أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلمانية وغياب الحس القومى















المزيد.....

العلمانية وغياب الحس القومى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3801 - 2012 / 7 / 27 - 13:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يُقدّم د. مراد وهبه فى مجمل كتاباته تعريفًا علميًا لمفهوم العالمانية (بالألف نسبة إلى العالم) وهو الفصل بين الدين والدولة (وليس المجتمع) ونبْذ الفكر الأوحد والانحياز للتعددية. ورفض المُطلق لصالح النسبى ، والربط العضوى بين العالمانية والديمقراطية. وأنّ غياب الأولى يعنى نفى وجود الثانية. وفى كتابه (جرثومة التخلف) الصادرعن هيئة الكتاب المصرية عام 98 أبرز علاقة الوحدة العضوية بين الأصولية الدينية والرأسمالية الطفيلية. وأنّ هذه الوحدة ضد الحضارة الإنسانية ، لأنّ الأولى تمنع إعمال العقل والثانية ترفض القيم الحضارية. الأولى تمنع الإبداع والتقدم والثانية تعمل على تفكك المجتمع . وأنّ الرأسمالية الطفيلية تـُغذى الأصولية الدينية. وأنّ الإثنتين تتفقان وتتوحدان على تخريب الحضارة الإنسانية. ويرى أنّ الأصولية الدينية تقتل العقل الناقد الذى هو أساس الإبداع . وأنّ الهيمنة الآن لهذه الأصولية ، لأنه لا يوجد تيار مضاد لها . ويكمن الخطأ فى أنّ مقاومة الأصولية الدينية تتم بواسطة وزارة الداخلية ، فى حين أنّ المُجابهة الحقيقية لن تتحقق إلاّ بواسطة وزارتىْ الثقافة والتعليم . وبكل شجاعة أدبية نصّ صراحة على أنّ الجامعات المصرية فى طريقها إلى أنْ تكون جامعات دينية ، لأنّ الأساتذة يطرحون العلم بعقلية دينية. وأنّ النظام التعليمى من الابتدائى إلى الجامعى يزرع فى الطالب بذور التعصب ، وذلك من خلال ترسيخ الإيمان بالمُطلق ، وأنّ لكل سؤال جوبًا واحدًا وليس عدة إجابات ، كما فى مناهج التعليم لدى الشعوب المُتحضرة .
ويرى أنّ الغالبية العظمى من المُثقفين فى الدول العربية من أصحاب الرؤى الماضوية ، وهو ما يعنى أنّ دور المثقف تهمّش وصار عاجزًا عن إحداث أى تغيير. كما أنّ أصحاب تجديد الفكر الدينى أصوليون . وتكمن أهمية هذا الكتاب فى أنّ د. مراد وهبه أبرز دور المؤسسات الأمريكية فى تصدير الأصولية الدينية إلى بلاد العالم المختلفة ، خصوصًا إلى شعوب آسيا وأفريقيا . ومن أمثلة ذلك الحركة المُضادة للتنوير التى تكتسح فروعًا أساسية فى العلوم الاجتماعية ، وبالذات فى أمريكا ، والتى تهدف إلى التحقير من شأن العالمانية ، والدعوة إلى إحياء الهويات الدينية التى ترفض كل ما هو خاص بالحضارة الغربية فى تطورها العقلانى . وأنّ جامعة شيكاغو منحتْ تمويلا يصل 2,5مليون دولار على إمتداد خمس سنوات لبحث الأصوليات فى العالم . وأنّ مدرسة فرانكفورت مهّدتْ للأصولية الدينية. وعن الصراع العالمى أوضح سيادته أنّ الصراع الحقيقى هو صراع بين الأصولية الدينية والعالمانية. وبالرغم من أهمية هذا الكتاب وكتابه الآخر (مُلاك الحقيقة المطلقة) الصادرعن هيئة الكتاب المصرية عام 99وباقى كتبه التى دافع فيها عن العالمانية. ورغم إتفاقى مع مُجمل كتاباته ، فإننى أختلف مع سيادته فى بعض رؤاه :
