أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فايز شاهين - حدّثني شيخي فقال














المزيد.....

حدّثني شيخي فقال


فايز شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1110 - 2005 / 2 / 15 - 11:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


قلت لشيخي وأنا أتلعثم: لماذا أصبحنا سادة القتل والدمار والكراهية في العالم؟ لماذا نأكل ما لا نزرع، ونلبسُ ما لا نصنع، ونعيش على هامش الحياة؟ لماذا نعيش حياة الفقر والجهل والمرض ونحن نملك من الخيرات من مياه ومعادن ونفط وأراضٍ صالحة للزراعة؟ لماذا أصبحنا رمزاً للكسل والفساد؟ ابتسم شيخ ابتسامة كعادته، أتبعها بنحنحته المعروفة، وقال: إنها الديمقراطية يا بُنَي، إنها الديمقراطية.
أكمل شيخي يقول: إذا ما نظرت بُنَي إلى الدول العربية والإسلامية تراها تعيش فترة جاهلية وربما أنكى من ذلك، فالحكومات هي حكومات أتت بانقلابات عسكرية أو بحاكم دعمته حكومات خارجية، وما أن تصل فئة إلى سدة الحكم إلاّ وتمارس كل أنواع الاضطهاد ضد أبناء الشعب الذي وعدته بالخير العميم من تعليم وصحة ورفاهية مادية ومستقبلٍ مشرقٍ له ولأبنائه من بعده. هذه الحكومات مارست الإرهاب ولا زالت، واستخدمت الدين كأداة لقمع من يُخالفها، وما حدث في السابق، يحدث الآن، فالدولة الأموية والعباسية والعثمانية وما بينهم من دويلات، كلّها تحدثت عن الإسلام بأنه رايتها، ولكن الحقيقة هي أن المصالح هي رايتها وسدة الحكم هي وسيلتها.
قُلت لشيخي: لكن ماذا عن الفتوحات "الإسلامية"، وماذا عن نشر الإسلام في بقاع العالم تحت راية الجهاد؟ ضحك شيخي هذه المرة، وقال: كيف يا بني لخليفة أو حاكم يقتل أخاه للوصول إلى الحكم، وآخر يشرب الخمر في المسجد ويذهب للصلاة مخموراً ويزني بالمحارم، كيف لهؤلاء أن ينشروا دين الله؟ كيف لخليفة له أكثر من ألف جارية في قصر يسمى قصر المُلك، ويصرف من أموال المسلمين على الجواري أكثر مما يصرف على الفقراء والمساكين، كيف له أن يحمي دين الله أو يدعو له؟ كيف لحاكم يقتل علماء الأمة ويُعذب آخرين ويفقأ أعين آخرين، ويستبيح مدينة رسول الله لجُنده ليستبيحوا حرمات المسلمين، كيف له أن يُدافع عن الدين وينشر رايته؟ كيف لمن يضرب الكعبة بالمنجنيق أن يجاهد في سبيل الله؟
تغير لون وجهي وتصببت عرقاً، وقلت: لكن ...، لا عليك يا بُنَي، لا عليك، أجاب شيخي بصوت خافت. قلت لشيخي، لكننا تعلّمنا في المدارس بأن الدولة الأموية والعباسية وغيرها هي فخرٌ للمسلمين وعلى يديها وصل المسلمون إلى مشارق الأرض ومغاربها! صمت شيخي قليلاً، وقال: إن استغلال الدين حينئذ هو نفسه استغلال الدين الآن لأغراض دنيوية، وما فعله الأمويون والعبّاسيون هو ما تفعله دولة مثل... دولة آل سعود. ففي الوقت الذي يبنون القصور التي تُكلّف عشرات البلايين من الدولارات، ويسرقون قوت الشعب ويسجنون ويعذّبون ويقتلون ويغتالون، تراهم يبنون بيوت الله ويتحدّثون بالتزامهم بالإسلام شريعة ومنهجاً. في الوقت الذي تتحدّث الحكومة عن مكافحة الإرهاب، تراها تدعم أساطينه بالمال والمنصب، في الوقت الذي تُنظّم مؤتمراً لمكافحة الإرهاب وتشن حملة إعلامية ضد الإرهاب، ترى المدارس هذه الأيام تصدح بالكراهية والانتقاص لأن اليوم هو يوم الحب، الذي يحتفل به غير المسلمين، وبالأمس تجمع التبرعات لضحايا التسونامي وهم في جُلِهم من المسلمين، في الوقت الذي ظهر مشايخ الحكومة على أكثر من قناة إعلامية مؤكدين بأن ما حصل هو انتقام بسبب الفساد الأخلاقي من زنا وملاهي، مع أنّ أكثر الضحايا هم من الفقراء والذين لا ناقةَ لهم ولا جمل.
أضاف شيخي قائلاً، بأن ما يحصل من سياسة حكومية ذات وجهين أصابت المجتمع بالدُوار، فأصبح مُنافقاً، يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، وهذا جعلنا نعيش أوضاع مُزرية في جميع مناح الحياة؛ لكن الآلة الإعلامية الحكومية تتحدث وكأننا نعيش في جنة الخلد. في الوقت الذي يعيش المجتمع فساداً إدارياً وأخلاقياً لا نظير له، نسمع عن نقاء المجتمع الذي يحاول الغرب إفسادهُ كُرهاً للإسلام و"للصفاء والنقاء" الذي نعيشه؛ في الوقت الذي تُمارس فيه أبشع أنواع انتهاكات حقوق الإنسان من مواطنين وأجانب، يظهر لنا مشايخ الحكومة مدافعين عنها قائلين بأن الدين الإسلامي كفل حقوق الإنسان ليس فقط للمسلمين بل "للكفار والمشركين" أيضاً.
النفاق أصاب المسلمين في النخاع، كما السرطان، والسرطان يا بُنَي لم يجد له "الغرب الكافر" علاجاً إلى الآن، فكيف بنا نحن المسلمين! السرطان يا بُني هو ما نُحاول الخلاص منه، وهو على أشكال كثيرة وعلى رأسها الاستئثار بالسلطة رغماً عن الشعب، فحين يتم تهميش الشعب وسلب إرادته تحت اسم الدين الإسلامي وطاعة ولي الأمر، كما قال أحد مشايخ الحكومة "بأن الله ولاّهم أمرنا"، فطاعتهم أصبحت طاعة الله مما يضع المخالف للسلطان في خانة الكافر وهذا مصيره "العقاب في الدنيا على يد الحاكم والعقاب في الآخرة على يد الخالق".
قلت لشيخي بأننا تعلّمنا بأن لا نعبد إلاّ الله وأن نكفر بالطاغوت، والطاغوت من ضمن ما تعلّمناه هو من يحكم بغير ما أنزل الله، فهل الحاكم في بلاد المسلمين هو نفسه الطاغوت الذي أمرنا الله بأن نكفر به؟ لم يُسعف الوقت شيخي، فقد سمعت صوتاً شديداً وانكسر الباب ودخل أناس قالوا أنهم "من قِبَل الحاكم"، وسحبوا شيخي إلى سيارةٍ سوداء واقفةً على الباب. وأنا أشاهد السيارة تبتعد، سمعت أذان المغرب، الله أكبر الله أكبر.



#فايز_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَرفَّعوا .. تفلحوا
- انتخبوا فايز شاهين !
- شُلّت يدُ كلّ عابثٍ بأمن ومستقبل الوطن
- معاً ضد الإرهاب الحكومي المنظم
- يوم الغضب العراقي
- ستون ألف مسجد ... مائة ألف لقيط
- آل سعود والوهابية: لا يسقط أحدها دون الآخر!
- النازية الوهابية في شكلها الجديد: ناصر العمر
- الزحف الكبير: هل فشل الفقيه وهل نجحت الحكومة السعودية؟
- قبل الحوار الوطني الخامس: نحن والآخر، أين نحنُ من نحنُ؟ - ال ...
- قبل الحوار الوطني الخامس: نحن والآخر، أين نحنُ من نحنُ؟ 2/2
- ملك الأردن للرئيس بوش: لقد ورثنا العمالةَ لكم أباً عن جَد
- وكر الدبابير: العائدون إلى الديار
- أين أنتِ يا وزارة من جماعة المصلّى ومدارس تحفيظ القرآن؟
- انحسار التيار الوهابي وتساقط شعاراته
- الذكرى الخامسة والعشرون لشهداء انتفاضة 1400 هـ
- الانتخابات البلدية: إماّ التأجيل لضمان مشاركة المرأة أو المق ...
- سعود الفيصل يدافع عن سنة العراق ويضطهد المرأة السعودية
- إلى سلمان العودة: ترى الجدار بيني وبينك
- عقدة النقص: العقدة المزمنة عند الشيعة في السعودية


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فايز شاهين - حدّثني شيخي فقال