أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغربية للإسبان؟ الجزء 2














المزيد.....

هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغربية للإسبان؟ الجزء 2


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 1109 - 2005 / 2 / 14 - 10:10
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الحلم الإسباني الذي يتحول إلى سراب خادع
كما هو معلوم أنه في العقود الأولى من الهجرة إلى الشمال، كانت إسبانيا لا تشكل إلا معبرا للمهاجرين المغاربة نحو البلدان الأوروبية الشمالية والغربية الغنية كفرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها، حيث يروي أولئك المهاجرون الأول الكثير عن تخلف الإسبان وتردي أحوالهم المعيشية، وغياب أدنى المرافق العمومية والسياحية والتجهيزات التحتية. لكن اليوم صارت إسبانيا تعادل الحلم أو تضاهيه، خصوصا بعد أن أقفلت أغلب الدول الأوروبية الشمالية والغربية أبوابها في وجه المهاجرين غير الشرعيين، إلى درجة أنك ولو حدثت الكثير من المغاربة عن أن العمل بإسبانيا صعب، والدخل هزيل، والقوانين شبه منعدمة، لم يضعوا فيك الثقة، وإن وضعوها فيك، أتبعوها بسؤال محير وإشكالي: وماذا نعمل في وطننا؟ هل نبقى (ننُشُّ الدَّبان!) أي نتضارب مع الذباب؟! (وهو مثل يكنى به في العامية المغربية عن الذي واتته فرصة ما فلم يستثمرها، فبقي صفر اليدين، مكسوف البال، ينتظر الذي يأتي ولا يأتي!) وما يثبت ذلك أكثر، هو ما تورده في الآونة الأخيرة وسائل الإعلام المغربية والدولية بمختلف أصنافها، حول أولئك الأفارقة الذين يقطعون آلاف الأميال ليصلوا إلى المغرب، حيث يستوطنون غابات الشمال التي تطل على الحلم الإسباني، الذي كلما تراءى لهم عبر الأنوار القصية التي تبعثها بعض الجزر الناعسة على زرقة البوغاز، إلا وزاد شوقهم إلى ما وراء الماء، فيجازفون بكل ما يملكون من مال وعرض ونبض، ولا يهمهم لا البحر القاتل ولا الأمواج العاتية.

حتى أصبح الحلم بما هو إسباني أو غربي يتخذ طابعا أسطوريا، ما دام يشكل البديل الممكن الذي يخرج المهاجرين من الوضعية الحرجة، التي هم عليها في بلدانهم الأصلية، لكن هذا البديل ليس دائما ناجعا، لأن الهجرة بشكلها الحالي الذي يبدو شرسا، يعد ضحاياها أكثر من مستفيديها، فثمة أكثر من دافع يسهم في فتح شهية الأغلبية لمغادرة الوطن، أهمها الإعلام الذي يبرز العالم الغربي باعتباره نموذجا مثاليا للديموقراطية وحقوق الإنسان، ثم إن العديد من المهاجرين يقدمون صورة مغلوطة حول واقع الهجرة، فتراهم أثناء العطل الصيفية يرتدون الثياب الجديدة، ويقودون العربات الأنيقة، فيظهر عليهم أثر النعم والترف، مما يجعل المواطن الأصلي ينخدع بهذه الأشكال والألوان، فينجذب إلى ما وراء البحر، وهو يحلم بأن يبلغ الدرجة التي بلغها أخوه المهاجر، وهو لا يدرك الحقيقة العميقة التي مؤداها؛ أن هذا المهاجر الذي يزور كل عطلة صيف وطنه الأصلي في هيأة سائح، يقضي حوالي أحد عشر شهرا في عمله القاسي والرتيب، مسكونا بمشاعر الغربة القاتلة، ومحاصرا بأصوات العنصرية المهينة، لا يتمتع بحلاوة النوم، ولا بطعم الأكل، ولا بدفء العائلة والأصحاب، يظل جل عمره مطاردا بالمشاكل المختلفة التي تساوره نهارا، في عمله أو مدرسته أو طريقه... وتغتاله ليلا، وهو يتقطع ألما لذريته، التي اقتلعها الانحراف أو الانبهار أو الانفتاح من تربة الهوية التي يحملونها، أو الثقافة التي يمثلونها، أو العقيدة التي يؤمنون بها... ويأتي ذلك الشهر ليرتاح فيه، أو يرجع إلى الحياة الأولى التي كان قد شب عليها قبل زمن الهجرة.