وقف د. مراد وهبه بكل وضوح مع النسبى ضد المطلق ، ومع التعددية ضد الأحادية. ومع رفض المرجعية الدينية. وأنّ المرجعية الوحيدة التى تأسّس عليها التنوير وتقدم الشعوب هى الاحتكام إلى العقل ، ومع ذلك يشيد بابن رشد فى مُجمل كتاباته. ويصفه بأنه قائد حركة التنوير التى أخرجتْ الغرب من التخلف . وأنّ قيمة ابن رشد تدورعلى مقولة (التأويل) وهى تعنى إعمال العقل فى النص الدينى ، بحيث ننتقل من الدلالة الحقيقية (أى الحسية) للنص إلى دلالته المجازية، أى النسبية. وأنّ النص الدينى عند ابن رشد له معنيان : معنى ظاهرى ومعنى باطنى . وعلى الفيلسوف أنْ يؤول المعنى الظاهرى إذا كان لايتفق مع العقل . واختلافى يتمثل فى الآتى :
• هل تنظيرات ابن رشد فى القرن 12 تصلح للقرنيْن 20، 21 ؟
• إنّ تأويل ابن رشد للنصوص الدينية ذات بُعد ذاتى / إيمانى ، بمراعاة أنه كان ينطلق من مرجعية دينية ، أى ليس لها علاقة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما أنها مجال مختلف عن فلسفة العلوم والقوانين الوضعية والتطبيقات التكنولوجية للعلم.. إلخ باختصار فإنّ مسألة (التأويل) التى أجهد ابن رشد نفسه فى التنظير لها ، ليست لها أية انعكاسات اجتماعية (بمراعاة البُعد الذاتى / الإيمانى) وتبعًا لذلك فهى خارج نطاق الزمن الموضوعى ، أى أنها مضادة للتعريف العلمى للعالمانية ، وهو التعريف الذى يُدافع د. مراد وهبه عنه.
• إنّ ابن رشد رغم مرجعيته الدينية ، واستشهاده بالآيات القرآنية للتدليل على تنظيره فى مسألة التأويل ، فإنه لم ينج من الاتهام بالكفر، وإحراق كتبه ونفيه. والدرس المُستفاد هو أنّ خصوم ابن رشد كانت مرجعيتهم دينية أيضًا ، وهو ما حدث طوال عدة قرون وحتى لحظتنا الراهنة البائسة. إذْ أنّ كثيرين من أصحاب المرجعية الدينية يُكفرون بعضهم .
• إنّ ابن رشد كان تعبيرًا صادقـًا عن عصره وبيئته. فهو(على سبيل المثال) يعتبر التراجيديا (مدحًا) والكوميديا (هجاءً) أى أنه لم يجتهد للتعرف على خصائص الفن اليونانى والمجتمع اليونانى ، لذلك كان إسهامه فى الفلسفة لايعدو تلخيص فلسفة أرسطو، حتى استحق أنْ يُسمى (الشارح) وهو اللقب الذى أطلقه عليه دانتى فى الكوميديا الإلهية.
• كتب العالم (دى بور) ((كان ابن رشد يرى أنّ أرسطو الإنسان الأكمل والمفكر الأعظم الذى وصل إلى الحق الذى لا يشوبه باطل)) وأنّ أرسطو((أسمى صورة تمثل فيها العقل الإنسانى ويميل إلى تسميته بالفيلسوف الإلهى . كما أنّ ابن رشد يعتقد أنه عرف الحقيقة فى أشياء كثيرة ، بل يحسب إنه استطاع أنْ يطلع على الحقيقة المطلقة)) (أنظر كتاب : تاريخ الفلسفة فى الإسلام – ترجمة د. محمد أبوريده عام 1975من ص384ومابعدها) أى أنّ ابن رشد كان مع المطلق ضد النسبى ، ولأنّ الإيمان بالمطلق يؤدى إلى التعصب، فكان من الطبيعى أنْ يلجأ ابن رشد إلى لغة التكفير، مثله مثل أى أصولى ضد حق الاختلاف . وفى كتابه (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من إتصال) تتردّد كلمة الكفرعلى لسان ابن رشد فى عشر صفحات من كتابه صغير الحجم وأحيانًا تتردّد أكثرمن مرة فى الصفحة الواحدة . وهو مثل أى أصولى يُدلل على تنظيره التكفيرى مع المختلف معه بحديث الرسول ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله ويؤمنوا بى)) (الكتاب صادرعن دارالمعارف المصرية- عام 1983- أكثرمن صفحة)
000
اختلافى الثانى مع د. مراد وهبه عندما نصّ على أنّ ((الحضارة الفرعونية (يقصد الحضارة المصرية لأنّ الحضارة تـُنسب إلى الشعوب وليس إلى الحكام) لم تؤثر فى الحضارة الإنسانية والذى أثر هو الحضارة اليونانية التى تخلصتْ من الفكرالأسطورى)) (جرثومة التخلف- مصدرسابق ص 26) وذكرأيضًا ((إنّ التطورالحضارى مردود إلى الفلسفة اليونانية لأنه لم يكن تطويرًا لأسطورة عودة الروح عند قدماء المصريين ، لذلك فالفلسفة تبدأ من اليونان وليس من مصر أوالصين أوالهند (ص 128) وفى إيجاز أذكر بعض أسباب اختلافى مع سيادته :
• القول بأن الحضارة اليونانية تخلصتْ من الفكرالأسطورى يُناقض مُجمل التراث اليونانى المُكتظ بالأساطيرلدرجة صراع الآلهة اليونانية ضد بعضهم من أجل النساء وأنّ الآلهة تشن الحرب على الآلهة (أنظر: جمهورية أفلاطون – ترجمة د. فؤاد زكريا- المؤسسة المصرية للتأليف والنشرعام 68ص66، 83، 289) كما أنّ أشهر فيلسوفيْن (أفلاطون وأرسطو) عليهما الكثيرمن الأخطاء والتحفظات كما كتب فلاسفة عصر التنويرفى أوروبا . ناهيك عن موقفهما شديد الرجعية من مسألة الحرية وحقوق المواطنة وإقرارمنظومة العبودية لدرجة أنّ أفلاطون تعرّض للبيع لولا أنْ تعرّف عليه أحد تلامذته فاشتراه وأعتقه. ولم يكن مفهوم الشعب مُحدّدًا تحديدًا صحيحًا واقتصرالأمرعلى الأثينيين واستبعد الأجانب والرقيق (= العبيد) والنساء . وأنّ أرسطو((قسّم البشرإلى شعوب أرقاها الشعب اليونانى والباقى همج أو برابرة .. وأنّ أرسطو كان عرقيًا بسبب تعصبه لأنه اعتمد على التفرقة بين الأجناس . وجعل الجنس اليونانى أرقى الشعوب ، وأصلح للحكم الديمقراطى ، فى حين أنّ الهمج أو البرابرة – ومنهم شعوب الشرق القديم – لا يصلح لهم سوى حكم الاستبداد والطغيان لأنهم خـُلقوا عبيدًا بطبيعتهم . وكتب رسالة إلى الإسكندر الأكبرعندما غزا الشرق نصحه فيها بأنْ يُفرّق فى معاملته بين اليونانيين والبرابرة فقال ((عامل اليونانيين بوصفك قائدًا لهم ، وعامل البرابرة بوصفك سيدًا عليهم لأنّ البرابرة يخضعون بالطبيعة للإغريق)) وذكر الفقيه الفرنسى (بارتلمى) فى كتابه (القانون الدستورى) أنّ عدد الأرقاء بلغ فى مدينة أثينا 200ألف فى حين أنّ عدد المواطنين الأحرار لم يكن يزيد على 20ألفًا ، أى أنّ عدد الأرقاء (= العبيد) بلغ عشرة أمثال عدد المواطنين الأحرار (نقلا عن د. إمام عبدالفتاح إمام- الديمقراطية والوعى السياسى- نهضة مصر- يناير2006 أكثر من صفحة)
• كلام د. مراد وهبه عن الحضارة المصرية جاء بعد أنْ ترسّخ علم المصريات منذ أكثر من مائتىْ سنة ، وبالتالى أصبحتْ (المعرفة) متاحة لمن يود . وفى هذا السياق أكد كثيرون (برستد ، جورج بوتر، جان يويوت ، جاردنر، نوبلكو، أدولف إرمان وغيرهم بالعشرات) على الدور البارز للحضارة المصرية بصفتها مهد الحضارة الإنسانية.
