أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - متى نشفى من -تَدْيين- صراعنا الواقعي؟!















المزيد.....

متى نشفى من -تَدْيين- صراعنا الواقعي؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 14:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



على كثرتها، وكثرة ضحاياها، لا وجود، ولو من حيث المبدأ، وعلى وجه العموم، لـ "الحروب الدينية"، أيْ للحروب التي هي "دينية صرف"، في غاياتها، وفي الدَّافِع الحقيقي إليها، وإنْ اعتقد جُلُّ ضحاياها، والمُتَّخَذون وقوداً لها ليس إلاَّ، بـ "دينيتها"، غايةً ودافعاً؛ فـ "الحرب الدينية (أو الحرب من أجل الدين، ومحاماةً عنه)" لا يمكن فهمها، على وجه العموم، إلاَّ على أنَّها "دنيوية المحتوى"، تَلْبَس اللبوس الديني السماوي ليس إلاَّ، مقيمةً الدليل، كلَّ مرَّة، على أنَّ السماء هي "المرآة" التي فيها نرى "صورة" صراعٍ يدور في "الأرض"؛ و"المرآة"، مهما صُقِلَت، وحُسِّنَت، وعَظُم حجمها، لا تُرينا، ولا يمكنها أنْ ترينا، إلاَّ ما نُريها؛ فكفانا خَلْطاً بين "الصورة" و"الأصل"!
ومِنْ قَبْل، قُلْت، غير مرَّة، إنَّ مصيبتنا الكبرى نحن أبناء الشرق تكمن في كوننا نميل دائماً إلى ترجمة كل صراعٍ واقعي نخوض (أيْ كل صراعٍ يَضْرِب جذوره عميقاً في تربة مصالحنا وحاجاتنا الواقعية الدنيوية) بـ "لغة الدِّين"، أيْ بمفرداته وعباراته وشعاراته؛ فهذا "الدكتاتور" نصارعه مُلْبسين صراعنا ضده لبوس صراع "الخير (الديني)" ضدَّ "الشَّر (الديني)"، أو صراع "المؤمِن" ضدَّ "الكافِر". حتى صراعنا (الواقعي الدنيوي) ضدَّ القوَّة الإمبريالية العظمى في العالَم، وضدَّ عدوِّنا القومي الأوَّل، وهو إسرائيل، نُتَرْجِمه بـ "لغة دينية (إسلامية)"، ناظرين إليه على أنَّه صراع إسلامي ضدَّ حملات صليبية جديدة؛ فَلْنَنْبُذ هذه الطريقة في التفكير والتعليل والتفسير، وفي النَّظر إلى الأمور، وإلاَّ ظَلَلْنا أَلَد وأَشْرَس عدوٍّ لأنفسنا، ولمصالحنا الواقعية، ولحقوقنا التي لم نَعِها بَعْد بما يكفي لِجَعْلِنا نُجيد الدفاع عنها، والانتصار لها.
عندما سيطر مقاتلو "حزب الله (الشيعي اللبناني)" على أحياء من بيروت الغربية (السنية) علَّق أحد قادة "قوى الرابع عشر من آذار" على ما وَقَع قائلاً: "أهل بيروت (الغربية من السنة) ناموا على عُمَر (بن الخطاب) فاستفاقوا على علي (بن أبي طالب)!
لتتأمَّلوا هذا القول جيِّداً؛ فإنَّ فيه من المعاني والدلالات ما يُكْسِب قَوْلنا في أمْر "الحروب الدينية" مزيداً من الأهمية؛ فـ "حزب الله"، بحسب هذه "الصورة"، يقود "معسكر علي"، الذي يضم حركة "أمل"، وجماعة عون المسيحية المارونية، وقوى وجماعات وشخصيات سنية، في الصراع (الأبدي) ضدَّ "معسكر عُمَر" الذي يضم "تيار المستقبل"، وجنبلاط، وجعجع، وقوى وشخصيات لبنانية أخرى!
في لبنان، ليس من لون (حزبي أو سياسي أو فكري) إلاَّ ويُخالِط أصحابه شيئاً من لون "الطائفية (الدينية)"؛ حتى المنظمات السياسية اليسارية والعلمانية والقومية.. يشوبها شيء من هذا اللون، ولو في بنيتها التنظيمية وقاعدتها الشعبية؛ والمقاومة الفلسطينية في لبنان، في سنوات الحرب الأهلية هناك، كان يُنْظَر إليها على أنَّها "جيش السنة"؛ ولو تجادل اثنان من اللبنانيين في أمْرِ التليسكوب "هابل" لَفُسِّر اختلافهما في الرأي على أنَّه اختلاف يَضْرِب جذوره عميقاً في "الطائفية (الدينية)".
ليس من عصبية مُعْمية للأبصار والبصائر، ومُنْتِجة للوحشية في الصراع، أكثر من العصبية الدينية، التي من عواقب تسعيرها، أيضاً، أنْ يغدو العدو (الحقيقي والأعظم) وليَّاً حميماً، والشقيق (والصديق) شيطاناً رجيماً.
وعندما فُجِّرِت الجامعة المستنصرية في بغداد سألني أحد المتعصِّبين ضدَّ الشيعة: "هل الضحايا من الشعية أم من السنة؟"؛ فأجبته قائلاً: "إنَّهم جميعاً من العرب"؛ لكنَّ وَقْع جوابي في نفسه جعلني أشعر أنَّ سؤاله لم يُجَبْ عنه بعد!
غَيَّرتُ إجابتي قائلا: "إنَّهم جميعاً من المسلمين"، فما كان منه إلاَّ أنْ شرع يأتيني بالأدلة (الدينية والفقهية) على أنَّ الشيعة ليسوا بمسلمين. لقد أظهر ميلاً إلى أنْ يراهم غير مسلمين مع أنَّ "تديُّنه" تنقصه "الصلاة"، وغيرها من أركان الإيمان؛ إنَّها العصبية الدينية المُلْغية للعقل، هي التي حملته، أيضاً، على التسبيح بحمد معاوية، وكأننا عُدْنا حتى سياسيا إلى زمانه!
وكيف لي أنْ أُقْنِعه بأننا في زمن غير زمن معاوية، وفي عالم غير العالم الذي عاش فيه معاوية، وقد رآهم يقطعون رأس صدام حسين وكأنهم يقطعون رأس يزيد بن معاوية، ويتعجَّلون، في وحشيةٍ، مَقْدَم المهدي الذي ينتظرون كمن ينتظر سقوط السماء على الأرض؟!
أليست مأساة متحوِّلة إلى مهزلة أنْ يتحدَّانا الواقع أن نبتني وجوداً قومياً عزيز الجانب، فإذا بنا نعود غساسنة ومناذرة!
لقد رأيْتُ وسَمِعْتُ ما حان له أنْ يحملنا على "الكفر".. الكفر بكل سياسة تتلَّفع، مع ممثِّليها، بالدين؛ فالزج بالدين في السياسة إنَّما يزج بكل قوى العداء للأمَّة العربية في الحرب على وجودها القومي، وعلى حقها في أنْ تحيا (سياسياً وفكرياً وثقافياً..) حياةً ديمقراطية؛ فاحترابنا الديني يميت الأحياء من الأمة، وكل ما بقي فيها من معاني وقوى الحياة، ويحيي، في الوقت نفسه، كل الموتى، ليتَّسِع ويترسَّخ فينا حُكم الأموات للأحياء، وكأنَّ معاوية ويزيد والحسن والحسين.. قد انتقلوا من الماضي إلى الحاضر ليكونوا السيوف المواضي في حرب "العدوِّ الثلاثي (الولايات المتحدة وإسرائيل وأنظمة الحكم الدكتاتورية العربية)" علينا.
التعصُّب بكل صوره وأشكاله مذموم وقبيح؛ وإنَّ أحداً منَّا لا يجرؤ، في مواقفه المُعْلَنة، على الأقل، على امتداحه والحضَّ عليه. حتى المتعصِّبون أنفسهم يلعنونه "نهاراً"، ليسبِّحوا بحمده "ليلاً"؛ فكثيرٌ من أبناء مجتمعنا يرتدُّون، في الأزمات التي فيها تُخْتَبَر على خير وجه "قوى المواطَنة" فينا، إلى هويات لا مكان لها في الأمم الحيَّة والمتحضِّرة والديمقراطية إلاَّ "المتاحف".
ومن تجربة شخصية أقول إنَّ كثيراً من مثقَّفينا "القوميين" و"العلمانيين" و"اليساريين" و"الديمقراطيين" و"الليبراليين".. تراهم، في "الأزمات الاختبارية"، وقد عادوا إلى عبادة "الأوثان" نفسها، وكأنَّ "وعيهم الجديد"، الذي يتغنُّون به في الأوقات العادية، لا يعدو كونه قشرة رقيقة طرية لا تقوى على الصمود طويلاً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا نَحْفُر بأيدينا قَبْراً ل -الربيع العربي-!
- رؤية صالحي!
- عندما يَشْتَغِل -القطاع الخاص- بالصحافة!
- لن يَشْمَلَ إسرائيل ب -شمشونيته-!
- والَّذين هُمْ باللَّغْوِ مُشْتَغِلون!
- نظام الحُكْم الكيميائي!
- هذا الخلل في -طريقة التفكير-!
- كيف نفهم الموقف السعودي من الثورة السورية؟
- -الولاء اليساري- للحُكْم السوري!
- قُطِعَت -الرَّقَبَة-.. وبَقِيَ -الرأس-!
- حديث -المؤامرة-!
- في -البيروقراطية-!
- .. وبينهما أمورٌ مُشْتَبِهات!
- -وابشَّاراه-!
- مصر.. أهي -ولاية الفقيه الدستوري-؟!
- بشار الذي يحبه شعبه!
- نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!
- عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!
- عرفات قُتِلَ ب -الشَّارونيوم-!
- -أُمَّهات الحقائق- في الصِّراع السوري!


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - متى نشفى من -تَدْيين- صراعنا الواقعي؟!