كنت في صيف 1999 بإسبانيا، حيث رأيت بأم عيني طوال ثلاثة شهور حقيقة المهاجرين، وهي حقيقة تنم عن مفاهيم أدنى من مفردات الذل والدونية والإحباط ونحو ذلك، فكنت أتساءل دوما: ما أقسى هذا الوطن الذي يصدر أبناءه لهؤلاء الرأسماليين الذين لا يبدو لهم المهاجر إلا رقما في معادلة اقتصادية؟ أجل، رقم ولا أكثر! إلى درجة أن العديد من الشركات الفلاحية تتعامل مع اليد العاملة المهاجرة ليس بناء على أسمائها الشخصية أو العائلية، وإنما تمنح كل واحد من عمالها رقما يحتفظ به، فتناديه بذلك الرقم، وتدفع له الأجر بذلك الرقم وهكذا، مما جعلني أماثل ذلك بما هو سائر عليه في السجون، حيث يعلق على كل سجين رقما يتميز به عن باقي السجناء، فأصور إسبانيا كأسر عريض، يؤدي فيه المهاجرون أعمالا شاقة، لا يرضى القيام بها حتى الأسرى الحقيقيون، فلا يستفيد العمال الأجانب إلا من الأعمال في ميادين الفلاحة والبناء، عدا القلة القليلة التي حظيت ببعض الفرص في المرافق التي لها صلة بالمجال السياحي كالفنادق والمطاعم والمقاهي... حتى أن أغلبهم يعاني بعد مدة وجيزة من العمل من آلام ومضاعفات مختلفة في الظهر والمفاصل...

ومن الأمور الواقعية التي عايشت آنذاك أو حكيت لي من أناس أعرفهم، أن العديد من المهاجرين الذين حالفهم البحر أو الحظ حتى بلغوا وطن الحلم، يغتربون في ضيعات فلاحية، حيث يمنح لهم رب الضيعة بيتا وضيعا ملحقا بحقوله، لا يحتوي على أدنى مستلزمات الحياة الكريمة التي كان يحلم بها هؤلاء المغتربون قبل أن يغادروا وطنهم، فيقضون زهرة حياتهم بين العمل الشاق في الحقل، والسكن الذليل في ذلك البيت، ولا يخرجون من ذلك السجن الإجباري إلا أيام العطل، إذ يتوجهون نحو المدن المجاورة لقضاء بعض الحاجيات! هكذا يدرك الكثيرون أنهم انخدعوا بالحلم الأوروبي، الذي ما هو إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، فغامروا من الوهلة الأولى، التي انبهروا فيها بعالم ما وراء المتوسط، بكل ما يملكون، فمنهم من باع أرضه أو حلي زوجه، ومنهم من أغلق دكانه أو أوقف نشاطه، بل ومنهم من ضحى بوظيفه ليستبدل الذي هو خير بالذي هو أدنى، فيصبح فلاحا عوض أستاذ، أو مربي دواجن عوض مربي أجيال!



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغر ...
- !وطني.. أهجرك اللحظة
- أغنيات التمـــــــــــــرد - شعر
- حين صرخت.. كان اغتصابي
- حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة
- -حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة -1
- الشعر داء
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...
- نشيد الغضب
- أزمة الإعلام البصري الوطني وتحديات المستقبل
- حوار مع المفكر العربي د. حسن حنفي
- بنية الثقافة الهولندية والحضور الأجنبي
- أيها الأفاضل؛ هنيئا لكم ولو كنتم حزانى!
- رغيف الأسى - شعر
- ثقافة الحوار أساس التعايش الإيجابي بين كل مكونات المجتمع
- مقاربة موضوعية لكتاب انهيار الصنم للكاتب العربي د. خالد شوكا ...


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - هل المهاجرون المغاربة بإسبانيا ضحية الشراكة أم التبعية المغربية للإسبان؟ الجزء 2