• إنّ د. مراد وهبه كتب حديثه عن مصر القديمة بصيغة تقريرية وكأنها حقيقة (مطلقة) لا تحتاج إلى إثبات . وجاء كلام سيادته ترديدًا حرفيًا لكتابات بعض الأوروبيين أصحاب مدرسة النموذج الآرى ومؤداه أنّ اليونان مهد الحضارة . وإنكارأى دورلحضارة الشرق عمومًا ومصرعلى وجه التخصيص ، وفق ما رصده (مارتن برنال) فى موسوعته (أثينه السوداء)
• إنّ عالمًا ومفكرًا عظيمًا مثل جوردانو برونو(1548- 1600) لم يقرأ النصوص المصرية القديمة بلغتها الأصلية وإنما تعرّف على الحضارة المصرية من خلال تراث الأقدمين أمثال أفلاطون وأرسطو وهيرودوت وديودو الصقلى وغيرهم . ولأنه عالم يحترم لغة العلم كتب ((لقد امتلكنا نحن الإغريق مملكة مصر. مملكة الأدب والنبل العظيمة. مُبدعة الكتابة والآداب ، أساس كل تراثنا وشرائعنا)) (نقلا عن مارتن برنال ص 280، 286)
• ذكرأرسطوأنه قضى ستة عشرشهرًا فى مصريحلق رأسه بشكل منتظم حتى يستطيع أنْ يدرس مع الكهنة هناك . وذكر أنّ مصر هى مهد الرياضيات . وأنّ الكهنة المصريين اخترعوا (تخصصات الرياضيات) التى كانت تضم الهندسة والحساب والفلك . وذكر أنّ المصريين توصلوا إلى تنظير علم الهندسة)) (مارتن برنال- ص 217، 218)
• إنّ أفلاطون فى محاورتيْه (فيليبوس) و(أبينوميس) تحدّث بتفصيل عن الإله المصرى (تحوت) بوصفه مخترع الكتابة. بل مُبدع اللغة وكل العلوم . وفى موضع آخر أثنى أفلاطون على الفن المصرى والموسيقى المصرية. وحاول أنْ يُثبت أنّ بلاد الإغريق أخذتهما عن مصر( برنال ص 215)
• وذكر(برنال) أيضًا ((إنّ الرأى الذى يُنادى بأنّ بلاد الإغريق هى التى دفعتْ بمصر فى طريق الحضارة كان يُمثل نوعًا من المبالغة حتى بالنسبة لأكثر أتباع النموذج الآرى تحمسًا)) وفى هذا الصدد نجد الأستاذ أولد فاذرOld father المُترجم الحديث لكتابات ديودور يُبدى ملاحظة عند هذه النقطة مؤداها ((إنّ الكتاب الأول من تاريخ ديودور يُقدّم فى مواطن كثيرة مُتفرقة دعاوى المصريين بقدم حضارتهم . وأجد أنّ الدعاوى المُناقضة لذلك والتى يُقدّمها الإغريق هنا إنما هى تفاخر أجوف)) والفكرة الأساسية الى يُدافع بها ديودور هى إيمانه بأنّ حضارة مصر، وإلى حد أقل حضارة شرقية أخرى ، هى النبع الذى انبثقتْ منه حضارة العالم)) (برنال – ص 220- 221)
• وكتب ديودورالصقلى فى كتابة (تاريخ العالم – ج1) ((جميع اليونانيين الذين اشتهروا بعلمهم وحكمتهم زاروا مصر فى العصورالقديمة حتى يتعرّفوا على عاداتها وينهلوا من علومها. وأنّ كل الأشياء التى جلبتْ الاعجاب كانت منقولة عن مصر))
• وكتب بلوتارك المؤرخ اليونانى الذى زارمصر((فيثاغورس أخذ العلم الذى أكسبه صفة العالمية عن كهنة طيبة ومنف)) وكتب برنال ((إنّ الإغريق بعد القرن الخامس ق.م – وهى الفترة الوحيدة التى نعرف خلالها أية معلومات جوهرية عنهم – لم ينظروا إلى نظمهم السياسية وإلى ما كان لديهم من علم وفلسفة وديانة ، على أنها أصيلة عندهم ، وذلك رغم إعتدادهم بأنفسهم وإعتزازهم بإنجازاتهم القريبة العهد ، ولكنهم بدلا من ذلك رأوا أنهم اقتبسوا ذلك كله من الشرق بوجه عام ومن مصرعلى وجه الخصوص)) (ص 233) وعن سيطرة النموذج الآرى الذى يُمجّد الإنسان الأبيض ويرفض الاعتراف بأى أثر للحضارة المصرية كتب أ. شوقى جلال فى كتابه (الحضارة المصرية- صراع الأسطورة والتاريخ) أنّ ((جميع كتب هيرودوت فى جامعة اكسفورد مسموح بالاطلاع عليها فيما عدا الكتاب الثانى الذى يتحدث عن مصر))
