أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - العلمــــانية والعولمة















المزيد.....

العلمــــانية والعولمة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1107 - 2005 / 2 / 12 - 11:22
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


العلمانية هي المصدر الوحيد والأساسي للتشريع الإنساني,والطريق والنهج المفتوح للجميع للإنضواء تحت لوائه, في مراحل العولمة المتقدمة ,التي قطعت أشواطا بعيدة حتى الآن في تقدمها وعلى كافة الصعد ,السياسية ,والإقتصادية , والإجتماعية,وخاصة الإعلامية حيث يجوب المرء يوميا العالم كله وهو جالس على كرسيه الوثير,يشرب الشاي ,ويتابع التلفزيون ,أو يقلب صفحات الشبكة العنكبوتية المذهلة والساحرة فعلا ,لأنه من باب السحر فقط أن تقوم بسبرآفاق الفضاء من دون بساط للريح, والتحدث إلى ,ورؤية إنسان يبعد عنك آلاف الأميال ,وهذا لم يتخيله أذكى العباقرة قبل الآن. وبغض النظر عن الدين أو العرق واللون فإن العلمانية تعطي كل ذي حق حقه, ولا مجال لسيادة أحد على الآخر بالدعاوى العنصرية المعروفة, ولا اعتراف سوى بمبدأ المواطنة, الذي ثبت أنه القادر على بناء الدول الأعظم والأقوى حتى الآن.وإلا بماذا نفسر انخراط أفراد من مجتمعات بعيدة ومتخلفة ومغلقة في المجتمعات الأوروبية والأمريكية التي تبنت العلمانية ,وتمتعهم بكافة الحقوق والواجبات وجوازات السفر المسيلة للعاب الشموليين الكبار ,وتفوقهم على أقرانهم أحيانا ومن كافة الجنسيات وتحقيقهم للكثير من الإنجازات التي حرمتهم منها دولهم الأصلية.فيما رأينا مهزلة قيام بعض الظلاميين العتاة من شتم وسب والدعوة إلى تدمير تلك الدول التي أطعمتهم من جوع وأمنتهم من خوف الشموليات ومن أبناء "جلدتهم العنصرية" الذين فروا منهم حفاة,وشبه عراة, وبالقوارب تحت جنح الظلام. وتعتبر العولمة حالة إنسانية قبل أي شيء آخر, وذوبانا واندماجا وإبحارا بعيدا عن التقوقع ,والإنزواء والدعوات الإثنية والعنصرية والدينية والبدع الإستئصالية الأخرى التي فشلت والتي لم تجلب سوى الحروب والدمار . والجميع يرى الآن محاولات الإلتقاء والتوحد والإجتماع وعلى غير مايصورها البعض,وبعيدا عن الجانب الإقتصادي الذي تكتنفه الكثير من الإشكاليات والتعقيدات والتفسيرات,والتي لابد أنها ستستقر يوما على حال ما.

فمن المعلوم تماما أن البدايات الإنسانية كانت متوحشة ,وهمجية وغير مقبولة على الإطلاق وشهدت الكثير من الإنحطاط والإجرام.ولن ندعي الآن ,وكما يفعل الحمقى والأغبياء,أن الأمور وردية والإنسانية وصلت إلى حالة من الكمال,وانتهت الحروب والنزاعات ,ولكن ,يمكن القول, وببعض التحفظ, بأنها خفت إلى حدود أقل بكثير مما كانت عليه في سالف الأيام.وعاصرنا جميعا إخماد الكثير من الحروب والمنازعات ,وفضا لكثير من الخلافات ,وإغلاقا للعديد من الملفات الساخنة, والتي بدت مزمنة في وقت ما.ويتجه العالم نحو الإتحاد المصطلح على تسميته بالعولمة ,مع محافظة كل على خصائصه ,برغم ملاحظة اندثار وموت لكثير من الأفكار والأوهام المتخلفة والبدائية .

يُلاحظ الآن اتجاه لتكتلات سياسية واقتصادية كبرى ,برغم غلبة البعض ,وثقل موازينه في كثير من الأحيان ,ولكن المنطق واستقراء الواقع السياسي والإقتصادي يظهر بوضوح نمو قوى جديدة,ولاتنسوا المارد الصيني في هذا السياق وتنبؤاته الكاسحة, كما أن هناك قوى كامنة تتأهب للإعلان عن نفسها,ولن تكن "اليانكية والتأمرك" أبد ,كما يتخوف البعض, هي لون الحياة الوحيد, وهذا ما تطلب منها أحيانا تقديم بعض التنازلات والتخلي عن غطرسة القوة الحمقاء.ورأينا في أوج العولمة العسكرية الساحقة التي تجلت في غزو العراق ,كيف عرضت الولايات المتحدة الكثير من التنازلات والتراجعات ,وتقبل بأدوار معينة للأمم المتحدة, برغم اللوجستية المدهشة التي تمتعت بها أثناء الهجوم الصاعق, والإطباق على عش "حبر الأعراب" المتعفلق ,والمتسلح بالأوهام والأساطير والخرافات التي أدت لفنائه مع أحلامه الخرقاء ,وكما ستودي بآخرين إلى الهلاك إذا لم ينبذوا الشعوذة والسحر والهذيان.لأنه وكما أصبح واضحا بأن التعايش ونبذ لغة الحروب والدم هو السائد الآن والمحكي في كل اللغات.

إذا هل يمكن التقرير أن العولمة هي حالة إنسانية من التطور البشري؟إذا أمكن ذلك ,وأعتقد أننا لا نجافي الصواب,فإن هذه الحالة الإنسانية المتطورة,يلزمها أيضا, وبنفس الوقت قوانين بشرية شاملة وعادلة تعطي الإنسان قيمة أكبر ,وأكثر مما كان عليه الحال في المجتمعات البدائية المنحطة حيث الولاء للعشيرة,واللون ,والإثنية,والتعصب الأسود الأعمى ,والفاشية التي لم تجلب سوى الموت والخراب والدمار.وفي حالة الذوبان الإنساني هذه والتي يرفضها البعض , مازال البعض أيضا محافظا على تقاليد انزوائه ,وخروجه المزري والمشين من الصراع الحضاري والإنساني, وحلم العودة إلى العصور الأبوية والإستبداد الأعمى ,والدول التي كانت تقوم على أسس دينية ,أوعرقية ذات أحلام إمبراطورية عنصرية بالسيطرة والسيادة,وإلغاء وتكفير وإقصاء مجتمعات بشرية كاملة على أساس العرق واللون والدين. فهل من الممكن مواجهة العالم والولوج في الحضارة الإنسانية الكبرى بناء على دعاوى هشة ,وافتراضات منقرضة , وبنى هزيلة آيلة للسقوط ,والزعم بأن هذه الأمة ,أو ذاك الشعب ,أوتلك الفئة والطائفة مميزة ,ولها اعتبارات خاصة ومعفاة من كافة المسؤوليات لمجرد التمتع بهوية ما,وترديد هذه المعتقدات العنصرية التي انتهت بشكل مأساوي ومشين مع نهاية الحرب العالمية الثانية والسقوط المهين للنازيات والفاشيات التي قامت على تلك الأوهام القاتلة. ورأينا جميعا ,ومازلنا نرى في الكثير من المناطق المغلقة والغيتوهات الفكرية والإثنية والدينية ,أن مجرد الانتماء لهذه القبيلة أو الفخذ أو الفئة أو الحزب الفاشل ,هو جواز مرور لارتكاب كل أنواع الفجور والتميز عن باقي خلق الله,والتمتع بالكثير من المكاسب والإعفاءات والإستثناءات لمجرد أن الله اختاره في هذا المكان الفريد والمميز وأصبح معصوما ومنزّها ومنزّلا سياسيا واقتصاديا ,واجتماعيا.وفي ذلك تخلف وغلووضلال إنساني بائس يمارسه الحهلاء. وحيث أن العلمانية أعطت المواطنة قيمة عليا بغض النظر عن كل هذه المعايير العنصرية , فقد بدا واضحا أنها قادرة على صهر كل الأطياف في بوتقة المواطنة الأسمى والأقوى من كل الإنتماءات.

فالعلمانية تنظر للإنسان كقيمة عليا ومميزة ومصانة ,بدون اللجوء إلى عمليات الفرز العنصري المستعرة والمستشرية حتى الآن وفي أكثر من مكان ,ولا يتردد البعض من الإدعاء علنا وجهرا أرضيا وفضائيا,وفي هذا اليوم بالذات, بتميزه ,وتفرده ,وعصمته ,وتفضيل الله له دون سائر خلقه.حتما إن هذه النماذج لا ترغب, وستندثر مع الأيام, وستبقى خارج كل الأطر البشرية والإنسانية المتطورة, والسائرة بثبات نحو آفاق التآخي والوحدة والإندماج. وهناك الكثير من الدول والمجتمعات التي تبنت العلمانية العقلانية كمصدر للتشريع فحققت فتوحات كبرى في مختلف المجالات .ولا ندعي أيضا بأنها أصبحت يوتوبيات خالية من العيوب ,ولكن الوضع ولا شك أفضل مما كان بكثير.ولنأخذ الولايات المتحدة مثلا والتي تعتبر, برأي الكثيرين, مجتمعا عولميا مصغرا ,ونقطة انطلاق العولمة الكبرى,حيث بدأت التجمعات الإنسانية بالوفود إليها ووجدت فيها خلاصا وهروبا من المجتمعات المغلقة منذ أن وطأت قدمي كولومبوس عليها,برغم مأساة الهنود الحمر,والكثير من الملاحظات الأخرى الآن,فإنها لم تتخلص نهائيا من ممارسة التمييز العنصري رسميا إلا منذ حوالي الأربعين عاما حيث حظرته نهائيا.وكانت تلك ولا شك محطة هامة في سياق التطور الإنساني المرتقي تصاعديا نحو الأفضل ,وذلك حسب كل النظريات التي قرأت الواقع والتاريخ بشكل علمي.ولا تجد مثلا اليوم في دول الإتحاد الأوروبي ذلك الكيان العولمي القوي الآخر من يقول بغلبة أو سيادة عنصر ,أو طائفة ,أو دين أو عرق والجميع متساوون أمام القانون الوضعي,برغم القوة الإقتصادية والمادية الخارقة ,أحيانا ,لبعض الدول المؤسسة لهذا الإعلان.

ولكي تعيش هذه المجتمعات الجديدة الإندماجية الذوبانية بأمان ,ودرءا للحروب والمنازعات ,فالقوانين الوضعية التي تكفل حق جميع الألوان والأطياف هي الوحيدة القادرة على التعامل مع هذه المجتمعات,دون إبراز غبي وأحمق لحزب أو فكر أو عرق أو دين أو لون والإدعاء بأنه الأفضل والأجمل والأنسب والباطن والظاهر والحق. وحيث أن المجتمع العولمي,الذي يتواجد الكثير من نماذجه الآن ,وفي أكثر من مكان , هو مجتمع متعدد الأعراق والألوان والأديان والأطياف , ولا يمكن بحال من الأحوال, وكما أثبتت التجارب والبراهين والتاريخ حتى الآن , لأي من إقصاء الآخر وإبادته وإلغائه أواستعباده ,ولا بد من الإعتراف ,ولو مرغمين, بحقوق الجميع, حيث أن العالم مفتوح الآن بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ, ولا يوجد فكر متسامح ,ومتساهل مع الإنسان ويكرمه ويمنحه حق اعتناق أية أفكار ,دون إلحاق أي أذى بالآخرين ,وهذا هو العنصر الهام في الموضوع,أو فكر مؤهل كما هو الحال مع العلمانية,فهي الأنسب والأفضل لتقود المجتمع العولمي بأمان نحو التطور والإرتقاء وحماية حقوق كل الأطياف.وهذا في الواقع خير مانراه مجسدا في فكر العلمانية المتنورة والمتسامحة التي يقف جميع المواطنين أمامها بنفس المساواة والكلمة الأخيرة للقانون والصالح العام وليس للنوازع والأهواء والميول والعنصرية والرغبات,لذلك كله ,فإنه من غير المجدي الإصغاء لأولئك الذي يصمونها,جهلا, بالكفر والإلحاد.وعلى العكس من ذلك تماما فإنها تضمن وتصون حرية الإعتقاد والعبادة والحقوق الأخرى لكل إنسان.

العلمانية المتسامحة............دستور العولمة القادمة.

نضال نعيسةكاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طل الصيبيح ولك علوش
- حــــروب المقاطعــــة
- إنهم يأكلون الأصــــنام
- السقيفـــــة
- سجناء بلا حــــدود
- فقـــــراء بلا حدود
- لاتحاكمـــوا هذا الرجل
- مواجهـــــــــة مع الذات
- محــارق وأوشفيتزات
- النهايات المنطقيـــة
- البؤســـــاء
- الجحيــــم الموجــــود
- الصدمـــة والرعب
- توم وجيري.........للبالغين سياسيا فقط
- أهل الذمة السياسية
- تسوناميا العظمــــى
- عاصفة الصحــــراء
- بريسترويكا إعلاميــــة
- شهـــود الــزور
- 2-العولمـــة الجامحــــة


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - العلمــــانية والعولمة