أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد هالي - إبهامات لفقرات متقطعة (4)















المزيد.....

إبهامات لفقرات متقطعة (4)


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 00:13
المحور: كتابات ساخرة
    


- 1 -
كنا أناس بلا أفرشة، و عندما تصدأ القصدير توسدنا القش زمن الرعد، و كنا أطفالا ببلاستيكيتنا الممزقة نطأ الأوحال زمن الأوحال، و كان الدفء في الشاي، و عادة ما ينقلب الفرح أحزانا، هذه عادة غالبية فلكنا، فئران ترقص على ذنب قط، و حين شعرنا بالغناء غنينا على قشرة خبز ألهبت اللعاب حنانها، و طاردنا الكد بلا كد في بلد الفوارق، و عندما سألنا الشمس أحرقتنا، و حين سألنا البحر أغرقنا، و حين اتجهنا إلى السماء حللنا بالسماء عوائق الأرض، و بقينا نلذذ فلكنا على أمل فبقينا بلا أمل، و حين استيقظنا كان الكل قد أخذ حصته، و كنا الأكثرية : و ردة ذابلة، و أشواك مسننة، و أظافر ثاقبة، و آلام انقلبت إلى أحزان، أبدية، و رفضنا البعض من أجل الكل، و احتقرنا الجزء من أجل الجميع، فاحتموا بنا حين حاربوا القصدير بالقصدير، و الجوع بالجوع، و الألم بالألم، فانقلبت الصواعق عوائق، و طحنا أحلامنا من أجل تجاوز الفوارق، فافترقنا في زمن يستحق الإنتظار، و حين انتظرنا فاجأنا لهيب النار.

- 2 -
لونك الترسي(1) مازال يبتسم، أكثر فأكثر، و منذ أن غاب المطر، ارتأيت أن تباديلنا بما تغطى به جلدك، ليقشعر وجهك سنبلة، يطل وسط جلباب أخضر، و عيونك الثاقبة تطاردنا ليتبدل ما راكمناه هراء في هراء، و احتملنا ما وقع، لأن زمن الحب ولى، و ما معنى الحب في زمن اللاحب؟ و اكتمل المشوار حين انتهينا حلما تذبذب كثيرا، و تبدد مع طول الحكي، و السرد الفارغ، و طالت أيادينا تنط كأرجل تقطعت من كثرة المشي، بلا أفق، و طاردنا الإقتصاد، و حين أصبحنا مقتصدين، نسينا الأرقام التي بدأنا بها، عفوا بدأنا من الصفر، و انتهينا إلى الصفر، فكنا عمالا بلا عمل، نعمل كل شيء، و لا ننتج سوى آلامك المحنطة بالأشواك.

- 3 -
كم من غربة ألهمتنا حرارة المرارة، و استأنا من هذا الموعد المؤجل، بلا موعد، و كم من حيرة اشمأزت من ظلامنا الباهت، و غزارة الشوق تشدو بالكآبة، و حين رحلنا أيام غربتنا، طاردتنا طلاسم الدجى، و صفعات الصغار، و نطحتنا الذاكرة، لنصطدم بالقلب بدل العقل، فاحترمنا المشاعر، فبقينا بلا شعور، و حين سألنا النفس عن مصير الروح، قالت: لا روح للجماد، و لا روح للوجود، و أن العالم احتضنته روحه، ليبقى بلا روح، و عندما خاطبونا بالأرواح، تأكدنا منذ الصغر بأن فينا شيء هو اللاشيء، و مصيرنا أرواح مدجنة بآلاف الخطب لنبقى قتلى التدجين، نبحث عن المصير بلا مصير، لا حول و لا قوة لنا سوى الجن ينقلب إلى إنس، و الإنس هو الجن، منذ أن تأول القناع إلى أقنعة، و اقتنعنا بأن المعتصم(2) أتقن اللعبة، لهذا استمرنا فكاهة وسط الأساطير، لا حول و لا قوة لنا، سوى أنهم دجنونا و أتقنوا التدجين، عندما نكون مرضى، و لا نبحث عن الشفاء، و حين نجوع، نبحث عن الجراد، و حين و حين...طوبى لنا لأننا أرواح نبحث عن الزواج من أرواح وسط الأشباح، و لنسبح في عالم أشعرونا به منذ ولدنا، بآلاف الخطب، و التأويلات، مادام المعتصم بطل اللحظة، و لحظتنا حين نرى الكلاب تنبح بلا ألسن و الفئران تطارد القطط بلا ذهول.

- 4 -
تحتشم السموم عندما تلتطم بالمزابل، تذوب الحريريات في الشحم، الذي لا يمتص سوى حثالة المأكولات، و نصحو في وديان المزبلة، و ننام بعطر المزابل، هذا هو تاريخ القصدير، نكتسب نكهة القصدير، حين ننام في القصدير، و تغتسل أقدامنا حين نمشي قي سبل القصدير، و نتعطر أكثر من الإسطبل حين نستنشق رائحة القصدير، كفانا لؤما، فنحن نموت اشتياقا للحمنا، و نعيش حيارى في ذلنا، و حين نسمع بالحدائق، ترقص أعيننا لشيء إسمه الورد، و حين نرى العمارات، نعتبرها دورا لأفلام الدعارة، و حين نصطدم بالمدن نضحك على مدننا القصديرية، : متعة للجائعين و فرح للصغار، حالة الطبيعة نحن الصغار، و إن تعاقدنا نحن الكبار، فتعاقدنا على ألبسة رثة، و أوبئة عالجنها بالكمون و القرنفل، و الكوخ لا يصطدم بالكوخ إلا وادا معطر، فماذا عن السموم حين تلتطم بالسموم؟ و ماذا عن الداء حين يستمر في الذات، لينفجر سقفا من الألم؟ و ماذا عنا نحن الموتى في ساحة الكوارث، حين نلتطم بالذوق نحتاج إلى ألف ذوق من حنظل إلى فلفل، و من زعتر إلى عنبر، كنا حميرا نصطاد الأثقال من أجل الأثقال، و كنا عفاريت حين لا نطلب ثمن الأوحال، حتى ننغمس في الأوحال، لا نغطي عورة أطفالنا إلا عندما نغطي أمعاءنا، و كنا كالطبل نتلذذ بالصبر، لأن أيوب(3) جدنا، و منه أخذنا العبر، لنبقى صابرين لأن الكدح مع الصابرين.

- 5 –
أيوب الآن انتفض على صبره، وثار على ذاته، وفق ذاته، و علي(4) شيخ الفلاحين انغرس في الأرض زيتونا، و احتار من أمر أيوب، و التوى مع الطين كما التوى النيل ، و هكذا صار علي ابنا للنيل، زرع القطن، و استورد الحرير، و تكلم لغة البساتين، و استنجد بالتراب بعد أن استبد الاستعمار، و علي الآن لن يرتاح مادامت حكم الغفاري(5) سهما للقبائل، و فوسفاطا للمزارع، ليكن النظام(6) صانع النظام، و لتكن قبائلنا مدرسة عرابي التي استمدت طقوسها من الأحجار، لتقف صرخة: وعدناك أيها الحجر بأن تكون حجرنا، مادمنا صرخة في وجه الجبناء.

- 6 -
"كاد الفقر أن يكون كفرا"(7)،و نحن الفقراء مشهد من لوحة لم تستطع الرسوم أن تنحت زيتها، اتكأنا على الصدأ حين التحمنا بالصدأ، و طوينا الأرض طيا بالأقدام، لم تنفع دابتنا التي ارتوت من كبد الحوت، و لو لم يتقيأ الحصان حشيشها، لجعنا من حيفنا، و حين تمعنا في الأشياء، وجدنا أن أعيننا كانت خادعة، فاحتاط رأسنا من أذنينا و ارتأينا أن نوفق بين الأشياء، بين الأغنياء و الفقراء لنكن فقراء ميسورين، و استعضنا عن فهمنا " لا توفيق بين طرفي التناقض، بل وحدة تناقضية بينهما هي وحدة صراع"(8) و عرفنا أننا في تناقض، و أن خلافنا قديم منذ أن عالجنا أيوب، و استعضنا عن هذا الصراع بالصراع، لكن"أينبغي إذن لهذا التعذيب أن يعذبنا مادام يهبنا متعة أعظم"(9) و تمتعنا بالاختلاف من أجل الاختلاف، و كلما زارنا عمر(10) بأحجاره قفلنا الباب بألف مفتاح، لأن لذة الأحجار متعة لعذابنا، و استنشقنا أنفاسنا عندما أصبحنا بشرا لا نحتاج إلى صدقة، هكذا وجدنا، مادام التناقض الحكم بيننا، فتلذذنا كثيرا بالحروب، و المآسي، حتى ارتمت مأساة بأخرى، و واحدة تقصي الثانية، و كلما قطعنا ألما أقل، فرحنا أكثر، حتى اقتنعنا بأن أمعاءنا جرثومة خطيرة، لا تأكل إلا الجراثيم ، و أن أسناننا الحادة تطحن الذباب، لتصنع منه عسلا، و حين نتغيط يكون عصيرنا أكلة شهية للكلاب، كم نحن أيوب حين نتعذب، و كم نحن بشر حين نسعى إلى خلق كل شيء لأناس مثلتا، فلم يكن طبخ الحجر مأوى، و لا صرخة، في وجه الجائعين"عجبت لمن لم يجد قوت يومه ، كيف لا يخرج للناس شاهرا ً سيفه"(11) و قوتنا شحم من حديد، و الكل يتذبذب، و الكل يتأرجح، و لم نتأرجح شؤما، و لا قلقا، بل تعلمنا بان السم لا يحارب إلا بالسم، مادامت الخطب تطاردنا من كل جهة، باسم المفرد" لأنك الوعد لن تنهار، و لن تقيد نفسك في حزب مسالك الحيرة، و لا في كتائب الفاشيست"(12) و اقتنعنا بأن التأرجح جهنم للمستسلمين، و للمنهارين، و استسلمنا للفقراء، و استمرنا جثة ، نعانق الدخيل و الأصيل، و تأصلنا خطبا جديدة"امش في مناكب الأرض بين الكادحين و الجياع، لأن عندهم يورق الحزن مع النفوس و الأجساد و تكبر النفوس و الأجساد و يكبر الغضب .. لأنهم الأهل و المطلق و حجتك الأولى و القصوى..."(13).



الهوامش:
(1) نوع من التربة الصالحة للزراعة.
(2) خليفة عباسي مناصر للفكر الرجعي في العالم العربي.
(3) مشهور بصبره.
(4) محمد علي باشا حاكم مصري
(5) أبوذر الغفاري
(6) أحذ المعتزلة.
(7) حديث نبوي
(8) مهدي عامل/ ماركس في استشراق / ادوارد سعيد دار الفارابي بيروت الطبعة :85/الصفحة:15
(9) قولة لغوته استشهد به كارل ماركس مأخوذ من نفس المرجع لمهدي عامل.
(10) عمر بن الخطاب
(11) قولة منسوبة لأبي ذر الغفاري
(12) (13) بنسالم حميش/ وصية المهدي إلى ذرية الفقراء/ مجلة البديل العدد:2 شتاء 1982 السنة الأولى



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبهامات لفقرات متقطعة (3)
- ابهامات لفقرات متقطعة (2)
- إبهامات لفقرات متقطعة (1)
- صور من واقع مضى ! الصورة : 10
- اشتراكية العالم العربي أم ليبراليته؟
- صور من واقع مضى ! الصورة : 9
- صور من واقع مضى ! الصورة : 8
- صور لواقع مضى ! الصورة: 7
- صور من واقع مضى ! الصورة: 6
- صور من واقع مضى ! الصورة: 5
- صور من واقع مضى ! الصورة: 4
- صور من واقع مضى ! الصورة:3
- صور من واقع مضى ! الصورة:2
- قشرتا موز
- صور من واقع مضى ! الصورة:1
- من سمح لهم بذلك ؟ !
- سياسة الإعداد أم اعتدال السياسة؟
- عدالة المساواة، لا عدالة الإنصاف
- وجهة نظر في -الربيع العربي-


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد هالي - إبهامات لفقرات متقطعة (4)