• أكد عالم المصريات البريطانى (فيفيان ديفير) رئيس قسم المصريات فى المتحف البريطانى فى كتابه المُعنون بكلمة واحدة (مصر) أنّ أول نص مكتوب عبّرفيه البشرعن أفكارهم ظهرأولا فى مصر. وأنّ العلماء توصلوا إلى أدلة تـُثبتْ أنّ قدماء المصريين هم أول شعب فى التاريخ استطاع تطوير نظام الكتابة. وأنّ الهيروغليفية هى أقدم أشكال الكتابة على الاطلاق . وأنّ الاكتشافات الحديثة فى أبيدوس بالقرب من نجع حمادى أظهرت أنّ المصريين طوّروا نظامًا للكتابة قبل ظهور الكتابة السومرية بحوالى 150 عامًا . والأمثلة كثيرة فى مئات (إنْ لم يكن فى آلاف) كتب علم المصريات التى تؤكد على أنّ العلوم الطبيعية والإنسانية (بما فيها الفلسفة) نشأتْ فى مصر القديمة. ويكفى الإشارة إلى أنّ المطابع فى الدول المُتحضرة يخرج منها آلاف الكتب التى تشيد بالدور الرائد للحضارة المصرية وفضلها على الحضارة الإنسانية. ومن بين هذه الكتب كتاب (التراث المسروق) تأليف جورج . جى . إم . جيمس وموضوعه الرئيسى ، من خلال الوثائق والبراهين العقلية ، أنّ الإغريق ليسوا هم أصحاب الفلسفة المعروفة باسم الفلسفة اليونانية وإنما أصحابها هم المصريون . وإذا كان مؤلف الكتاب أمريكى الجنسية أخذ على عاتقه إثبات هذه الحقيقة من خلال عدة محاور، فمن المؤسف أنّ غالبية المصريين من كبار المتعلمين لا يعلمون – بسبب المناخ المُعادى للقومية المصرية- أنّ عميد الثقافة المصرية (طه حسين) فى عام 1937بعمق ثقافته ونفاذ بصيرته كتب إنّ اليونانيين كانوا ((فى عصورهم الراقية كما كانوا فى عصورهم الأولى ، يرون أنهم تلاميذ المصريين فى الحضارة وفى فنونها الرفيعة بنوع خاص)) (مستقبل الثقافة فى مصر- دارالكتاب اللبنانى – عام 1973- ص 22) وكتبتْ عالمة المصريات نوبلكور((تروى لنا بعض الآثارالتى حفظتها الصدفة روايات عجيبة تـُبرهن على المواهب الرفيعة التى تمتع بها المصريون القدماء ، ذلك الشعب الذى أبدع حضارة متقدمة فى ذات الوقت الذى كان جدودنا فى أوروبا قابعين فى ظلمات الكهوف)) (أنظركتابها : المرأة الفرعونية- ترجمة فاطمة عبدالله محمود- هيئة الكتاب المصرية- عام 99- ص 9) وهذا مثل واحد من بين عشرات الأمثلة فى مكتبتى لعلماء أوروبيين أكدوا على كلام نوبلكور المُتضمن أنه فى الوقت الذى أسّس فيه جدودنا المصريون للحضارة الإنسانية ، كان جدود الأوروبيين ((يقبعون فى ظلمات الكهوف))
لقد بدأتُ مقالى باتفاقى مع د. مراد وهبه فى تعريفه للعالمانية. ولكن السؤال هو: هل نهضتْ اليابان والهند وأوروبا بالعالمانية فقط ؟ والسؤال بصيغة أخرى هل تتحقق العالمانية (فى أى بلد) مع غياب الحس القومى ؟ إنّ شعوب الدول المذكورة آمنتْ بأنّ الثقافة القومية والعالمانية مثلهما مثل جناحىْ الطائر. وأنّ الطائرلايطيربجناح واحد . فتخلقتْ تلك الضفيرة ذات الجديلتيْن . ومن هنا كان تماسكها القومى وتقدمها العلمى .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حامد عويس : من طين الواقع إلى سماوات الفن
- ختان البنات وغياب الوعى بعلم المصريات
- أتكون الثورة نكبة على شعبنا ؟
- حسن حنفى : الفلسفة بعمامة الأصوليين
- المرأة المصرية بين ثقافتيْن
- عبد الوهاب المسيرى وحكاية العلمانية الجزئية
- نبى العروبة والصحابى الأول
- هل العروبة لصالح مصر والعرب ؟
- العقل المُغيّب منذ طفولة البشرية
- صلاح الدين الأيوبى وعبادة الفرد
- جدل العلاقة بين التعصب والتسامح فى (المهدى)
- أنور عبدالملك ورؤيته لنهضة مصر
- الإسلام الصحيح فى حوزة من ؟
- حميمية العلاقة بين الموت والحياة
- التراث الإنسانى بوجدان وعقل الأنثى
- يونيو67، يونيو2012
- هل العلمانيين واليسارالإسرائيلى خرافة؟
- هل سينحاز الرئيس للعدالة أم للسلطة ؟
- من بعيد : نور من عصر التنوير المصرى
- الشعر عندما يكون مصرى اللغة والوجدان


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلمانية وغياب الحس القومى