أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - حديث -المؤامرة-!














المزيد.....

حديث -المؤامرة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3791 - 2012 / 7 / 17 - 15:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حديث "المؤامرة"!


في الفلسفة، لا مبدأ أسوأ من المبدأ الذي وِفْقه تَنْسِب إلى "الخارج"، أيْ إلى عامِل خارجي ما، كل ما يَحْدُث في "الدَّاخِل"؛ وكأنَّ في التجربة التاريخية ما يؤيِّد فكرة أنَّ التغيير في الدَّاخِل، أيْ في داخِل شيء ما، ما كان له أنْ يَحْدُث ويَقَع إلاَّ بفضل "العامِل الخارجي" فحسب، أو في المقام الأوَّل؛ وفي السياسة العربية، على وجه الخصوص، والتي لا تمتُّ بصلةٍ إلى "العِلْم" و"الفن"، يأتي "الخارج" دائماً على شكل "العِلَّة الأولى والأخيرة"، أو "التفسير النهائي والوحداني"، لكل ما يتعرَّض له المجتمع من أحداث (اضطِّرابات وقلاقل) لا يرضى عنها نظام الحكم القائم؛ وها نحن نَسْمَع كل يوم، لا بل كل ساعة، في الخطابين السياسي والإعلامي لنظام الحكم السوري، كلمة "المؤامرة (الخارجية التي تتعرَّض لها سورية)"، وكأنْ ليس في صُلْب وأساس العلاقة بين "الحاكِم" و"المحكوم" في هذا البلد من الخِلال والأزمات ما يكفي تعليلاً وتفسراً لِمَا يَحْدُث.

ضدَّ هذا "الإفراط" في "التفسير التآمري"، لن نلجأ إلى "التفريط"؛ فوجود "المؤامرة (الخارجية)" من عدمه، لن نسمح له بأنْ يكون نقطة خلافية بيننا وبين نظام الحكم السوري؛ فالسؤال الذي يتحدَّى نظام الحكم هذا أنْ يجيب عنه إنَّما هو "لماذا لم يُنْتِج كلُّ هذا الإصلاح الذي ابتدأه منذ سنة 2000 ما يَجْعَل نار المؤامرات الخارجية (في حجومها الواقعية الحقيقية) تَنْزِل عليه برداً وسلاماً؟".

الجواب الذي يَعْرِفه نظام الحكم السوري، ويُصرُّ، في الوقت نفسه، على إنكاره وعدم الاعتراف به، إنَّما هو أنَّ نظام الحكم هذا لا يملك، وما عاد يملك، من أسباب البقاء إلاَّ ما يَجْعَل تلبيته الحدِّ الأدنى من مطالب الشعب سبباً لسقوطه وهلاكه عاجلاً وسريعاً؛ فهُنا، وهُنا فحسب، يكمن مأزق نظام حكم بشار.

لو كان نظام الحكم هذا متأكِّداً أنَّ في مقدوره أنْ يُلبِّي الحدِّ الأدنى من مطالب شعبه من غير أنْ يَسْقُط، أو يغدو عُرْضَةً للسقوط، لأَخَذَ بهذا الخيار؛ وإنَّ انعدام "واقعية ومنطقية" هذا الخيار هو ما حَمَلَه، ويَحْمِله، على المفاضلة بين أمْرين أحلاهما مُرُّ، وعلى أنْ يُفَضِّل، من ثمَّ، "السياسة التي تَنْبُع من فُوَّهة البندقية" على ما عداها؛ فإذا كان الإصلاح بحدِّه الأدنى يَجْعَله كمثل من حَفَر قبره بيديه فَلِمَ لا يُقاتِل حتى النهاية، جاعِلاً "الشمشونية" خياره الأوَّل والأخير؟!

وهذا "الانفصال" لنظام الحكم السوري، بمصالحه ودوافعه وغاياته، عن المجتمع، والذي يُمثِّل خاصية جوهرية له، هو ما ألْزَمه انتهاج هذه "الطريق الشمشونية"، مع تزيينها، سياسياً وإعلامياً، بمزاعم من قبيل أنَّ كل (أو جُلَّ) ما حَدَثَ، ويَحْدُث، في داخل سورية، لا يعدو كونه "مؤامرة خارجية"، لها "أدوات في الدَّاخِل"؛ لكنَّ وجود وعمل هذه "الأدوات" لا ينفيان، بل يؤكِّدان، أنَّ غالبية الشعب تَقِف مع نظام حكم بشار.

