|
ميلاد فصائل المافيا المصرية
عماد عبد الملك بولس
الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 17:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العقد الماضي تكوَن في مصر حلف سري غير معلن من رجال الأعمال و السياسيين و المتسلقين لاقتسام ثروات مصر و المتاجرة بكل ما و من فيها، و ساعد علي تكوِن هذا الحلف ترهل و تحلل الدولة ووهنها الشديد الناتجين من تلاشي النظام الإداري الفعال و عجزه عن مواجهة المشاكل الوطنية، بله تعقيدات الحياة اليومية التي زادت بفعل تجاهل العلم و تغليب الـ "فهلوة" و التذاكي و الارتجال و هذه بدورها نتجت من رفض العلم و تغليب مفهوم القوة قبل العقل و الثقة قبل الكفاءة.
ملك هذا الحلف زمام الحكم و تحكم في الاقتصاد و في السياسة و المجتمع، و أقفل باب الوطنية، و علَي مبادئ الفردية و الانتهازية حتي أصبحت الساحة المصرية تعج بالفساد من كل نوع و في شتي مناحي الحياة. و زاد علي هذا رياء و نفاق ادعي للطبقة الجديدة الحاكمة كل أسباب الطهارة و النزاهة و الاستقامة و الوطنية و البر و التقوي و برر لها كل ما تفعله بالبلد بحجة أنها تحافظ عليها انطلاقا من مبدأ ”ليس في الإمكان ..." إلي هنا و لا يعدو الأمر أن يكون فسادا، مهما زاد و علا، إلا أنه يمكن كشفه بسهولة و التعرف عليه كفساد.
أما بعد 25 يناير، و حيث أن الأفضل لم يحدث و لم تجرِ الأمور إلي الصواب أبدا في مصر، فقد تشكلت جماعاتٌ و فصائل تدعي أنها وحدها التي حمت الثورة، و استكملتها و تريد وحدها أن تجني الثمار نيابة عن الشعب الذي كان هو الوقود الحقيقي للثورة قبل أن تُنهب. و تم تهريب السلاح إلي مصر، و تم تكديس الترسانات إلي يوم معلوم، و بدأ استخدام السلاح في أعمال إجرامية فردية، ثم صار التقاتل بالسلاح سمة من سمات الخلافات العائلية أو القبلية أو خلافات الجيرة، و لن يمر وقت طويل حتي تظهر العصابات المسلحة المنظمة التي تفرض سطوتها علي مناطق بأكملها، خاصة و بعض المناطق بها أطماع داخلية و خارجية.
أضف إلي ما سبق، أن التسيب (و ليس الانفلات) الأمني و كثرة السلاح المهرًب، شجع فئات كثيرة من المجتمع الذي كان مسالما علي التسلح. ينتظر الجميع أن تهدأ الأمور، و الأمور لن تهدأ قريبا إلا بإرادة شعبية مفقودة، فالشعب قد انقسم علي ذاته فرقا متنازعة أو تاه بغير دليل، و زاد من النزاعات أن مبدأ خلق الصراع هو الأداة التي ما زالت تُستخدم في الحكم حتي الآن لإضعاف القوي الثائرة المختلفة.
و بما أن هناك فصيل منظم، خبير بالعمل السري، و لا تنقصه العقيدة الجامعة، و الارتباط المنظم، و المهام الخلوية، و أهم من كل ذلك، الهدف الواحد، و هذا الفصيل الذي كان مقهورا بعض الوقت، هو ذاته الذي سقط صولجان الحكم في يده، فأمام هذا الفصيل طريقان: إما أن يبتلع السلطة كاملة وحده إن بقي في النور ، أو ينزل ثانية تحت الأرض ليصبح المافيا المصرية الأولي بما ورث من فساد و ما أتاه من سلاح، و بما أنه من غير المنتظر، أن يحوز هذا الفصيل علي مقاليد الحكم كلها مرة واحدة – و هو ما يحاوله – فقد يطيح جشعه بمكاسبه ليرتد إلي العمل السري محاولا اقتناص أي غنائم.
و إذا حدث هذا، فلن يكون هذا الفصيل وحيدا، بل ستتكون من حلفائه و أعدائه أيضا فصائل مافيوزية أخري، تسعي إلي مكاسبها هي أيضا. و المافيا هي مجموعة ترتكب الجرائم طمعا في القوة و التسيد و تجمعها عائلة أو رابطة قبلية أو تشكيل علي أساس اجتماعي أو فكري و هذا التشكيل ليس اجراميا بالضرورة من بدء تكوينه، بل هو قد يتحول إلي الإجرام إذا قُهِر و ضُغِطَ عليه و لم يجد منفذا إلا النزول تحت الأرض و تحافظ علي كيانه عقيدته و تنظيمه.
و برغم خبرتنا في التشكيلات العصابية و الإرهابية، إلا أننا لم نعرف المافيا سابقا، و عمق الارتباط بين الأعضاء، و إيمانهم بنفس المعتقدات، و معاداتهم لمن يخالف أهدافهم، مع اعتماد السرية في أعمالهم كلها، و التصميم علي التحكم في الجغرافيا و البشر، هو الذي يميز المافيا عن غيرها.
و أنا للأسف الشديد، أري تكوٌن مافيا حولنا، من فصيلين علي الأقل، كانا يختبئان خلف هتاف "سلمية" حتي الآن، و عقيدتهم السياسية و الجتماعية، لا تسمح لهم بالتراجع، فهل المجتمع المصري علي استعداد لهذه المافيا الآن؟
استعدوا...
#عماد_عبد_الملك_بولس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ال -صياعة- السياسية مبدأ جديد يحكم مصر
-
برقيات بمناسبة فوز د/ مرسي بالرئاسة
-
هوية
-
مات الإله ... يحيا الإله
-
الثعلب و الجربوع
-
الانتهازية السياسية و المحاكمة
-
اللعبة العربية و أنا
-
محاولة فهم الساحة المصرية المريضة
-
أمي و سكين الدبيح
-
محاولة لقراءة المستقبل القريب
-
لا وقت للدموع
-
خريطة طريق لشفيق
-
من فاز في الجولة الأولي للانتخابات المصرية؟
-
البحث عن الثورة المصرية (2) كيف ننجح؟
-
البحث عن الثورة المصرية - (1) البداية: لم ينجح أحد إلا أعداء
...
-
الدستور الذي نريد
-
مطلوب خطة عاجلة و جهود متضافرة لإنقاذ مصر
المزيد.....
-
فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
-
الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
-
طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
-
آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات
...
-
RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
-
نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
-
البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا
...
-
إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد
...
-
تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس
...
-
مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|