أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة















المزيد.....



المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 01:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة
الفصل الثالث من" قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة "الحديدي" و من لفّ لفّه. "
( الجزء الأوّل من الكتاب : المقدّمة و الفصول 1و2و3)
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية! ( عدد 8 / جوان 2012)

المحتويات :
- إستهلال
- مقدّمة
الفصل الأوّل : دفاع البلاشفة / الخوجيين عن ستالين دفاع مسموم :

1- إغتيال ستالين : النظرة التآمرية للتاريخ مقابل النظرة المادية التاريخية.
2- ماو تسى تونغ أشرس المدافعين عن ستالين دفاعا مبدئيّا.
3- نضال ماو تسى تونغ ضد تيتو و خروتشوف.
4- ستالين و ماو و الحرب العالمية الثانية.
5- الثورة الصينية و الإفتراءات البلشفية / الخوجية.
6- لينين و ستالين بصدد الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات.
الفصل الثاني : النظرية البلشفية/ الخوجية للثورة فى أشباه المستعمرات دغمائية تحريفية:

1- مزيدا عن البرجوازية الوطنية.
2- طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة.
3- الثورة الديمقراطية البلشفية / الخوجية.
4- طريق الثورة : طريق ثورة أكتوبر أم طريق الثورة الصينية فى الأساس.
الفصل الثالث : المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة :
1- خلط الحابل بالنابل.
2- لا فرق لدي البلشفي/ الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة ، بين الوهم و الحقيقة فى تونس.
3- امنيات البلشفي / الخوجي فى تضارب مع الوقائع التاريخية.
4- تعاطي مثالي ميتافيزيقي مع أخطاء ستالين.
5- نسخة بلشفية / خوجية لنهاية التاريخ.
6- كذب و قراءة مثالية ميتافيزيقية للصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.
7- التنظير المثالي الميتافيزيقي البلشفي/ الخوجي للإنتهازية.
8- إعتماد الإنتقائية لتشويه جوهر المواقف الماوية .
9- محض إفتراءات.
-------------------------------------- ( الجزء الثاني من الكتاب : الفصول 4 و 5 و الخاتمة و المراجع ).
الفصل الرابع : مواقف البلشفي/ الخوجي المتقلّبة و تلاعبه بالجدال مع ماويين :

الفصل الخامس : كيف يسيئ البلاشفة قشرة و الخوجيون لبّا إلى ستالين ذاته؟

خاتمة
المراجع


================= إستهلال ===================
نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة. ( لينين –" برنامجنا ").
--------------
ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له. فعلى توطد هذا "الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية لسنوات طويلة ،طويلة جدا. ( لينين " ما العمل؟ ").
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
إن الماركسية- اللينينية علم ، و العلم يعنى المعرفة الصادقة ، فلا مجال فيه لأية أحابيل فلنكن صادقين إذن! (ماو تسى تونغ – المؤلّفات المختارة ،المجلّد 3،الصفحة 26)
--------------------
إنّ المعرفة هي مسألة علم، فلا يجوز أن يصاحبها أدنى شيء من الكذب و الغرور، بل المطلوب هو العكس بكلّ تأكيد أي الصدق و التواضع.( ماو تسى تونغ " فى الممارسة العمليّة "، المجلّد الأوّل من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" الصفحة 439- الطبعة العربية) .
بعض المسائل المتعلقة بتاريخ الحركة الشيوعية العالمية (" بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 )
لقد تمكنت البروليتاريا العالمية، خلال ما ينوف عن القرن المنقضى منذ أطلق البيان الشيوعي لأول مرة النداء الشهير : " يا عمال العالم إتحدوا !" من تجميع خبرة واسعة. وهي ذاتها خبرة الحركة الثورية فى مختلف البلدان و تشمل فترات رائعة من الإنتصارات الحاسمة و المدّ الثورى كما تشمل فترات حالكة من الجزر و التراجع .
و عبر مدّ الحركة و جزرها، تشكل علم الماركسية – اللينينية - الماوية و تطوّر من خلال النضال المتواصل ضد أولئك الذين أرادوا قتل جوهره الثوري و تحويله إلى عقيدة عقيمة، خالية من الحياة . وقد كانت أكبر المنعطفات فى تطور التاريخ العالمي و الصراع الطبقي مصحوبة دائما بمعارك ضارية فى الميدان الإيديولوجي بين الماركسية من جهة و التحريفية و الدغمائية من جهة أخرى . فقد كان الأمر كذلك فى العهد الذى خاض خلاله لينين صراعا ضد الأممية الثانية (وهو ما تزامن مع إندلاع الحرب العالمية الأولى و ظهور وضع ثوري فى روسيا و أماكن أخرى) و كذلك فى العهد الذى خاض خلاله ماو تسى تونغ صراعا ضد التحريفيين المعاصرين السوفيات و كان نضالا عظيما يعكس أحداثا ذات بعد تاريخي عالمي ( إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، إحتداد الصراع الطبقي فى الصين الإشتراكية و بروز موجة ثورية عالمية موجهة أساسا ضد الإمبريالية الأمريكية ). و كذلك فإن الأزمة العميقة التى تمر بها الحركة الشيوعية العالمية هي إنعكاس لقلب السلطة البروليتارية فى الصين و الهجوم الشامل ضد الثورة الثقافية بعد وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب الذى قام به دنك سياو بينغ و هواوكوفينغ . و تعكس هذه الأزمة أيضا الإحتداد العام للتناقضات العالمية بما يعنى بدوره خطر الحرب العالمية و آفاق الثورة . فاليوم تماما مثلما كان الشأن خلال النضالات الكبيرة السابقة، لا تشكل القوى التى تناضل من أجل خط ثوري سوى أقلية صغيرة محاصرة و مطوّقة من قبل التحريفيين و كل أشكال مداحي البرجوازية . و مع ذلك ، فإن تلك القوى تمثل المستقبل و حتى يتسنى للحركة الشيوعية العالمية أن تواصل التقدم يجب أن تثبت تلك القوى قدرتها على صياغة خط سياسي يرسم طريقا تتبعه البروليتاريا الثورية فى الظرف الحالي المعقد. و فعلا ،عندما يكون الخط صحيحا ، فإنه حتى إذا لم يكن لدينا جنود فسوف نحصل عليهم و حتى إذا لم تكن لدينا السلطة فسوف نحصل عليها . ذلك ما أكدت صحته التجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية منذ عهد ماركس.
إن التحليل السليم للتجربة التاريخية لحركتنا يشكل عنصرا بالغ الأهمية من أجل صياغة مثل ذلك الخط العام للحركة الشيوعية العالمية. و إنه لمن قبيل اللامسؤولية القصوى ، و من باب التناقض مع مبادئ نظرية المعرفة الماركسية أن لا نولي أهمية كافية للخبرة المكتسبة و الدروس المستوعبة من خلال النضالات الثورية لملايين الجماهير من البشر و التى ذهب ما لا يحصى من الشهداء من أجلها.
إن الحركة الأممية الثورية اليوم و كذلك قوى ماوية أخرى، هي وريثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو و عليها أن ترتكز بقوة على هذا التراث. و لكن مع إعتبار هذا التراث أساسا لفكرها ، يجب أن تكون لديها الشجاعة الكافية لنقد نواقصه. فبعض التجارب تستحق الإطراء و البعض الآخر يبعث على اللوعة. و يتعين على الشيوعيين و الثوريين فى كل البلدان أن يتأملوا و يدرسوا جيدا تلك التجارب الناجحة منها و الفاشلة حتى يستطيعوا أن يستخلصوا منها إستنتاجات صحيحة و دروسا مفيدة .
تقييم تراثنا مسؤولية جماعية يجب أن تتحملها الحركة الشيوعية العالمية كلها و يجب أن يتم مثل هذا التقييم بشكل علمي صارم مرتكز على مبادئ الماركسية - اللينينية- الماوية وأن يأخذ بعين الإعتبار الظروف التاريخية الملموسة للفترات المدروسة و الحدود التى فرضتها تلك الظروف على الطليعة البروليتارية و أن يتم ذلك بالخصوص بروح تسعى إلى جعل الماضي يخدم الحاضر حتى نتلافى السقوط فى الخطإ الميتافيزيقي المتمثل فى قياس الماضى بأدوات الحاضر بدون إعتبار الظروف التاريخية . وتقييم شامل كهذا سوف يتطلب طبعا وقتا غير هين لكن ضغط الأحداث على المستوى العالمي و ظهور بعض الفجوات للتقدم الثوري يتطلب منا أن نقوم من الآن بإستنتاج بعض الدروس الهامة التى سوف تمكن قوى الطليعة البروليتارية من أداء مسؤولياتها بشكل أفضل .
لقد شكل تقييم الخبرة التاريخية فى حد ذاته دوما موضوع جدال كبير فى الصراع الطبقي فمنذ هزيمة كومونة باريس لم يتوقف الإنتهازيون و التحريفيون عن إستغلال هزائم البروليتاريا و نواقصها بغاية قلب الخطإ و الصواب و خلط المسائل الثانوية بالمسائل الرئيسية و التوصل إلى إستنتاج مفاده أن" البروليتاريا ما كان عليها أن تحمل السلاح". و كثيرا ما كان بروز ظروف جديدة تعلة للإرتداد عن المبادئ الجوهرية الماركسية، مع إدعاء إضفاء التجديد عليها . و من جهة أخرى، فإنه ليس بأقل خطأ و بأقل ضررا كذلك التخلى عن الروح النقدية الماركسية و عدم الإهتمام بتقييم نواقص البروليتاريا إلى جانب تقييم نجاحاتها و الإعتقاد بأنه يكفى تماما الإستمرار فى الدفاع أو التمسك بمواقف كنا نتصور سابقا أنها صحيحة فمثل هذه الطريقة تجعل الماركسية - اللينينية- الماوية جافة و هشة غير قادرة على التصدى لضربات العدو و عاجزة عن تحقيق أي تقدم جديد فى الصراع الطبقي و فى الواقع تخنق مثل تلك الطريقة الروح الثورية الماركسية -اللينينية .
لقد بيّن التاريخ فعلا أن التجديدات الحقيقية للماركسية (على عكس التشويهات التحريفية ) إنما كانت متصلة إتصالا وثيقا بمعارك ضارية للدفاع عن المبادئ الجوهرية للماركسية - اللينينية- الماوية و تدعيمها. و لنستشهد بمثالين يدلان على هذه الحقيقة التاريخية : نضال لينين المزدوج ضد أولئك التحريفيين المكشوفين و ضد من كانوا مثل كاوتسكى يعارضون الثورة زاعمين الإرتكاز على "أرثودكسية ماركسية " و أيضا النضال الكبير الذى خاضه ماو تسى تونغ ضد التحريفيين المعاصرين و إرتدادهم عن تجربة بناء الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي فى عهد لينين و ستالين وهو النضال الذى خاضه فى نفس الوقت الذى كان يقوم فيه بنقد شامل و علمي لجذور التحريفية .
و علينا اليوم أن نعالج المسائل و المشاكل الشائكة التى يطرحها تاريخ الحركة الشيوعية العالمية حسب طريقة مماثلة. أما أولئك الذين يعلنون أمام الإنتكاسات الحاصلة منذ وفاة ماو تسى تونغ عن الفشل الكامل للماركسية - اللينينية أو الذين يزعمون أن الماركسية- اللينينية- الماوية أصبحت بالية و أن كل التجربة التى إكتسبتها البروليتاريا يجب أن يعاد النظر فيها فإنهم يمثلون خطرا جسيما. فهذا الإتجاه يريد الإرتداد عن تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و إقصاء ستالين من صفوف قادة البروليتاريا وهو يهاجم فى الحقيقة الأطروحة الجوهرية فى اللينينية حول طبيعة الثورة البروليتارية و ضرورة حزب طليعي و دكتاتورية البروليتاريا. و قد قال ماو بوضوح : "فى رأيى هنالك" سيفان" : الأول هو لينين و الثاني هو ستالين "و إذا يتم التخلى عن السيف ستالين و" إذا ما تم فتح هذه البوابة فإن ذلك يعني عمليا نبذ اللينينية ". إن تجربة الحركة الشيوعية العالمية إلى حدّ الآن تدل على أن هذه الملاحظة التى عبر عنها ماو تسى تونغ سنة 1956 ما زالت صحيحة. و كذلك فإن إضافات ماو تسى تونغ لعلم الثورة تتعرض اليوم إلى المحاصرة والطمس و التشويه. و فى الحقيقة كل ذلك ليس إلا نسخة "جديدة " من التحريفية و الإشتراكية الديمقراطية الأكثر ترهلا و عقما.
و مازالت هذه التحريفية المكشوفة نسبيا سواء كان مصدرها الأحزاب الموالية تقليديا لموسكو أو التيار "الأوروشيوعي " أو المغتصبون التحريفيون فى الصين أو التروتسكيون و النقاد البرجوازيون الصغار للينينية ، ما زالت تمثل أكبر خطر على الحركة الشيوعية العالمية. وفى نفس الوقت، ما زال الشكل الدغمائي للتحريفية يعتبر عدوا لدودا للماركسية الثورية فهذا التيار الذى يعبر عنه كأوضح تعبير الخط السياسي لأنور خوجة و حزب العمل الألباني يهاجم الماوية و خط الثورة الصينية و خاصة تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و يزعم هؤلاء التحريفيين زيفا الدفاع عن ستالين (فى حين أن عددا كبيرا من أطروحاتهم ليست إلا تروتسكية ) فى حين أنهم يشوهون التراث الثوري الأصيل لستالين. و يعتمد هؤلاء المخادعين على نواقص و أخطاء الحركة الشيوعية العالمية ، بدلا من إنجازاتها ، كي يحاولوا نشر خطهم التروتسكي و التحريفي. و يطالبون من الحركة الشيوعية العالمية أن تحذو حذوهم معللين ذلك بضرورة البحث عن نوع من " النقاء العقائدي" الصوفي. إن المظاهر العديدة التى يشترك فيها خط أنور خوجة مع الشكل الكلاسيكي للتحريفية (بما فى ذلك مقدرة التحريفيين السوفيات و الرجعيين عموما على تشجيع و إستغلال المعادات العلنية للينينية من قبل الأوروشيوعيين و أيضا معاداة خوجة المغلفة باللينينية حاليا ) تدل على أن لهذين الخطين جذور راسخة فى الإيديولوجيا البرجوازية .
و اليوم يمثل الدفاع عما قدمه ماو تسى تونغ من إسهامات نوعية للماركسية – اللينينية مسألة ذات أهمية بالغة و ملحة بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية و للعمال ذوى الوعي السياسي و الطبقي و جميع الثوريين فى العالم . فجوهر المسألة هنا ليس إلا معرفة ما إذا وجب الدفاع أم لا عن إسهامات ماو الحاسمة فى الثورة البروليتارية و علم الماركسية- اللينينية و التقدم على أساسها . فالمسألة إذا ليست إلا معرفة إذا ما وجب الدفاع أو لا عن الماركسية- اللينينية نفسها .
لقد قال ستالين : " إن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية " و هذا القول صحيح تماما فمنذ موت لينين شهد العالم مؤكدا تحولات كبيرة لكن طبيعة العصر بقيت هي نفسها. و ما زالت المبادئ الجوهرية للينينية صالحة و تمثل اليوم الأساس النظري الذى يقود فكرنا. إننا نؤكد بأن الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية- اللينينية وبدون الدفاع عن الماركسية – اللينينية – الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .
( مقتطف من " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 ضمن العدد الأوّل من " الماوية : نظرية و ممارسة " لشادي الشماوي على موقع الحوار المتمدّن ).
===================================================
مقدّمة :
إنطلق صراع الشيوعيين الحقيقيين الماويين فى تونس مع السيد " الحديدي" منذ مدّة تناهز السنة الآن سواء على الفايسبوك أو على صفحات موقع الحوار المتمدّن. ولأنّه لم يلتزم آداب النقاش و مبادئ السلوك الرفاقي ، شطبه مازوم كايبا ، من قائمة أصدقائه على الفايسبوك و بعث له برسالة مفتوحة يشرح فيها دوافع قراره ذاك حتى لا يقال انّ الماويين يخافون النقاش و يتجنّبوه. و على إثر تهجّم إنتهازي منه على مضمون نصّ لماوي آخر ، محمّد علي الماوي ، تلقّى ردّا منهجيّا مع الإلتزام بآداب الجدال المبدئي غير أنّه كعادته هاج و ماج و أخذ يطلق العنان لأساليبه الإنتهازية فى الصراع الفكري فلم يتابع محمدّ علي الماوي الجدال معه. وتتبعت النقاشات و تاليا كافة كتابات "الحديدي" وكنت أنتظر جديدا يستحق عناء التعليق.
و تُرك المجال فخرجت الحيّة من جحرها و ظهرت حقيقتها و ملامحها كليا تقريبا. ونتيجة متابعتى و تقييمي لما يصدره " الحديدى " إلى شهر مارس 2012 لمست أنّ الثمرة نضجت و حان أوان قطافها أي حان أوان إنجاز نقد عميق و شامل لأطروحات هذا السيد الذى يقدّم نفسه على أنّه بلشفي و لا همّ لديه سوى الإفتراء على ماو تسى تونغ و الشيوعيين الحقيقيين الماويين ففى كلّ نصّ يكتبه أو ينقله و ينشره إلاّ و يفرد لهم قسطا لا بأس به من ترّهاته نافثا سمومه الدغمائية التحريفية الخوجية ضد الماركسية- اللينينية- الماوية. و قد بلغ به الهذيان أخيرا مبلغا لا يتصور فى نصّه " إغتيال ستالين ..." حيث جعل من ماو تسى تونغ مجرما و قاتلا لرمز من رموز البروليتاريا العالمية كان قدوته و منه تعلّم الكثير و لا يكنّ له سوى التقدير و الإحترام الرفاقي و إن إختلف معه فى مسائل و مواقف معيّنة ، و عنه دافع فى وجه الرياح التحريفية المعاصرة لعشرات السنين.
ماذا بعد هذا يا " حديدي" ؟ هل هذا آخر ما جادت به قريحتك الإنتهازية التآمرية؟ أم أنّك ستطلع علينا يوما بخبر عاجل مفاده إكتشافك أنّ ماو تسى تونغ خنق بيديه ستالين أو وضع له هو نفسه السمّ فى الكأس بدل الماء؟ لك هراؤك و هذيانك و لنا التمسّك بالحقيقة و الواقع المادي الموضوعي و علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية- الماوية. و التاريخ شاهد.
بعد اللفّ و الدوران فى كتابات و نقاشات سابقة ، ها أنّه يعلن و بلسانه هو مباشرة عن مصدر أفكاره فى نصّ " الأساس المادي الجدلي و التاريخي لفكر ستالين و ممارسته" ألا وهو مجلّة " خطوط التمايز" مستشهدا بمضمون أحد أعدادها. و لن نفعل مثله و نقول له هذا منك " إستيراد دغمائي برجوازي صغير " كما قال هو فى " ضد التصفوية الماوية..." و ذلك من منطلق مبدئي هو أنّنا نقرّ بحقيقة أنّ علم الثورة البروليتارية العالمية واحد لطبقة عاملة عالمية واحدة و المسألة تطرح على أنّها مسألة صحّة أم خطأ من الناحية العلمية، لا إستيراد و توريد ، و لا ملكية خاصة لهذا أو هذه بمفاهيم برجوازية ؛ و مسألة علم كمرشد عمل من أجل تحليل ملموس لواقع ملموس قصد تغييره ثوريّا من وجهة نظر البروليتاريا نحو الشيوعية عالميّا .
والمجلّة إيّاها كان يصدرها " الإتحاد البلشفي " بالكندا. و هذا " الإتحاد" عبارة عن مجموعة منحدرة من ما كان يسمّى " التياّر البلشفي " الذى نشط ضمن مجلّة " الثورة الكندية " و بعد إنشقاقه عنها لخلافات ليس هذا مجال التوسّع فيها ، أصدر مجلّته " خطوط التمايز". ثمّ إثر صراعات مع " فى النضال" و " رابطة الشيوعيين الكنديين" ، أخذت مجموعة " الإتحاد البلشفي " تصدر مجلّة شهرية باللغتين الأنجليزية و الفرنسية عنوانها " الثورة البروليتارية ". و كان هؤلاء "البلاشفة " يساندون حزب العمل الألباني و أطروحاته إلى أن إعتبر هذا الأخير، سنة 1979 ، أنّ من يمثّل الماركسيين- اللينينيين فى الكندا هو الحزب الشيوعي الكندي (الماركسي-اللينيني). فإندفع البلاشفة ينقدونه و يعتبرون مذّاك انّه لم يوجد معسكر إشتراكي منذ وفاة ستالين. و بعدئذ أخذوا يتعاملون مع الرابطة البلشفية فى الولايات المتحدة الأمريكية و يساهمون فى مجلّة " مراسلات عالمية " التى كان يصدرها ماركسيون – لينينيون أفارقة فى باريس. وإندثر " الإتحاد البلشفي" فى أواسط الثمانينات.
و فى عملنا هذا لن نعنى بال"بلاشفة " الكنديين و مواقفهم فى علاقة بالصراع الطبقي هناك و بالحركة الشيوعية العالمية و لا بالتيّار البلشفي العالمي التروتسكي المدافع عن الأممية الرابعة ، فهذا الأمر على أهمّيته ليس موضوع بحثنا الذى نخصّصه للبلاشفة/ الخوجيين فى تونس. و قد يثير أحدهم سؤالا وجيها لماذا ننعت هؤلاء الذين لا همّ لهم سوى النيل من ماو تسى تونغ و الماويين بدعوى الدفاع عن ستالين بالخوجيين و الحال أنّ " الحديدى" فى " إغتيال ستالين..." يوجه نقدا لاذعا لأنور خوجا ؟ و نجيب فى الحال و ببساطة أنّ مرجع نعتنا هذا هو أنّ النقد الذى طال أنور خوجا لحق فقط عدم إتخاذه موقفا صارما من خروتشوف منذ البداية أمّا باقي الخطّ الخوجي فى " الإمبريالية و الثورة " و فى " ملاحظات حول الصين" و المتعلّق بستالين و بماوتسى تونغ و بتقييم التجربة الإشتراكية السوفياتية و الصينية و بالثورة فى أشباه المستعمرات و بالصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، و المادية الجدلية و هلمّجرا، ف"البلاشفة " شأنهم شأن "الوطد" (الوطنيّون الديمقراطيون) فى " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا-لينينيّا؟" يتبنّونها. و نحن لا نحكم على النيّة و القصد و لا على جملة أو جانب واحد من الخطّ او نقطة أو أكثر خلافية بسيطة ، بل نحكم موضوعيّا على مجمل مكوّنات الخطّ الإيديولوجي و السياسي و جانبه الرئيسي. و لا ننسى بالمناسبة أنّ جماعة " هل يمكن ...؟ " الذين و لا شكّ تأثّروا بكتابات البلاشفة الجدد الكنديين ، صرّحوا فى مقدّمة ما أسموه "بحثا" أن أنور خوجا "غير جدّي " إلاّ أنّنا ألفيناهم من خطّه ينهلون و نهر أفكاره يشربون و بكتبه يستشهدون.
و مختصر القول لأنّ " الحديدي" و من لفّ لفّه يلبسون قناع البلشفية و يروّجون للخطّ الدغمائي التحريفي الخوجي ، نعتناهم بذوى القشرة البلشفية و اللبّ الخوجي و فى عملنا هذا نطلق عليهم إسم البلاشفة / الخوجيين.
إنتهت المقدّمة ، فإلى الجوهر.
----------------------------------------------------------------------------------------------------
============================================================
الفصل الثالث
المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة .
" إنّ المثالية و الميتافيزيقا هي الشيء الوحيد فى العالم ، الذى لا يكلّف الإنسان إي جهد، لأنها تتيح له أن يتشدّق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع. أمّا المادية و الديالكتيك فهي تكلّف الإنسان جهدا، إذ أنّها تحتّم عليه أن يستند إلى الواقع الموضوعي أن يختبر أمامه، فإذا لم يبذل جهدا إنزلق إلى طريق المثالية و الميتافيزيقيا "( ماو تسى تونغ- ملاحظة على " المعلومات الخاصة بطغمة خوفنغ المعادية للثورة " –مايو – أيار -1955؛ الصفحة 224 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ").