وزير الخارجية الروسي لافروف لَبِسَ لبوس المنطق والحكمة، وشرع يُقارِع الحُجَّة بالحُجَّة؛ فقال إنَّهم في الغرب يَزْعمون دائماً أنَّ مفتاح الحل (للأزمة في سورية) في يد موسكو؛ فهل (يتساءل لافروف، أو يسألهم) معنى الزَّعم هذا أنَّ على موسكو أنْ تمارِس ضغوطاً على بشار الأسد حتى يَرْحَل؟

ثمَّ يجيب قائلاً: "الأسد لن يرحل (ولو دَعَوْناه إلى الرَّحيل)"؛ ثمَّ يُعلِّل إجابته قائلاً: "لن يَرْحَل؛ لأنَّ كتلة كبيرة من الشعب السوري لا تريد له أنْ يَرْحَل".

لو كان لافروف، في تعليله هذا، ينطق بالحقيقة، لأدركت "الأزمة السورية" حلَّها فوراً؛ فلو أُجْري استفتاء شعبي في سورية، في طريقة يستعصي الطَّعن والتشكيك في نزاهتها، وصدقيتها الديمقراطية، لَعَرَف العالَم، عندئذٍ، الحجم والوزن الواقعيين والحقيقيين لهذه "الكتلة الشعبية الكبيرة"، ولَسَارَعْنا إلى الاعتراف، من ثمَّ، بأنَّ ما يَحْدُث في سورية لا يمتُّ بصلة إلى "الثورة (الشعبية)".

أنْ يكون لكَ أعداء كُثر (في الخارج) يتآمرون عليك، ويكيدون لكَ، فهذا ليس دائماً بدليلٍ على صواب نهجك وموقفك؛ وأنْ يلقى خصمك التأييد والدَّعم (أو شيئاً منهما) من هؤلاء المعادين لكَ (أو من بعضهم) فهذا لا يَصْلُح دائماً دليلاً على أنَّ خصمكَ من جِنْس أعدائكَ هؤلاء؛ فهل كانت ألمانيا القيصرية من جنس الشيوعيين ولينين عندما ساعدت (في طريقة ما) في تمكين البلاشفة من الاستيلاء على السلطة، والقضاء على القيصرية الروسية؟!

و"الضَّرْبُ معاً" لا يَدُلُّ دائماً على أنَّ الضَّاربين "يسيرون معاً"؛ فطالما رأيْنا في أحداث التاريخ "الضَّرْب معاً" قريناً للسَّيْر (سَيْر كلا الطرفين، أو كل طرف) على حِدَة".

أمَّا في "تاريخ المؤامرات الخارجية" فلم نَرَ من مؤامرة نَجَحَت إلاَّ كنجاح عود ثقاب مشتعل في تفجير برميل من البارود؛ فَلِمَ نُصِرُّ على نَسْبِ "الانفجار" إلى هذا "العود" الذي نُصَوِّره على أنَّه "العلَّة الأولى والأخيرة"؟!

لو كان إبليس نفسه هو "المتآمِر" و"المُحرِّض على الشَّر" لَمَا استطاع دَفْع عُمَّال شركة ما إلى الإضراب إذا ما كانت ظروف وأحوال عملهم وأجورهم جيِّدة؛ لكن ماذا يَفْعَل رَبُّ العمل إذا ما كان عاجزاً عجزاً حقيقياً عن تلبية الحدِّ الأدنى من مطالب عُمَّاله المضربين؟

لن يَفْعَل إلاَّ ما يشبه ما يفعله نظام الحكم السوري الآن؛ فهو سيُعانِد، وسيلجأ إلى كل وسائل وأساليب الإكراه، وسيُمارِس كل ما يستطيع من ضغوط لِحَمْلِهم على التراجُع، مُكْثِراً من الكلام عن "الأيدي الخارجية"، و"المُحرِّضين الخارجيين"، و"مثيري القلاقل والاضطِّرابات"؛ لا تلوموه؛ فهو لا يملك "خيار"، ولا يملك إلاَّ أنْ يتصرَّف "عن اضطِّرار".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في -البيروقراطية-!
- .. وبينهما أمورٌ مُشْتَبِهات!
- -وابشَّاراه-!
- مصر.. أهي -ولاية الفقيه الدستوري-؟!
- بشار الذي يحبه شعبه!
- نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!
- عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!
- عرفات قُتِلَ ب -الشَّارونيوم-!
- -أُمَّهات الحقائق- في الصِّراع السوري!
- مِنْ -سجين طرَّة- إلى -سجين طنطاوي-!
- مرسي الذي أصبح للثورة مرساةً!
- لا شرعية في مصر تَعْلو -الشرعية الثورية-!
- حتى يكون مرسي مرساةً للثورة!
- قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!
- هذا الإنكار- ل -شعبية- الثورة في مصر وسورية!
- مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!
- لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
- لعبة العجوز الداهية طنطاوي!
- لو قرأوا -الدولة والثورة-!
- إيضاحات وردود


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - حديث -المؤامرة-!