أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - 14 تموز والتيار الديمقراطي















المزيد.....

14 تموز والتيار الديمقراطي


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3790 - 2012 / 7 / 16 - 20:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



تمر هذه الايام الذكرى الرابعة والخمسين للتغير الجذري في 14 تموز ، الذي قادته الانتلجنسيا العسكرية ومن الضباط المسيسين والذي اعتبر بحق أهم مَعْلَم تاريخي في العراق الحديث و المعاصر.. فإذا كان الانتقال من المجتمع العشائري المتشظي وتشكيل الدولة المركزية .. اعتبر نقلة نوعية في تاريخية السلطة العراقية ونشوء الدولة المركزية الحديثة.. فإن 14 تموز يعتبر ، كما أرى، الطفرة الحداثوية الأولى والأكثر عمقا في العراق المعاصر لما تمخضت عنها من عواقب اجتصادية / سياسية/ ثقافية هيئة تربة العراق إلى الدخول في تاريخ جديد، حسب النظرة الهيغيلية، لمفهوم التاريخ.
وتوضح تاريخية السلطة أن هناك علاقات متناقضة في التوجه والماهيات الاجتماعية والاقتصادية ، بينها وبين القوى الاجتماعية المعارضة، وخاصة الحية منها، والتي استند كل منها إلى ما تملكه من أدوات تحقيق مصالحها وتحقيق ذاتها الطبقية وتوجهها الفلسفي عكسها العقد الاجتماعي المبرم بينهما. فإذا تركنا قاعدة الحكم الملكي ومثلثها المتكون من : سلطة الانتداب لغاية 1932 والسفارة البريطانية لغاية 14 تموز؛ مؤسسة العرش والقوة المعنوية لها؛ السلطة التنفيذية والمؤسسة العسكرية والاقطاعية المساندة لها.. وتفحصنا ماهية القوى الاجتماعية الحية التي ساهمت في دفع عجلة التغيير المرتقب وقادت الانتفاضات الشعبية سواءً في البدء في الارياف ومن ثم ما بعد الاربعينيات في المدن والمتبناة من الطبقات والفئات الاجتماعية الجديدة التي أخذا تشق لنفسها طريقا جديدا.. لرأينا أن قوى التيار الديمقراطي كانوا من الدعاة الأوائل لتبني فكرة التغيير وتعديل موازين القوى في المجتمع والمطالبة بالتداول السلمي للسلطة عبر الآلية البرلمانية وتبني الارتقاء المادي والروحي للقوى الاجتماعية الفقيرة والكادحة.
لقد بدء ت ولادة هذا التيار منذ مطلع القرن المنصرم بشكل قوى ليبرالية متنورة ومتعلمة تخطت حدودها الجغرافية المنغلقة اجتماعيا وسياسيا للاحتكاك بالمشرق العربي، وقد اتخذت من المطالبة بالحقوق وإرساء التعليم الحديث والتخلص من المفاهيم الدينية في تفسير الظواهر الاجتماطبيعية.. ومن ثم خطت هذه القوى الخطوة الأولى بعد تأسيس الدولة المركزية ليبدأ المجتمع العراقي بتحسس انتشار مفاهيم ومقولات جديدة لم تكن مألوفة لديه من قبل ك: السلطة والديمقراطية والحرية والمساواة والأحزاب والجمهورية وغيرها ممن جاءت مع قوى الاحتلال الأول (1914-1932) أو كنتاج عرضي للوافدين الجدد أو الطلبة العائدين أو/و الضباط المسرحون من الجيش العثماني وغيرهم.
لقد ساهم اللبراليون الأوائل بإرساء بدايات حجر الأساس .. ومن ثم دخل بقوة رواد المساواتية الاجتماعية ( جماعة حسين الرحال- رواد الفكر الاشتراكي) الذين ألقوا بثقلهم وراء التفسيرات العلمية للمقولات، وتبني الفئات الاجتماعية الجديدة وإشراكهم في الحياة السياسية في البدء العمال الأجراء من خلال الدعوة لتـأسيس منظماتهم النقابية ومن ثم فئة الطلبة كقوة اجتماعية ضاغطة.
ومنذ مطلع الثلاثينيات بدء التيار الديمقراطي بقواه السياسية الجديدة ، لملمت ذاته المبعثرة فكريا وجغرافيا، فاللبراليون توسع نفوذهم وتأثيرهم في العقول الشابة والمتعلمة من خلال هامش الحرية الذي تتطلبه ضرورات ديمومة السلطة. كذلك الحلقات الماركسية الأولى بدأت تخطو نحو استكمال بعدها التنظيمي ومن ثم طرح برامجها الراديكالية، وفي الوقت نفسه بدأت الفئات المثقفة العائدة للوطن من الخارج (على قلتهم)التجمع حول الشخصية النضالية (محمد جعفر ابو التمن) وحزبه الوطني وبرنامجه العام ومن ثم تأسيس جماعة الأهالي التي أخذت توجه النضال السياسي على وفق المعايير والمفاهيم الاشتراكية الفابية وتغرس الفكرة الاحتجاجية السلمية في عمق نفوس الفئات الواعية والشابة، وتلك التي تنطلق من وطنية عراقيتها في افقها القومي
لقد قاد التيار الديمقراطي ، بمختلف أجنحته، الحركات والانتفاضات الشعبية سواءً بالريف أو/و المدينة وأخذ على عاتقه بلورت هذه المطاليب على وفق الضرورة الموضوعية والتاريخية التي كانت تُطرح آنذاك ومعبرٌ عنها اجتماعياً.
لذا أصبح التيار الديمقراطي، وقواه وأفقه الفكري، النافي الطبيعي لنظام الحكم الاقطاعي/ الكومبرادوري ، وأصبحت الطبقة الوسطى بفئاتها المتعددة البديل الشرعي لنظام الحكم الملكي.. لقد قادت هذه الطبقة المتحالفة موضوعيا، وعمليا في الكثير من المفاصل، مع قوى الحركة الشيوعية وبعض الروافد الماركسية وتلك ذات النزعة التقدمية. لذا فكلما يحدث تطورا في البنية الاجتصادية كلما تعمقت الأزمة البنيوية للحكم وقاعدته الاجتماعية الضيقة.. ونتيجة لذلك أشتد النضال السياسي والاجتصادي مع تصاعد تبلور مركزية الدولة وتوسع كل من الطبقة الوسطى والطبقة العاملة غير المتبلورة وخاصة في المشاريع الكبرى في النفط والسكك الحديدية والميناء وغيرها. كما ساهمت الفئات البينية ( من طلبة وضباط وموظفين وتجار صغار وغيرهم) بدور كبير في تعميق الأزمة البنيوية للحكم من خلال المساهمة الجادة والعضوية في النضال بكل ضروبه .
لقد نقل التيار الديمقراطي حركة الاحتجاج الاجتماعي من الريف إلى المدينة منذ أواسط الأربعينيات فباتت الانتفاضات تهز أسس النظام الملكي وأسقطت الكثير من الحكومات المتعسفة.. والأهم في ذلك كون التيار وزرع قواها في المؤسسة العسكرية منذ نهاية الأربعينيات ومطلع الخمسينيات من خلال الضباط المسيسين .. الذين بدءوا بالتكتل الغائي ليس من اجل إصلاح النظام .. قدر تغيير أسس النظام برمته وقاعدته الاجتماعية ومنطلقه الفلسفي، على وفق رؤية أكثر تلائما مع العصر وروحه.. لذا كانت برنامجيهم ينطلق من أسس جديدة لتحقيق أهداف جديدة عبر قيادة جديدة تمثلت بالكتلة التاريخية (إن جاز التعبير) والتي مثلتها أحزاب جبهة الاتحاد الوطني المتحالفة مع المنظمات العمالية والمهنية والديمقراطية.. والتي كلها عبرت عن الطبيعية الطبقية لأغلب المكونات الاجتماعية العراقية.
كان التيار الديمقراطي بمكوناته المتعددة ، قد رسم حدود أفق المستقبل للعراق من خلال تبنيه فكرة توسيع السوق الوطنية وتوحيدها وفي إرساء بعض من مؤسساتها ضمن فعالية آليتها ونسق تفاعلاتها.. كما توضح دور التيار في تبنيه لفكرة المجتمع المدني ، كمفاهيم ومؤسسات ومن ثم تأسيسها وتعميق تأثيرها في الحياة المادية والفكرية ، فأسس أو على الأقل، حبذ تأسيس وانتشار النقابات العمالية والمهنية والجمعيات والأحزاب والصحف .. طالما أن المجتمع المدني يكون في حالة تبعية لأسلوب الإنتاج وقوانينه وعلاقاته.
ومن هذا المنطلق عملت قوى التيار بكل جدية في إلغاء النظام الإقطاعي باعتباره يخالف بل يناقض بنية المجتمع المدني الذي ينتمي للحاضر والمستقبل في حين ينتمي الإقطاع إلى الماضي الكابح لصيرورات التطور .
في الوقت نفسه ناضل التيار على جبهات متعددة لأبعاد الحياة والتي تمثلت في:
- مشكلات الطائفة السياسية ومنع تداول السلطة بين مختلف القوى؛
- الإشكالية الأثنية والمطالبة بحلها على وفق حق تقرير المصير؛
- النضال ضد التناشز والتفرد السياسي والثقافي وفي أحادية النظر للماهيات الاجتماعية؛
- العمل الدءوب من أجل التخلص من حلقات الفقر والتخلف وتحقيق العدالة النسبية في توزيع الثروة بين المكونات الاجتماعية والمناطق الجغرافية؛
- الانطلاق من أولوية عراقية العراق وتحقيق الهوية الوطنية ونبذ واقع العلاقات البطريكية ورابطة الدم؛
كما حاول التيار الديمقراطي تغيير بنية الدولة العراقية التي كانت حصيلة تركيب بيو-سياسي هجين من دولة سلطانية تقليدية متسلطة ، ومن دولة حديثة موروثة عن الإدارة الاستعمارية: شكلية الحداثة، أو قل ،إذا شئت، لا تتخطى الحداثة عتبة الهياكل والنصوص، إلى نظام قيم السلطة ومؤسساتها وثقافتها السياسية ذات البعد الاجتماعي. إذ أن السلطات غالبا ما تتركز في مركز واحد من الدولة ولدى نخبة ضيقة تتزايد ضيقا.. كما كان في العهد الملكي، الذي يتفاقم المنزع التسلطي فيه حتى عمق من أزمته البنيوية، التي تشظت بفعل التغيير الجذري.
وتأسيسا على ما ذكر ومن هذا العرض المكثف جداً للماهيات التاريخية لسيرورة تطور التيار الديمقراطي، يمكننا القول إن هذا التغيير الجذري العميق في المجتمع العراقي قد تحقق بفعل وتأثير قوى التيار المتعددة ومساهمة بعض من القوى الأخرى. لذا يمكننا الاستنتاج من أن هذا التغيير، الذي اكتسب مفهوم الثورة، يعود الجزء الأكبر منه إلى التيار الديمقراطي الذي هيأ تربة التغيير لقوى الانتلجنسيا العسكرية والتي أعادة بناء النظام الملكي وماهية العقد الاجتماعي ومكوناته.
لقد دشن التغيير الجذري في 14 تموز سياقا تاريخيا يختلف جذريا عما سبقه من نواحي:
- القضايا التي تبناها؛
- القوى المحركة لها؛
- والأفق التاريخي لمشروعها التحرري.

هذا النواحي للمحددات الثلاثة للثورة قد تحققت في القضايا الأبرز وما يتفرع عنها، والتي تمثلت ، بصورة مكثفة في :
إنهاء الحكم الملكي ومعه التبعية شبه المطلقة للاستعمار البريطاني؛ استكمال عناصر السيادة والاستقلال؛ إلغاء العلاقات الإقطاعية؛ تحرير الثروة النفطية ؛ بناء نظام سياسي تمثيلي يتبنى الديمقراطية وحل القضية الكردية، المساهمة في رفع شأن المرأة
أما قوى الثورة فقد ضمت : أحزابا علمانية، من برجوازية وطنية وشيوعية وقومية وديمقراطية .أما أفقها التاريخي فلقد توافر على خلطة من أهداف وطنية عامة بدت في حينها مترابطة ، حيث اقترن إتباع سياسة الحياد الايجابي مع تقارب مع الدول الاشتراكية وإقامة حكومة وطنية وتدشين تعددية سياسية مع مفهوم تقليدي (كاريزماتي) للرئاسة.. ونزوع نحو المساهمة بتحرر البلدان العربية ومساندة قوى التحرر العالمي.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار عن قاسم وتموز
- (8-8) من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (7-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (6-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم ...
- (5-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (الجمه ...
- (4-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (3-8)
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثان ...
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثا ...
- رحيل آخر عمالقة رواد الفكر الديمقراطي في العراق المعاصر
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(4-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(3-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر (2-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر (1-5)
- من أجل تاريخ موضوعي لتموز وعبد الكريم قاسم (2-2)*
- من أجل تاريخ موضوعي لتموز وعبد الكريم قاسم (1-2)*
- الحزب الشيوعي العراق من إعدام فهد حتى ثورة 14 تموز1958
- هو والزعيم (4-4):
- هو والزعيم ( 3- 4):


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - 14 تموز والتيار الديمقراطي