أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد المجيد - قائد الفاتح يسقط في المصيدة















المزيد.....

قائد الفاتح يسقط في المصيدة


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1108 - 2005 / 2 / 13 - 11:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خمسة وثلاثون عاما يركب فيها العقيد ظهورَ شعبنا الليبي، ويدوس على رؤوسهم، ويفلسف الحماقة، ويجعل من الجهل منطقا، ومع ذلك فلا يزال هناك إن مَدَّ اللهُ في عمر القائد مستقبل مظلم وكئيب ومهين ومُذِل ينتظر على أحر من الجمر استمرار صمت الشعب الليبي، وأفراده ينصتون بشغف شديد إلى صوت الجهل والحماقة والاستخفاف قادما من خيمة ملونة يجلس في وسطها واحد من أشد مستبدي وطغاة العصر الحديث قسوة وغلظة ووحشية.
كُتُبُ التاريخ مليئةٌ بحكايات جهل الطغاة، وكان لجيران العقيد في أفريقيا نصيبٌ كبيرٌ من المأساة الموغلة في الضحك والبكاء على حد سواء، وربما كان الإمبراطور هيلاسلاسي حاكمُ إثيوبيا المستبد أُمْيّا طوال أربعة وثلاثين عاما رفض خلالها وضع توقيعه على وثائق، وكان لا يلجأ لكتاب أو صحيفة أو مقال أو تقرير، فهو يسير وخلفه مُلقن تقترب شفتاه من أذن الامبراطور.
وكان عيدي أمين دادا ديكتاتور أوغندا أكثر الجهلاء حماقة، وكانت قيمة المواطن في عهده أقل من حشرة، وقام بتصفية ثلاثمئة ألف أوغندي وعندما دعاه الرئيس السادات لزيارة مصر اشترط أن ينتظره الرئيس الراحل على الضفة الأخرى من القناة وهو سيأتي سابحا ليستعرض قوته ومهارته في السباحة.
وكان جان بيدل بوكاسا امبراطور أفريقيا الوسطى نموذجا لخلطة من الجهل والقسوة جعلته ينفق ميزانية بلده على تنصيب نفسه امبراطورا، وقام بعملية اعدام تلاميذ مدارس ولا يزال من غير المؤكد أنه قام بأكل لحوم الأطفال.

في خطوة بدت كمصيدة من ( الجزيرة ) استضافت القناة القطرية قائدَ ثورة الفاتح من سبتمبر على الهواء مباشرة فالقائمون على القناة يعلمون جيدا أنهم سيكشفون سوءاته، ويقومون بتعرية ضحالة فكره، وينفخون فيه حتى تمتلأ الشاشة الصغيرة عفنا فكريا هابطا.
كان العقيد وقحا كعادته عندما اتهم الأستاذ فهمي هويدي بالجهل في معرفة فلسفة الكتاب الأخضر، وأكثر وقاحة وهو يحاول اهانة المفكر الكبير مستخدما تعبير ( يا ابني ) رغم أن الكاتب الصحفي أكبر منه سنا.
وكانت الأسئلة التي وجهتها جمانة نمور أكبر من عقل العقيد، وأكثر صعوبة على قدرته في الفهم، فكان يسرح .. وينظر ببلاهة شديدة إلى ما حوله.. ثم ينسى السؤال ويجيب على موضوع آخر لا علاقة له ألبتة بما تم طرحه.
لم يستطع القذافي أن يخفي الصدأ في أفكاره، وأدّعى أنه ليس زعيما أو رئيسا أو مَلِكاً لكنه قائدٌ لا يملك أي سلطة، فالسلطة الحقيقية في أيدي الشعب وهي أعلى درجات التقدم والتمدن.
وكأن الرئيس الفرنسي أو الايطالي أو أي مسؤول كبير يصل إلى الجماهيرية يستقبله أمين اللجنة الشعبية في العزيزية أو غدامس أو طبرق أو مصراتة ثم يجري معه مباحثات ثنائية في الصحراء أو في خيمة متواضعة دون أن يلتقي بالعقيد!
هزلٌ يصيب النفسَ العفيفةَ بالغثيان ومع ذلك فالعقيدُ أحدُ صُنّاع الإرهاب ومطاردة المعارضين وتصفيتهم، ودعم حركات الانفصال، ومفجّر الطائرات الآمنة بركابها الأبرياء، وداعم الجيش الجمهوري الايرلندي في تفجيرات لندن، وقاتل مئات في سجون ليبيا، أصبح بين عشية وضحاها مضيفا عزيزا وكريما على ممثلي القيم والمباديء الغربية الديمقراطية والحرة.

كان مشهد العقيد على شاشة ( الجزيرة ) يحمل بين طياته جبلا من الإذلال لشعبنا الليبي، فالرجل ينطلق في فلسفته من عاهة فكرية وتخلف عقلي وجهل سحيق ، لكنه يمسك كل أطراف ليبيا الشاسعة، وأجهزة مخابراته تقتل المئات في عملية واحدة دون أن يرف لها جفن، ويستطيع الرجل الذي ينفي أي سلطة بين يديه أن يكتب شيكا مصرفيا بكل ما في خزينة الدولة ويدفعه تعويضا عن جريمة يدعي أنه لم يرتكبها، ثم تخرج الجماهير المُغَيّبة والمُخَدّرَةُ ترقص في شوارع الوطن البائس معبرة عن بهجتها وغبطتها ولذة الاغتصاب التي زرعتها ثورة الفاتح في نفوسها، وتستجدي العقيدَ أن يضربها على قفاها مرة ثانية وثالثة وعاشرة.
سقط القذافي أمام خبراء الاعلام في قناة ( الجزيرة ) وشاهده الملايين، لكنه لا يزال يملك رقاب شعبنا الليبي، ويحقق له أقصى درجات البؤس.
كتب لي شاب ليبي وهو طالب جامعي يعترض على ظني بأن الليبيين مُغَيّبون تماما، ويقص علي حكاية كان هو أحدَ أطرافها عندما حاولت أجهزة الأمن اقناعَ الطلاب في الجامعة بالحضور الكثيف لأن العقيدَ سيحضر اللقاءَ السنوي.
ماذا كانت النتيجة؟
تم الغاءُ الزيارة قبيل وصول القذافي بساعة زمن عندما امتنع معظمُ الطلاب عن الحضور.
هل يعني هذا أن هناك حركةَ تمرد في الجماهيرية وأن العقيد في أيامه الأخيرة؟
المشهدُ الليبي يؤكد عكسَ ذلك، وأجهزة مخابرات الطاغية بعدد رمال الصحراء الليبية، والداخل إلى ليبيا مفقود والخارج مولود.

كل الأنظمة المستبدة قد تسعد بتوبة المعارضين، وتغتبط بعودة القطيع إلى الحظيرة بل تكافيء بعضَهم في مناصب هامة أو تُقرّبهم إلى القصر ( أو الخيمة )، ماعدا نظام الحكم المستبد للفاتح من سبتمبر ففي تركيبته غدرٌ يناهض كلَ القيم والمُثُل والمباديء.
اللهُ يقبل التوبة من عباده مهما كانت ذنوبهم، أما العقيد فيتساوى لديه الأمران، الاستمرار في المعارضة أو العودة الذليلة للمعارض أو المناهض لحكمه. الآن يصعب التخلص من العقيد فهو في حماية كل أجهزة الأمن الغربية والأمريكية وطبعا بعض الجيران.
جرائم العقيد تم اسدال الستار عليها، وأصدر الغربُ والعالمُ العربي وسيّدُ البيت الأبيض عفوا عاما واعتبار تصفية الآلاف وتخريب دولة وجعل ليبيا سجنا كبيرا واهدار ثروة وطن واذلال شعب والتآمر على الجيران أمورا في طيّ النسيان، ومن صغائر الإثم، ومن الجُنَح التي لا ترقى لمرتبة جرائم.
كان العقيد بهلوانا على الشاشة الصغيرة، ولم يفهم أسئلةَ مقدمة الحلقة جمانة نمور، وكان العرب كلهم من مائهم إلى نهرهم يتصببون عرقا من هول الخجل، فهذا أحد طواغيتهم وحكامهم ومستبديهم يكاد يتساوى مع أهل الكهف، لكنه يدوس بحذائه فوق رقاب أحفاد عمر المختار.المعارضة الليبية تُصَعّد حملاتها منذ ربع قرن في الغرب وفي أمريكا لكنها لم تتقدم خطوة عملية واحدة لازاحة الكابوس.
لا يكفي أن تُصْدِر المعارضةُ نشرةً أو عدة نشرات، وتوزع مطبوعة ملونة، وتعقد ندوة لا يحضرها إلا عجائز الغربة وتقاطعها وسائل الإعلام.
إذا أراد المعارضون تحرير شعبهم الليبي فليس أمامهم إلا الدعوة لعصيان مدني في وقت محدد يقوم قبله بعدة أشهر مناهضو الطاغية بحملة ذكية وموَحَدة وليست مرتبطة مع أي جهة غير ليبية، وحينئذ سيكتشفون أن نظام العقيد كان أوهن من بيت العنكبوت!

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+ 22492563
Oslo Norway



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسكوت عنه بين السعودية والكويت
- العراقيون والأمريكيون .. أين الحقيقة ؟
- لماذا وقع الاختيار على الاثنين 2 مايو 2005 يوما للعصيان المد ...
- العصيان المدني لاثنين 2 مايو من الثامنة صباحا .. عيد الأعياد ...
- دعوة لتحرير الرئيس السوري بشار الأسد
- لماذا يربط المسلمون الدين بالقسوة والجنس؟
- وقائع محاكمة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
- حوار بين الشيطان وضيوف الرحمن ... موسم الحج ورمي الجمرات
- رسالة مفتوحة إلى البابا شنودة الثالث .. لقد أخطأت أيها الرجل
- نعلن هزيمتنا أمام الرئيس حسني مبارك وابنه
- وقائع محاكمة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي
- حوار بين الرئيسين حسني مبارك و.. جمال مبارك
- لن يراقبك أحد في قبرك
- هل القضاء المصري شامخ ونزيه؟
- رسالة اعتذار لأبناء الشيخ زايد
- وقائع محاكمة الرئيس السوداني عمر حسن البشير
- الرئيس حسني مبارك يضحك في جنازة وطن
- لكنني لا أعرف هذا الإله
- حوار بين زعيمين عربيين في غرفة مغلقة
- هل تنسحب إيران من الجزر الإماراتية المحتلة؟


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد المجيد - قائد الفاتح يسقط في المصيدة