جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3790 - 2012 / 7 / 16 - 18:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما يحدث معي حين أكتب مقالا ويقرأه بعض المسلمين أن بعض أولئك يتشنجون فكريا بسبب قلة علمهم أولا في دينهم ولعدم قراءتهم لتاريخهم ولأصول دينهم الذي أغلبه بدع وضلالات ولعدم معرفتهم بعلم الاجتماع ,وهذا بسبب حماسهم الشديد للدين عن غير علمٍ منهم بما أكتبه بحيث يتحول الحماس إلى إثارة مشاعر حقودة,وجماعة التبليغ ترتكب مثل هذا الخطأ بحيث في نهاية دعوتهم إلى الدين الإسلامي كفّروا ونفّروا وهاجروا وباعدوا وغلو في الدين غلوا شديدا بسبب قلة العلم والمعرفة وهذا سبب حقيقي لانتشار الإرهاب لا يعرفه إلا القلة من الناس.
هنالك جماعة من الجماعات الإسلامية معروفة لدينا باسم(رجال الدعوة) وهذا ما يدعون به بين الأوساط الشعبية أي أن هذا هو أسمهم الشعبي,وكأن للجماعة اسم تجاري أو شعبي وآخر علمي مثل أسماء العقاقير الذي يُكتب على شرائح الأدوية, وأسمهم العلمي(جماعة التبليغ) الإسلامية, هدفها الدعوة إلى الله ونبيه محمد وهم لا يتوانون عن الدعوة إلى الله ولا يوفرون جهدهم... وتتهمهم الجماعة (السلفية) بأنهم مبتدعون مثل فرض الخروج لأربعين يوما أو لثلاثة أيام في الشهر,وفساد في العقيدة ونشر الخرافات والضلالات...إلخ,وجريئين جدا لدرجة أنهم زاروا السُكارى والشاذين جنسيا وعقليا في بيوتهم دون خوفٍ منهم ودعوا هؤلاء الشاذين إلى الدين الإسلامي وإلى المواظبة على الصلاة وحضور الجُمع والجماعات,ولكنهم وقعوا في خطأ فادح جدا أو خطأين فضيعين جدا أدى هذان الخطئان بعد ذلك إلى ارتكاب سلسلة أخطاء جديدة ومتطرفة,تماما كما يحدث الأمر في الكوارث الجوية حين يقع الطيارون في خطأ بسيط يرتكبون بعده سلسلةً من الأخطاء.
والأخطاء التي وقعوا فيها قادتهم إلى التشكيك حتى في أنفسهم وأن أغلبهم لم يكن متعلما كفاية بالدين وبالعقيدة وبأصول الشريعة وأصول الدين وعلوم القرآن وهو النهج الذي يدعون إليه,فالذي يدعو إلى شيء مهما كان سواء أكان دينا بوذيا أو إسلاميا أو مسيحيا فعلى الأقل يجب أن يكون مطلعا كفاية على المنهج الذي يدعو إليه لكي لا يتعرض الداعي أو المُبلغ إلى الفشل أو إلى نفور الناس منه بسبب الطريقة التي يدعو بها,تماما كما أمر المسيح جماعته من الخروج من أي قرية يدخلونها إذا لم يستجيبوا إلى دعوتهم وذلك حرصا من المسيح على أن لا يقع بعد ذلك ما لا تُحمدُ عقباه حتى أنه أمر تلامذته بمسح الغبار الذي عَلُقَ على ثياب التلاميذ وأحذيتهم من القرية التي يخرجون منها,وكان هدف المسيح إبعاد جماعته عن ارتكاب أعمال متطرفة وإلى اللجوء للسلاح كحل أخير على مبدأ أن الحرب بالسلاح تحل المشاكل التي لا يستطيع السلام حلها, بعكس بعض الأساليب التي انتهجها الفكر الإسلامي أو الجماعات الإسلامية وخصوصا جماعة التبليغ,وأنا في صباي خرجتُ معهم بصحبة ابن الجيران ولم أكن أبلغ من العمر 15 عاما لمرتين في تاريخ حياتي,ورأيتُ منهم ما رآه السلفيون ورابني منهم ما راب السلفيون ونفرتُ بسببهم ولأسبابٍ أخرى من الدين كله وخصوصا حين صادفتُ رجالا خارجون من بيوتهم للدعوة منذ عام تقريبا وبعضهم منذ ستة أشهر,وهنالك مسألة أكثر خطورة من كل ذلك وهو الاعتكاف في المساجد كل خميس وليلة جمعة,فهذا لم يرد عن محمد بتاتا إلا مرة واحدة لم يعتكف فيها محمد في رمضان على عادته وقضاها في شهر شوال, فقد كان يعتكف فقط لا غير في شهر رمضان,ومن هنا السلفيون يعتبرون جماعة التبليغ جماعة بدعة وضلالة, ولم تكن لأغلبيتهم دراية في علوم القرآن والسنة وفي قراءة التاريخ وهم يعتمدون في أسلوب دعوتهم على الارتجال التلقائي وعلى سرد قصص وحكايات منقولة من هنا وهناك لم يكن لأحمد بن تيمية علمٌ بها ولا , ثم إنهم بعد ذلك يدلسون على كبار العلماء عن قصدٍ منهم وعن غير قصد,على اعتبار أن الإنسان دائما إذا أصابه الضعف يضطر إلى الكذب على الآخرين,وهذا ما حصل ويحصل مع جماعة التبليغ حيث قادهم ضعفهم إلى الكذب تماما كما يحدث مع الشيطان إذ يبدأ بالوسوسة حين يضعف سلطانه على الناس وإلى اختراع الدجل,زد على ذلك أن لأغلبهم حماس شديد للدعوة وللتبليغ,وكل المصيبة تقع هنا في هذه الزاوية وفي هذه النقطة حيث الحماس الشديد يؤدي إلى التهور الأشد من الحماس نفسه وإلى التعصب وإلى الانغلاق وإلى رفض الآخر وتكفيره,وهذا ما حدث فعلا مع جماعة التبليغ حيث قادهم حماسهم الديني إلى كُره الآخرين والنفور من الآخر,وبما أنهم متحمسون جدا ولا يملكون قدرا كافيا من المعرفة بأصول دينهم وعقيدتهم فقد أصاب بعضهم اليأس والقنوط واستاءوا جدا من طبيعة الواقع الذي صادفوه أمامهم فدفع بالقلة منهم إلى اعتزال العمل ألتبليغي ولزوم البيت أو التوجه إلى جماعةٍ أخرى لها أهداف غير أهداف التبليغ ومنهم ما زال على عادته في أسلوب الدعوة إلى الدين الإسلامي, وأما الكُثرة الكثيرة منهم فقد توجهوا إلى تكفير الناس وإخراجهم من الملة الإسلامية وقادهم حماسهم للتوجه إلى أفغانستان قبل حرب الخليج الأولى,وأغلبهم كان لديهم اعتقاد بأنهم سيحفرون خندقا من أفغانستان يطلعون منه رؤوسهم من مدينة القدس لتحريرها من الإسرائيليين وطبعا هذه الأخيرة من أساليب الناس في المزاح والتهكم عليهم لأنهم كانوا يقولون سينتشر الإسلام مجددا من أفغانستان,وهذا سببٌ من الأسباب التي أدت إلى تشكيل الجماعات الإرهابية ودفع بالبعض إلى تشكيل جماعات إرهابية هدفها ضرب المصالح الروسية في العالم وبما أنه لا توجد لروسيا مصالح اقتصادية في منطقتنا إلا ما ندر فقد صب هؤلاء الإرهابيين جام غضبهم على المصالح الأمريكية, وضرب المثقفين نفسيا وجسديا واضطر الأغلبية منهم إلى تهديد المثقفين وإلى حمل السلاح وإلى تكفير حتى الذين يؤدون معهم صلاة الجماعة.
إن هذا كله حدث بسرعة كبيرة جدا خلال مسيرة جماعة التبليغ لأكثر من ربع قرنٍ على أقل تقدير,وفي النهاية كانت القاعدة بالنسبة لهم وما زالت موقع جذب وشد إليها,وكل ذلك الذي فعلته جماعة التبليغ كان بسبب قلة العلم وزيادة الحماس الشديد أدى إلى تشكيل الجماعات الإرهابية وما أقوله هو سبب من الأسباب ولا أحمل جماعة التبليغ أسباب الإرهاب بالكامل فللإرهاب أسباب كثيرة.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