|
6 قصائد
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 18:39
المحور:
الادب والفن
كلّ مكاسبنا الماضية
تلزمنا الآن في مقاومتنا لكلّ سلطة معظّمة ، تأمينات جديدة ، ننقضّ فيها على الأساليب المهينة لموتنا . الكلمة المتعرّقة التي أنهكتها الرهون ، بحاجة الى أقراص مهدئة ، وكلّ مكاسبنا الماضية ، طويت بتعسفات ، وتم التعتيم عليها في النفق المتشظي للتاريخ . هل لنا أن نحطّم التحفظات الواعية ليأسنا بين الظلمة الهائجة في متاهة العالم ؟ نمشي فوق حافات متباعدة ، وليس لنا إلاّ الانفصال المشوّش عن أحلامنا اللاهثة ، والثمرة المنتشية لأعمالنا الخادعة ، تنزلق وتتجمّد في الفراغات المعذبة للزمن . الماضي والحاضر يثقلان أسرارنا بالأعباء ، ونحن نتأخر في العذاب الطويل لأيامنا المتوجعة . يقربنا الربيع من اللحظة المتورمة للسأم ، ونلوذ بالصقيع من الملمس الصارم لنجوم الأشجار في المسالخ المضطرمة للفجر .
تصدّعوا وسبقونا بالرحيل
كثيرون انفجر بهم الرهان الغامض للألم ، وغادروا الحياة البشرية بلا قدوة . في حركة الفراشة ، ما يتعيّن علينا التحفز لانعاشه بين التمزقات الوامضة للشجرة . يصعب علينا دائماً استعادة ما يتحرّر من ثقله ، ويصبح خسيساً في اللطافة المتزهدة للشيخوخة . دموعنا المحجوبة مثل ندى النحلة ، لا تخلّد العظمة المشهودة لنوم المحبوب ، وما يموت ، يتسلّلُ في اضمحلاله الى هوته بصمت . لا النسيان يترصّد الأحلام الوطيدة للغائبين ، ولا جحيم ما يفتري علينا ، وينفخ ظلامه الوحشي ، يوقف تعفناتنا المتضوعة . في الجاذبية الصائتة للفجر ، نصلّي للمصير الانساني المجروح في شظفه ، ونحاول القفز فوق اليأس الخائر للحياة . ما نأمله يعتدي علينا ، ويلطخ أحلامنا الموهنة بالثلمات . أولئك الذين تصدعوا وسبقونا بالرحيل استراحوا في الأفق الأخير لرمية السهم . لم يتركوا على التراب العتيق ، سوى تجويفات أيّام حيواتهم الحامية .
ما يتعجّل هلاكنا
لا يشفي حِدادنا على الميّت ، الربيع من جروحه المحشوة ببراثن كبيرة . ايماننا باللحظة المصعوقة لمجيء القنّاص ، عدول عن فرصتنا الأثيرة في اخلادنا الى النوم . نمهّد ونحن نخمّن ما تحتويه المادة الممتزجة بتضجراتنا ، الأرض المتقرّحة لأعداء ميراثنا . أنفاسنا الضئيلة تنفصل عن كلّ صنوف الرأفة في شعاع نجوم الآبار ، ونسائم صيفنا جافّة وكريهة التهوية في ليل حظائرنا . نريد الآن هدنة أخيرة مع ما يدنّس الحدائق المتشنّجة والمهانة لموتنا . صخور كثيرة رميناها فوق الأشجار المخدّدة للسنوات التي شهدت مآسينا ، ونومنا المرير في جزع يأسنا ، لا يمكن اصلاحه في المثابات التي سهرنا فيها طويلاً . ننقاد في كلّ حين الى الحجارة الهائلة للنسيان ، والبشارة التي انتظرناها بمحاذاة شواطئنا المتهدّمة ، شاغرة ، ولا علاج لسفالة انسانيتنا الهزيلة . نريد الآن أن نعفي أنفسنا من الاحتياطات ، ونتصدّع مخفورين الى ما يتعجّل هلاكنا .
إدامة الرغبة
الى محمد تركي النصّار
تعوزنا للتخلص من أمراضنا العضال ، بدايات متّقنة في سيرنا بين الأنقاض المرمدة للعالم ، ونحاول في تكسيرنا للسندانات التي تطبق على نومنا ، أن نخدع كلّ ما نتملكه في سهرنا المشترك عبر الأريج المغير لصبح الخليقة . تسابق اللحظة المهمومة في ضياء صاعقتها ، شهود شيخوختنا المرهقة ، وتتهشّم متجمّدة بين الندائف الثلجية لفضيحة الموتى . نُهدي اليك يا طائر الصمت المتعسف والمنحوت من جصّ أشجارنا المطلسمة ، كلّ ما يتضوّع من جلال انجراحاتنا في شوك النهار . الامتثال الى النحول الذي يتنفس في هاويته ، يُصعّب علينا الاقتران بوعي موتنا ، وتهجرنا في النسائم الخادعة لسرورنا ، الظلال التي نفوضها إدامة الرغبة .
عَظمة الدفن
أجمات معصوبة بروائح عنيفة ، عشناها في الفوضى المعاندة للنهار ، نغتابها ونفتري عليها في تسريحنا من الواجب الذي يهزّه القنديل المصعوق للحبّ . ما يستحوذ علينا في الحديقة الواهنة للزمن ، هي الغلالة العسيرة لبذرة محونا التي تقترب من تنفساتنا المؤلمة في كلّ حين . سهرنا العالي والمطوّق بحقول الألغام ، يُسدل علينا الظلمة الطاهرة لمداخن الحاضر . مذاقات متعدّدة للسأم تتضامن وتجرفنا في انفجارات اللحظة المؤازرة لعظمة الدفن .
في ذوبان اللحظة
يطيرُ فوق الشراع الممزق لحياتي ، رماد زمن عجائز { لا أدين لهم بقربى أو امتنان } * . وصلوا الى شاطىء خيباتهم واستراحوا . حاضري المغطى بمرايا تستجدي الأصوات المتفرجة للصيف ، يفرّ من بين يديّ عند كلّ شروق للشمس . أين أمدّ الخيط الواهن لموتي ، وزمن العالم المائل على الهاوية ، يخلو من العتبة الأمينة ؟ رماد يتغلّف في أهدابنا ، نستنشقه بمشقة وننحدر صوب الآبار القانطة للسنة ، ولا نتلّقى أيّة تعزية من أولئك الى الذين شيّعناهم الى أرض اللاعودة الفائحة بالنفايات . تعرّي الصخرة في الطبيعة نفسها للحركة ، ينزف المرض حولها تعفّناته السود ، وهي لا تأبه لايصالاته المترعة بالفراغ . تتحرّك مهيبة في ذوبان اللحظة .
* ت . س . اليوت " رباعيات اربع " { لا ندين لهم بقربى مباشرة أو امتنان }
11 / 7 / 2012
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
-
أبواب الزمن
-
في خرائب الفايكينغ
-
الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
-
أشجار الدفن العالية
المزيد.....
-
وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
-
-نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال
...
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|