|
مدير علاقات عامة تحت بند - الاسلام السياسي-
سونيا ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3793 - 2012 / 7 / 19 - 21:59
المحور:
الادب والفن
يسألني المدير ، الذي تعقّدت علاقته بنفسه ، وبالله - كما يتوهم أنه يعرفه ، ويخشاه - ، بعد أن أصيب بمرضٍ سبّب اعاقةً في قدمه : " هل تستطيعين العيش في منزلٍ بحجمِ هذه الغرفة مع تسعة أفراد ؟ " فأجبت بنظرة استغراب : " لا ! بصراحة , سيكون ذلك صعباً على أي انسان ".. يقولُ المدير : " هناك عائلة تعيش بتسعةِ أفرادها في غرفةٍ بهذا الحجم " ، وهو يشير بيديه كأنّه يحصر هذه الغرفة ، " هل تعلمين ماذا قلت لهم ؟ أنتم مفروض ( تجيبو ) ديزل و ( تولعو ) في حالكم !! " ، فأجبتُه بحزنٍ : " لا ينبغي عليك قول ذلك !! " يردَ مستنكراً بنفس النبرة المليئة بالخوفِ والكرهِ : " ومن قال لهم أن ( يُخلّفون ) هذا العدد من الأطفال ؟؟ لا يستطيعون العيش بكرامةٍ في مثل هذا المكان ، (هم و أبنائهم ) ، اذن هم ( يستأهلو ) الحرق !! "
لا يستطيع المدير – وهو خريج صحافة " قسم علاقات عامة " – إلا أن يشعر بالعجز و الخوف من مستقبله الذي لا يوجد لديه أي حيلة لتغييره ، وكأني مضطرة للاستماع لهذيانه ، ومخاوفه ، و في كل مرة أنتظر فيها أن يرن هاتفه ؛ حتى أعتذر ، وأخرج من غرفة المكتب – آملةً ألا أجده هنا كل مرة أحتاج فيها لخدمتِه .. و هو خائفٌ من أن يموت ، وهو على هذه الحال ، وفي نفس الوقت كل محاولاته للخروج من غزة ، هي بائسة . قال لي في احدى المرات بأنه سيكون خارجاً من غزة هو وعائلته إلى أي بلدٍ أوروبيٍ ، يمنح اللجوء لسكان غزة .
وصف لي حالته بدقةٍ ؛ ثم قال : " غزة معروفة أنها من المناطقِ التي يعاني سكانها من قمع الحريات ، وأن ذلك من شأنه أن يسهّلَ الحصول على لجوءٍ لي ، ولعائلتي ". قال لي ، وهو مستنكراً لوضعه : " أريد أن أضمن مستقبلاً لأبنائي ، لا أريد لهم أن يعيشوا معاناتي التي فرضتها الظروف علي ، أريد لهم أن يعيشوا مستقبلاً بعيداً عن هذه الحياة الكئيبة ". كنت أنظر إلى هاتفهي الخليوي ، أراقب الوقت الذي علي أن أنتظره كلَ مرة ، وهو يتحدث عن مشاكله ، أسلوب حياته ، وروتين انقطاع الكهرباء المتواصل ، الذي يمنعه من حلاقة ذقنه ، عواطفه ، واتجاهاته ؛ ثم يبدأ بعد ذلك بالانتقال إلى موضوع " الاخوان المسلمين " ، و كيف أنه يُعلّق عليهم آمالاً في اصلاح الوضع السياسي والاقتصادي في مصر ، كما أنه ظل يتحدث عن مدى اقتناعه بنظرتهم المستقبلية لمصر تحت حكم " الاسلام السياسي " ، وثم وَجَّه جهاز التحكم في يده الى القناة الفضائية التي كانت تعرض أخبارهم أولاً بأول , وكأنه يعبر لي عن خلاصه : " هذا هو المستقبل الذي أنتظره لنفسي "!
سألتُه بعد عدة شهورٍ ، وذكرتُه بحديثه منذ مدة : " أنت أخبرتني عن نيتك باللجوء إلى أوروبا ، حتى أنك أخبرتني بأنك ستكون في مثل هذا الوقت خارج غزة ؟ " رد علي بنفس النبرة الحانقة ، التي كان يستخدمها دائماً : " لقد قررت نسيبتي ، وهي تعيش الآن في الكويت ، بأن تبيع جزءًا من الأرض ، التي ورثتها في غزة ، و من ثم تنتقل للعيش في مصر ، وسوف تلم شمل العائلة المتفرق بين الكويت وفلسطين ، وهذا من شأنه أن يساعدني على ايجاد فرصة للعمل في مصر ، ولكننا نتنظر أن تتحسن الأوضاع في مصر ، وتنتهي أزمة الانتخابات والمظاهرات " . وتساءلتُ بصوت غير مسموعٍ : " هل هي نفسها نسيبته ، التي جاءت تزور عائلتها في خانيونس منذ عدة سنوات ، وعلقت على زيارتها : " لم يتغير أي شئٍ منذ تركتهم في الستينات حتى التسعينات ، وهم على نفس المنوال ، لم يتغير مأكلهم ولا ملبسهم !!"
نظرتُ مرةً أخرى إلى الساعة في هاتفي الخليوي ، هل سيتغير الوقت ؟؟ هل ستتحسن الأمور ؟؟ هل سيتوقف عن عرض مآثره وهو يظن أن الجميع عليه أن يتعاطف معه ، وهو أشبه بامرأة عجوز ، يكثر من الشكوى دون الاصابة بصداع !
" غزة لن تمشي أمورك ، هكذا تَصوّرتُه ، كان المذيعُ يتحدث على القناة ، التي كان يشاهدها المدير العام : الاخوان المسلمون يتصدرون نتائج الانتخابات في مصر!! "
#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آلام امرأة غزية
-
تشزوفرينيا حماس تحت قمع الاحتلال ، وقمع الحريات في الديكتاتو
...
-
في ذكرى الامتحانات الثانوية ، والقمع السنوي لحكومة حماس
-
غزة , والكبت الحصاري الذي تفرضه ثقافة حماس هو -انحصاري-
-
عرض من القضبان المغتصبة .. و لا خيار للحب
-
أذكروا محاسن موتاكم
-
من حق المراة في الامتناع : معا ضد ختان الذكور
المزيد.....
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|