أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية














المزيد.....

العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3796 - 2012 / 7 / 22 - 22:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أرسل الثعلب دعوة إلى أبي منجل لتناول الطعام في منزله، ثم قدم الثعلب الطعام لأبي منجل في وعاء مسطح، فلم يستطع الأخير تناول الطعام، واستمتع الثعلب بالطعام كله. وبعد أسبوع دعا أبو منجل الثعلب إلى منزله، وقدم له الطعام في وعاء أسطواني، فلم يستطع الضيف تناول الطعام، واستمتع المضيف بالطعام كله.
هكذا بدأ الدرس الأول عن "اتفاقية السيداو" - الذي تقدمه مؤسسة التضامن النسوي للفاعلية الدولية - بهذا الفيلم الكرتوني القصير، وكانت الحكمة المدرجة في نهايته: عامل الناس كما تحب أن يعاملوك؛ فالثعلب حين قدم الطعام إلى أبي منجل لم يراعِ منقاره المعقوف، وقد رد عليه الثعلب بالمثل؛ فلا يكفي أن تدعو الناس لتناول الطعام، بل عليك أن تهيئ لهم الظروف الموضوعية لتناوله. وهكذا الأمر بالنسبة لمنح المرأة حقوق متساوية، لا يكفي أن نمنحها حقوقا متساوية بشكل اسمي، بل يجب أن تؤدي الظروف الموضوعية إلى مساواة جوهرية.
ولقد تشدق الكثيرون بالحريات والمساواة بين النساء والرجال في المجالات المختلفة في بلادنا ولكنهم تغاضوا عن الظروف الموضوعية التي تميز ضد المرأة على أرض الواقع. وهكذا جاء مجال حقوق الإنسان ليفرق بين "العدالة الشكلية أو الاسمية" و"العدالة الجوهرية أو الحقيقية" وهما مفهومان محوريان لقياس الحقوق التي تحصل عليها المرأة (أو الأقليات) في مجتمع ما. فهدف حقوق الإنسان هو تكريس "العدالة الحقيقية" في المجتمعات البشرية.
وأرغب في أن أطبق هذا المبدأ على مجال العمل خارج إطار المنزل، فلقد كرست المرأة حقها المشروع في العمل، ولكنها لا تجد الظروف الموضوعية للمنافسة على قدم المساواة مع الرجل، فتحقق لدينا شرط "العدالة الاسمية" ولكن "العدالة الحقيقية" لا تزال بعيدة المنال. ونحن لا نتحدث هنا على عدم المساواة في الأجر، وتأخير الترقيات (وبالتالي قلة المعاش) وغيرها من الأمور التي ناقشتها الباحثات، بل نتحدث عن أمور أكثر دقة مثل: دعم الزوجة للمسار المهني للزوج في مقابل مسارها المهني وذلك بتحمل عبء رعاية الأسرة الذي ينعكس إيجابًا على مساره المهني، وسلبًا على مسارها. فمثلا، يستطيع الرجل قضاء ساعات أطول في عمله، لأنه يعلم أنه يعود إلى منزل دافئ، وطعام مُعَّد، وملابس نظيفة، وأطفال أصحاء. بينما يتعين على المرأة أن تعمل بدوام جزئي أو لساعات أقل، وفي كل الأحوال لا تستطيع إمضاء ساعات إضافية بالعمل خارج المنزل، لأن عليها العودة ومواجهة "الوردية الثانية" والمتمثلة في الأعمال المنزلية اللانهائية من تنظيف وطبخ، وغسيل، وكنس، ومسح ... إلخ. والتي فرضها عليها المجتمع البطريركي لرفاهية كل أفراد المجتمع: الرجال، والنساء، والأطفال. وبسبب تحمل الزوجة للأعباء المنزلية يستطيع الزوج قضاء ساعة مع زملاء العمل "على المقهى" حيث يدعم علاقاته، ويكون الصدقات، ويحصل على آخر الأخبار، وبالتالي تزيد قدرته على المنافسة والترقي في المجال العملي.
كما أن مهام الرعاية الأسرية للأطفال والمسنين عادة ما تُوكل إلى النساء في مجتمعاتنا، ففي مرحلة ما من حياتها تجد المرأة نفسها مضطرة للخروج عن مسارها المهني لرعاية أطفال صغار أو مسنين أو مرضى، ولا يفرض المجتمع على الرجال القيام بالمثل حتى ولو كان كبار السن هؤلاء هم الأنساب، فيذهب الزوج إلى عمله تاركا والدته المسنة في رعاية زوجته!! ونعرف أيضًا أنه إذا مرض أحد الأطفال يتعين على المرأة أن تتقدم بإجازة مرضية للذهاب بطفلها إلى الطبيبة أو مراعاته في المنزل، ناهيك عن رعاية الطفل الوليد. ولقد تنبهت البلدان الغربية إلى هذا الأمر وأخذوا في تشريع قوانين تمنح الأب إجازة وضع لرعاية طفله حديث الولادة. وهو الأمر الذي لم نسمع به إلا عندما حصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على إجازة لرعاية وليده في بداية ولايته منذ عامين تقريبًا.
ولأن المجتمع لا يهيئ للنساء الظروف الموضوعية - والتي هي شرط أساسي لتحقيق "العدالة الجوهرية" - تتأخر مساراتهن المهنية مقارنة بالرجال. وسيادة "العدالة الاسمية" مازالت أملا لم تحققه كثير من البلدان في مجالات شتى، ولكن الزمن قد تخطى ذلك، وأصبح البحث عن "العدالة الجوهرية" هو الأمل والمآل. فلنا أن نختار البقاء خارج إطار التاريخ، أو الانخراط فيه.



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدنى المستوى التعليمي (فكرًا وممارسة) في مصر: نموذج من ورقة ...
- النخبة المصرية وحزمة البصل
- اغتصاب الثيب غير وارد!!
- بين الفرعون .. والإمام .. الرئيس منزوع الصلاحيات
- تشريح ثورة
- الدولة المدنية
- بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-
- تقدم .. تأخر
- تأنيث الفقر
- الإسكات
- المرأة المصرية وصياغة الدستور
- النساء والانتخابات
- حواء والتاريخ النسائي
- اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعا ...
- عمل المرأة ليس ترفًا
- برنامج -دائرة الستة أشخاص-: للحد من العنف المجتمعي
- عفت عبدالكريم والرسائل الملتبسة في مسرحية مدرسة المشاعبين
- الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية
- النظام الأبوي والدولة الجديدة


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية