الاشرار..
يوم دُقَّ اسفين بيننا وبين جارتنا الجنوبية وما زلنا نحصد ما اتته أيادي مجرمينا..
يوم فاصل بين ان يكون لنا دولة وبين ان تكون علينا وصاية .
يوم بان نحترم كمواطنين وبين ان نصبح يهود التاريخ مشردين في اصقاع الأرض..
يوم بان يلعب اطفالنا كباقي اطفال العالم او يتحولون الى قتله يأكلون شعبهم وأنفسهم الآخرين ..
يوم بان تكون لنا زراعتنا وصناعتنا وتجارتنا وبين ان نعتاش على فتات ثرواتنا التي تسرق الى الأن امام اعيننا ...يوم قدسنا المدنس وبجّلنا الوضيع يوم نسينا ان الأنسانية تسامح وعفو وحوار ونسينا انسانية الانسان وبؤس الانسان وألم الانسان وخصوصية الانسان واكتفينا باناشيد واهازيج الحروب والانتصارات الوهمية على انفسنا ...
علي غشام



#علي_غشام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء شط العرب
- هلوسة العودة
- سحر
- الفصل الأخير
- واقع المرأة المظلم
- أنتِ
- لأجلكِ
- لم يكن وصلُك إلاَّ حُلماً...
- أمي وأشياء أخرى
- عتب
- الافتراس
- كان هناك
- اقتصاد العراق..الى اين؟؟
- التدخل الاجنبي الثقافي في العراق
- قصة قصيرة
- أمنية


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي غشام - ليلة الثاني من آب عام 1990