مطبوع هو منهج " الحديدي" بطابع المثالية الميتافيزيقية و تجلّياته لا حصر لها فى كتاباته نبرز شيئا منها فى التالي من الفقرات :
1- خلط الحابل بالنابل :
المثالية الميتافيزيقية وحدها تتيح للبلشفي/ الخوجي أن " يتشدّق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع" .إنّه يخلط الأمور بشان ماو تسى تونغ حيثما و متى شاء و كيفما شاء بغاية واحدة لا غير هي إقتلاع شجرة الماوية لإفساح المجال لغرس " النظرية البلشفية " مكانها. لقد شرع فى مهاجمة ماو ستى تونغ معيدا على أسماعنا الترهات الخوجية المعهودة و لمّا لم يكفيه ذلك إنتقل إلى أقوى الأسلحة عنده أي تحويل ماو تسى تونغ إلى قاتل لستالين! و لكن قبل تسديد ضربته التى يظّن أنّها قاتلة ، مهّد بكلّ السبل لتشويه ماو تسى تونغ خالطا الحابل بالنابل.
فعلاوة على تشبيهه بتيتو و جعله مساويا له فى تلاعب إنتهازي بأقوال ماو ، جعل فى " ستالين قائد الثورة ..." ماو تسى تونغ تلميذا لبوخارين و حاملا لذات أفكار خروتشوف بل و متبنّيا " لجميع تشويهات خروتشوف وجميع أطروحات المؤتمر العشرين" : 1-" فى الحقيقة لم يكن خروتشوف و لا ماو تسى تونغ أب نظرية " الإنتقال السلمي للإشتراكية بل بوخارين" - 2" و هناك أيضا البعض ممن يدافع عن ماو تسى تونغ يدعى فى نفس الوقت أنّه يدافع عن ستالين ، هذا الأخير ليس فى حاجة لدفاع ماو المسموم، ذلك " الدفاع" الذى تبنّى جميع تشويهات خروتشوف و جميع أطروحات المؤتمر العشرين التحريفية . إنّ الدفاع عن ماو مهما كانت درجة ذلك الدفاع يعنى الهجوم على ستالين ، لأن الماوية مضادة مباشرة للماركسية- اللينينية. كلّها أشكال و ألوان من التحريفية و الإنتهازية ".
وهو كلام أبعد ما يكون عن الحقيقة و الواقع الموضوعي شأنه فى ذلك شأن جعل ماو إلى جانب أنور خوجا متواطئين مع خروتشوف و تقريره السرّي. " و يقرّ ماو و الحزب الشيوعي الصيني بشعبية ستالين فى العالم وفى الإتحاد السوفياتي و أنّ التحريفيين يخشون ردّة فعل البروليتاريا لذلك أبقوا التقرير سرّيا بتواطئ من ماو و أنور خوجا لأنّ هذين الأخيرين كانا إنتهازيين وسطيين ( مثل معارضة كاوتسكي الإنتهازية الوسطية لبرنشتاين) " ( " إغتيال ستالين...") .
من نافل القول أنّ ماو تسى تونغ قاتل التحريفية المعاصرة و خروتشوف وهو من أوّل القادة البروليتاريين فى العالم الذين أدركوا بالعمق اللازم الجوهر التحريفي لأطروحات المؤتمر العشرين و ذلك منذ سنة 1956. و مذّاك بذل ماو تسى تونغ قصاري جهده للتصدّى لها و لفضحها عالميّا و الجدال الكبير الصين – السوفياتي لم يكن مغازلة بين الإثنين بل حربا ضروسا من نتائجها الجيّدة ولادة الحركة الماركسية- اللينينية العالمية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني الذى إلتحق به حزب العمل الألباني و البقية تاريخ مسجّل و موثّق من ينكره لا يعدو أن يكون مثاليّا ميتافيزيقيّا.
و البلشفي / الخوجي من هؤلاء المثاليين الميتافيزيقيين حيث من ناحية ينكر الواقع الموضوعي و من ناحية أخرى يجمع بين الأعداء و يجعل منهم أصدقاء فيعيد كتابة التاريخ كتابة مثالية ذاتية المحدّد فيها ليس البحث عن الحقيقة و إعلاء رايتها بما انّها وحدها هي الثورية حسب لينين و إنّما هو طبخ طبخة تلحق أكبر الضرر الممكن بالماوية لأجل تمرير " النظرية البلشفية " و فرضها فرضا حتى و إن تطلّب الأمر الإساءة لستالين كما سنرى و الإساءة لماركس و إنجلز و كذلك للينين .
و فى نفس السياق ، تجدر الملاحظة أن ذات منهج خلط الحابل بالنابل و تشويه الخصوم لا سيما ماو تسى تونغ لأنّه خطى خطوة أخرى بالماركسية- اللينينية إلى المرحلة الثالثة الجديدة و الأرقى : الماركسية- اللينينية- الماوية فى حين أنّ البلشفي / الخوجي لا يمكنه العودة إلى الوراء إلاّ بتحطيم هذا التطوير الجديد ، يدفع البلشفي / الخوجي فى نصّه " واجب الشيوعيين المطلق " إلى حدّ تقديم مرجع لكلام لينين لا يمكننا أن نجد به هذا الكلام البتّة إذ يحيلنا لمرّات ثلاث على" كلمة أمام المؤتمر الشيوعي العالمي الثاني 26 تموز 1921" فى ترجمة رديئة قصد منها المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية، غير أنّنا بحثنا و فتّشنا و تصوّروا على ماذا عثرنا. تصوّروا قليلا . عثرنا على التالي : فى تمّوز 1921 أثناء المؤتمر الثالث – و ليس الثاني- للأممية الشيوعية قدّم لينين " موضوعات التقرير عن تكتيك الحزب الشيوعي فى روسيا " و لا أثر فيه للكلام الذى نسبه البلشفي/ الخوجي للينين.
خلط الحابل بالنابل تكتيك إستعمله الخوجيون جميعا ساعين إلى إغتصاب الواقع و إدخاله فى القوالب المثالية الذاتية التى يعدّونها لكن الماركسيين- اللينينيين- الماويين لهم بالمرصاد فضحوهم و لن يكفّوا عن فضحهم معتمدين الواقع الموضوعي و متوخّين البحث عن الحقيقة التى هي وحدها الثورية و التى تخوّل لنا تفسيرا صحيحا للعالم من أجل تغييره ثوريّا من وجهة النظر البروليتارية.
2- لا فرق لدي البلشفي / الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة، بين الوهم و الحقيقة فى تونس :
أوّل مقال له نشره على موقع الحروار المتمدّن يحمل عنوان " حول مغزى ثورة 14 جانفى و مهام الطبقة العاملة و القوى الديمقراطية الثورية فى تونس".
وعلى غرار وسائل الإعلام السائدة و الأحزاب و المنظّمات اليمينية و الإنتهازية بيمينها و " يسارها "، يلهث الغارق فى البلشفية / الخوجية بنعت ما حصل فى تونس بالثورة وهو ليس كذلك و كونه يردف النعت ب تاريخ 14 جانفي يكشف أنّه كان يرى نهاية السيرورة و لا يرى بدايتها و مجرى أحداثها و يقتفى فى ذلك أثر القوى الرجعية والإصلاحية هو الذى ينقد الإنتهازية اليمينية و ال" يسارية " !
يا " ثوري" أكثر من اللزوم ، ما حصل فى تونس تعدّه ثورة و ما حصل فى أكتوبر 1917 فى روسيا و فى الصين بقيادة ماو تسى تونغ طوال أكثر من عشرين سنة من الحرب الأهلية و حرب الشعب و إنتصار سنة 1949 ، ماذا تعدّه ثورة أم إنتفاضة؟ و نترقّب منك جوابا فى القريب العاجل !
أضف إلى ذلك أنّ هذا الدغمائي التحريفي الخوجي المتستّر لا يفرّق طبعا بين الثورة كتحوّل نوعي من تشكيلة إجتماعية – إقتصادية إلى أخرى و الإنتفاضة كحركة إحتجاجية و تمرّد قد تكون محلّية ، جهوية ، أو شاملة و قد تكون سلمية نوعا ما أو مسلّحة و قد تؤدّي أو لا تؤدّي إلى ثورة إي إلى تغيير جذري و إطاحة طبقة بطبقة أخرى .
" الثورة إنتفاضة و عمل عنيف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى"( ماو تسى تونغ-1927).
و الخوجي بمثالية يجعل من " الحبّة قبّة " كما يقول المثل التونسي الشائع. بمثاليته تستحيل حركة تمرّد ، على أهمّية المكاسب التى حقّقتها، إلى ثورة بمعنى تحوّل نوعي طبقي تاريخي و ليس فقط فى بعض الوجوه الحاكمة و لا حتى فى شكل السلطة ، تحوّلا نوعيّا بمعنى تحطيم دولة قديمة و تشييد دولة جديدة و ما يستوجبه ذلك من إلحاق الهزيمة بجيش الدولة القديمة و تفكيكه و إنشاء جيش جديد يشكّل قوام الدولة الجديدة.
مسألة العنف الثوري الذى ينهض بدور القابلة فى تاريخ الثورات على حدّ تعبير لماركس يتجاهلها المثالي تجاهلا تامّا بل يستهزأ " هذا " الديمقراطي الثوري" من " حرب الشعب طويلة الأمد " كإستراتيجيا بيّنت صحّتها الثورة الصينية و الفيتنامية ... ولا بدّ منها فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كما أنف الشرح. و فضلا عن ذلك ، يتناسى هذا " الديمقراطي الثوري" تعاليم لينين و " فنّ الإنتفاضة " اللينيني و مفهوم الوضع الثوري بعنصريه الموضوعيين الخاصين بوضع الطبقات الحاكمة من جهة ووضع الجماهير الشعبية من جهة أخرى و بعنصره الذاتي الواعي أي وجود حزب ثوري يضطلع بمهام الطليعة الثورية البروليتارية.
و يتعيّن علينا هنا أن نشدّد ، متوجّهين إلى الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين بأصنافهم جميعا و لغيرهم من الإنتهازيين الذين يبثّون الأوهام البرجوازية الصغيرة ، على أنّ الحديث عن ديمقراطية غير طبقية و لو وصفت بالثورية ، يصبّ فى خانة التحريفية بما هي فكر برجوازي فى صفوف الطبقة العاملة. ونذكّر بالمناسبة بمقولة لينين التى صارت متداولة إلى حدود وهي :
" من الواضح أنّه ، طالما هناك طبقات متمايزة، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ،- لا يمكن الحديث عن "الديمقراطية الخالصة " بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنمّ عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف ، لأنّ الديمقراطية ، ستضمحلّ ، إذ تتطوّر فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة "). ( لينين "الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، الصفحة 18 ، دار التقدّم ، موسكو).
و نلفت النظر ، إضافة إلى ذلك ، إلى كون " الديمقراطي الثوري" بزيادة نعت ثورية للديمقراطية يشوّه كلاّ من أطروحات لينين و ستالين و الأممية الثالثة الذين دون مداورة صرّحوا بأنّ الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ذات طبيعة برجوازية و لكنّها تختلف عن سابقاتها فى البلدان التى صارت رأسمالية – إمبريالية إذ هي تحصل فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و قد غدت جزءا من الثورة البروليتارية العالمية. وسيطوّر ماو تسى تونغ أكثر هذا الخطّ إنطلاقا من تطوّر التجارب العملية للثورة الصينية ليبلوره بلورة غاية فى الوضوح فى " حول الديمقراطية الجديدة " وهومن المؤلّفات التى يصفها الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون و غيرهم من الإنتهازيين بالتحريفية و بأشنع و أبشع الأوصاف. و هم حين يطمسون حقيقة تطوير ماو تسى تونغ لموضوعات لينين و ستالين و الأممية الثالثة ، لا يفترون على الماوية وحسب بل يفترون أيضا على الماركسية- اللينينية و رموزها.
و نحن نتجوّل بين نصوص " الديمقراطي الثوري" ، نعثر عليه متلبّسا بالتسلّل من نصّ إلى آخر مستعملا فى البداية " ثورة 14 جانفي" و تاليا فى الجملة الأولى من " خطّتان..." ، " ثورة 14 جانفي أو كما يفضّل بعض الرفاق إنتفاضة 14 جانفي" لينتهي فى نصوصه بعدئذ إلى " إنتفاضة الجماهير " و " إنتفاضة الجماهير فى 17 ديسمبر 2011 " و " إنتفاضة الجماهير منذ 17 ديسمبر" و " إنتفاضة الشعب" فى نصّ "مداح الإمبريالية" ...
و قد يثير أحدهم سؤالا : هل قدّم " الحديدي " المتقلّب المواقف تفسيرا لذلك التقلّب؟ و نجيبه لا أبدا حسب الوثائق المنشورة إلى الآن و يبدو أنّ بفعل نضال الماويين و فضحهم لناشري الأوهام عن " ثورة 14 جانفي" و بفعل إثبات مسار الأحداث صحّة التحاليل الماوية ، إلتجأ هو و غيره من المتحدّثين عن " ثورة " إلى تعديل الموقف خلسة و دون ممارسة النقد و النقد الذاتي و شرح التصحيح و تعليله. و حتى ينتقلوا إلى الضفّة الأخرى الصحيحة ، ضفّة الإنتفاضة و ليست ثورة ، إعتمد هذا الدغمائي التحريفي الخوجي أسلوبا مراوغا شأنه فى ذلك شأن رموز من " الوطد" فبسط القضية و كأنّ الإنتفاضة هي الثورة و الثورة هي الإنتفاضة و بوسع المرء أن يستخدم أيّا من المصطلحين كما يشاء فهو بكلّ صفاقة ينطلق فى أوّل جملة فى نصّ " خطتان..." ب " تعبير ثورة 14 جانفي ، أو كما يفضّل بعض الرفاق إنتفاضة 14 جانفي" التى تستحيل بضربة سحرية إنتهازية بعد ذاك إلى " إنتفاضة الجماهير فى 17 ديسمبر" . و لا حرج.
لا يعلم " منظّر البلشفية " و من لفّ لفّه أنّ المسألة ليست مسألة تفضيل عبارة على أخرى أو مسألة إرادة ذاتية و إنّما هي مسألة واقع مادي موضوعي و حقيقة موضوعية و توصيف صحيح لهذا الواقع و تفسيره من أجل تغييره ثوريّا. نظرته المثالية الذاتية لا تسمح له بالتمييز بين حقيقة ما وقع فى تونس على أنّه إنتفاضة مقابل وهم الثورة نقيض الحقيقة. و بما أنّ الحقيقة وحدها هي الثورية حسب لينين فإنّ نشر الأوهام عمليّا يضلّل الجماهير و لا يرفع من وعيها و يقدّم أجلّ الخدمات للطبقات الرجعية.
و قد سبق و أن كتبنا فى الموضوع الذى نحن بصدده :
مرّة أولى :" إنتفاضة أم ثورة :

بداية وجبت ملاحظة أنّ التمرّد إنطلق فى مطالبه إجتماعيا عفويّا ليتحوّل شيئا فشيئا و يوما فيوما إلى رفع واعي مصمّم و منظّم بأشكال مختلفة و متفاوتة القوّة لمطالب سياسية لم تعد منحصرة فى جهة أو جهتين و إنّما عمّت البلاد كافة تقريبا. و رغم الطابع العفوي الطاغي فى البدء خاصة فإن قوى سياسية مختلفة فى النقابات و فى منظّمات شتى و فى الجهات المتنوّعة ( أفرادا و جماعات) نظّمت إلى حدود النضالات و نسقها التصاعديّ و الصمود و الهجوم و إن لم يهيمن حزب معيّن على التحرّكات فإنّ عديد المجموعات سجّلت حضورا ملحوظا منذ البداية أو إلتحقت بالحركة الإحتجاجية بجدّ بعد تردّد أو تلكؤ ووقوف موقف المتفرّج لأيام أو لأسابيع.

ثمّ إنّ تمرّد الشعب حين توسّع صار إنتفاضة جماهيرية طالت و تعمّقت فحقّقت هدفا كان بعيد المنال بالنسبة للكثيرين حتى من الأحزاب و المجموعات السياسية ألا وهو الإطاحة برأس النظام الرئيس الجنرال و قد يحقّق تواصل التمرّد إسقاط حكومة الغنوشي فى الأيام القادمة. و مع ذلك ليس بإمكاننا علميا و من منظور البروليتاريا و منهجها المادي الجدلي أن ننعت ما حصل بالثورة إذ هو لا يتعدّى كونه إنتفاضة و ذلك لأنّه اطاح برئيس الدولة و لم يطح بالدولة ، دولة الإستعمار الجديد ، دولة الإقطاع و الكمبرادور المتحالفة مع الإمبريالية و خادمتها .

ماركسيا، الدولة جهاز قمع طبقة لطبقة/ الطبقات أخرى متكوّن أساسا من الجيش كعمود فقري و آلة بيروقراطية لإدارة دواليب الدولة و مؤسساتها . و تطبيقا على تونس و إن تعرّض الجهاز البيرروقراطي للدولة إلى بعض الضربات فى جهات معينة و مؤسسات معينة و إلى حدود معينة فهو لا يزال قائما و قادرا على إعادة إنتاج هيمنة دولة الإستعمار الجديد. هذا من جهة و من جهة ثانية ،الجيش لم يطله أي ضرر بل بالعكس صار الشعب يعتبره حليفا له يحبّه و يقدّره فى حين أنّه ليس البتّة بالجيش الشعبي و إنّما هو جيش الدولة القائمة و عمودها الفقري و قياداته عملت لدى الجنرال المخلوع و تحت إمرته و فى إتفاق معه لسنوات طوال وهي تأتمر بأوامر الإمبريالية العالمية و تخدم مصالح التحالف الطبقي الرجعي الحاكم و إن إختلفت فى لحظة ما فى التكتيك الذى يجب توخّيه تحت ضغط الشارع.

و لئن قدّمت الطبقات المهيمنة بعض التنازلات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية فإنّها لم تسلّم الدولة جهازا و مؤسسات للشعب الذى عليه ليس تحسين هذا الجهاز و هذه المؤسسات بل تحطيمهما و تعويضهما بدولة جديدة مثلما شرح ذلك ماركس و لينين ( "الدولة و الثورة" ، لينين). و فى إرتباط بالجيش ، من الأكيد أن نذكّر أن ما يسمىّ بأجهزة الأمن – شرطة وحرس و ما شابه و منها " أمن الدولة"- قائمة الذات و بأمر من مسؤوليها قد تغرق البلاد فى أية لحظة فى القمع أو فى حمّام دم من جديد. و حينها لن تستطيع جماهير الشعب العزلاء التي لا تملك جيشا شعبيا صدّ الرصاص و الدبابات و الطائرات و التغلّب عليها و تحطيم كافة أجهزة دولة الإستعمار الجديد دون جيش شعبي و عبر حرب شعبية طويلة الأمد.

و إضافة إلى الإعلام بالتلفزة و الراديو و الصحف و غيرها الذى لا زالت بأيدى دولة الإستعمار الجديد كما لاحظ ذلك حتى أبسط المواطنين و إن سمح بمساحات محدودة للرأي المعارض قد تتتقلّص لاحقا تدريجيا مع خفوت نبرة الإنتفاضة ، فإنّ- إقتصاديا- نمط / أسلوب الإنتاج لم يتغيّر و طبيعة المجتمع كذلك لم تتغيّر. و هذا أمر مركزي بالنسبة للماديين الماركسيين الذين يعتبرون أنّ السياسة تعبير مركّز عن الإقتصاد و الذين يدعون للثورة الوطنية الديمقراطية أو الديمقراطية الوطنية أو الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة أو الإشتراكية . فإن كان تمرّد الشعب التونسي ثورة فهل هي من الأنواع المذكورة أعلاه؟ لا طبعا فعن أيّة ثورة يتحدّثون إذا؟ إنهم يسبحون فى بحر الخيالات البرجوازية الصغيرة.

