تأثيرالتمزق الجغرافي الكردي على التمزق اللغوي الكردي

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3788 - 2012 / 7 / 14 - 01:04
المحور: القضية الكردية
    

اولا و كما اشرت سابقا في مقالات اخرى قبل فترة من الزمن الحاجة الماسة الى لغة رسمية واحدة لكردستان و لا اقصد هنا لكردستان العراق فقط التي طغت فيها سورانية السليمانية بسبب هيمنتها الثقافية و الاجتماعية بل لغة رسمية لجميع انحاء كردستان باغلبيتها الكرمانجية و السورانية دون ان انسى طبعا اللغات المحكية الكردية العديدة الاخرى. لغة رسمية واحدة لكردستان لم تر النور الى اليوم لا يعني تكوين لجنة تتكون من بعض اللغويين في كردستان العراق تقوم بالبت بالموضوع لوحدها دكتاتوريا لان اللغات الرسمية الموجودة في العالم لم تكن الا لهجات محلية سابقا استطاعت ان ترتفع على عرش الرسمية بسبب هيمنتها سواء كانت ثقافية او اجتماعية او دينية او غيرها اي ان اية وصفة للغة كردية رسمية واحدة لا تنجح اليوم دون الاجماع و الاخذ بنظر الاعتبار النصوص المكتوبة وهنا نرجع مرة اخرى الى دكتاتورية سورانية السليمانية ( ملاحظة كاتب المقال يتكلم السورانية).
المشكلة هي كيف يمكن العمل على لغة واحدة لكردستان و هي ممزقة الى قطع؟ كيف يمكن العمل على لغة كردية رسمية واحدة و كردستان الشمالية تعاني من اشرس استعمار يريد ان يلغي هويتها؟ لغة واحدة لكردستان لا تعني فقط النص المكتوب بل المحكي ايضا لكي لا تقرأ نفس الاخبار الرسمية بلهجتين و يا ترى اية جهة توافق على سيطرة لغة محكية اخرى رسميا؟ احيانا لا يمكن حل المنافسة بين لهجتين قويتين فتتحولان الى لغتين رسميتين جنبا الى جنب كما هو الحال في النرويج. اضافة الى هذا نستطيع ان نقول ان الكردية كانت غائبة في الصحافة و الاعلام لمدة طويلة من الزمن باستثناء محطتين او ثلاثة للاذاعة هنا وهناك و بعض الصحف البسيطة.

كما اشرت في المقال السابق فان عدد لهجات شعب معين يزداد بتشريد شعبها و تقسيم اراضيها على مر سنين طويلة لان كردستان لم تكن موحدة قطعا و لم تتمتع باستقلالها باستثناء بعض المناطق المحلية لفترة قصيرة من الزمن كجمهورية مهاباد و اليوم اقليم (ليست دولة) كردستان في العراق و لهذا السبب تحولت الكردية الى لغة الف لهجة و لهجة كما هي معروفة من قبل بعض اللغويين و مما زاد الطين بلة هو وقوعها تحت سيطرة دول قومية شرسة تتكلم لغات لا تمت الى عائلة اللغة الكردية بصلة ماعدا الفارسية فمثلا العربية سامية و التركية تورانية بينما الكردية تعود الى فرع الهندو الايراني التابع الى عائلة الهندو الاوربية.

كل سيطرة اجنبية سواء كانت سياسية او عسكرية او دينية او عقائدية او عنصرية هي نوع من احتقار تدفع عدد لا بأس به من مواطني شعب مضطهد الى هجرة لغتها و تبني لغة المتسلط. لقد ضعفت عوامل تشجيع متكلمي اللغة الكردية باستمرار اما بسبب الخوف من الاضطهاد و التفرقة العنصرية او بسبب البحث وراء لقمة العيش. و قد ساهم الاسلام بدور كبير في تهميش الكردية فالمؤمنون الاكراد و هم الاكثرية يؤمنون بان العربية هي كلام الله فلنسمي اذن بناتنا و ابناءنا باسماء عربية و ان لم يكن فبتركية و نتكلم لغاتها. ما الفائدة اذن من تعلم لغة لم تمنح الفرصة لتتطور كبقية اللغات؟

النتيجة هي لا نستطيع اليوم التحدث مع بنات و ابناء شعبنا كبقية الشعوب دون مترجم او التحول الى لغة المتسلطين للتفاهم و ضعف الوعي اللغوي و القابلية اللغوية بسبب ضعف هويتها. و اخيرا و بفضل التكنولوجيا العصرية تتوفر للكردية فرصة فريدة من نوعها لتلم شملها. قصة اللغة الكردية حزينة مأساوية و نزيف للدم كقصة التأريخ الماضي الكردي كما يقول النشيد الوطني الكردي (سه يري كه خوينايه رابوردومان: انظر الى دموية ماضينا).
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات