أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - سايكولوجيا الحرف – 7















المزيد.....

سايكولوجيا الحرف – 7


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3798 - 2012 / 7 / 24 - 11:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


سايكولوجيا الحرف – 7
" في الاسبوع الماضي التقيت صديقا مصادفة، بعد زيارة طويلة للعراق. سألته عن قراءاته الجديدة، قال: منذ مدة وأنا متوقف عن القراءة. كنت أراقب الناس وأتساءل.. ما أثر الكتابات على هؤلاء الناس!!".
الكتابة.. كأي نشاط اجتماعي، لا تخرج عن مجال الاختصاص.
ولكل كتابة اتجاهها التخصصي، وقد وضع العنوان كدالة للتخصص.
وظيفة العنوان هي اعلان اختصاص الموضوع.
كما أن اللقب في بداية الاسم بيان اختصاص الشخص أو صلته بالموضوع.
هل الألقاب اليوم هل دالة على أصحابها، وهل عناوين الموضوعات والكتب دالة لما داخلها..؟
هل وزير الطب طبيب، ووزير الصناعة مهندس، ووزير الثقافة أديب، ووزير الدفاع عسكري، ووزير المرأة امرأة، ووزير الداخلية رجل أمن، ووزير الاقتصاد اقتصادي ووزير المالية مالي ورئيس الحكومة أو المحافظ قائد إداري.. وهل الاختصاص العلمي والثقافي هو أساس إدارة الدولة والمجتمع، أم أن المحاصصات السياسية والطائفية والقومية والدينية هي الفيصل.
لماذا ألجأ للتعميم والمقارنة، ويعتقد البعض أنني مصاب بالتششت أو القفز بين الموضوعات.. الواقع اني أتعمد هذا، وأعتقد.. أنه بدون صياغة الفكرة في قانون/ تقليد –rule- صغير، لا يمكن التحقق من جدوى الفكرة، وبعد وضعها في قانون صغير، اشتقاق القانون من الفكرة، تبدأ محاولة البحث عن مجال تطبيقي لها.. ولا خير في فكرة بلا تطبيق. ما فائدة وجود أفكار لا تفيد بشيء. ولا يمكن تطبيقها أو الافادة منها في الحياة. ولكن بعد تطبيقها في مجال محدد وثانوي، فلا بد أن أبحث لها عن مجال تطبيقي أوسع وأشمل، مثل مؤسسة أو دولة. لذا أقارن بين أهمية التخصص العلمي في جهاز تدريسي، وبين أهمية التخصص العلمي والمهني في مؤسسة أو في حكومة البلد. وحين يكون اخفاق في حلقة معينة، فالخطأ وارد حتما. وفي حياتنا وبلادنا بحر متلاطم الأخطاء، ونادرا ما يكون حديث عن السبب. نادرا ما توجد فكرة للمعالجة أو الاصلاح.
عندما ينقص اختصاص الرياضيات في المدرسة يجري التعويض عنه بمدرس الفيزياء.. وعندما ينقص اختصاص الفيزياء، يقال لمدرس الرياضيات خذ حصة الفيزياء أيضا.. ولكن ما أثر ذلك على مستويات الطلبة ونتائجهم الدراسية.. عندما تكون هناك حالة ضعف عامة في مستويات الطلبة في مادة معينة، فالسبب هو مدرس المادة. وفي العراق كانت هناك حالة ضعف عامة في الرياضيات واللغة الانجليزية، كانت تنعكس في نتائج البكالوريا الثانوية. حتى صارت حالة الضعف الرياضي والانجليزي نوعا من تقليد اجتماعي فيقال.. أي.. كل العراقيين عندهم ضعف بالرياضيات.. يكرهون الانجليزي.. ربما يؤولون الأمر سياسيا أو عرقيا.. ولكن لم تجر دراسة لمصادر تعليم درسي الرياضيات واللغة الانجليزية من مصادرها العليا- أي مستوى الجامعة وتتبع حلقاتها لاكتشاف نقطة الضعف.. في وقت متأخر صارت أقسام اللغات تبعث بعينة مختارة من الطلبة إلى الخارج لتطبيق اللغة اليومية لمدة أشهر في بلد اللغة. ماذا عن الرياضيات؟.
الكتاب هم صفوة المجتمع. هكذا كان يقال سابقا.
الانتلجنسيا.. النخبة الثقافية.. نظير طبقة الفلاسفة في جمهورية أفلاطون.. هل ما زالوا يحتفظون بخصائصهم ومواقعهم؟..
الكتاب والكتابة والمثقفون والثقافة هم ضحايا التحالف الدينياسي العربي منذ اعلان دولة محمد وحكمه الشوفوني على كلّ ما سبقه، وارساله الشعراء إلى النار لأنهم –يقولون ما لا يفعلون-. والغريب أن حكمه شمل حتى الموتى منهم وكان عدوه اللدود فيهم الملك الضليل صاحب أولى معلقات الكعبة. فيما تعدّ (البردة) قصيدة كعب بن زهير ابن ابي سلمى دالة الارهاب الفكري المقترن بأيديولوجيا الدولة.. (نبئت أن رسول الله أوعدني.. )
التعريب.. الأدلجة.. الأسلمة.. ملخص المراحل الثلاثة التي دهمت العقل العربي وثقافته منذ القرن الماضي، وأصابته بكساح التهميش أو العبودية. وللخروج من هامش الموت، تفنن البعض في الالتفاف على السياسي والديني والثقافي للاستمرار في الحياة.
لعلّ الوضع العربي، هو الوحيد في بابه، يلقي مسؤولية مضاعفة على الكاتب أو رجل الحرف. مسؤولية الثقافة زائدا مسؤولية المشروع السياسي للدولة أو المجتمع.
ففي المرحلة الأولى من عمر الدولة الحديثة افترض بالكاتب التوفيق بين الثقافة والعروبة، أو –تعريب الثقافة- بحسب مجاله واختصاصه. وقد نجح بعض أولئك في نقل فنون الرواية والمسرح والمسرحية الشعرية والسيناريو والسينما والشعر الحديث، في مجال الأدب، وتعريب اللوائح الدستورية والمدنية والاجتماعية في مجال القانون والادارة، إلى غيره من مجالات. وفي مرحلة لاحقة حلّت الأدلجة والتبعيث محل التعريب، واليوم ما هي صورة مستقبل الحرف مع استمرار الفوضى وانعدام الوضوح..
قليلون هم الكتاب والمؤلفون الذين ما زالوا يدرجون في مجالاتهم التخصصية، وتخصصاتهم الأكادمية. فيما تنفتح اهتمامات الكتاب عموما، وتكاد تخصصاتهم الأولية أو الأكادمية تذوب وراء اهتماماتهم الجديدة. ويمكن تصنيف تلك الاهتمامات العامة في ثلاثة..
- اهتمامات سياسية..
- اهتمامات ثقافية دينية..
- اهتمامات اجتماعية – الانسان والمجتمع المدني-..
*
وضع راهن.. أوضاع راهنة.. من مصطلحات الاعلام السياسي للمرحلة السابقة على مدى عقود. إلى درجة التندر..
- استغرقت الزيارة يومين وقام الطرفان خلالها باستعراض العلاقات بين البلدين ومناقشة الأوضاع الراهنة. -.
في المرحلة الجديدة حلّت ظاهرة الأوضاع المتغيرة.. غير المستقرة.. محلّ مصطلح الأوضاع الراهنة؛ وبشكل جعل من مهمة متابعة الأخبار والتغيرات الجديدة، مهنة شاقة ومتعبة للكاتب المختص. وقد ترتب عليه ظاهرة المقالة اليومية، وأحيانا أكثر من مقالة في اليوم الواحد، وهو أمر يتيحه عالم النشر الالكتروني. ان الكتابة، قد تكون نوعا من تفكير بصوت مسموع.. ولكنها بالاستمرار تتحول إلى عمليه استنزاف فكري وجسدي.
فالكتابة تقوم على أفكار، حتى عندما يتعلق الأمر بمتابعة سياسية، يقتضي الأمر الصدور عن فكرة مثقفة تدعم الرؤية أو التحليل. كما أن المتابعة يقتضي أن تخضع لنوع من الأرشفة الفكرية أو الذهنية، لكي لا يكرر الكاتب نفسه مع تشابه الأحداث أو تكرار المواقف. وينتبه الكاتب لنفسه عندما تتغير مواقفه وفي أي اتجاه، لاحترام ذائقة القارئ.
الكاتب هنا له مواصفات وله أطار، فكم من الأسماء يمكن شمولهم بهذا التعريف، وتصنيف كتاباتهم في هذا الاطار.
يريد كلّ كاتب، أو يعتقد أنه دالة نفسه، وفريد زمانه. وانه لا بدّ من سماع كلمته. وهو حق لا يصادره، ولا يحق لأحد مصادرته. ولكنه ليس من حقه فرض رؤيته أو كلمته على سواه، وبخس غيره.
الغرور، الدكتاتورية هي من مخلفات العقل الباطن في العفلية العربية –تشكل البداوة مهمازها الأساس-، وقد تكون النرجسية أو اعتداد بالذات. لكن هذه وتلك هي مسطرة تحكم صاحبها. وبقدر تبعية الكاتب لعقله الباطن -اللاأرادي- يمكن قياس تخلفه الثقافي. باعتبار ان وظيفة الثقافة هي تحرير العقل ومكافحة العادات البدائية والفطرية.
معيارية الكاتب هي اللغة، في طريقة تعامله معها، والمفردة في طريقة انتقائها واستخدامها، وقواعد النحو في طريقة تنظيم وربط المفردات والعبارات بواسطتها. ومن مخاطر اللغة العربية: اليقينية، فيأخذ الكلام صفة المطلق. وليس من الجيد أن يتحول الكاتب إلى إله داخل النص، أو مفتي خلال الموضوع. الكاتب اليقيني يساهم في صناعة قارئ يقيني. كما أن الكاتب المغرور يساهم في صناعة قارئ مغرور. وبالتالي يتم تسميم المجتمع من خلال نشر كتابات ونماذج كتاب يحتاجون لمراجعة طبية.
المجتمع السيء هو نتاج ثقافة سيئة. المجتمع المتخلف ضحية ثقافة متخلفة. كما أن المجتمع المتقدم، نتاج ثقافة متقدمة.
بالمقابل، يحتاج الكاتب، كما كلّ شخص، إلى التواضع واحترام الآخر. التواضع في الكتابة تتمثل بترك مجال للرأي الآخر، ومجال للاختلاف، ومجال للخطأ في الرأي المطروح. الدراسات الحديثة كشفت عن وجود أخطاء في كتابات اعتبرت -مقدسة- على مدى قرون. لو ترك مجال للرأي الآخر، ولم تلصق صفة –قداسة الهية- بها لأمكن مناقشتها وتصحيح الأخطاء عبر الزمن. وفي كتاب القرآن الذي يعتبره اللغويون مرجعا لغويا، توجد أخطاء نحوية مستمرة، يكررها الخطاطون الجدد دون جرأة على التصحيح، ويقال أن أحد طبعات القرآن المكلفة -عادة- تم الغاؤها بسبب (حركة) غير أصلية. فالقرآن لفظ موحى بالمفهوم الاسلامي، فاستمرت الفاظ وأغلاط وتعابير غير مستساغة.
كلمة –أعتقد-، أفضل من كلمة – أؤمن-. فالاعتقاد عقلي، والايمان غيبي. والاعتقاد يترك مساحة لتغيير الاعتقاد أو سماع الرأي الآخر. أي أن المتلقي ينبغي أن يكون حاضرا عند الكتابة.. كثيرون يكتبون بطريقة الخطابة المنبرية، حيث ترتفع المنصة عن مستوى الناس، وتفصل بينهما مسافة، فيضطر للصراخ وتلوين كلامه بالبديعيات لتطول الخطبة، ولا ينتظر من الجمهور غير التصفيق والهتاف. ففي ذلك الوقت لم يكن لديهم طماطم وبيض فاسد.
من الضرورة أيضا، تمحيص الكاتب لما يكتب، وتجنب التكرار والنسخ. ومن النادر أن يرفق الكاتب مقاله بقائمة هوامش يشير فيها للتكرار والاقتباس والمصدر. فيعتقد القارئ أن كلّ ما ورد في المقال هو من بنات عقل الكاتب. وهو غير صحيح. فلو كان لكلّ كاتب في حياته، وليس كل مقال، فكرة أو مفردة جديدة تضاف لسجل الحضارة، لكان العرب في مقدمة الأمم، قياسا لعدد الكتاب. ولكن..
ما أرى قولنا إلا معارا..



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سايكولوجيا الحرف- 6
- سايكولوجيا الحرف- 5
- سايكولوجيا الحرف- 4
- سيكولوجيا الحرف- 3
- سايكولوجيا الحرف – 2
- سايكولوجيا الحرف - 1
- ايران.. الطرف الثالث
- ايران ليست صديقة ولا مسلمة
- التفكير.. لا التكفير
- ايران في العراق..
- اشكالية ثقافة التعليم
- عروبة ساسة العراق
- العراق.. الجغرافيا السياسية
- العراق.. والثوابت الوطنية
- (سياسة التشيع في العراق)
- الثقافة والسيطرة
- التعليم والغربنة
- الشباب والقيادة
- تراجع النوع البشري
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - سايكولوجيا الحرف – 7