إنّ رموز بعض التيارات أو الأحزاب اليسارية الذين طلعوا علينا فى التلفزة يوم 22 جانفي منطلقين فى حديثهم من إعتبار ما حصل إنتفاضة ليختموه بأنّها ثورة –حمّه الهمّامي الناطق بإسم حزب العمّال الشيوعي التونسي- أو الذين يصيحون بأنّها ثورة و يا لها من ثورة متميّزة – شكرى بلعيد الناطق بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين- أو الوطنيين الديمقراطيين الوطد الذين كتبوا فى بيان يوم 14 أنّها إنتفاضة شعبية ليتحدّثوا فى نداء يوم 16 عن ثورة عارمة و مضمون وطني و شعبي و ديمقراطي و أهداف داعية للحرية و العدالة الإجتماعية من وجهة نظر العمال و الكادحين، إنّ هؤلاء جميعا من جهة ينشرون الأوهام حول الإنتفاضة و دولة الإستعمار الجديد عوض نشر الحقيقية التي هي وحدها الثورية كما قال لينين و من جهة ثانية يقدّمون خدمة من حيث يعلمون أو لا يعلمون لأعداء الشعب حيث هؤلاء الأخيرين نفسهم يستعملون كلمة الثورة لمغالطة الجماهير و دعوتها بعد القيام بها إلى الركون و السكون و الكفّ عن خوض النضالات و توسيعها و عدم المسّ من مختلف أجهزة بيروقراطية الدولة و الجيش و العودة إلى الحياة العادية مكتفين بما حصل من تغيير على أنّه ثورة ناجزة.

و فضلا عن هذا الخلط النظري و الضرر السياسي و العملي الذى يلحقه بالصراع الطبقي إستعمال مفاهيم مضلّلة ،ثمّة خطر إعتبار الثورة تمّت و إيهام الجماهير بأنّه لا رجعة عن المكاسب المحقّقة فى حين أنّ واحد من أهمّ دروس الصراع الطبقي فى العالم التي إستخلصتها البروليتاريا العالمية هي أنّ مثل هذه المكاسب أو الإصلاحات قابلة للذوبان و التآكل و الإلتفاف عليها لاحقا حتى و إن سجّلت فى الدستور و فى قوانين و عليه لا بدّ من إبقاء الجماهير متيقّضة و رفع وعيها لتحافظ عليها و توظّفها لمزيد رفع الوعي و التقدّم بالنضال نحو الثورة الوطنية الديمقراطية/ الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا و حزبها الماركسي-اللينيني-الماوي و الكفيلة بحلّ التناقضات الأساسية الوطنية و الديمقراطية و تمهيد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية." ( العدد الأوّل من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" مارس 2011)
و مرّة ثانية :" عودة إلى مسألة ثورة أم إنتفاضة :
" إنّ الثورة إنتفاضة و عمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى" ( ماو تسى تونغ)
كجزء من مخطّط الإلتفاف على الإنتفاضة الشعبية ، أخذت وسائل إعلام دولة الإستعمار الجديد تبثّ وهم الثورة ناعتة ما حدث بداية بثورة الياسمين ثمّ بثورة الكرامة و سرعان ما رأينا الأوهام تنتشر إنتشار النار فى الهشيم و تغزو غالبية القوى " اليسارية" ،ناهيك عن القومية و غيرها .فطلع علينا ، على سبيل المثال الناطق الرسمي بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين فى وسائل الإعلام ، مؤكّدا أن طبيعة "الثورة " التى حصلت "ثورة ديمقراطية إجتماعية" . و من جانبه سرعان ما تحوّل حزب العمّال من الحديث عن إنتفاضة إلى الحديث عن "ثورة" ديمقراطية و ظلّ " الوطد " لأشهر ينعت الحدث بالثورة ثم أخذ بعضهم يستعمل مصطلح الإنتفاضة و بقي آخرون يستعملون ثورة أو إنتفاضة دون تفرقة أو معا فى ذات الخطاب إلى هذه الأياّم الأخيرة.
و كان المستفيد الأكبر من هذا التضليل و بثّ الأوهام البرجوازية الصغيرة من قبل جبهة 14 جانفي و آخرين هو القوى الرجعية ذلك أنّه ساعدها على توجيه الرأي العام ضد بن علي و عائلته و إنقاذ النظام ككلّ حكومة و مؤسسات و شرطة و جيش إلخ و إعداد العدّة على جناح السرعة للإلتفاف على الإنتفاضة الشعبية بشتى السبل و منها بالأساس توجيه النقد لشخص معيّن لا لنظام كامل إجتماعي - إقتصادي ، و بالتالى جعل بن علي كبش فداء و إنقاذ دولة الإستعمار الجديد و إعادة هيكلها و إخراجها فى ثوب جديد و بوجوه جديدة.
و عمّا تمخّضت " الثورة " المزعومة؟
لقد تمخّضت " ثورة " حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و غيرهما عن مثلا :
1- حكومات ثلاثة جميعها دستورية تجمعية عمل رؤساؤها مع الجنرال زين العابدين بن علي.
2- توطيد الجيش بالدعاية له على أنّه عامل إستقرار و مساند للشعب و تعزيز صفوفه بإرجاع حتى المطرودين منه مهما كانت الأسباب و تبييض وجهه و كأنّه محايد هو الذى كان يأتمر بأوامر بن علي و يخدمه و قبله بأوامر بوقيبة و شاركهما الحكم و قمع الشعب.
3- تعزيز جهاز الشرطة بإرجاع الآلاف المطرودين و إنتداب آلاف أخرى و رفع أجور الأعوان على نحو لم يجنيه أي قطاع آخر.
4- بقاء جهاز القضاء ،رغم كافة الجهود النضالية المبذولة لتغييره بين أيدى القضاة الفاسدين و من ثمة بين أيدى ذات جهاز الدولة الذى لم يحطّم.
5- إستمرار جهاز الإعلام رئيسيا بيد الحكومات الدستورية التجمعية المتتالية و المحافظة على ذات توجه الدولة منذ بورقيبة إلى بن علي فى خدمة الطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية ضد مصالح الشعب.
إلخ إلخ...
كلّ هذا ،عدا النتائج الأخيرة لإنتخابات المجلس التأسيسي ، و يدّعى ناشرو الأوهام البرجوازية الصغيرة أنّ ما حدث "ثورة" ديمقراطية أو ديمقراطية إجتماعية و ما إلى ذلك و أنّه ينبغى " إكمال مهام الثورة" و غيرها من الترهات لا لشيئ إلاّ لأنّ النظام أقدم على بعض التنازلات الطفيفة و منها شيئ من الحرّيات الإعلامية و الإعتراف بأحزاب.
لقد لخّصنا فى السابق أنّه لم تتمّ أية ثورة إلاّ فى خيال هؤلاء مدّعي تبنّى الشيوعية لأمرين إثنين متعلقين بالبنية التحتية و البنية الفوقية أي أنّه لا تغيّر نوعي / كيفي فى نمط/ أسلوب الإنتاج و لا تغيّر كذلك فى جهاز الدولة و الطبقات الماسكة به خدمة لمصالحها الآنية و البعيدة المدى و حدّدنا أنّ ما أنجزه الشعب لا يعدو أن يكون إنتفاضة و يبدو أنّ هناك تيّار الان صار يتشكّل و يقترب أكثر فأكثر من تبنّى هذه الحقيقة : إنتفاضة و ليست ثورة. لكن هناك أيضا خطر تكرار ذات الأوهام حتى فى صفوف الفئات الأكثر نضالية و فهما للمهزلة الإنتخابية بفعل رفع شعار " الشعب يريد الثورة من جديد" الذى يُقحم فيه مجدّدا مصطلح الثورة و يقرّ ضمنيّا و صراحة أن ما حصل سابقا " ثورة". و هذا من أفدح الأخطاء و تبعاته وخيمة للغاية و مخيبة الآمال و محبطة حيث عاجلا أم آجلا سيكون من عوامل عرقلة التعبئة الجماهيرية لأنّ غالبية الجماهير تعتقد فى فكرة خاطئة شائعة هي أنّ الثورة أنجزت و إنتهى الأمر و الآن حان وقت المضي نحو الإستقررار و البناء و جني ثمارها ، و لأنّ وجوها و أحزابا جديدة إعتلت سدّة الحكم و لها قاعدة إجتماعية عريضة و لم يقع بعدُ فضحها شعبيّا كبديل إمبريالي و فضج برامجها و القوى التى تمثّلها طبقيّا.
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ،و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلق بالثورة صالح بصورة مطلقة ،للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء " ("مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ص 65). " ( العدد السادس من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" جانفي 2012).
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
3- أمنيات البلشفي/ الخوجي فى تضارب مع الوقائع التاريخية:
عند تصفّح نصّ " إغتيال ستالين..." نعثر على جملة تترجم أكثر أمنية البلشفي الخوجي أكثر منها تعكس واقعا :" لقد كان ماو على حقّ عندما صرّح بأنّ ستالين يعتبره " من طراز تيتو"." هل هذا مضمون تصريح ماو الحقيقي؟ لا.
و حجّتنا نستقيها من ذات نصّ " إغتيال ستالين..." :" ويعترف ماو بذلك حيث يصرح في 1956 " لقد ارتكب ستالين عددا معينا من الأخطاء بحق الصين، فمغامرة وانغ مينغ "اليسارية" في أواخر مرحلة الحرب الأهلية الثورية الثانية وانتهازية وانغ مينغ اليمينية في أوائل حرب المقاومة ضد اليابان كلتاهما ترجعان إلى ستالين. خلال مرحلة حرب التحرير، لم يسمح لنا في البداية بالثورة معتقدا بأن الأمة الصينية ستتعرض لخطر الدمار إن قامت حرب أهلية. ولما قامت الحرب كان ينظر لنا بعين الشك. وعندما انتصرنا في الحرب كان يرتاب في أن انتصارنا انتصار من الطراز التيتوي وكانت ضغوطه علينا شديدة في عامي 1949 و1950." (حول العلاقات العشر الرئيسية: خطاب ماو في الاجتماع الموسع للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الش الص – 25 نيسان 1956). "
هل فى كلام ماو تصريح بأنّ " ستالين يعتبره "من طراز تيتو"؟ و نشدّد على يعتبره.لا.
هل الشكّ و إلإرتياب يساويان اليقين؟ طبعا ، لا.
ستالين شكّ و له أن يشكّ لما لا؟ و لكن الشكّ طريق اليقين و ليس اليقين ، الشكّ فرضية تحتاج إلى التأكّد من صحّتها أو خطئها بالدلائل المادية. واليقين أكّدته الممارسة العملية وهو يتمثّل فى أنّ الإنتصار الصيني لم يكن واقعيّا يشبه فى شيء " الطراز التيتوي". و إقرار ستالين بأخطائه تجاه الثورة الصينية دليل آخر لا أوضح منه على ذلك.
و من المضحكات المبكيات الأخرى أن يثرثر البلشفي / الخوجي عن إعتماد ماو أسلوب " التخفّي" فى علاقة بستالين. ماو تسى تونغ لم يهب الموت و كان يقود حزبا و جيشا عظيمين فى معظم مجرى حرب أهلية دامت أكثر من عشرين سنة و تحلّى بالشجاعة فى مواجهة وانغ مينغ و لي لي سان وهما من رموز الجمود العقائدي الذين لم يعترفوا بخصوصيّات الثورة الصينية و حاولا تطبيق نهج ثورة أكتوبر على الصين، و ألحق بهما الهزيمة منذ 1935 رغم أنّ خطّهما كان مسنودا من ستالين و الأممية الثالثة – وهو خطأ أقرّ به ستالين فى ما بعد- و حقّقت الثورة الصينية بقيادته النصر . أضف إلى ذلك أنّ كتابات و سياسات الحزب الشيوعي الصيني معلومة لدي الحركة الشيوعية العالمية و نشر منها ما نشر فى مجلّة الأممية الثالثة. لم يتخفّى ماو وقد أطاح بالدغمائيين الصينيين أولئك و لم يتخفّى حين رفض ضغط ستالين لإيقاف الحرب الأهلية فلماذا يتخفّى وهو قد حقّق النصر و ستالين قد إعترف بخطئه؟
لا داعي للتخفّي إلاّ فى الخيال التآمري البلشفي / الخوجي و فهمه المثالي للتاريخ و إحلاله أمانيه بمثالية ذاتية مكان الوقائع المثبتة تاريخيّا. ماو ليس من دعاة " التقيّة " حسب فرق إسلامية . على العكس تماما كان مباشرا واضحا مبدئيّا فى تعاملاته مع الرفاق صلب الحزب الشيوعي الصيني أو الحركة الشيوعية العالمية وحيث لزم الصراع ضد الإنحرافات لم يتوانى عن القيام باللازم شيوعيّا.
" على الشيوعي أن يكون صريحا ، صافي السريرة ،مخلصا ،عظيم الهمذة والنشاطن يفضّل مصالح الثورة على حياته،و يخضع مصالحه الشخصية لمصالح الثورة. و عليه أن يتمسّك فى كلّ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة ،و ذلك من أجل توطيد الحياة الجماعية للحزب و تعزيزي الروابط بين الحزب و الجماهير. و عليه أن يهتمّ بالآخرين أكثر من إهتمامه بنفسه. و بهذا وحده يمكن أن يعدّ شيوعيّا" ( ماو تسى تونغ ،"ضد الليبرالية "7 سبتمبر - أيلول- 1937، المؤلّفات المختارة ، المجلّد الثاني ؛ و الصفحة 284 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ").
4- تعاطي مثالي ميتافيزيقي مع أخطاء ستالين :
يجدر بنا قبل تفحّص التعاطي المثالي البلشفي الخوجي هنا أن نلقي نظرة سريعة على مقولة للينين ذكرتها وثيقة " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " الصينية تعبّر عن الموقف الشيوعي المبدئي إزاء الأخطاء فى التجربة الإشتراكية الأولى :
" فليصب علينا كلاب و خنازير البرجوازية المحتضرة و الديمقراطية البرجوازية الصغيرة التى تسير فى ذيلها،أكواما من اللعنات و الشتائم و السخر بسبب من الإخفاقات التى نمنى بها و الأخطاء التى نرتكبها فى بناء نظامنا السوفييتي . فإننا لا ننسى لحظة أنّه وقعت و لا تزال تقع عندنا كثرة من الإخفاقات و الأخطاء . و ما الوسيلة لعدم وقوع الإخفاقات و الأخطاء فى عمل جديد فى تاريخ العالم كما هو عليه إنشاء طراز غير معروف سابقا لتنظيم الدولة! إنّنا سنناضل بلا كلل من أجل إصلاح إخفاقاتنا و أخطائنا،من أجل تحسين تطبيقنا للمبادئ السوفييتية، البعيد جدّا عن الكمال..."( لينين " لمناسبة الذكرى الرابعة لثورة أكتوبر" ؛ 14 -10-1921) .
وبمثالية ينكر البلشفي/ الخوجي حقيقة أنّ ستالين كماركسي- لينيني مارس النقد و النقد الذاتي ذاته نقد نفسه.
"و لقد كان ستالين قادرا على نقد نفسه عندما كان يرتكب خطأ ما. فمثلا ، أخطأ النصح في ما يتعلق بالثورة الصينية. و بعد إنتصار الثورة الصينية ، إعترف بخطئه. كما إعترف ستالين أيضا ببعض أخطائه فى عمل تطهير صفوف الحزب ، فى تقريره للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفيك)عام 1939" ( الصفحة 17 من " حول مسألة ستالين" تعليق ثان ضمن جملة من التعليقات على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي بقلم هيئتي تحرير صحيفة "جينمينجيباو" و مجلة " العلم الأحمر" فى 13 سبتمبر(أيلول)1963 (دار النشر بالغات الأجنبية –بالعربية ، بيكين 1963)).
و على طول نصوص البلشفي/ الخوجي و عرضها نلفيه يدافع عن ستالين و أيضا ينسب إليه آراء ليست له كما أشرنا إلى ذلك و سنلاحظ فى قادم الصفحات. بيد أنّ دفاعه عن ستالين دفاع خوجي أعمى لا يقوم على تحليل علمي عميق و شامل للتجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و لتجربة الحركة الشيوعية العالمية بقيادة ستالين بجانبيها الصائب و الخاطئ. و من ثمّة يدافع عن أعمال ستالين جميعها بلا إستثناء مخالفا ستالين ذاته و نقده لنفسه.
و إن تنازل الخوجي فى نصّ " ستالين قائد الثورة الإشتراكية العالمية لثلاثين سنة " المنشور على الحوار المتمدّن بتاريخ 20 أكتوبر 2011 :" إنّنا لا نقول أنّ ستالين لم يرتكب أيّة أخطاء ، تماما كما لا نقول أنّ ماركس ، إنجلز و لينين لم يرتكبوا أية أخطاء" ، فلا هدف له من هذه المراوغة إلاّ التعمية و التمويه تحت ضغط الوقائع التاريخية و إنتشار التحاليل العلمية الماوية و تداولها لا سيما على الفايسبوك و موقع الحوار المتمدّن ذاته و ينضاف دليل آخر على ما نقول هو أنّه فى نص " إغتيال ستالين ..." يعتبر كافة الأخطاء التى ذكرها الحزب الشيوعي الصيني أخطاء مزعومة ( "أخطاء ستالين" المزعومة .)
و نحن عندما نسوق هذه الملاحظة لا نتجنّى عليه فى شيء فعوض أن يعدّد أخطاء ستالين و يشرح أسبابها و كيفية تجاوزها ، مثلما يتوقّع من يقرأ تلك الجملة ، صبّ جام حقده من جديد على ماو تسى تونغ معتمدا فى ذلك سلسلة من الأكاذيب التى سنتفحّصها و نفضحها فى حينها. و هذه المراوغة تذكّرنا بمراوغة " الوطد" فى مقدّمة كتاب وزّعوه منذ سنوات بمناسبة الذكرى الخمسين لوفاة ستالين " 5 مارس 1953 – 5 مارس 2003..." :
" نحن لا نزعم أنّ ستالين معصوم من الخطإ و لا لينين و لا ماركس و لا إنجلز" و فى ثنايا الكتاب لا يذكر و لو خطأ واحدا لستالين !!!
ذات الموقف و ذات المراوغة الخوجية المثالية. ومردّ المثالية الميتافيزيقية و مناهضة المادية هو أنّ الخوجيين المتستّرين، "وطد" و "بلاشفة " ، يدافعون فعلا بدغمائية عن ستالين دفاعا أعمى لا يرى الحقيقة الموضوعية لوجود أخطاء ، يرى فقط المساهمات و الإنجازات. وهي نظرة إحادية الجانب و بالتالى ميتافيزيقية غير جدلية . يعارض الخوجيون جميعا نظريّا و عمليّا الفهم اللينيني و الماوي للتناقض / وحدة أضداد و " إزدواج الواحد " كما أسماه لينين فى " حول الديالكتيك" فيطعنون أيضا لينين فى الظهر و هم يدعون تبنّى اللينينية و "البلشفية " و يعارضون الحقيقة التى مثّلت الأساس المنهجي المادي الجدلي لتعامله الصحيح مع مسألة ستالين التى لخّصها ماو بالكلمات التالية :
" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون. وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان. فبين الضدّين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد ، و هذا ما يبعث الحركة و التغيّر فى الأشياء. إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أن طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء. فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدد هي ظاهرة مقيدة ،و مؤقتة،و إنتقالية، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقيّد" ( "حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " 27 فبراير – شباط ؛ الصفحة 225-226 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ".)
و بالفعل " تجاه مسألة ستالين ، مثلما فى غيرها من المسائل ، كرّس ماو نظرية المعرفة الماركسية ، أما "الجماعة" و من قبلهم أنور خوجا و التحريفيين السوفيات ( قبول بالكل و رفض الكل ) لم ينجزوا تحليلا جدليا لعهد ستالين . إنهال عليه التحريفيون السوفيات و أتباعهم عالميا شتما و تشويها و عمد الخوجيون إلى الدفاع عنه دفاعا أعمى ، فى صوابه و خطئه. طبّق ماو الماركسية-اللينينية و طبّق الآخرون تحريفية أو دغمائية . فى "حول الديالكتيك" أكد لينين أن جوهر الديالكتيك هو وحدة الأضداد أو بكلماته هو:" ازدواج ما هو واحد" و زيادة على تعميق الرؤية الماركسية-اللينينية لقانون التناقض (وحدة الأضداد) فى " فى التناقض " و فى غيرها من مقالاته فى الجدلية، عمل ماو جهده لتطبيق الجدلية فى أعماله و نشاطاته و من ضمن تطبيقاته الجدلية نجد تطبيقه للجدلية على مسألة ستالين.
يقول ماو تسي تونغ فى الصفحة 367 من المجلد الخامس :" فى الواقع ، كل شيء سواء أكان فى الصين أو في الخارج قابل للتحليل، له مظهر إيجابي و مظهر سلبي . الشيء ذاته بالنسبة لعمل كل مقاطعة ، هنالك نجاحات و نواقص ، و لكل واحد منا أيضا مظهران – ايجابيات و سلبيات و ليس مظهرا واحدا أبدا . نظرية المظهر الواحد و نظرية المظهرين توجدان منذ القدم . تنتمي الأولى إلى الميتافيزيقا و الثانية إلى الديالكتيك." (التسطير من وضعنا).
و مثلما لمسنا ، ستالين فى مظهره الرئيسي ماركسي عظيم و في مظهره الثانوي قام بأخطاء جدية و أحيانا خطيرة. و من المعلوم أن الحزب الشيوعي الصيني و ماو قائده ذاته أخضعا أنفسهما للتحليل و دعيا لا الحزبيين فقط بل الجماهير أيضا إلى النهوض بالتحليل للمظهرين للتعلم من ما أثبت الممارسة صحته و ما أثبتت خطله، للتعلم من الصواب و من الخطاء أيضا!" ( العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" )
ماو تسى تونغ مادي جدلي والخوجيون جميعا المفضوحون منهم و المتستّرون بأصنافهم مثاليون ميتافيزيقيون!
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
5- نسخة بلشفية / خوجية لنهاية التاريخ :
لئن إشتهر فوكوياما ب" نهاية التاريخ" فإن ل" الحديدي" هو كذلك نهايته الخاصة للتاريخ أو نسخة أخرى من نهاية التاريخ. فوكوياما يعتبر التاريخ إنتهى و على الجميع القبول بالرأسمالية –الإمبرالية و عدم البحث عن تجاوزها لأنّ ذلك غير ممكن. و " الحديدي" و من لفّ لفّه أنهوا تاريخ الحركة الشيوعية العالمية عند ستالين محوّلين ردّة الفعل التى قام بها " الإتحاد البلشفي" على إنتقاء حزب العمل الألباني للحزب الشيوعي الكندي (الماركسي – اللينيني) على أنّه ممثّل الماركسية- اللينينية فى الكندا و مضمونها ( ردّة الفعل) إعلان لا وجود بتاتا لبلدان و معسكر إشتراكي منذ وفاة ستالين بما يعنى أنّ ألبانيا منذ وفاة ستالين لم تعد إشتراكية بالنسبة لهم، محوّلين ردّة الفعل هذه إلى حكم بنهاية التاريخ. و من هنا كلّ ما شهدته الحركة الشيوعية العالمية بعد وفاة ستالين ليس سوى شطحات تحريفية من هذا الطراز أو ذاك . لذلك يطمحون إلى العودة إلى الوراء ، إلى البلشفية ، إلى ما قبل 1953و بوجه خاص التجربة السوفياتية حصرا وحدها دون سواها . لا الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ تندرج ضمن" بلشفيتهم" و لا الثورة الفيتنامية ...
أكثر من نصف قرن من تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بعد وفاة ستالين يرمون به فى البحر على أنّه لا يستحقّ حسب رأيهم إلآّ المزبلة أو هو غير موجود أصلا إذ هم أطلقوا عليه نعت التحريفية و كفاهم ذلك شرّ القتال ، شرّ النقاش و البحث و الدراسة و معرفة الحقيقة و تفسير العالم من أجل تغييره ثوريّا. و من هنا ندرك مدى حقدهم على الماوية كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية- الماوية. فمجرّد وجود الماركسية- اللينينية- الماوية يشكّل عقدة بالنسبة لهم فالصيغة ذاتها ، بغض النظر عن مضمونها العلمي و الثوري، تفجّر "بلشفيّتهم" و نهاية التاريخ التى يودّون فرضها فرضا على واقع مادي عنيد يستعصى على الفرض و على شيوعيون و شيوعيات لا يرضون بنهاية التاريخ المثالية الميتافيزيقي مهما كان مأتاها و يسعون جهدهم لقيادة البروليتاريا و الشعوب فى صناعة التاريخ نحو الإشتراكية فالشيوعية عالميّا كمثل أعلى.
سيستشيطون غضبا إنّ حدّثهم أحد أو سمعوا أحدا يتحدّث عن الماركسية- اللينينية- الماوية تقود حرب الشعب فى الهند و فى الفليبين و فى تركيا ... كيف يمكن للماوية التحريفية حسب رأيهم أن تخلق فى الواقع المادي الموضوعي المتحرّك أحزابا ثورية تقود حركات ثورية من منظور بروليتاري و ترفع راية الثورة البروليتارية العالمية و الشيوعية غايتها الأسمى ؟ و فوق ذلك كلّه تضع ستالين ضمن الرؤوس الخمسة أعلامها المرفرفة فى الشوارع و الجبال و الغابات ، فى المدن و الأرياف ! غير معقول بالنسبة لهم و لذلك يصبح فى تفكيرهم المثالي الذاتي غير موجود. كيف يمكن أن تنتشر الماوية عبر العالم و تتقدّم نحو الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها ؛ الثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية ، متحمّلة مسؤوليتها فى الدفاع عن الإرث الثوري للبروليتاريا العالمية و عن ستالين فى جانبه الصحيح ، الرئيسي، 70 بالمائة حسب صيغة لماو شهيرة ؟ كيف يمكن لحرب الشعب و لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف و للثورة الديمقراطية الجديدة أن تطبّق و تعطي أكلها ؟ و كيف يمكن للوقائع أن تثبت صحّتها من جديد فى عدّة بلدان شبه مستعمرة شبه إقطاعية ؟ كيف يمكن ذلك فى حين أنّ " الإتحاد البلشفي" فى الكندا إندثر و "بلاشفتنا " هنا سيلقون المصير عينه عاجلا أن آجلا؟ نعيدها لأنّه غير معقول بالنسبة لهم يصبح فى تفكريهم المثالي الذاتي غير موجود !!!
و اللافت للنظر هو أنّ البلشفي/ الخوجي يتحدّث فى نصّ " واجب الشيوعيين المطلق" عن "النظرية البلشفية نظرية لينين و ستالين و الأممية الثالثة " ما يفيد طعنا واضحا فى ماركس و إنجلز و نسيانهما أو فسخهما ، طعنا فى الماركسية التى على أساسها تطوّرت اللينينية كمرحلة ثانية جديدة و أرقي إذ لا علاقة لهما بالبلشفية كما حدّدها هذا البلشفي/ الخوجي و من هنا نراه يوجّه على حدّ سواء ضربة إلى ما قبل لينين و ستالين و أخرى إلى ما بعدهما بمثالية ترى الشيء فى لحظته فقط لا تراه ماديّا جدليّا فى سيرورة تطوّره ، فى ماضيه و حاضرة كاملا لا مجزّءا و آفاق تطوّره المستقبلية أيضا.
تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يبتدأ مع ستالين و لم يتوقّف عنده و لن يتوقّف بل إستمرّ بعده بصراعاته العاصفة و تراجعات الثورة البروليتارية و تقدّمها فى مدّ و جزر بلغ نهاية مرحلته الأولى مع فقدان الصين كقلعة للثورة البروليتارية العالمية و تحوّلها بعد وفاة ماو تسى تونغ و إنقلاب 1976 من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية. و يستخدم الشيوعيون الماويّون مفهوم " نهاية مرحلة ، بداية مرحلة جديدة " تعبيرا عن نهاية الموجة الأولى من الثورات البروليتارية مع هزيمة البروليتاريا و حزبها و دولتها فى الصين سنة 1976 أمام البرجوازية الجديدة بعد هزيمة البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و حزبها و دولتها و تحوّلهما بعد وفاة ستالين و المؤتمر العشرين السيئ الصيت إلى دولة و حزب برجوازيين فيما كانا سابقا دولة و حزبا بروليتاريين.
لا نهاية للتاريخ لدي الماويين . إنتهت مرحلة ، إنتهت موجة ، إنتهت " معركة " و الحرب مستمرّة . الماركسية لم تتوقّف عند ماركس ، لم تتوقّف عن التطوّر و لا ينبغى أن تتوقّف.هل يمكن أن يتوفّق العلم عن التطوّر ؟ لا، لا يمكن. وهذا هو شأن علم الثورة البروليتارية العالمية أيضا .لا يمكن أو يتوقّف عن التطوّر أبدا .على أساس تجربة الثورة فى الصين و الإرث العظيم للتجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و الصراع العالمي ضد التحريفية المعاصرة بتلويناتها العديدة و ضد التحريفية داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته و فى تفاعل مع الواقع المتحرّك و تطبيق "مرشد العمل" ( بعبارة للينين تحيل على الماركسية) على الصراع الطبقي فى الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية و التناقضات الجديدة المفرزة و الدراسة و التحليل و التلخيص للصراع الطبقي محلّيا و عالميّا ، طوّر ماو تسى تونغ علم الثورة البروليتارية العالمية إلى مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى هي الماركسية- اللينينية- الماوية.
و هذا أمر مفهوم و طبيعي لدي من له فعلا نظرة مادية جدلية للعالم و لعلم الثورة البروليتارية العالمية و يدرك عمق الحقيقة التى صاغها ماو تسى تونغ :
" إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ،و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم.فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها ، إلاّ أنّ المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدان و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية .و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي." ( ماو تسى تونغ )
و لأنّ المجال لا يسمح للإسهاب فى جوانب تطوير ماو تسى تونغ لعلم الثورة البروليتارية العالمية فى مكوّناته الثلاثة ، الإقتصاد السياسي و الإشتراكية و الفلسفة ، نلفت عناية من يريد يدقّق فى البحث لآس يما إلى مقالات كلّ من خالد المهدي و شادي الشماوي على صفحات الحوار المتمدّن .
و من واجب الشيوعيين الماويين ورثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ أن يستوعبوا الماركسية-اللينينية- الماوية و أن يرفعوا رايتها و يطبّقوها و يطوّروها أيضا و المتقدّمون منهم قاموا و يقومون بذلك عبر العالم.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
6- كذب و قراءة مثالية للصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا :
هدف البلشفي / الخوجي هو إجتثاث الماوية ليزرع " النظرية البلشفية " محلّها . و بإعتبار أنّ الماوية قائمة على حقائق وواقع موضوعي يزيد من تأكيد صحّتها يوما فيوما ، لن يكون ممكنا لمن يبحث عن الترويج لخطّ خاطئ النيل منها بالصراع المبدئي ضدّها فلا يبق لديه سوى التعويل على " الغاية تبرّر الوسيلة " و الأسلوب الماكييفلّي.
و عندئذ ، لا يخجل البلشفي / الخوجي من الكذب فى وضح النهار على غرار قوله " و خلال تأكيده على أنّ بناء المجتمع الإشتراكي المتطوّر فى بلاد السوفيات لا يحول دون الخطر القائم دائما بإعادة الرأسمالية ، وضع ستالين الشروط الضرورية لإفشال هذا الخطر"( ستالين قائد الثورة...") و الحال أنّ من درس تاريخ الحركة الشيوعية العالمية يعلم يقينا أن ستالين لم يتوقّع هذا الخطر بجميع أبعاده حتى يضع له الشروط الضرورية لإفشاله. و بالطبع بما أنّه لا وجود لهذه " الشروط " لا يذكر مقترف الكذب و لا شرطا واحدا. ستالين لم يتوقّع إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي وهو منذ دستور 1936 إعتبر أنّ فى المجتمع السوفياتي ليس ثمّة غير طبقات صديقة و لا يرد ذكر البرجوازية القديمة منها والجديدة أصلا. فكيف له أن يضع شروط إفشال شيء لم يتوقّعه ؟ لا يهمّ البلشفي/ الخوجي يعيد قراءة التاريخ قراءة ذاتية فينطق ستالين بما لم ينطق به .
و بمثالية ، متبعا نهج مقترفى الكذب قبله ، يكرّر ما قال مرارا لعلّه يصبح حقيقة و يجعل منه " طبيعي" و يقلب الحقائق رأسا على عقب فيجعل من ستالين رافضا ل " خفوت الصراع الطبقي " و يجعل من ماو تسى تونغ قائد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ضد البرجوازية الجديدة داخل الحزب الشيوعي الصيني على أساس نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا متذيّلا " للبرجوازية " و هكذا :
" من الطبيعي أن الصراع الطبقي لا ينتفى بعد تركيز دكتاتورية البروليتاريا ، لذلك لم تستسلم البرجوازية و لم تكفّ عن محاولتها إعادة الرأسمالية إلى الإتحاد السوفياتي" (" ستالين قائد الثورة...")
ستالين " رفض تبنّى الأطروحة التحريفية حول خفوت الصراع الطبقي بعد بناء الإشتراكية التى تبنّاها خروتشوف و الحزب الشيوعي الصيني بعد ذلك .إلخ" (" ستالين قائد الثورة...")
( وفى " إغتيال ستالين..." يعترف البلشفي الخوجي بصفة غير مباشرة بعكس ما يقوله هنا: "ونقدهم [ الصينيون] لستالين عندما صرح في نهاية الثلاثينات بتصفية البرجوازية كطبقة.")
" كرّس [ ماو] هذا التذيّل للبرجوازية حتى فيما يسميه عبثا بناء " الإشتراكية" فى الصين بالإدعاء أنّ البرجوازية الوطنية الصينية تقبل الإشتراكية و بأنّه لا داعي لتصفيتها بل يجب " تربيتها سلميّا" . و هكذا حرف ماو تسى تونغ مبدأ أساسي فى الماركسية-اللينينية وهو عدائية التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية فى مرحلة الإشتراكية و ضرورة تصفية البرجوازية و الإنتقال العنيف للإشتراكية".( " موضوعات حول الإنتهازية ...")
كذب الواقع الموضوعي إنّه كذوب و صدق البلشفي / الخوجي العظيم الذى سيقود من يتبعه إلى الجحيم !
و نسترسل لنشير إلى أنّ ملفّق الكذب غيّب عمدا عامدا الحديث عن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لأمرين إثنين أولهما أنّها ستفجّر إدعاءه أنّ ماو ألغى " عدائية التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية " – وهذا محض إختراع من عنديات البلشفي / الخوجي – و ثانيهما هو أنّنا قد شرحنا و فضحنا الترهات و الخزعبلات الخوجية لحزب العمّال و للوطد بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى عدد سابق من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !".
و لكونه مثالي، لم يحلّل البلشفي قشرة و الخوجي لبّا تناقضات المجتمع الإشتراكي التى تولّد البرجوازية الجديدة فيه و لم يحلّل دور الحزب و موقعه من الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و لم يستخلص الدروس التى إستخلصها ماو تسى تونغ من التحليل و الممارسة العملية للصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية . يترك الواقع المادي الموضوعي للإشتراكية كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و ما تنطوى عليه من تناقضات و إمكانيتين : إمكانية التقدّم نحو الشيوعية أو العودة نحو الرأسمالية ....، و دون إعمال الفكر و الدراسة و التمحيص يكتفى بحلّ خوجي بسيط هو تسرّب أفكار برجوازية إلى الحزب و ضغط خارجي تسبّبا فى إفساد الطبقة العاملة و الحزب و إعادة تركيز الرأسمالية.
" التحالف بين الطبقة العاملة فى جميع البلدان و القوى البرجوازية الديمقراطية و البرجوازية الصغيرة رغم ضرورته و صحته لتحقيق النصر على الفاشية بقيادة الإتحاد السوفياتي و فى نجاح الثورة فى عديد البلدان فى أوروبا الشرقية و آسيا ، كان له جانبه السلبي و المتمثّل فى تسرّب التأثير البرجوازي و البرجوازي الصغير فى صلب الطبقة العاملة و الذى إنعكس داخل الأحزاب الشيوعية فى تفشّى الإنحرافات اليمينية و التصفوية المبشّرة بالتعاون الطبقي و البرلمانية البرجوازية و الداعية إلى التخلّى عن النضال الثوري ضد الرأسمالية الإمبريالية. هذه " التحريفية المعاصرة" إنتشرت فى الأحزاب الشيوعية على المستوى العالمي و فى الحزب الشيوعي البلشفي نفسه" ( " إغتيال ستالين...")
إنّ هذا التفسير البلشفي/ الخوجي، مثالي ميتافيزيقي لا يفهم الواقع و يخالف الفهم المادي الجدلي لمدى تأثير العوامل الخارجية و العوامل الداخلية . وقد شرح ماو تسى تونغ هذه المسألة قائلا : " يعتبر الديالكتيك المادي أن الأسباب الخارجية هي شرط التبدّل ، و الأسباب الباطنية هي أساس التبدّل ، و أنّ الأسباب الخارجية تفعل عن طريق الأسباب الباطنية" ( ماو تسى تونغ " فى التناقض" ؛ و صفحة 225 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ").
و قد طبّق المادية الجدلية و جوهرية قانون التناقض لتحليل المجتمع الإشتراكي فأثري الفهم و الممارسة الثوريين و طوّر نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وهي حجر الزاوية فى المساهمات الخالد التى طوّرت الماركسية-اللينينية إلى مرحلة الماركسية- اللينينية – الماوية .
" الصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا
ونتابع لنتطرق إلى مسألة جوهرية أثارها ماو فى نقده لأخطاء ستالين ألا وهي مسألة التناقضات الطبقية و الصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و كيفية معالجتهما بروليتاريا. نعلم أن ستالين كان وراء دستور 1936 الذي عبر عن إنتهاء الصراع الطبقي في الاتحاد السوفياتي بإعتبار بقاء الطبقات العاملة و الفلاحين و المثقفين الثوريين فقط. و هذا خطأ فادح في تحليل المجتمع الاشتراكي و في فهم دكتاتورية البروليتاريا و الإشتراكية و علاقتها بالشيوعية حال دون العناية كما ينبغي بضرورة مواصلة الثورة في البنية الفوقية و مواصلة تثوير علاقات الإنتاج حتى بعد أن يكون نظام ملكية إشتراكية قد ركز بصفة أساسية ودون مواصلة الصراع الطبقي و التصدي الواعي و المنهجي لإعادة تركيز الرأسمالية.
نقرأ بالصفحتين 408 و 409 من المجلد الخامس ل"مؤلفات ماو تسي تونغ المختارة" : " إذا كنا نخاف من الإضطرابات و نعالج الحالات بشكل مبسط فالسبب الأساسي هو أن في عمق فكرنا لا نوافق على أن المجتمع الإشتراكي يشكل وحدة أضداد و أنه توجد به تناقضات و طبقات و صراع طبقي . لمدة طويلة ، أنكر ستالين وجود تناقضات بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج و بين البنية الفوقية و البنية التحتية فى النظام الإشتراكي . فقط سنة قبل وفاته تكلم بكلمات عامة فى كتابه "المشاكل الاقتصادية للإشتراكية فى الاتحاد السوفياتي " عن التناقض بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج في النظام الإشتراكي . ستظهر مشاكل ، قال ، لو إتبعنا سياسة خاطئة و العمل التعديلي لم يسر كما ينبغى. مع ذلك ، لم يقدم كمشكل عام التناقضات بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج وبين البنية الفوقية و القاعدة الإقتصادية فى النظام الإشتراكي ، و لم يع بعد أن هذه التناقضات تمثل التناقضات الجوهرية التي تجعل المجتمع الإشتراكي يتقدم . لقد كان يعتقد أن دولته كانت راسخة. أما نحن فلا يجب أن نعتقد أن دولتنا راسخة إذ هي راسخة و في ذات الوقت غير راسخة.
ترى الجدلية أن النظام الإشتراكي كظاهرة تاريخية سيزول يوما مثلما على الإنسان أن يموت و أن النظام الشيوعي سيكون نفيا له. كيف يمكن أن نعتبر ماركسيا التأكيد القائل بأن النظام الإشتراكي و كذلك علاقات الإنتاج و البناء الفوقي للإشتراكية لن يزول ؟ ألا يعدّ هذا دغمائية دينية و لاهوتية تقر بأبدية الإلاه ؟ " (جانفى 1957).
المجتمع الإشتراكي واقعيا و حقيقة وحدة أضداد ، وحدة متناقضات أو تناقض، فيه تناقضات طبقية و طبقات و صراع طبقي و حيث أخطأ ستالين فى إستيعاب ذلك و حيث خطى خطوة أولى فى تحليل واقعى للنظام الإشتراكي فى آخر كتبه ، فإن ماو و ضع إصبعه على الخطاء و عمق الخطوات الأولى لينفذ إلى كنه الأشياء و جوهرها. وعلى هذا الأساس النظري المتين المبني على قراءة جدلية لتجربة دكتاتورية البروليتاريا سيتقدم ماو نحو خوض الصراع على كافة المستويات ضد ما يعرقل المضي نحو الشيوعية أي مظاهر الرأسمالية التي تولدها تناقضات الإشتراكية بما هي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و البرجوازية الجديدة كأهم المدافعين عن الطريق الرأسمالي لإعادة تركيز الرأسمالية بعد إنقلاب على الخط الثوري للحزب و تغيير لونه من حزب ثوري بروليتاري إلى حزب رجعي برجوازي و بالتالي تغيير لون الدولة التي يقودها لتصير ، بعد أن كانت إشتراكية ، رأسمالية.و لا أدل على ذلك من معارك الشيوعيين الماويين ضد التحريفية و أتباع الطريق الرأسمالي و المظاهر و العلاقات و الأفكار البرجوازية و البرجوازية الجديدة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. "( العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!)

7- التنظير المثالي الميتافيزيقي البلشفي/ الخوجي للإنتهازية:
ينصبّ إهتمامنا فى هذه النقطة على محتوى نصّ "موضوعات حول الإنتهازية اليمينية و الإنتهازية اليسارية" ، المنشور على موقع الحوار المتمدّن بتاريخ 26 -09-2011 و نشرع فى النقاش بتصحيح معلومة أكيدة للسيد البلشفي قالبا و الخوجي قلبا فلا مجال لأن ندع الأمر يمرّ دون أن ننبّهه لمعلومة بسيطة هي أن كتاب لينين الذى يعنيه ليس " المرض الطفولي للشيوعية " ( أعادها أكثر من مرّة و خلناها فى البداية زلّة قلم منه) و إنّما هو " مرض "اليسارية" الطفولي فى الشيوعية ". و إذ نصحّح هذا الخطأ الفادح حتى فى عنوان الكتاب ، يساورنا الشكّ فى مدى جدّية " البلشفي" و مدى إطلاعه على محتويات الكتاب الذى يشير إليه و التمكّن منها ليخرج علينا بموضوعات غريبة عجيبة فى جانب منها.
فى هذا المقال الذى يُعنى بالإنتهازية و الذى لم يفوّت فيه البلشفي/ الخوجي فرصة شتم الماوية بجنون وسيلته فى ذلك الكذب الذى سنفضح فى حينه ، يتحفنا بموضوعات لا أغرب منها من مثل :
1-" التحريفية لا تساوي الإنتهازية ... " و يتابع ليقول " قد تأخذ الإنتهازية شكل التحريفية" . إذن التحريفية شكل من أشكال الإنتهازية و ليس لها مضمون و شكل خاصين و " لا تساوي الإنتهازية" !!!
2- " تكون الإنتهازية اليسارية غالبا ردّ فعل غير صحيح على الإنتهازية اليمينية و على القمع الرهيب الذى تمارسه البرجوازية و الطبقات الرجعية الأخرى". لا ليس صحيحا . هل كانت الإنتهازية اليسارية التروتسكية مثلا ردّة فعل على إنتهازية يمينية داخل الحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفي) ؟ لا البتّة. لها أسبابها و دواعيها و دوافعها التى شرحها ستالين بإسهاب و ليس هذا مجال التوسّع فيها.
هذا من جهة و من جهة أخرى، ألا يولّد ذات القمع الإنتهازية اليمينية أيضا؟ بلى. و عندئذ نلاحظ أنّ موضوعات " الحديدي" الدغمائية التحريفية الخوجية مملّة و غير جدّية.
و نلفت الإنتباه إلى تجاهل كاتب المقال عن الإنتهازية ما سمّاه الإنتهازية الوسطية رغم أنّه فى " إغتيال ستالين..." إعتبر ماو و أنور خوجا " إنتهازيين وسطيين"- و الحال أنّ ماو ليس كذلك- .و تتبيّن هذه اللخبطة الفكرية أيضا فى أنّ هذا البلشفي /الخوجي يسقط من رؤيته حتى مثالا آخر تاريخيّا شهيرا كان بإمكانه إستغلاله فى " تنظيره" :" بوخارين ، من أصدقاء تروتسكي القدامي فى "المعارضة اليسارية" ، و بعد أن قام بمراوغة نحو اليسار ، أصبح زعيم الإنحراف اليميني داخل الحزب.." . إنّه لا يربط بين الممارسة العملية و التنظير فهو لا يفهم العلاقة الجدلية بينهما و" ينظّر" بعيدا عن الواقع فينتج معرفة مشوّهة ، ناقصة غير مادية جدلية، ما هي بالعميقة و لا هي شاملة.
وأيضا نلفت الإنتباه إلى تغييبه المتعمّد للدغمائية بما هي تمسّك أعمى بالمبادئ العامة و إنكار لخصوصيات الواقع الملموس و ضرورة تحليله تحليلا ملموسا و بالتالى عدم فهم العلاقة الجدلية بين العام و الخاص و بين النظرية و المارسة العملية. و يعزى هذا التغييب بالتأكيد إلى كونه هو و الخوجيين دغمائيّون وهو لا يرغب طبعا فى تقديم مفهوم يستعمل ضدّه و بتغييبه لذلك المفهوم يفلت من التوصيف و كشف دغمائيته هو لدي من يعتمد تنظيراته . و هذا وجه من وجوه المثالية و الميتافيزيقية لدى الخوجيين و الوجه الاخر هو عدم فهم العلاقة الجدلية بين التحريفية كإنتهازية يمينية و الدغمائية كإنتهازية يسارية و إمكانية تحوّل الإنحراف اليساري أو اليسراوي إلى إنحراف يميني و العكس بالعكس على الرغم من ذكر مثال تاريخي لذلك.
و كمثال إضافي لذلك تحوّل الفرق الخوجية فى تونس من " اليسراوية" و إقتراح ثورة إشتراكية ثمّ بنسخة معدّلة ثورة ديمقراطية وطنية لدى حزل العمّال و ما فرّخه أو عند" الوطد " و سلطة " العمّال و الفلاحين " فحسب ؛ إلى النقابوية الفجّة و التحالف مع الإخوانجية (حزب العمّال) و خضوع "الوطد" لسنوات إلى البيروقراطية النقابية و مشاركته هو و حزب العمّال فى المسرحية الإنتخابية و تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية بالترويج لما حدث فى تونس على أنّه " ثورة ". و بما أنّ الطيور على أشكالها تقع ، نجد حزب العمّال و "الوطد" الذين لبسوا لبوسا " يسارية " سابقا فى صراعهم ضد الماوية كل ّ من زاويته و إن كانا الأوّل خوجي مفضوح و الثاني خوجي متستّر، يلتقيان فى تحالف المرّة تلو المرّة عاملين فى إطار الدولة القائمة لا ضدّها – و لا حتى ضد حكومة النهضة حسب حمه الهمّامي- مخالفين الفهم الماركسي- اللينيني للدولة و للديمقراطية إلخ و ضد المصالح الجوهرية للشعب و ما تقتضيه الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية من إعداد و توجّهات و إستراتيجيا و تكتيك و أشكال تنظيمية إلخ.
لقد صرّح لينين فى " حول الديالكتيك":
" إنّ التطوّر هو " نضال" الأضداد. إنّ مفهومي ( أو المفهومين الممكنين؟ أو المفهومين اللذين يعطيهما التاريخ؟) التطوّر الجوهريين هما : التطوّر بوصفه نقصانا و زيادة ، بوصفه تكرارا ، و التطوّر بوصفه وحدة الأضداد ( غزدواج ما هو واحد ، إلى ضدين ينفى أحدهما الآخر ، و العلاقات بين الضدّين " .
و شرح ماو تسى تونغ فى " لنخدم الشعب " الموقف المبدئي من النقد و إن أتى من غير الرفاق فما بالك بالنقد البنّاء و المبدئي من الرفاق قائلا :
" إذا كانت لدينا نقائص فنحن لا نخشى من تنبيهنا إليها و نقدنا بسببها، ذلك لأنّنا نخدم الشعب. فيجوز لكلّ إنسان – مهما كان شأنه- أن ينبّهنا إلى نقائصنا. فإذا كان الناقد مصيبا فى نقده ، أصلحنا نقائصنا ،و إذا إقترح ما يفيد الشعب عملنا به" ( 8 سبتمبر- أيلول -1944- المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث).
لينين و ماو تسى تونغ يفهمان الواقع المادي والجدلية و التناقض كوحدة أضداد و العلاقة الجدلية بينهما فى حين يتشدّق البلشفي قشرة و الخوجي لبّا ب" ردّة فعل" و ينفى تمام النفي و ينكر تمام الإنكار إمكانية تحوّل الضدّ إلى ضدّه و هكذا لا يرقى فهم هذا " المنظّر البلشفي" إلى مستوى فهم شاعر قال - إن لم تخنني الذاكرة- "... قتلتنا الردّة ، كلّ يحمل فى داخله ضدّه" !!!
و عن الدغمائية التى تناساها " البلشفي"، لخّص ماو تسى تونغ التجارب فحدّد :
" إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ،و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم.فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها ، إلاّ أنّ المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدان و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية .و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي." ( ماو تسى تونغ )"

8- إعتماد الإنتقائية لتشويه جوهر المواقف الماوية:
عند تقييم وثائق حزب شيوعي من وجهة نظر بروليتارية و بمنهج مادي جدلي وفق المادية تاريخية، من المفروض أن نتوغّل فى ثناياها و نبرز ما هو صحيح و ما هو خاطئ و نشرح الأسباب المادية وراء تلك الأخطاء .على وجه العموم هذا المفروض شيوعيّا غير أنّ البلشفي / الخوجي يتناول وثائق الحزب الشيوعي الصيني لغرض واحد هو إقتلاع جملة أو جمل من إطارها و إنزالها فى إطار آخر لقذفها بعد تلوينها باللون الذى يريد فى وجه ماو تسى تونغ و الماويين.
لم يعرض على القرّاء المضامين الجوهرية للوثائق الماوية ( سبق و أن قلنا أن فى تلك الوثائق جوانب ثانوية قابلة للنقد) و يركّز على تشويه ما ينتقيه من جمل فتستحيل تلك الوثائق التى لطالما إستغلّها الماركسيّون – اللينينيون عبر العالم فى القتال ضد التحريفية المعاصرة بارهاطها المتنوّعة إلى سلاح دغمائي تحريفي خوجي لبّا و بلشفي قشرة ضد ماو تسى تونغ و بالتالى ضد الماركسيين- اللينينيين و طبعا ضد المادية التاريخية .ولننظر معا فى الأساليب التى إعتمدها فى نصّ ( " إغتيال ستالين...").
1- " البعض" تتحوّل بمثالية ذاتية إلى "كل":
" اتخذ ماو والحزب الشيوعي الصيني موقفا مغايرا تماما حيث يعتبران أن كل تطور الثورة الصينية كان مناقضا لخط ستالين والكومنترن. يقول الحزب الشيوعي الصيني بعد فترة طويلة من وفاة ستالين : « منذ فترة بعيدة، قد مر الشيوعيون الصينيون في تجربتهم الشخصية الخاصة ببعض أخطاء ستالين. اُرْتُكبت أخطاء خطوط داخل الح.ش.ص. فقد كانت إما انتهازية »يسارية" أو يمينية. في ما يتعلق بأسبابها العالمية، اُرْتُكب البعض منها تحت تأثير بعض أخطاء ستالين. منذ نهاية العشرينات، ثم خلال الثلاثينات، و أخيرا في بداية و أواسط الأربعينات، عمل الماركسيون اللينينيون، و الرفاق ماوتسي تونغ و ليو شاوشي كممثيلهم، على محاصرة تأثير بعض أخطاء ستالين، ثم، بعد القضاء بالتدريج على الخطوط الخاطئة لكل من الانتهازية "اليسارية" و اليمينية، قادوا في النهاية الثورة الصينية إلى النصر."(حول مسالة ستالين)"
2- " أصحاب نزعة الجمود العقائدي "[ الدغمائية] يحوّلهم البلشفي / الخوجي بمثالية ذاتية إلى " الخطّ البلشفي" كما يحوّل "هزيمة " إلى " تصفية":
" ويعترف ماو بتصفيته للخط البلشفي داخل الحزب الشيوعي الصيني بعبارات في غاية الوضوح : " وفي تاريخ الحزب الشيوعي الصيني ، من عام 1931 إلى عام 1934 ، كان أصحاب نزعة الجمود العقائدي ينكرون خصائص الصين ، وينسخون تجربة ما عن الثورة الروسية : مما أدى إلى حلول هزيمة خطيرة بالقوى الثورية في البلاد . وقد كانت هذه الهزيمة كبيرة لحزبنا . وفي المرحلة الواقعة بين الجلسة الموسعة التي عقدها المكتب السياسي للجنة المركزية في تسوني عام 1935 وبين المؤتمر الوطني السابع الذي انعقد في عام 1945 ، قضى حزبنا قضاء تاما على نهج الجمود العقائدي هذا الذي سبب ضررا كبيرا" (من جديد حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا- هيئة تحرير الجريدة الصينية جين مين جهباو- 29 ديسمبر 1956).
3- الحديث عن أخطاء ستالين من منطلق نقد رفاقي بنّاء لماركسي عظيم يتحوّل إلى " تقديم التبرير السياسي لإغتيال ستالين"!
" مهما يكن من أمر فالأكيد أنه قدم التبرير السياسي لاغتيال ستالين. يقول الحزب الشيوعي الصيني : " إن بعض أخطاء ستالين قد تحولت في آخر مرحلة من حياته إلى أخطاء خطيرة طويلة الأمد وعلى صعيد الدولة ، ولم يكن من الممكن إصلاحها في الوقت اللازم لأنه كان قد انقطع عن الجماهير والجماعة إلى حد ما وبقدر ما ، وكان قد انتهك مبادئ المركزية الديمقراطية في الحزب والدولة ." (من جديد حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا هيئة تحرير الجريدة الصينية جين مين جهباو).
4- و حين ينقد الماويون ميلا لدي ستالين إلى شوفينية الدولة الكبيرة ، يقلب البلشفي / الخوجي الأمر رأسا على عقب فيصبح ذلك فضحا لمنطلقات ماو و الحزب الشيوعي الصين " القومية البرجوازية "!
- "ويفضح ماو والحزب الش الص منطلقاتهم القومية البرجوازية في الهجوم على ستالين. يقول : " وكما قيل اعلاه ، ان ستالين كان يبدي في علاقاته مع الاحزاب الشقيقة والبلدان الشقيقة ميلا ما الى شوفينية الدولة الكبيرة . وقوام هذا هو الاستخفاف بالوضع الاستقلالي والمتساوي للاحزاب الشيوعية والبلدان الاشتراكية في الوحدة الاممية" (من جديد حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا-هيئة تحرير الجريدة الصينية جين مين جهباو- 29 ديسمبر 1956).
5- و إن نقد ماو خطأ لستالين يضحى ذلك " لعب ماو دورا قذرا ونشيطا في دعم الانقلاب الخروتشوفي و التصدي للستالينيين في الاتحاد السوفيتي وخارجه الذين أدانوا التحريفية "( و طبعا دون تحديد من هم الستاليينيين فى الإتحاد السوفياتي و خارجه فى الخمسينات و الستينات!!!).
6- و إن ذكر خطأ المبالغة فى دور ستالين الخاص ، يمسى" دعم ماو والحزب الش الص للهجوم على ستالين تحت يافطة "عبادة الشخصية" ( و قد أوضحنا بجلاء موقف ماو من مسألة "عبادة الشخصية" أعلاه).
- ""...بيد ان ستالين ، بعد ان حاز على حظوة كبيرة لدى الشعب ، سواء في داخل الاتحاد السوفياتي أم خارجه ، بتطبيقه الخط اللينيني تطبيقا صحيحا ، وقع في خطأ المبالغة في دوره الخاص وعارض القيادة الجماعية بسلطته الشخصية . ونجم عن ذلك أن بعض أعماله سارت في طريق مخالف لمباديء الماركسية – اللينينية ( "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية - جريدة جيمنجباو))). )) في 5 نيسان 1956) البروليتاريا"

و هلمجرّا من الشطحات البلشفية / الخوجية . و ندعوكم لمطالعة الوثائق الماوية بأنفسكم لا بعيون بلشفية / خوجية دغمائية تحريفية و ستكتشفون كنهها و جوهرها الذي بسطناه فى العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة!" على النحو التالي : "
ثلاث وثائق تاريخية
----------------------------------------------------------------------------------------------
و لأننا نسلط المجهر على مسألة ستالين حصرا و لا نود الإطناب حدّ بعث الملل ، سنتطرق إلى الثلاث الوثائق الأولى التي مرت بنا في الصفحات السابقة دون غيرها وهي وثائق كتبت الأولى و الثانية:" حول التجربة التاريخية..." و "مرة أخرى حول التجربة التاريخية..." سنة1956 و1957 و الثالثة " حول مسألة ستالين" سنة1963 . و تجدر الملاحظة أن النصين الأولين منظور إليهما الآن بعد مزيد مراكمة التجارب و التنظيرات تضمنا مواقفا صحيحة تظل كذلك جوهريا إلى الآن مع بعض المواقف الثانوية غير الواضحة تمام الوضوح و القابلة للنقد البناء. و لا يفوتنا أن نحيل من يرنو للتعمق فى نقد ماو لكتاب الإقتصاد السياسي المصاغ فى ظل ستالين إلى كتاب" ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية " نشر سوي بفرنسا سنة 1975 ضمن سلسلة " سياسة ".
"حول التجربة التاريخية لدكتاتورية الربوليتاريا" ( أفريل 1956)
مقتطف هام من النص الأول وثقه باتريك كاسال فى كتاب ضمن سلسلة 10/18 الفرنسية تحت عنوان " الشيوعيون الألبان ضد التحريفية " المخطوط سنة 1974 ( نعيد سنة 1974 حين لم يتجرأ أنور خوجا على النبس بكلمة واحدة ضد ماو لا بل بالعكس كان يكن له و يفصح عن كل التقدير و الإحترام و لم ينقلب على مواقفه تلك إلا أواخر السبعينات، بعد وفاة ماو .زيادة على أن باتريك كاسال حينها كان موضوعيا يؤرخ و يثبت وقائع التاريخ و لم يتموقع بعدُ ضد الماوية إلى جانب الخوجية . ومن هنا يأتي خيار التعويل على الكتاب كمصدر غير ماوي ).
تحديدا بالصفحة 107 ، يوضح المقتطف كيف أن الصينيين و قائدهم ماو شددوا ، فى 4 أفريل 1956 بعد شهرين و نيف من المؤتمر العشرين السيئ الصيت ، شددوا على عكس التحريفيين السوفيات على مساهمات ستالين الخالدة فى إثراء بناء صرح الإشتراكية العلمية ذاهبين بذلك ضد التيار الجارف للتحريفية و مناهضينها على طول الخط : " بعد وفاة لينين ، مارس ستالين كقائد رئيسي للحزب و الدولة الماركسية-اللينينية و طورها بشكل خلاق. فى صراعه من أجل الدفاع عن الإرث اللينيني ضد أعدائه – التروتسكيين و الزينوفيافيين و عملاء آخرين للبرجوازية – ترجم ستالين إرادة الشعب و برز كقائد لامع مناضل فى سبيل الماركسية-اللينينية . إذا كان ستالين كسب سند الشعب السوفياتي و لعب دورا تاريخيا هاما فيعزى ذلك قبل كل شيء إلى كونه دافع مع قادة آخرين للحزب الشيوعي السوفياتي ، عن خط لينين المتعلق بتصنيع بلاد السوفياتات و مشركة الفلاحة. فحقق الحزب الشيوعي السوفياتي بوضعه هذا الخط موضع الممارسة ، حقق إنتصار الإشتراكية فى بلاده و خلق ظروف إنتصار الإتحاد السوفياتي فى الحرب ضد هتلر. كل هذه الإنتصارات التى حققها الشعب السوفياتي تتماشى مع مصالح الطبقة العاملة فى العالم قاطبة و الإنسانية التقدمية جمعاء و لذلك فإن إسم ستالين يتمتع بصفة طبيعية جدا بمجد عظيم عالميا."
و فى كتاب جان بابى ، ضمن منشورات برنار غراسي ، باريس 1966 ، وعنوانه " الجدال الكبير الصيني –السوفياتي " ثمة الفقرات التالية مقتطفة من "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا" : " على كل قائد أن يكون متواضعا و حذرا إلى أقصى حد و في إرتباط حميمي بالجماهير و أن يشاورها في كل المواد و أن يقيم بحوثا و فحوصا متكررة للوضع الحقيقي و أن يمارس النقد والنقد الذاتي طبقا للظروف و بالدرجة التي تتعين . بالضبط لأن ستالين لم يعمل على هذا النحو فقد قام فى الفترة الأخيرة من حياته ببعض الأخطاء الخطيرة فى عمله كقائد للحزب و الدولة . لقد صار مفتونا بذاته و قل حذره و ظهرت الذاتية في فكره و كذلك ظهر توجه للإكتفاء برؤى جزئية . و قد إتخذ قرارات خاطئة حول بعض المسائل الهامة الشيء الذي خلف نتائج وخيمة جدا." ( الصفحة20 ، التسطير من وضعنا)
و من أهم تلك القرارات ما يتعلق بدستور 1936 و تقنين عدم وجود صراع طبقي و تناقضات فى المجتمع الإشتراكي مما جعله لا يفهم كما ينبغى قوانين النظام الإشتراكي من ناحية صراع الطبقات و التناقض بين البنية التحتية و البنية الفوقية كما سلف تحليل ذلك . و هذا بالفعل خطأ جسيم عمليا و أيضا نظريا ف" نكران وجود تناقضات هو نكران الديالكتيك" (الصفحة 21).
و ذات الديالكتيك ، مطبقا على مسألة ستالين، يعنى عدم رؤية الرفيق كمظهر واحد بل بالأحرى كوحدة أضداد تحمل مظهر صواب هو الرئيسي و مظهر خطإ هو الثانوي و بإعتبار أن فى التقييم العام للحزب الشيوعي الصيني لستالين وقع تبنى صيغة علاقة سبعة صواب بثلاثة خطأ ، فإن "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية الروليتاريا " يلفت النظر الى أنه : " من المهم التشديد هنا على أنه يجب أن نواصل دراسة أعمال ستالين بإنتباه كما فعلنا ذلك إلى حد الآن و أن نواصل الإستشهاد ، كإرث تاريخي هام ، بكل ما فيها من مفيد لا سيما فى عديد الأعمال التي تدافع عن اللينينية و أن نستخلص تقييما صحيحا لتجربة البناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي ..." .
و عليه يظل الموقف الماوي رافعا راية ستالين عاليا مع التعامل مع أخطائه بصورة نقدية لا تنقص من قيمته كماركسي عظيم كما عبر عن ذلك ماو تسي تونغ.
"مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا"( ديسمبر 1957)
و جاء " مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " متمما للتحليل الوارد فى الوثيقة السابقة و ذلك فى 29 ديسمبر 1957 ، عقب ما حدث فى المجر و بولونيا من إنتفاضات و مواجهات مع السلطة هناك. محللين الروابط التاريخية بين تلك البلدان و الاتحاد السوفياتي و كيفية تعامل ستالين معها، أشار الرفاق الصينيون إلى بعض أخطاء ستالين : " هذه الأخطاء برزت بالخصوص في ما يتصل بالقضاء على الثورة المضادة و العلاقات مع بعض البلدان ". إن القضاء على الثورة المضادة ضروري و واجب على كل ثورية و ثوري وكل ثورة فى نضالهم من أجل الحفاظ على ذواتهم و التقدم بخطى راسخة نحو تعميق تثوير المجتمع إلآ أن ستالين " إتهم مجانيا عديد الشيوعيين و المواطنين الصالحين". و فى العلاقات مع البلدان الشقيقة و الأحزاب الشقيقة ، قام بأشياء جيدة كثيرة " لكن حين معالجة بعض المشاكل الملموسة أظهر توجها نحو شوفينية الأمة الكبيرة و لم يلتزم بما فيه الكفاية بروح المساواة .و كان ذلك يمثل قضية بسيطة لو أنه ربى مجمل الكوادر على روح التواضع. و أحيانا كان يتدخل عن غير حق فى الشؤون الداخلية لبعض البلدان الشقيقة و بعض الأحزاب الشقيقة فكانت لذلك عدة نتائج خطيرة." ( الصفحة 28 من " الجدال الكبير الصيني - السوفياتي")
و نظرا لضرورة البحث فى الأسباب العميقة التى أدت إلى هذه الأخطاء بهدف الإحاطة بها و إستيعابها ومن ثمة تجنب السقوط فيها مستقبلا بالقضاء على مسبباتها و أخذ العبرة منها ، طرح الشيوعيون الصينيون و ماو على رأسهم سؤال كيفية تفسير تلك الأخطاء و أجابوا ، بعد البت فى الشأن ، بأن التجربة الأولى للإشتراكية و الظروف الصعبة التى كان الإتحاد السوفياتي يمر بها داخليا و خارجيا يمكن أن تفسر الى حدود تلك النواقص و " لكن لوحدها هذه الظروف الموضوعية لا تكفى لكي تتحول إمكانية السقوط فى الأخطاء الى أخطاء واقعيا. ففى ظروف أعقد و أصعب من تلك التى وجد ستالين نفسه فيها ، لم يقم لينين بأخطاء مماثلة لأخطاء ستالين . هنا، العامل الحيوي هو ذهنية الرجل. خلال الفترة الأخيرة من حياته ، سمح ستالين لنفسه بالاصابة بغرور الإنتصارات و التمجيد المتواصل و فى طريقة تفكيره إبتعد جزئيا لكن بصفة خطيرة عن المادية الجدلية ليسقط فى الذاتية . لقد إعتقد فى حكمته الخاصة و موهبته الخاصة ، و لم يرد أن يقدم على دراسة جدية لواقع معقد ذو مظاهر مختلفة، و لم يرد أن يعير أذنا صاغية لرأي رفاقه و لصوت الجماهير . بالنتيجة ، عادة ما أعطى توجيهات و إتخذ إجراءات سياسية كانت تتضارب مع الواقع الموضوعي." ( نفس المصدر السابق ،الصفحة29)
وينتهى المقال الى إستخلاص " مأساة ستالين أنه إعتقد وهو بالذات يقوم بالأخطاء أن أعماله كانت ضرورية للدفاع عن مصالح العمال ضد هجمات العدو ... ناظرين الى المسألة من كافة جوانبها ، إن كانت ثمة ضرورة للكلام عن "الستالينية " ، لا يمكننا أن نقول إلا ما يلي : "الستالينية " هي قبل كل شيئ الشيوعية ، الماركسية اللينينية .هذا هو مظهرها الرئيسي. فى ما عدا ذلك ، فهي تتضمن أخطاء خطيرة إلى أبعد حد ينبغى إصلاحها بجذرية و هي مناقضة للماركسية-اللينينية . نعتقد لو قارنا أخطاء ستالين و ما أنجزه فإن الأخطاء لا تحتل سوى المركز الثاني " (نفس المصدر السابق ، الصفحة 30).
مرة أخرى و تكرارا " –الستالينية-هي قبل كل شيئ الشيوعية ، الماركسية –اللينينية". لا أوضح من هذه الصيغة سنة 1957حينما كانت الغالبية الساحقة للأحزاب و المنظمات الشيوعية إما تعيد كالببغاوات كلمات المؤتمر العشرين السيئ الصيت أو هي فى حيرة من أمرها لا تدري ما الموقف الذى يتعين إتخاذه و عهدذاك كان حزب العمل الألباني المدعي أنه ( و المدَعي أنه ) أول من أطلق الرصاص على التحريفية السوفياتية يكيل المديح للمؤتمر العشرين دون إبداء أي تحفظ و كتابات خوجا خلال تلك السنة و كذلك " البرافدا" بتاريخ 8 نوفمبر 1956 تشهدان بذلك.
و دفاعا عن ستالين الماركسي العظيم ضد شتى أرهاط التحريفية ، شن المقال الماوي "مرة أخرى..." هجوما ضد تيتو و كل من عملوا على تحطيم ستالين و بالتالي تحطيم الماركسية- اللينينية : " الآن ، إتخذت تصريحات الرفيق تيتو هدفا لها " الستالينية " و "الستالينيين " و يدعى فى الوقت الحاضر أن المسألة هي معرفة من سينتصر : " الخط الذى بادرت به يوغسلافيا " أو الخط المدعو ب"الستالينية ". هذا الموقف خاطئ و لا يمكن إلا أن يقود الحركة الشيوعية الى الإنشقاق" . ( نفس المصدر السابق ، الصفحة 31).
و فى الجزء الثالث منه يناهض "مرة أخرى ..." الأطروحة التحريفية السوفياتية القائلة بأن الدغمائية فى الحركة الشيوعية العالمية هي العدو الرئيسي ، ليدافع عن ستالين و عن أولوية توجيه سهام النقد للتحريفية رئيسيا. " الدغمائيون لا يفهمون أن الحقيقة العالمية للماركسية-اللينينية لا يمكن أن تظهر بالملموس و تلعب دورا فى الحياة الواقعية إلا عبر الخصوصيات القومية ...لذلك هم غير قادرين على قيادة البروليتاريا إلى الإنتصار .
أخطاء ستالين ساعدت على إنتشار الدغمائية إذن من اللازم الصراع ضد هذا الإنحراف . إلا أنه بالصراع بصورة خاطئة ضد "الستالينية " طور بعض الرفاق تيارا تحريفيا يعنى تيارا يتجه نحو تحريف الماركسية-اللينينية " .
---------------------------------------------
تلك مقتطفات من " حوال التجربة ..." و من "مرة أخرى حول ..." و هي تعبر عن حقائق تاريخية فى ما يتصل بكيفية معالجة ماو و الشيوعيين الصينيين لمسألة ستالين بكل جرأة و كل علمية و نزاهة ومنهج مادي جدلي، من منظور بروليتاري . و يشهد الصراع الشيوعي الماوي ضد التحريفية معاركا فمعاركا حتى يبلغ مرحلة الهجوم المباشر العلني و بالإسم على أعمدة الجرائد و كل وسائل الإعلام فى حرب ضروس لا هوادة فيها. و يأتى "حول مسألة ستالين" عارضا المسألة من كافة جوانبها متصديا للتحريفية و ممثلي البرجوازية الجديدة فى الاتحاد السوفياتي معيدي تركيز الرأسمالية فى أول بلد إشتراكي عرفه التاريخ.
--------------------------------------------------------------
" حول مسألة ستالين "(1963)
" حول مسألة ستالين" هو تعليق ثان ضمن جملة من التعليقات على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي بقلم هيئتي تحرير صحيفة "جينمين جيباو" و مجلة " العلم الأحمر" فى 13 سبتمبر(أيلول)1963 (دار النشر بالغات الأجنبية –بالعربية ، بيكين 1963)
+ ما هي التهمة التى توجهها الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي للحزب الشيوعي الصيني ؟
" إن الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي تتجنب أي رد على حججنا القائمة على المبدأ و تتهم فقط الشيوعيين الصينيين بأنهم " يدافعون عن عبادة الفرد و ينشرون أفكار ستالين الخاطئة " (ص2) و فى هذا صفعة للخوجيين فعظم لسان التحريفيين السوفيات يقر حقيقة (بالنسبة لهم تهمة) دفاع الشيوعيين الماويين عن ستالين.
+ ما هي أهمية مسألة ستالين؟
" و الموقف الدائم للحزب الشيوعي الصيني هوأن مسألة موازنة أعمال ستالين و الموقف الذى يتخذ إزاءه ليست فقط مسألة تقدير ستالين نفسه، بل الأهم هو أنها مسألة تلخيص الخبرة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا و للحركة الشيوعية العالمية منذ وفاة لينين و الكيفية التى يتم بها هذا التلخيص...ستالين كان قائد الحركة الشيبوعية العالمية ، و بالتالي لا يستطيع أحد أن ينكر أن موازنة أعمال ستالين هي مسالة مبدئية هامة تمس كل الحركة الشيوعية العالمية . فعلى أي أساس إذن يمنع قادة الحزب الشيوعي السوفياتي الأحزاب الشقيقة الأخرى من القيام بتحليل و موازنة واقعيين لأعمال ستالين؟ " (ص3)
وهذا موقف صائب و ثوري فى وجه التحريفية و بالفعل قام الشيوعيون الماويون بتحليل و موازنة واقعيين لأعمال ستالين بالرغم عن التحريفيين السوفيات و فى تناقض كلى معهم.
+ كيف ينبغي أن يجري تقييم ستالين؟
" لقد أصر الحزب الشيوعي الصيني دائما على إجراء تحليل شامل موضوعي علمي لمآثر ستالين و أخطائه بأسلوب المادية التاريخية و على عرض التاريخ كما حدث فعلا ، و عارض إنكار ستالين هذ ا الإنكار الذاتي الفض تماما الذى حدث نتيجة إستخدام أسلوب المثالية التاريخية و تشويه التاريخ و تعديله عن عمد.
لقد رأى الحزب الشيوعي الصيني دائما أن ستالين قد إرتكب أخطاء كانت لها جذورها الإيديولوجية و الإجتماعية و التاريخية . و من الضروري أن تُنتقد الأخطاء التى إرتكبها ستالين فعلا لا الأخطاء التى عُزيت اليه بلا أساس ، بشرط أن يكون هذا النقد من موقف صحيح و بالأساليب الصحيحة . و لكننا عارضنا دائما نقد ستالين نقدا غير ملائم و صادرا عن موقف خاطئ و بأساليب خاطئة " (ص4)
و صفعة أخرى للتحريفيين السوفيات و الخوجيين جميعا.
+ ما هي مآثر ستالين ؟
" عندما كان لينين على قيد الحياة حارب ستالين القيصرية و بث الماركسية ، و بعد أن أصبح عضوا فى اللجنة المركزية للحزب البلشفى برئاسة لينين ، ساهم فى النضال لتمهيد الطريق لثورة عام 1917 و بعد ثورة أكتوبر ، كافح للدفاع عن ثمار الثورة البروليتارية .
و بعد وفاة لينين ، قاد ستالين الحزب الشيوعي السوفياتي و الشعب السوفياتي فى النضال الحازم ضد الأعداء الداخليين و الخارجيين ولصيانة و تعزيز أول دولة إشتراكية فى العالم .
و قاد ستالين الحزب الشيوعي السوفياتي و الشعب السوفياتي فى التمسك بخط التصنيع الإشتراكي و الجماعية الزراعية و فى إحراز نجاحات عظيمة فى التحول و البناء الإشتراكيين . و قاد ستالين الحزب الشيوعي السوفياتي و الشعب السوفياتي و الجيش السوفياتي فى شن نضال مرير شاق حتى إحراز النصر العظيم فى الحرب ضد الفاشية.
و دافع ستالين عن الماركسية - اللينينية و طورها فى الكفاح ضد مختلف أنواع الإنتهازية و ضد أعداء اللينينية – التروتسكيين و الزينوفيافيين و البوخارينيين و غيرهم من عملاء البرجوازية .
لقد قدم ستالين مساهمة لا تنسى للحركة الشيوعية العالمية فى عدد من مؤلفاته النظرية التى هي مؤلفات ماركسية –لينينية خالدة.
لقد قاد ستالين الحزب السوفياتي والحكومة السوفياتية فى إتباع سياسة خارجية كانت تتفق بصورة عامة مع الأممية البروليتارية و قدم مساعدة عظيمة للنضالات الثورية لدى الشعوب قاطبة بما فيها الشعب الصيني.
لقد وقف ستالين فى مقدمة مد التاريخ موجها للنضال و كان عدوا لا يصالح للمستعمرين و الرجعيين بأسرهم.
لقد كانت نشاطات ستالين مرتبطة إرتباطا وثيقا بنضالات الحزب الشيوعي السوفياتي العظيم و الشعب السوفياتي العظيم و لا تنفصل عن النضالات الثورية لشعوب العالم قاطبة.
و كانت حياة ستالين حياة ماركسي لينيني عظيم و ثوري بروليتاري عظيم" (ص4-5)
و هذه الجوانب المضيئة التى يرفعها عاليا الشيوعيون الماويون تدحض الظلمات التحريفية السوفياتية و أكاذيب الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين.
ما هي أخطاء ستالين؟ +
" و حقيقة أن ستالين ، هذا الماركسي- اللينيني العظيم و الثوري البروليتاري العظيم ، إرتكب أخطاء معينة بينما كان يقدم مآثره للشعب السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية . كانت بعض هذه الأخطاء أخطاء مبدئية و بعضها حدث أثناء النشاط العملى ، كما كان بعضها ممكنا تجنبه و كان عسيرا تجنب بعضها الآخر فى وقت لم تكن فيه لدكتاتورية البروليتاريا أي سابقة تقتدى بها.
و حاد ستالين بإتباع طريقة تفكيره عن المادية الديالكتيكية ووقع تحت رحمة المثالية و النزعة الذاتية فيما يتعلق بقضايا معينة ، و هكذا إبتعد أحيانا عن الواقع و عن الجماهير. و فى النضال داخل الحزب و خارجه خلط كذلك فى مناسبات معينة و حول مسائل معينة بين نوعين من التناقضات مختلفين فى طبيعتهما هما التناقضات بين أنفسنا و العدو و التناقضات بين الشعب ، كما خلط بين الأساليب المختلفة المطلوبة لمعالجة هذه التناقضات. و أثناء قيادة ستالين لقمع الثورة المعادية نال عدد كبير من المعادين للثورة ما إستحقه من عقاب ، و لكن فى الوقت نفسه عوقب عدد من الأبرياء بصورة خاطئة. و فى عامي 1937 و 1938 تعدى نطاق قمع المعادين للثورة حدوده و كان خطأ. و فيما يتعلق بتنظيم الحزب و الحكومة لم يطبق ستالين بصورة كافية المركزية الديمقراطية البروليتارية ، بل خرقها إلى حد ما. كما إرتكب بعض الأخطاء فى معالجة العلاقات بين الأحزاب و الأقطار الشقيقة ، و كذلك أخطأ النصح أحيانا فى الحركة الشيوعية العالمية .و نجم عن هذه الأخطاء بعض الخسائر التى لحقت بالاتحاد السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية." (الصفحة 5-6)
"و لقد كان ستالين قادرا على نقد نفسه عندما كان يرتكب خطأ ما. فمثلا ، أخطأ النصح في ما يتعلق بالثورة الصينية. و بعد إنتصار الثورة الصينية ، إعترف بخطئه .كما إعترف ستالين أيضا ببعض أخطائه فى عمل تطهير صفوف الحزب ، فى تقريره للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفيك)عام 1939" (الصفحة 17). (التسطير من وضعنا)
التحريفيون السوفيات لم يقوموا بأي تقييم موضوعي لأعمال ستالين الواقعية و هذا من مأتاه لا يستغرب لأن شغلهم الشاغل ليس التقدم بتجربة دكتاتورية البروليتاريا و إنما تحطيمها من خلال تحطيم ستالين و الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون هم أيضا ما أنجزوا المطلوب و لا ذكر لديهم لأخطاء ستالين مهما كانت فهم لا يتبنون " إزدواج الواحد" كمقولة لينينية و لا يطبقونها همهم ليس الدفاع عن ستالين و التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا و إنما القدح فى الماركسية -اللينينية من خلال القدح فى الماوية و إستعمال الدفاع الأعمى عن كل نشاط و عمل ستالين لذلك الغرض .
ما علاقة مآثر ستالين بأخطائه و ما هي كيفية التعامل مع الأخطاء ؟ +
" ان مآثر ستالين و أخطاءه هي حقائق تاريخية و موضوعية و المقارنة بين هذه المآثر و الأخطاء تظهر أن مآثره كانت أعظم من أخطائه . لقد كان فى المقام الأول مصيبا و كانت أخطاؤه ثانوية. و بتلخيص تفكير ستالين و عمله بكليتهما فإن كل شيوعي شريف يحترم التاريخ سينظر بالتأكيد أولا إلى ما شغل المقام الأول فى حياة ستالين. و لذلك عندما توازن أخطاء ستالين موازنة صحيحة و تنتقد و يتم التغلب عليها يكون من الضروري الدفاع عما شغل المقام الأول فى حياة ستالين و الدفاع عن الماركسية اللينينية التى صانها و طورها.و من المفيد إتخاذ أخطاء ستالين التى كانت ثانوية بالنسبة إلى مآثره كدروس تاريخية يعتبر بها شيوعيو الاتحاد السوفياتي والبلدان الأخرى حتى لا يكرروا تلك الأخطاء أو يقللوا من أخطائهم . إن الدروس التاريخية الإيجابية و السلبية مفيدة للشيوعيين بأجمعهم إذا إستخلصت بشكل صحيح و كانت هذه الدروس لا تشوه حقائق تاريخية بل تنطبق معها." ( الصفحة 7)
تعاطي مادي جدلي سليم .هذا ما يمكن قوله .
+ ماهو الموقف الذى إتخذه التحريفون السوفيات تجاه ستالين منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي؟
" إنهم لم يقوموا بتحليل تاريخي علمي شامل لحياة ستالين و أعماله ، بل أنكروه إنكارا كليا بدون أي تمييز بين الصواب و الخطأ.و لم يعاملوا ستالين كرفيق بل عاملوه كعدو . إنهم لم يتخذوا أسلوب النقد و النقد الذاتي لتلخيص الخبرة ، بل ألقوا مسؤولية جميع الأخطاء على ستالين و نسبوا اليه " الأخطاء " التى لفقوها عمدا. إنهم لم يعرضوا الحقائق و لم يناقشوا الأمور ، بل شنوا هجمات ديماغوجية شخصية على ستالين بغرض تسميم عقول الناس. لقد شتم خروتشوف ستالين بأنه " قاتل " و "مجرم" و " قاطع طريق" و "مقامر" و "طاغية من نوع إيفان المرعب" و " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" و " غبي " و "أبله" و هلم جرا و بينما نعيد ذكر هذه الألفاظ القذرة الفاحشة الخبيثة مضطرين نخشى أن يوسخ ذلك قلمنا و ورقنا."(الصفحة 10)
+ ما كان رد الشيوعيين الماويين على تلك الشتائم؟
" لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" ، ألا يعنى ذلك أن الشعب السوفياتي قد عاش ثلاثين سنة طويلة تحت "طغيان" " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي " و لم يعش فى ظل النظام الإشتراكي؟ إن الشعب السوفياتي العظيم و الشعوب الثورية فى العالم أجمع لا توافق بتاتا على هذا الإفتراء!
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "طاغية من نوع إيفان المرعب" ألا يعنى ذلك أن خبرة الحزب الشيوعي السوفياتي العظيم و الشعب السوفياتي العظيم التى توفرت خلال ثلاثين عاما لشعوب العالم قاطبة لم تكن خبرة دكتاتورية البروليتاريا بل خبرة حياة تحت حكم "طاغية " إقطاعي ؟ إن الشعب السوفياتي العظيم و الشيوعيين السوفيات و الماركسيين - اللينينيين فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء!
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "غبي " ، ألا يعني ذلك أن الحزب الشيوعي السوفياتي الذى خاض نضالات ثورية بطولية خلال عشرات السنين الماضية كان قد إتخذ " غبيا " كرئيس له؟ إن الشيوعيين السوفيات و الماركسيين- اللينينيين فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء !
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "أبله" ، ألا يعني هذا أن الجيش السوفياتي العظيم الذى إنتصر فى الحرب ضد الفاشية كان قد إتخذ " أبله" كقائده الأعلى ؟ إن القادة و المحاربين السوفييت الأمجاد و جميع المحاربين ضد الفاشية فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء !
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "مقامر" ، ألا يعنى هذا أن الشعوب الثورية فى العالم قد إتخذت "مقامرا" كحامل رايتها فى نضالاتها ضد الإستعمار و الرجعية ؟ إن جميع الشعوب الثورية فى العالم و من ضمنها الشعب السوفياتي لا توافق بتاتا على هذا الإفتراء!
إن هذا القدح فى ستالين من قبل خروشوف هو إهانة بالغة للشعب السوفياتي العظيم و إهانة بالغة للحزب الشيوعي السوفياتي و للجيش السوفياتي و لدكتاتورية البروليتاريا و للنظام الإشتراكي و للحركة الشيوعية العالمية و للشعوب الثورية فى العالم أجمع و للماركسيين - اللينينيين. فى أي مركز يضع خروشوف الذى إشترك فى قيادة الحزب و الدولة خلال عهد ستالين نفسه حين يضرب صدره و يدق الطاولة و يصيح بأعلى صوته شاتما ستالين؟ أفى مركز المتآمر مع " قاتل" أو "قاطع طريق" ؟ أو فى نفس المركز ك"غبي" أو" أبله"؟
أي فرق هناك بين قدح خروشوف بستالين و بين قدح المستعمرين و رجعيي مختلف البلدان و المرتدين عن الشيوعية بستالين؟ و لماذا يضمر حقدا متأصلا كهذا لستالين؟ و لماذا تتهجمون عليه بصورة أشرس مما تفعلون ضد العدو؟
إن خروشوف بقدحه فى ستالين فى الواقع يشهر بشكل محموم بالنظام السوفياتي و الدولة السوفياتية. إن لهجته فى هذا الخصوص ليست بأي حال أضعف من لهجة المرتدين أمثال كاوتسكى و تروتسكي و تيتو و دجيلاس بل أقوى منها." (الصفحات 10، 11، 12و 13)
" و جدير بالذكر على الخصوص أنه بينما يقدح قادة الحزب الشيوعي السوفياتي بستالين بكل طريقة ممكنة يولون أيزنهاور و كندى و من على شاكلتهما " كل الاحترام و الثقة ". إنهم يقدحون بستالين على أنه "طاغية من نوع إيفان المرعب" و " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" و لكنهم يشيدون بكل من أيزنهاور و كندى ك"حائزين على تأييد الأغلبية الساحقة من الشعب الأمركي "! إنهم يقدحون بستالين على أنه "أبله" و يمدحون أيزنهاور و كندى ك"عاقلين"! فمن جهة يهاجمون بفظاظة ماركسيا- لينينيا عظيما و ثوريا بروليتاريا عظيما و قائدا عظيما للحركة الشيوعية العالمية ، و من الجهة الأخرى يرفعون زعماء الإستعمار إطنابا إلى السماء. فهل هنالك إحتمال بأن تكون الصلة بين هذه الظواهر قد نشأت بمحض الصدفة ؟ أولا يدل المنطق الذى لا يقبل الشك بأنها نشأت نتيجة خيانة الماركسية - اللينينية ؟ " (الصفحة 14-15)
+ و بعد تذكير خروتشوف بمواقفه المساندة لستالين طوال عشرات السنين ، تتطرق الوثيقة إلى تأثير خيانته للماركسية –اللينينية على الحركة الشيوعية العالمية.
" لقد زوّد الإنكار التام لستالين المستعمرين و رجعيي جميع البلدان بذخيرة معادية للسوفيت و معادية للشيوعية تلقوها بترحيب زائد. و بعد المؤتمر العشرين بوقت قصير إستغل المستعمرون تقرير خروشوف السري ضد ستالين ليثيروا موجة عالية على نطاق العالم ضد الإتحاد السوفياتي و ضد الشيوعية. لقد إنتهز المستعمرون و رجعيو جميع البلدان و طغمة تيتو و الإنتهازييون من مختلف الأشكال جميعا الفرصة ليهاجموا الإتحاد السوفياتي و المعسكر الإشتراكي و مختلف الأحزاب الشيوعية. وهكذا واجهت كثير من الأحزاب و البلدان الشقيقة صعوبات خطيرة.
إن الحملة المحمومة التى شنتها قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي ضد ستالين قد مكّنت التروتسكيين الذين غدوا جثثا سياسية منذ أمد طويل من العودة للحياة من جديد ، و من الدعوة مطالبين ب" إعادة الإعتبار " لتروتسكى ...إن التروتسكيين لم يخفوا سرورهم قط عندما أعلنوا أن الحملة التى بدأتها قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي ضد ستالين " قد فتحت الباب للتروتسكية " و أنها "ستساعد كثيرا تقدم التروتسكية و منظمتها – الأممية الرابعة " -(الصفحة 17-18-19)
+ و ماذا عن الرد على "مقاومة عبادة الفرد"؟
" إن قادة الحزب الشيوعي السوفياتي بشنّنهم حملة "مقاومة عبادة الفرد" ليس غرضهم هو العودة الى ما يسمونه ب " المقاييس اللينينية للحياة الحزبية و مبادئ القيادة "، بل غرضهم على النقيض من ذلك هو خرق تعاليم لينين حول العلاقات المتداخلة بين القادة و الحزب و الطبقة و الجماهير و مخالفة مبدأ المركزية الديمقراطية فى الحزب." ( الصفحة 20)
" لقد تمسك الحزب الشيوعي الصيني دوما بالتعاليم الماركسية - اللينينية حول دور الجماهير و الفرد فى التاريخ و حول العلاقات المتداخلة بين القادة و الحزب و الطبقة و الجماهير و تمسك بالمركزية الديمقراطية فى الحزب. لقد تمسكنا دائما بالقيادة الجماعية ، و فى الوقت نفسه نعارض التقليل من دور القادة . و بينما نقيم أهمية لهذا الدور نقاوم تقريظ الأفراد بصورة مفرطة و غير متفقة مع الواقع و المبالغة فى دورهم. و منذ عام 1949 إتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني قرارا، بناء على إقتراح الرفيق ماو تسي تونغ ، يمنع الإحتفالات العامة من أي شكل بأعياد ميلاد قادة الحزب و تسمية المدن و الشوارع و المؤسسات بأسمائهم.
إن موقفنا المثابر الصحيح هذا يختلف أساسيا عن " مقاومة عبادة الفرد" التى تدعو لها قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي . لقد أصبح واضحا أكثر فأكثر أن قادة الحزب الشيوعي السوفياتي بدعوتهم ل"مقاومة عبادة الفرد" لا يرمون إلى تطوير الديمقراطية و ممارسة القيادة الجماعية و مقاومة المبالغة فى دور الفرد كما يدعون ، بل لهم دوافع أخرى . فما هو بالضبط فحوى "مقاومة عبادة الفرد" فى نظرهم؟ إذا تحدثنا بصراحة هو ما يلى:
أولا- أن يضعوا ستالين قائد الحزب بحجة "مقاومة عبادة الفرد" فى موضع معارض لتنظيم الحزب و البروليتاريا و جماهير الشعب ،
ثانيا- أن يلوثوا الحزب البروليتاري و دكتاتورية البروليتاريا و النظام الإشتراكي بحجة " مقاومة عبادة الفرد"،
ثالثا- أن يرفعوا مراكزهم بحجة "مقاومة عبادة الفرد" و يهاجموا الثوريين المخلصين للماركسية - اللينينية حتى يعبدوا الطريق لمدبرى المكائد المحرفين لإغتصاب قيادة الحزب و الدولة ،
رابعا- أن يتدخلوا بحجة "مقاومةعبادة الفرد" فى الشؤون الداخلية للأحزاب و البلدان الشقيقة و أن يسعوا الى قلب قيادة هذه الأحزاب و الأقطار بما يتماشى و إرادتهم،
خامسا- أن يتهجموا بحجة "مقاومة عبادة الفرد" على الأحزاب الشقيقة التى تلتزم بالماركسية - اللينينية و يصدعوا الحركة الشيوعية العالمية.
إن حملة مقاومة "عبادة الفرد" التى شنّها خروشوف هي مكيدة سياسية حقيرة ، فهو ، كما وصف ماركس أحد الأفراد ، " فى عنصره مدبّر للمكائد بينما لا يساوى شيئا كنظرى". (الصفحات 21 و 22)
+ و كيف إختتمت وثيقة "حول مسألة ستالين"؟
" إن الإنتهازيين فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يستطيعوا أن ينكروا ماركس و انجلزو لينين عن طريق الإفتراء ، و لن يستطيع خروشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء .
و كما قال لينين فإن المركز الممتاز لا يضمن نجاح الإفتراء . لقد إستطاع خروشوف أن يستخدم مركزه الممتاز لإبعاد رفات ستالين من ضريح لينين ، و لكن مهما حاول أن يستخدم هذا المركز الممتاز ، فلن يستطيع أبدا أن ينجح فى محو صورة ستالين العظيمة من أذهان الشعب السوفياتي و شعوب العالم قاطبة.
بوسع خروشوف أن يستخدم مركزه الممتاز هذا ليحرف الماركسية - اللينينية بهذه الطريقة أو تلك ، و لكن مهما حاول فلن ينجح أبدا فى أن يطيح بالماركسية- اللينينية التى دافع عنها ستالين و يدافع عنها الماركسيون-اللينينيون فى العالم أجمع.
إننا نود أن نقدم للرفيق خروشوف نصيحة مخلصة : إننا نرجو منك أن تدرك أخطاءك و ترجع عن طريقك الخاطئة الى طريق الماركسية - اللينينية .
عاشت تعاليم ماركس و انجلز و لينين و ستالين الثورية العظيمة! "( الصفحة 26-27)
بعد هذا الكلام لا تعليق سوى : لن يستطيع الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون أن ينكروا ماو تسي تونغ بالإفتراء كما لم يستطع خروشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء و يكفى إلقاء نظرة و لو سريعة على الصراعات الثورية فى عالم اليوم و داخل الحركة الشيوعية العالمية للتأكد من ذلك بما لا يدع أدنى ظل من الشك.
بين، جلي، باهر، مبدئي و ثوري هو موقف الشيوعيين الماويين تجاه الرفيق ستالين و التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا فى الاتحاد السوفياتي و تأسيسا عليه سيتقدم الشيوعيون الصينيو ن بقيادة ماو فى الدفاع عن الماركسية- اللينينية و رفع رايتها و ممارستها و تطويرها عبر الصراع الطبقي و الصراع بين الخطين داخل الحزب الشيوعي الصيني لتبلغ أعلى قمة عرفتها التجربة البروليتارية مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و نظرية مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا مما طور الماركسية بمكوناتها الثلاثة الاقتصاد السياسي و الإشتراكية و الفلسفة المادية الجدلية الى مرحلة جديدة ثالثة و أرقى هي الماركسية-اللينينية-الماوية .

9- إفتراءات بلشفي / خوجي :
" أن ينسب المرء إلى خصمه حماقة بيّنة لكي يدحضها فيما بعد، ليس من أساليب الرجال الأذكياء جدّا"
( لينين" الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى" ، دار التقدّم موسكو ، صفحة 80).
علامة إمتياز سينال " الحديدي " فى مادة الكذب بصدد الماوية لو كان تلميذا فى الإبتدائي و كانت هذه المادّة تدرّس فى مدارس " البلشفية / الخوجية ". و نحن نعلم أنّه بقدر ما يكذب المرء و ما يبتعد عن القبض على الحقيقة و الإحاطة بها ، الحقيقة التى هي وحدها الثورية ، بقدر ما نفهم أنّه تعوزه الحجج و البراهين و أنّه ينطلق من مواقف لا دليل على صحّتها فلا يجد ما يسندها به غير سيل إفتراءاته التى لا تتوقّف .
أ- هل جنّ " الحديدي " ليتّهم ماو بالمشاركة فى إغتيال ستالين المدعى ؟ وهل جنّ ليكتب فى" ستالين قائد الثورة..." : " لم يكن خروتشوف و لا ماو تسى تونغ أب نظرية " الإنتقال السلمي للإشتراكية بل بوخارين"؟ و القاصي و الداني يعرف أنّ ماو قاد الحزب الشيوعي الصيني و الحركة الماركسية-اللينينية العالمية فى جدال عظيم فعلا لدحض المقولات الخروتشوفية جميعها و ليس " الإنتقال السلمي للإشتراكية " فحسب و للدفاع عن ستالين و الإرث الثوري للبروليتاريا العالمية و تشكّل الأحزاب و المنظّمات الشيوعية الماركسية- اللينينية جاء نتيجة ذلك الجدال العظيم. و معلومة هي الوثائق الماوية الكثيرة بهذا المضمار من " عاشت اللينينية " إلى " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " مرورا ب" الثورة البروليتارية العالمية و تحريفية خروتشوف " و" حول شيوعية خروتشوف المزيّفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم" و " خطّان مختلفان حول مسألة الحرب و السلم " و " سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما" و غيرها كثير.
ب- مقرف حقّا جمع ماو تسي تونغ و تيتو فى نصّ " إغتيال ستالين..." و الحال أنّ حتى حزب العمل الألباني و خوجا يعلمان مدى مبدئية المواقف الماوية بهذا المضمار و الصراعات التى خاضوها ضد خروتشوف و حمايته لتيتو موثّقة تاريخيّا؛ و كذلك هو مقرف حقّا إلصاق نظرية العوالم الثلاثة لدنك سياوبينغ بعدوّه ماو تسى تونغ فكتابات الماويين قطريّا و عربيّا و عالميّا منذ أزيد من ثلاثة عقود الآن حسمت الأمر و بينت تضاربها مع الماوية علاوة على إثبات صدورها عن دنك سياو بينغ غير أنّ الدغمائيين التحريفيين الخوجيين جميعهم يلوكون التهمة بلا دليل لوك العلكة و قد صارت ممجوجة !
ت- فى " ضد التصفوية الماوية..." سعى البلشفي القشرة و الخوجي اللبّ للنيل من الماوية مدّعيا زورا و بهتانا أنّ الماويين ضد قيادة الطبقة العاملة للثورة :" ...ضد نضال الطبقة العاملة لأنّكم ضد قيادتها للثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات". و علاوة على عدم شرحه لمعنى التصفوية و لماذا ينعت بها الماويين ، ينسج وهما و يتعلّق به و يكرّره صباح مساء علّه يصبح حقيقة لكن وقائع الحياة العنيدة تسفّه أحلامه. فكتابات ماو تسى تونغ و الماويين زاخرة بتمسّكهم و تنظيرهم لقيادة الطبقة العاملة للثورة و نضالات الماويين و حرب الشعب الماوية فى الفليبين و الهند و غيرها من البلدان تكرّس عمليّا هذه القيادة.
و " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 كفيل بتفنيد الخزعبلات "الحديدية" و مع ذلك لمزيد ترسيخ الموقف الماوي، نقتطف من العدد الخامس من "لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة !" التالي بصدد ذات السخافات الخوجية :
" فضح الكذب والتزوير بصدد"الماوية و القوى المحرّكة للثورة:العمّال و الفلاّحون فى الثورة"
الإستشهاد (84) أ بالصفحة 69 :
ينقد الكيلاني بشدّة ماو على أنّه " أعطى الدور الأساسي فى الثورة للفلاحين و ترك البروليتاريا فى المرتبة الثانية" ( الصفحة 69) و يعطى الخوجي بعد ذلك الإنطباع بأنّه يستند فى ذلك إلى جمل ماو تسى تونغ:" يقول ماو :" إنّ النضال الحالي ضد المحتلّين اليابان هو من حيث الجوهر نضال الفلاحين و النظام السياسي للديمقراطية الجديدة فى جوهره يعنى إعطاء السلطة للفلاحين." و هذا يعنى أنّ جوهر النضال الديمقراطي و المعادي للإمبريالية لا يخرج عن إطار التغييرات التى تقبل بها البرجوازية الوطنية. أمّا إذا أزيحت البرجوازية من القيادة و تولّتها البروليتاريا فإنّ تغييرا جوهريّا يحدث فى المدى الذى ستأخذه الثورة و بالتالى تتحرّر من الأفق البرجوازي و تفتح الطريق لتحويلها إلى ثورة إشتراكية فى أسرع وقت ممكن". [ أنور خوجا ، صفحة 443 ]
نلقى نظرة على مراجع "الماوية معادية للشيوعية" ، فنجد " 84- ماو ، المؤلّف الثالث ، ص : 177-178" و هذا غير صحيح البتّة ذلك أنّ قول ماو متضمّن فى " الديمقراطية الجديدة" ، صفحة 332 من المجلّد الثاني ، الطبعة الفرنسية و صفحة 511-512 من المجلّد الثاني ، الطبعة العربية. و لا غرابة فى ذلك فنحن إعتدنا على هذه الألاعيب الخوجية و الشيء من مأتاه لا يستغرب.
لنرصد ما قاله ماو تسى تونغ فعلا بالصفحة 511-512 من المجلّد الثاني ، الطبعة العربية: " لقد قال ستالين إنّ " المسألة القومية هي ، فى جوهرها، مسألة الفلاحين" و هذا يعنى أنّ الثورة الصينية هي جوهريّا منح السلطات للفلاحين ، كما أنّ الثقافة الجماهيرية تعنى جوهريّا رفع مستوى الفلاحين الثقافي . و أنّ حرب المقاومة ضد اليابان هي جوهريّا حرب الفلاحين. إنّ اليوم يوم تطبيق "مبدأ الصعود إلى الجبال" فالإجتماعات و العمل و الدراسة و إصدار الصحف و تأليف الكتب و التمثيل المسرحي ، كلّ شيء يجرى على الجبال، و كلّه من أجل الفلاحين جوهريّا. و فى الجوهر إنّ الفلاحين هم الذين يقدّمون كلّ الأشياء التى تدعم المقاومة ضد اليابان و التى تستعين بها على الحياة. و نحن حين نقول " جوهريّا" إنّما نقصد أساسيّا ، دون أن نتجاهل فئات الشعب الأخرى. و هذا ما أوضحه ستالين نفسه. إنّ الفلاحين يشكّلون 80 % من سكّان الصين و هذا ما يعرفه كلّ تلميذ صغير. لذلك أصبحت مسألة الفلاحين المسألة الأساسية للثورة الصينية، و قوّة الفلاحين هي القوّة الرئيسية للثورة الصينية. و من حيث العدد يحتلّ العمّال بين سكّان الصين المرتبة الثانية بعد الفلاحين. فيوجد فى الصين عدّة ملايين العمّال الصناعيين و عشرات ملايين من العمال الحرفيين و العمّال الزراعيين . و لا يمكن للصين أن تحيا بدون عمالها فى مختلف الصناعات ، لأنّهم المنتجون فى القطاع الصناعي فى إقتصادنا. و لا يمكن للثورة ان تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة ، لأنّها قائدة الثورة الصينية و أكثر الطبقات ثورية."
نلمس معا ، بلا ريب و من جديد ، أنّ الخوجيين حين يهاجمون ماو تسى تونغ فهم فى الواقع و فعلا يهاجمون الماركسية- اللينينية و هذه المرّة يهاجمون مباشرة و دون مواربة ستالين حيث أنّ ماو أعاد فكرة ستالين التى صاغها فى خطابه " حول المسألة القومية فى يوغسلافيا" الذى ألقاه بتاريخ 30 مارس 1925 أمام اللجنة اليوغسلافية التابعة للجنة التنفيذية للأممية الشيوعية:" ... إنّ الفلاحين يشكّلون الجيش الأساسي للحركة الوطنية ،و بدون هذا الجيش من الفلاحين لا يكون هنالك و لا يمكن أن يكون هنالك حركة وطنية قويّة...و هذا هو المقصود عندما نقول إنّ المسألة القومية فى جوهرها ، مسألة الفلاحين"( الصفحة 536 من المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة"الطبعة العربية ، و بالصفحة 410 من الطبعة الفرنسية،أو الصفحة 228 من " الماركسية و المسألة الوطنية و الإستعمارية " كتاب لجوزاف ستالين ، منشورات نورمان بيتون ، باريس).
و نلمس معا أيضا أنّ شجب الخوجيين لماو بخصوص دور العمّال و الفلاحين فى الثورة لا أساس له من الصحّة ، ولا نحتاج مطلقا أن نضيف عشرات الجمل الماوية بهذا الصدد إلى نصّ ماو الموضوع أمامنا فهو بليغ بما فيه الكفاية:
1- الفلاحون الذين يشكّلون 80% من الصينيين هم القوّة الأساسية للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية . و ماو إذ يحدّد الفلاحين كقوّة أساسية للثورة الديمقراطية الجديدة يصبّ عليه الخوجيون جام غضبهم فيعتبرونه إنحدر إلى صفّ المراجعين التحريفيين لكن عندما يصرّح خوجا بالشيء ذاته :" إنّ الفلاحين الألبان مثّلوا القوة الرئيسية فى ثورتنا " ( الإستشهاد 30 ، صفحة 72) يرتقى إلى مرتبة المنظّر الثوري الفذّ!
2- و العمّال عدديّا و ليس بالمرّة سياسيا فى المرتبة الثانية . و لا يمكن للثورة أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة، لأنّها قائدة الثورة الصينية و اكثر الطبقات ثورية.
على ضوء هذه الحقائق و غيرها يبدو واضحا أنّ الخوجيين ساروا بلا رجعة على درب تحريف علم الثورة البروليتارية كلفهم ذلك ما كلّفهم و سياسات هذه المجموعات الإصلاحية و برامجها غير البروليتارية أفضل دليل على ذلك.
ملاحظة : نتوقّف هنا لحظة ، لنسجّل أنّ فهرس مراجع " الماوية معادية للشيوعية" آخر ما يحتويه هو الإستشهاد (86) . مراجع بقيّة الإستشهادات لا محلّ لها فى كتاب الخوجي غير أنّ بحثنا عن الحقيقة و متعة تعميق المعرفة عبر البحث و التنقيب المفصّلان فرضا علينا متابعة المهمّة لنعثر على كلّ إستشهاد بماو و لا ندعه يمرّ دون فضح أكاذيب الخوجية التى تتناقض عدائيّا مع منهج البحث المادي الجدلي و الماركسية-اللينينية. و إليكم ما تكلّلت به مساعينا.


الإستشهاد (87) ، بالصفحة 70:
الكيلاني :" و على الثوريين [حسب ماو] من العمّال أن ينسحبوا من المدينة الرجعية للإلتحاق بالريف الثوري و بالتالى فإنّ الدور الرئيسي فى الثورة يحتله الفلاحون. أمّا الدور الثانوي فهو موكول للمدينة أي البروليتاريا. [أنور خوجا ، صفحة 444] نقرأ فى " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ما يلى :
إنّ وجود أعداء من هذا النوع يطرح مشكل القواعد الثورية. ستبقى المراكز المدينية زمنا طويلا تحت إحتلال الإمبريالية العالمية و حلفائها الرجعيين الصينيين و إذا أرادت القوى الثورية ألاّ تجنح إلى الحلول السهلة من الإمبريالية و عملائها ، لكنّها مصمّمة على مواصلة الكفاح ،إذا أرادت لنفسها أن تنمو و يصحّ عودها إذا كانت تنوى تجنّب المعركة الحاسمة ضد عدوّ قويّ طالما لم تصبح بالحجم الذى يخوّل لها خوضها ، ينبغى عليها أن تجعل من الريف المتخلّف قاعدة صلبة تكون فى طليعة التطوّر معقلا عسكريّا و سياسيّا و إقتصاديّا و ثقافيّا مقاومة عدو ضار يستعمل المدن لمهاجمة الجهات القروية لذلك جعل الثورة تنتصر خطوة خطوة فى كلّ البلاد عبر صراع طويل."
فتّشنا فى مؤلف ماو المذكور أعلاه فألفينا الفقرة فى الصفحة 436 من المجلّد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية؛ و الصفحة 337 من الطبعة الفرنسية:
جاء بالصفحة 436 من المجلّد الثاني، الطبعة العربية:" إزاء أعداء كهؤلاء، واجهنا مسألة القواعد الثورية أيضا. و بما أنّ الإمبريالية القويّة و حليفها القوي الرجعية فى الصين ظلت تحتلّ لمدّة طويلة مدن الصين الرئيسية ، فلا بدّ للصفوف الثورية أن تحوّل المناطق الريفية المتأخّرة إلى قواعد متقدّمة متوطّدة، إلى مواقع ثورية كبرى فى الميادين العسكرية و السياسية و الإقتصادية و الثقافية ، تعتمد عليها فى النضال ضد أعدائها الشرسين الذين يهاجمون المناطق الريفية بالإستناد إلى المدن، و فى كسب النصر الكامل للثورة تدريجيّا و خلال قتال طويل الأمد و ذلك إذا كانت تأبى المهادنة مع الإمبريالية و عملائها ، بل تصمّم على متابعة النضال ، و إذا كانت تنوى ان تكدّس قواها و تصلب عودها، و تتجنّب المعارك الحاسمة مع عدوّ قوي قبل أن تملك القوّة الكافية لذلك. و فى هذه الحال ، و بسبب التطوّر المتفاوت للإقتصاد الصيني ( الذى ليس إقتصادا رأسماليا موحّدا)، و بسبب إتساع الأرض الصينية ( حيث تجد القوى الثورية مجالا واسعا للمناورة) ، و بسبب أنّ المعكسر المعادي للثورة فى الصين منقسم على نفسه و مليئ بالتناقضات و أن نضال الفلاحين الذين هم القوّة الرئيسية فى الثورة الصينية يجرى تحت قيادة حزب البروليتاريا - الحزب الشيوعي ، فإنّ من الممكن أن تنتصر الثورة الصينية أوّلا ، فى المناطق الريفية، هذا من جهة ، و لكن ، من جهة أخرى ، سوف يسبّب ذلك تفاوتا فى تطورات الثورة ممّا يجعل مهمّة كسب النصر التام فيها مهمّة طويلة الأمد و شاقة. و عليه ، يصبح جليّا أن النضالات الثورية الطويلة الأمد فى هذه القواعد الثورية هي ، بصورة رئيسية، حرب عصابات يخوضها الفلاحون تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. و بالتالى ، فإنّ وجهات النظر التى تهمل إستخدام المناطق الريفية كقواعد ثورية، والتى تهمل القيام بالعمل الشاق الدؤوب بين الفلاحين، والتى تهمل حرب العصابات ، لهي جميعا وجهات نظر غير صحيحة " و كأنّ ماو يتوجّه حصرا لوجهات النظر الخوجية !
و بغضّ النظر عن التعريب الخوجي المختلّ ( تصريف الأفعال فى المضارع عوض الماضي"ظلّت تحتلّ " و ليس " ستبقى " و تراكيب الجمل المهتزّة...و إمكانية دحض الدعوي الخوجية بالرجوع فقط إلى ما كتبنا فى مقارعة الإستشهاد 84 ، نحرص حرصا بليغا على تأكيد أنّ الصين موضوع حديث ماو تسى تونغ هي البلد المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي و الصين ليست روسيا أو غيرها من البلدان الرأسمالية الإمبريالية حتى يعمد الخوجي إلى إيراد فقرة للينين (صفحة 71) عن الثورة فى روسيا معتبرا إيّاها محكّا لصحّة أو خطإ النظرة الماوية عن بلد مستعر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و يتجاهل الخوجي دون أدنى ظلّ من الشكّ مختلف أطروحات لينين بصدد المستعمرات و اشباه المستعمرات مثلما يدير ظهره تماما لجميع كتابات ستالين عن الثورة الصينية فعلى طول الكتاب و عرضه لا أثر لتلك الأطروحات و الكتابات و كأنّها تبخّرت و كأنّها غير موجودة أو غير صالحة أصلا. أليس هذا من العجب العجاب من أناس يدّعون أنّهم لينينيون !!!
فلينين فى " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق" ( راجعوا ما فصّلناه فى النقاش بشأن الإستشهاد 58) إعترف كمادي بحقيقة موضوعية هي أنّ شيوعيي تلك البلدان تواجههم " مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل" و ذلك لأنّ تلك البلدان لها " ظروف خاصة غير موجودة فى البلدان الأوروبية". يبدو أنّ الخوجي بما هو خوجيّ عند عقده المقارنات بين المستعمرات و أشباه المستعمرات ، الصين مثلا ، من جهة و روسيا مثلا كبلد راسمالي إمبريالي على أنّهما متماثلان فى طريق الثورة ، عند عقده هذه المقارنات الغبيّة والسخيفة ، تجاهل هذه الحقيقة أو لعلّه يعتبر الصين بلدا أوروبيّا !!!
خلط الأوراق هذا بثّا للبلبلة و ذرّا للرماد على الحقائق الأوّلية و عدم التفريق بين طريق الثورة فى الدول الرأسمالية الإمبريالية و الدول المستعمرة و شبه المستعمرة ليس بالأمر الجديد فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ف"المعارضة" داخل الحزب البلشفي إرتكبت الحماقة عينها. كتب ستالين يقول فى " حول الصين "، الصفحة 288 من " المسألة الوطنية و الإستعمارية " (منشورات نورمان بيتون ، باريس):
" عدم التمييز و عدم فهم هذا الإختلاف و مماثلة الثورة فى البلدان الإمبريالية مع الثورة فى البلدان المستعمَرة ( بفتح الميم) هو خروج عن النهج الماركسي و عن النهج اللينيني ؛ هو إنخراط فى نهج أنصار الأممية الثانية.
و هذا ما كان لينين يقوله بهذا المضمار فى تقريره عن المسألة الوطنية و الإستعمارية للمؤتمر الثاني للأممية الشيوعية : ما هي الفكرة الأكثر أهمّية ، الفكرة الجوهرية لأطروحاتنا؟ هي التمييز بين الشعوب المضطهَدة [ بفتح الهاء] والمضطهِدة [بكسر الهاء]. نشدّد على هذا التمييز على عكس موقف الأممية الثانية و الديمقراطية البرجوازية " [التسطيرلستالين]. الخطأ الجوهري للمعارضة هو أنّها لا تفهم و لا تقرّ بهذا الإختلاف بين نوع من الثورة و النوع الآخر منها".
و شدّد ستالين على خصوصيّات الثورة الصينية و ميزاتها و منها أنّ " فى الصين تقاتل الثورة المسلّحة ضد الثورة المضادة المسلّحة. تلك هي إحدى خصائص الثورة الصينية و إحدى ميزاتها" ( من مقالة لستالين " آفاق الثورة فى الصين").
فهل يبغى الخوجيّون من الحزب الشيوعي الصيني و الثورة الصينية وهما كما فسّر ماو لا يملكان القوّة العسكرية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية الكافية ليدخلا فى معركة أو معارك حاسمة و العدوّ أشدّ بطشا و أعتى بعشرات المرّات أن ينتحر؟، بكلمات أخرى أ يبغون منهما المغامرة المؤدية مباشرة و بالتأكيد إلى الهزيمة النكراء؟!أم أن يلقوا السلاح الذى يرفعون و يحلّوا الجيش و يفكّكوا القواعد التى بنوها و يعودوا إلى المدن فى حين أنّ الواقع برهن و أصبح " فى حكم المؤكد أنّ الوسيلة الرئيسية او الشكل الرئيسي للثورة الصينية لا يمكن أن تكون سلمية ، بل يجب أن تكون مسلّحة"( ماو المجلّد الثاني ، الصفحة 436) أو بمفردات ستالين أن تتخلّى الثورة الصينية عن " إحدى خصائصها و إحدى ميزاتها" لتتطابق مع قوالب الخوجيين الدغمائية التى لا تفرّق بين طريق الثورة فى البلدان الإمبريالية و فى أشباه المستعمرات وسياساتهم فى تربيع المثلّثات"؟!
هل يبغون ذلك أو يودّون من الحزب الشيوعي الصيني أن يخوض أوّلا نضالا مسلّحا فى المدن التى تسيطر عليها الإمبريالية القوية و حليفها القويّ، القوي الرجعية فى الصين على شاكلة " بادرماينهوف الأمانية " أو "الجيش الأحمر الياباني" أو... و هؤلاء من وجهة النظر اللينينية مخطئين فى منهج و طريق الثورة فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية و كيفية مراكمة القوى الثورية هناك؟!
الصين ليست بلدا أوروبيّا و ليست بلدا رأسماليّا إمبرياليّا. طبيعة المجتمع و المهمّة الجديدة التى تفترضها و لم تواجه شيوعيي العالم بأسره من قبل و التجربة الصينية عينها تثبت و تبرهن بقوّة أنّ حرب الشعب طويلة الأمد مثلما نظّر لها و مارسها الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ مثّلت الحلّ الصائب و الإجابة الماوية الصحيحة لواقع المستعمرات و أشباه المستعمرات على المستوى العسكري. طريق الثورة الصينية مغاير لطريق أكتوبر ،" محاصرة الريف للمدينة " و حرب ثورية دامت لأكثر من عشرين سنة ( حرب الشعب طويلة الأمد) أفضيا إلى إنتصار باهر للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية على الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية/ الكمبرادورية سنة 1949 بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و بتهليل و ترحيب عظيمين من ستالين و الحركة الشيوعية العالمية . و مرّة أخرى ، إعتبار طريق حرب الشعب طريقا إنتهازيّا برجوازيّا هو طعن مباشر فى ستالين و الأممية الشيوعية و أحزابها اللذان لم يكتشفا ذلك حسب المنطق الخوجي فليوجّه الخوجيون صراحة سياط نقدهم لستالين و للأممية الشيوعية و أحزابها .
و بالفعل قبل ذلك ، فى أوائل الثلاثينات ، طُبّق " البلاشفة 28 و نصف" لأكثر من مرّة الخطّ الدغمائي الذى يدافع عنه الخوجيون ، داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته وعلى الثورة الصينية ذاتها فجرى التركيز فى العمل على المدن لإفتكاكها قبل الإستيلاء على الريف و مني بالفشل الذريع الذى عرّض إلى الخطر وجود الحزب الشيوعي الصيني و الثورة الصينية بعامّة و كاد يقضى عليهما قضاء مبرما لولا المسيرة الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ .و ذلك قبل أن تغدو قيادة الحزب الشيوعي الصيني ماويّة أي قبل هذه المسيرة الكبرى سنة 1935 و إجتماع تسونيى.
بعد هذا كلّه يتجرّا الخوجيون و يوجهون سيلا لا ينقطع من الشتائم و التهم لماو المستفيد من التجارب الميدانية و العيانية و المشخّصة و الممارسة العملية للثورة الصينية و من توجيهات لينين و ستالين، طالبين منه و من الماويين من جديد تطبيق خطّ خاطئ و ضار للثورة كلّفها دماء و آلام و تضحيات الآلاف من أفضل بنات و أبناء الشعب و الشيوعيين و الشيوعيات أي إعادة الحياة لجثّة عفنة شبعت موتا و رائحتها غاز قاتل ، و بالتالى التفريط فى المغزى العميق لتطوير ماو الثوري للنظرية العسكرية للبروليتاريا العالمية. فيا لبؤس الفكر الخوجي!
و لأجل أن نحيط بالمسألة من جميع جوانبها ، نخلص إلى ما جاء فى معرض معالجة ماو لموقع كلّ من الريف و المدينة و كيفية العمل فيهما ضمن إستراتيجيا حرب الشعب الطويلة الأمد كطريق للثورة الصينية متباين مع طريق أكتوبر الروسي ، فلا نجد ما يلمح لا من قريب و لا من بعيد إلى أنّه " على الثوريين من العمّال أن أن ينسحبوا من المدينة الرجعية" ( و الكلام للكيلاني الخوجي ، بالصفحة 70 من كتابه الذى بوسعنا الآن نعته بالمهزلة !).
مطوّلا يشرح ماو تسى تونغ نفسه قائلا بالضبط فى الفقرة الموالية لتلك التى أوردنا فى ما مرّ بنا فى هذه النقطة بالذات ( الصفحة 437-438 من المجلّد الثاني):
" على أنّ التشديد على أهمّية النضال المسلّح لا يعنى أن يجوز لنا الإعراض عن النضال بالأشكال الأخرى ، بل الأمر على النقيض من ذلك، فإنّ النضال المسلّح لا يمكن أن ينتصر إذا لم تدعمه نضالات بأشكال أخرى. كما أنّ إيلاء إهتمام خاص للعمل فى القواعد الريفية لا يعنى أنّه يجوز لنا التخلّى عن عملنا فى المدن و فى المناطق الريفية الواسعة الأخرى التى لا تزال تحت سيطرة العدوّ؛ بل الأمر على النقيض من ذلك ، إذ أنّ قواعدنا الريفية ستصبح معزولة و أنّ الثورة ستتعرّض للهزيمة إذا لم نقم بالعمل فى المدن و فى المناطق الريفية الأخرى . و فضلا عن ذلك، فإنّ الهدف النهائي للثورة هو الإستيلاء على المدن التى تشكّل القواعد الرئيسية للعدوّ ، فلا يمكننا بلوغ هذا الغرض إذا لم نقم بما يكفى من عمل فى المدن.
و هكذا ، فإنّه من الواضح أن الثورة لا يمكن أيضا أن تنتصر فى الأرياف و المدن معا بدون تدمير قوات العدوّ التى تشكّل أداته الرئيسية فى نضاله ضد الشعب. و لهذا ، يصبح من أعمالنا المهمّة تفكيك قوات العدوّ ، إلى جانب إفناء قواته فى المعارك.
و إنّه لمن الواضح أيضا أنّه لا يجوز للحزب الشيوعي ، حين يقوم بالدعاية و العمل التنظيمي فى المدن و المناطق الريفية الرجعية المظلمة التى ظلّ العدوّ يحتلّها منذ وقت طويل ، أن يتبنّى سياسة المغامرة التى تتسم بالتهوّر و التسرّع ، بل يجب أن يتبنّى السياسة القاضية بإنتقاء خيرة الكوادر للعمل بصورة سرّية و تجميع قوتنا و إدخارها إنتظارا للوقت الملائم. و يجب على الحزب ، حين يقود الشعب فى النضال ضد العدوّ ، أن يتبنّى تكتيك التقدّم فى النضال خطوة فخطوة، و بصورة ثابتة و مأمونة ، إنطلاقا من المبدأ القاضي بأن يكون النضال مبرّرا و مفيدا و محدودا، و ذلك بالإستفادة من كلّ ما يمكن الإستفادة منه من أشكال النشاط العلنية والمشروعة التى تسمح بها القوانين و المراسيم و العرف الإجتماعي، فلا يمكننا إحراز أي نجاح بالصيحات العالية و التصرّفات الطائشة".
و لكم التعليق...
الإستشهاد (88) ، بالصفحة 71:
الكيلاني :" و يقول [ماو] فى مكان آخر " أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق فإنهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم أو رفضهم". [ أنور خوجا ، صفحة 444].
مصدر هذه الجملة المعزولة عن إطارها (وهو ليس كما توحى عبارة " فى مكان آخر" أنّه فى نفس المرجع السابق أي " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ) هو " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان"(مارس 1927) بالمجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الصفحة 22 من الطبعة الفرنسية و الصفحة 30 من الطبعة العربية و ذلك ضمن الفقرة المعنونة " أهمّية مسألة الفلاّحين" الآتى ذكر جزء منها:" إنّ ما يقال ضد حركة الفلاحين يجب تصحيحه بسرعة . و كلّ الإجارءات الخاطئة التى إتخذتها السلطات الثورية فيما يتعلّق بحركة الفلاحين يجب أن تصحح على وجه السرعة. و بهذا وحده يمكن إفادة مستقبل الثورة بعض الفائدة. ذلك لأنّ النهضة الراهنة التى تشهدها حركة الفلاحين هي حدث هائل. و لن تنقضى إلاّ فترة قصيرة حتى يهبّ فى هذه النهضة مئات ملايين منالفلاحين فى مقاطعات الصين الوسطى و الجنوبية و الشمالية بسرعة خارقة و قوّة جارفة كالعاصفة العاتية، لا تستطيع أيّة قوة أخرى ، مهما تكن عظيمة أن تقف فى وجهها. و هم سوف يحطّمون جميع القيود و الأغلال التى تكبلهم ، و ينطلقون قدما فى الطريق المؤدّية إلى التحرّر . و سوف يقذفون فى غياهب القبور بجميع الإمبرياليين و أمراء الحرب و الموظّفين الفاسدين و العتاة المحلّيين و الوجهاء الأشرار. أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق الثوريون فإنهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختبار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم او رفضهم. أتسير على رأس الفلاحين و تقودهم؟ أم تقف وراء ظهورهم معيبا لهم؟ أم تقف فى وجوههم تناهضهم؟ إنّ لكلّ صيني الحرّية فى أن يختار أحد هذه المواقف الثلاثة ، بيد أنّ الظروف ستجبرك على الإختيار العاجل".
الكيلاني الخوجي مثل معلّمه الذى إستخدم ذات الإستشهاد قبله ، لم يطرح سؤال لماذا يقبل الفلاحون أو يرفضون تلك الأحزاب و أولئك الرفاق. حلفاء الطبقة العاملة و القوّة الرئيسية للثورة الديمقراطية الجديدة طبيعيّا و موضوعيّا سيقبلون بالرفاق و الأحزاب الثورية الديمقراطية الجديدة من خلال الحزب الشيوعي الصيني غايتها هي إستنهاض الجماهير الشعبية لا سيما الفلاحين الفقراء فى الريف كطبقة مصالحها أقرب إلى البروليتاريا و تحالفها معها أصلب تكون طليعة الفلاحين القوّة الرئيسية للثورة و لا مصلحة بل كلّ الضرر للحزب الشيوعي الصيني و للثورة الصينية الديمقراطية الجديدة فى قمع حركة الفلاحين المتصاعدة. لذا دعا ماو و على أساس دراسة ميدانية الحزب الشيوعي الصيني ألاّ يتخلّى عن حليفه الأساسي و أن يسير على رأس الفلاحين و يقودهم وهو الموقف الصحيح و الثوري الوحيد متخطّيا موقفي الوقوف وراء ظهور الفلاحين معيبا لهم و الوقوف فى وجوههم مناهضا لهم فالموقفان الأخيران لا يخدمان إلاّ التيّار الرجعي للكومنتانغ آنذاك و الإقطاعيين أعداء الثورة.
ولتأصيل المقالة " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خاونان" فى تاريخ الثورة الصينية و تاريخ الصراع داخل الحزب الشيوعي الصيني عينه نمدّكم بالإطار الذى تتنزّل فيه ( بالصفحة 29-30 من المجلّد الأوّل ، الطبعة العربية) :" كتب الرفيق ماو تسى تونغ هذه المقالة كردّ على النقد الموجه من داخل الحزب و خارجه آنذاك لنضال الفلاحين الثوري . و لأجل الردّ على ذلك النقد سافر الرفيق ماو تسى تونغ على مقاطعة خونان حيث مكث 32 يوما أجرى خلالها تحقيقا ثمّ كتب هذا التقرير. فلم يقبل رأيه الإنتهازيون اليمينيون فى الحزب يومذاك بقيادة تشن دوشيو و أصرّوا على آرائهم الخاطئة. و قد كان خطأهم الأساسي أنهم لم يجرؤوا ،و قد أرهبهم التيّار الرجعي للكومنتانغ ، على تأييد النضالات الثورية العظيمة التى خاض غمارها الفلاحون أو كانوا على وشك خوض غمارها .و فضّلوا ، تساهلا مع الكومنتانغ، هجر الفلاحين الذين هم الحليف الرئيسي الأوّل ، ممّا أدّى إلى عزل الطبقة العاملة و الحزب الشيوعي و تركهما بلا قوّة مساعدة . و السبب الرئيسي فى أن الكومنتانغ تجرّأ على خيانة الثورة و شنّ حملة ل " تطهير الحزب" و إعلان الحرب على الشعب فى صيف 1927 هو أنّه تمكّن من إستغلال هذا الضعف فى الحزب".
و على الفور نتأمّل معا رأي ستالين فى خطإ الحزب الشيوعي الصيني و حصرا خطأ الإنتهازيين اليمينيين الذين كانوا فى دفّة القيادة الحزبية ، هذا الخطإ الذى كشفه ماو تسى تونغ و نقده و قدّم بديلا له الموقف الصائب الذى يتعيّن إتخاذه إنطلاقا من معطيات صارخة. فى غرّة أوت 1927، بضعة أشهر إثر تقرير ماو، ،فى مقاله " حول الصين" ذكّر ستالين بموقفه فى خطاب ألقاه أمام اللجنة الصينية للأممية الشيوعية فى نوفمبر 1926 و صدر تحت عنوان " آفاق الثورة فى الصين" : " أعلم أنّ فى صفوف أعضاء الكومنتانغ و حتى فى صفوف الشيوعيين الصينيين ، ثمّة من لا يعتبرون ممكنا شنّ الثورة فى الريف ، خوفا من عرقلة الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية بجرّ الفلاحين إلى الثورة. إنّه خطأ عميق جدّا، أيّها الرفاق. إنّ الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية فى الصين ستكون أقوى و أعتى بقدر ما سيتمّ جرّ الفلاحين الصينيين بأسرع ما أمكن إلى الثورة و بصورة عميقة ".( صفحة 294 من " المسألة الوطنية و الإستعمارية "، منشورات نورمان بيتون، باريس).
هل ثمّة أشدّ وضوحا من هذا الموقف الثوري لكلّ من ستالين و ماو؟ و هل ثمّة أشدّ زهوقا من باطل الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين؟!"
ج- خليق بالدعاية الخوجية السخيفة هو إدّعاء أن ماو " تذيّل للبرجوازية " فى نص " موضوعات حول الإنتهازية...". و رغم تحديدها كعدوّ رئيسي ( المجلّد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة – بالفرنسية) عقب إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة سنة 1949 و رغم ما أنجزته الصين الماوية من صراع ضدّها و مصادرة لأملاكها و تعويض البعض و رغم ما أنجزته الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ضد بقاياها يغرس البلشفي القشرة و رأسه فى الرمل و يكتب تاريخا خياليّا للصين فيزيد فى كشف جوهره الخوجي و كذبه المحض!
ح- و فظيعة هي ، فظيعة غاية الفظاعة أكذوبة تبنّى الحزب الشيوعي الصيني " الأطروحة التحريفية حول خفوت الصراع الطبقي بعد بناء الإشتراكية " ( نصّ " ستالين قائد الثورة...") . و مصدر فظاعتها هو أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كثورة داخل الثورة و التى دامت عشر سنوات و هزّت لا فقط الصين بل العالم بأسره ، قد قامت بالضبط على نظرية ماو و أعظم مساهماته الخالدة ، نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و كيما يزيد من تشويهه للماوية يعمد البلشفي / الخوجي إلى الكذب مقوّلا ستالين ما لم يقله بشأن تواصل الصراع الطبقي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية – فى دستور 1936 ،لا ذكر إلاّ لطبقات صديقة- فيدّعى زورا فى " ستالين قائد الثورة..." :" و خلال تأكيده على أنّ بناء المجتمع الإشتراكي المتطوّر فى بلاد السوفيات لا يحول دون الخطر القائم دائما بإعادة الرأسمالية نوضع ستالين الشروط الضرورية لإفشال هذا الخطر" ( ماهي هذه الشروط ؟ مراوغة وتعمية أخرى تضاف إلى الكذب).
يقينا أنّ هذا " الخوجي اللبّ" يعيش على كوكب آخر و لم يلق بعد نظرة و لو بسيطة على تاريخ الصراع الطبقي على كوكبنا وعلى الصين و نرجوه كلّ الرجاء زيارة كوكبنا الذى نسمّيه الأرض و عليه تقع الصين فى القارة الآسيوية ، لا فى مكان آخر و بالتأكيد سنرحّب به إن أبلغنا بموعد حلوله بيننا!
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
===============================================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرية البلشفية / الخوجية للثورة فى أشباه المستعمرات دغمائي ...
- مساهمة فى نقاش وحدة الشيوعيين الماويين فى تونس وحدة ثورية
- دفاع البلاشفة / الخوجيين عن ستالين دفاع مسموم
- قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة -الحديدي- و من ...
- رقصات الديك المذبوح : - البلاشفة - و - الوطد- . ردّا على مقا ...
- ملاحظات حول بيانات فرق - اليسار- فى تونس بمناسبة غرّة ماي 20 ...
- ملاحظات حول بيان الوطنيين الديمقراطيين - الوطد- بمناسبة غرّة ...
- تحرير الإنسانية : الداء و الدواء ( بمناسبة غرّة ما ي2012)
- تعليق سريع على بيان الوطنيين الديمقراطيين- الوطد- فى ذكرى 24 ...
- لا بدّ من تقديم توضيحات :ما هي أخطاء ستالين؟ و ما هي الثورة ...
- القضاء على الإمبريالية و الرجعية لتحرير الإنسانية ( بمناسبة ...
- تعليق مقتضب على خاتمة -هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّ ...
- خاتمة دراسة ( قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة - ...
- لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية! ( عدد 7 / أفريل 2012) :الرجع ...
- مشروع دليل - أعرف عدوّك- لمواجهة الإسلام السياسي و نقد الدين ...
- لنقاوم الإسلام السياسي و دولة الإستعمار الجديد برمّتها و نرا ...
- اعترافات حزب العمل الألباني بالمواقف الماركسية-اللينينية لما ...
- حسنى ميلوشي الزعيم الجديد للحزب الشيوعي الألباني: ماو تسي تو ...
- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين :إلى التحر ...
- تعليق مقتضب على تمهيد-هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا ...


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة