أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - هل زُورت إنتخابات 7 آذار 2010 البرلمانية لصالح الصدريين أيضاً؟















المزيد.....


هل زُورت إنتخابات 7 آذار 2010 البرلمانية لصالح الصدريين أيضاً؟


محمد ضياء عيسى العقابي

الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 10:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



خلاصة المقال:
لمّا توفرت الشروط التالية، فما الذي كان يمنع أن يقع تزوير لإنتخابات 7/3/2010 لصالح التيار الصدري (كتلة الأحرار) النيابية ؟ ما الذي كان يمنع مهندسي التزوير من إبتكار الفكرة وتنفيذها على أرض الواقع مثلما إبتكروا وزوروا بالفعل لصالح إئتلاف العراقية على حساب إئتلاف دولة القانون خاصة وأن التزوير الثاني لم يمر بيسر بينما الأول ربما مرَّ بسهولة لأنه ليس محط شك لدى "حلفاء" المنتفِع؛ علماُ أن ذاك المنتفِع أي التيار الصدري ربما لم يكن يعلم بالتزوير أساساً؟ :
- وجود دول وجماعات خارج العراق وداخله ذات مصالح كبيرة جداً وبعضها مصيري، ولكنها متباينة إلا أنها جميعاً متوحدة المصلحة في تزوير الإنتخابات العراقية،
- تمتلك الدول المشاركة إمكانيات مالية وإستخباراتية ونفوذاً سياسياً هائلاً،
- تمتلك الجماعات والأفراد العراقيون المتعاونون ومتبادلو المنافع مع تلك الدول لتنفيذ التزوير - تمتلك مصالحَ أنانية مرفوقة بخسة ودناءة ولاوطنية منقطعة النظير. هؤلاء يتكونون من طغمويين* وتكفيريين ومرتشين،
- توصُّلُ أكبر جهاز إستخبارات في العالم (سي.آي.أي.) إلى نتيجة مفادُها أن الشيعة قد إنشقوا على أنفسهم ولا رجعة في ذلك، الأمر الذي جعل حسابات مهندسي التزوير تستنبط أن قليلاً من التزوير لصالح إئتلاف العراقية (ولو بفارق صوت أو صوتين) سيجعله المؤهل لتشكيل الحكومة القادمة بموجب المادة 76 من الدستور وهذا يقتضي (لزيادة التأكيد وحبك الطبخة) رفع عدد المقاعد النيابية للصدريين إلى أقصى حد على حساب الأطراف الشيعية الأخرى (المجلس الأعلى والإصلاح والفضيلة والمستقلين) وذلك لأن الصدريين، إفتراضاً، سوف لا يلتقون مع المالكي بتاتاً حسب معلومات وكالة الإستخبارات المركزية.
- بانَ واضحاً أن تزويراً وقع لصالح إئتلاف العراقية على حساب إئتلاف دولة القانون،
- إن الصدريين قد أظهروا كرهاً وروحاً إنتقامية لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي غير معقولة، ما دفع مهندسي التخريب والتزوير إلى اليقين بسلامة خطتهم المبينة في الفقرة السابقة،
- إن هناك مؤشرات تشير إلى عدم توافق وتوازن أعداد المصوتين لكل من اأطراف التحالف الوطني (اللاحق) أي الصدريين والمجلس الأعلى والإصلاح والفضيلة مع أعداد المقاعد النيابية التي حصلوا عليها فعلاً في إنتخابات 7/3/2010.
البدايـــــة:
دفعتني الأحداث السياسية الأخيرة بشأن ما تُسمى ب"الأزمة السياسية" إلى إستعراض جملة أحداث سبقت الإنتخابات العامة الأخيرة التي أُجريت في 7/3/2010 وأثنائها وبعدها فإقتنعتُ أن تلك الأحداث لم تكن أحداثاً عفوية متناثرة وإنما مترابطة، بعضها كسبب ونتيجة وأخرى كاشفة تدعم الإستنباط . دعونا نستعرضها ونتأملها:
أولاً: في عام 2008 نشرت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية ترجمة لتقرير ظهر في صحيفة نرويجية مفاده أن وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.) توصلت إلى قناعة راسخة أن الشيعة في العراق قد إنشقوا على أنفسهم ولا رجعة في ذلك.
ومضت الصحيفة إلى القول: بناءاً على ذلك، نشط ضباط وكالة الإستخبارات المركزية وراحوا يتصلون بالتجمعات البعثية العراقية في اليمن وسوريا ومصر ودول الخليج وغيرها من الدول المتواجدين فيها.
طرح أولئك الضباط على البعثيين، حسب الصحيفة، مسألةَ الإنشقاق وألحوا على ضرورة العودة إلى العراق وإستغلال الفرصة والإنخراط في العملية السياسية والتغلب على الأحزاب الشيعية المتشتتة، إفتراضاً، في الإنتخابات البرلمانية القادمة التي كان يفترض عقدها في نهاية عام 2009 حسب الدستور.
هنا أطرح السؤالين التاليين:
1- من جعل وكالة الإستخبارات المركزية بتلك الثقة من أن الشيعة إنشقوا على أنفسهم بلا رجعة؟
2- لماذا هذا الحماس من جانب وكالة الإستخبارات المركزية لدعوة البعثيين للعودة إلى العراق والإنخراط في العملية السياسية؟
الجواب للسؤال (1): هناك ثلاثة إحتمالات هي:
- أن يكون الأمر مجرد تخمينات من جانب الوكالة مبنية على معلومات إستخباراتية،
- أن يكون هناك مصدر وثيق من التيار الصدري أعلم الأمريكيين بإصرار التيار على مناكفة إئتلاف دولة القانون عبر تركيز النار على رئيسه السيد نوري المالكي،
- أما الإحتمال الذي أُرجحُه شخصياً فيتلخص بتفاهم غير مكتوب بين أمريكا وإيران يقضي بالسماح لعلاوي بتسنم منصب رئاسة الوزراء مقابل تهدئة أمريكية للحملة العالمية ضد المشروع النووي الإيراني؛ ولكل منهما في ذلك حساباته للظفر بالآخر لاحقاً (فإيران تستغل الهدوء للإسراع في إنتاج السلاح النووي عندئذ سيكون إخراج علاوي من رئاسة الوزارة أمراً هيِّناً. وبالنسبة للحسابات الأمريكية، فإن وجود السيد علاوي على رأس الحكومة سيمكنه من إفتعال حرب مع إيران تتسلل تحت جناحها أمريكا وإسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية التي يصر الخبراء على عدم جدوى ضربها من الجو أو بصواريخ بعيدة أو متوسطة المدى).

ما أفسد هذا التفاهم هو القيادة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي لم يرق لها هذا التفاهم ولا التحفظات الأمريكية على الهجوم الجوي أو الصاروخي،
وهددت القيادة الإسرائيلية بضرب إيران وسوريا وحزب الله وحماس. إقتنعت إيران وسوريا بجدية التهديد الإسرائيلي عندما وجه اليمين الإسرائيلي إهانة علنية ولمرتين للرئيس أوباما بشأن مفاوضات السلام مع الحكومة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، الأمر الذي أقنع البلدين على عدم مقدرة ادارة الرئيس أوباما على كبح جماح إسرائيل، فلا جدوى من الوثوق به، إذاً.
هنا، بتقديري، قرر الإيرانيون والسوريون ضرورة أن يكون رئيس وزراء العراق قوياً وإن لم يكن معهما فهو ليس مع أي طرف آخر. إنطبقت هذه السمات على زعيم إئتلاف دولة القانون السيد المالكي الذي رفع شعار "العراق صديق الجميع ولا يسمح لأحد بالتدخل بشؤونه الداخلية". أوعز الإيرانيون للتيار الصدري والمجلس الأعلى بدعم المالكي وحسم مسألة تشكيل الوزارة.
عندما أطلقت وكالة الإستخبارات المركزية حملتها لإعادة البعثيين الهاربين إلى العراق، لم تكن العلاقات بين أمريكا وإيران قد وصلت مرحلة الإفتراق المنوه عنه أعلاه وتوجهِ إيران نحو المالكي، إذ أعلن التيار الصدري قبيل ذلك موافقته على تعيين رئيس للوزراء من إئتلاف العراقية إذا لن يكون السيد أياد علاوي. أعتقد أن عدم قبول مقتدى لأياد لم يكن لممانعة إيرانية بقدر ما كان خوف التيار الصدري من غضب الجماهير العراقية الواعية غريزياً (حيث جعلها وعيها الغريزي من إحتمال أعمال إبادة أوسع من الإرهاب القائم، ومايزال، متقدمة بكثير على معظم الأحزاب والأشخاص مدعي الديمقراطية والليبرالية واليسارية).

أما الجواب للسؤال (2): هناك إحتمالان وهما:
الإحتمال الأول: ربما كان الأمريكيون حريصين على شد أزر العملية السياسية وجعلها شاملة لأوسع شرائح وفئات المجتمع ومنع الدول الشمولية والدكتاتورية المناوئة للتغيير الذي حصل في العراق من تسخير تلك الفئات البعثية الضالة واليائسة للعمل ضد النظام الديمقراطي الجديد.
إذا تذكَّرْنا في هذا الصدد الجهودَ والضغوط الكبيرة التي مارسها الأمريكيون على حكومتي الجعفري والمالكي لإعادة أعداد أخرى من الضباط الطغمويين بإسم "المصالحة" زيادة على ما أنجزه الدكتور أياد علاوي في هذا المجال أثناء توليه رئاسة الوزارة، فقد يظن البعض أن الأمرين متوافقان ويؤشران إلى حرص أمريكي لشد أزر العملية السياسية كما تم شرحه أعلاه. أما التأني والتأمل فقد يفضيان إلى نتائج أخرى كما سنرى.
الإحتمال الثاني: ويتلخص بمحاولة تحشيد القوى المناوئة للديمقراطية التي ستصبح أمريكا قادرة على جعلها تنصاع لتكتيكها المتمثل بصياغة "ديمقراطية" إسماً لكنها مشوهة جوهراً تخدم الطرفين.
أميل إلى الأخذ بالإحتمال الثاني للأسباب التالية:
1- لو أرادت أمريكا، حقاً، درء الأخطار على العراق الجديد من دول الجوار ومن تؤويهم من طغمويين لفعلت ذلك بيسر حتى هذه اللحظة لأن هؤلاء جميعهم خاضعون للإرادة الأمريكية.
2- بعد دحر مرشح أمريكا والأمم المتحدة والنظام الرسمي العربي الدكتور أياد علاوي في إنتخابات كانون ثاني 2005، وإنتخابات كانون أول عام 2005 أرست حكومتا الدكتور إبراهيم الجعفري ونوري المالكي قواعد عمل سياسية للعراق الديمقراطي الجديد بما لا يتلائم وطموحات خط وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة الإستخبارات المركزية اللتين إستلمتا الملف العراقي من المحافظين الجدد الذين كانوا متمركزين في وزارة الدفاع (البنتاغون).
3- لم يثنِ هذا الفشلُ الأمريكيين عن مواصلة جهودهم لفك التحالف الستراتيجي بين الإئتلاف العراقي الموحد والكتل الكردستانية ولدق إسفين بين الحكومة وجماهيرها ولتشتيت هذه الجماهير وقيادتها لأنها قادرة منفردة على مواجهة الأمريكيين سلمياً وليس كما ظن البعض الساذج من أن الأمريكيين لم يريدوا أحزاباً دينية "رجعية" في السلطة. أعتقد أن الأمريكيين أرادوا دعم السيد أياد علاوي لرئاسة الوزارة بهدف التعاون بشكل ما كإفتعال حرب مع إيران للتسلل تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
4- زيادة على ذلك فهنالك ضغوط شركات النفط على الحكومة الأمريكية إذ كانت تلك الشركات ترغب في عقد إتفاقات "شراكة في الإنتاج" رافضة أسلوب "عقود الخدمة" الذي أخذت به الحكومة العراقية في جولات التراخيص التي عزمت على عقدها ونفَّذَتها لاحقاً، وسط تبرم تلك الشركات ومنها شركة (أكسون موبيل) التي عقدت إتفاقيات مع حكومة كردستان دون إطلاع وموافقة الحكومة الفيدرالية.

تحدث مقال للسيد طارق الدليمي نشر في صحيفة السفير اللبنانية وأعاد نشره موقع "عراق القانون" بتأريخ 9/7/2012 ومنه يظهر مدى التصميم على التدخل في الشؤون النفطية الداخلية للعراق بذريعة "السياسة العالمية للطاقة ودور النفط في عولمة الإقتصاد السياسي الدولي ":

[بل تشير «رويترز»، إلى أن «اكسون» تعتقد أن شركات عالمية أخرى، ومنها «شيفرون» و«توتال»، ستحذو حذوها في إبرام عقود جديدة على الغرار نفسه مع حكومة السنجق {يقصد كردستان – م.ض.ع.ع.}. ذلك أن تقديرات مراكز التحليل الجيولوجي في «اكسون» تؤكد أن احتياطي النفط في شمال العراق يصل إلى «45 مليار برميل نفطي» وأن استثمار هذه الثروة يجب ألا يخضع للأمزجة الفردية أو الأهداف الآنية السياسية بقدر ما يجب أن يستند إلى السياسة العالمية «للطاقة» ودور النفط في عولمة الاقتصاد السياسي الدولي.]
5- إقتراب موعدين مهمين وهما: إنتهاء تفويض الأمم المتحدة للقوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة للبقاء في العراق في نهاية عام 2008؛ وإجراء الإنتخابات البرلمانية العامة والتي كان يفترض أن تعقد في نهاية عام 2009.
أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى أن مسودة الإتفاقية التي قدمها الأمريكيون للعراقيين بشأن تقرير مصير القوات الأمريكية بعد عام 2008، تضمنت الإبقاء على ما يقرب من (320) قاعدة وموقعاً عسكرياً في العراق. غير أن حكومة السيد نوري المالكي لم توافق على أي منها وأصرت على إنسحاب القوات بأكملها. وأخيراً تم الإتفاق على موعد 31/12/2011 لإنسحاب آخر جندي أمريكي من التراب العراقي ما لن تطلب الحكومة العراقية تمديد الموعد.

كل الدلائل أشارت إلى أن الأمريكيين كانوا يريدون بقاء جزء من قواتهم في العراق عندما إقترب موعد رحيلها. وقد أثبتت الأحداث، من تصرفات أمريكية إلى تصرفات بعض الأحزاب والتكتلات السياسية (وأخص بالذات إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني) طيلة عام 2011 حتى نهايته – أثبتت هذا الرأي. زد على هذا التأنيبَ المتواصل الذي وجهه ومازال يوجهه السناتوران الجمهوريان (جون مكين) و (ليندزلي كَراهام) لإدارة الرئيس أوباما بسبب إخفاقها في إبقاء جزء من القوات في العراق. وقد كان هذا من جملة الإنتقادات التي وجهها السناتور جون مكين إلى المرشح لتولي سفارة أمريكا في بغداد السيد برت ماكغورج حتى سحبت وزارة الخارجية ترشيحه ( الأمر الذي أراح السيد أياد علاوي ورفاقه، أيضاً، لأنه قام بسابقة لم تحصل من قبل في العالم إذ إحتج، هو الآخر، لدى الرئيس أوباما على ترشيح السيد ماكغورين لأنه "صديق" لحكومة المالكي!!!). صبَّت هذه الأحداث لغير صالح السيد نوري المالكي والإئتلاف الذي يقوده وتمنى، بل سعى، الكثيرون إلى رحيلهما.

أما بالنسبة للإنتخابات النيابية العامة، التي كان من المزمع عقدها في نهاية عام 2009، فكانت الفرصة الذهبية المؤاتية لكافة الأطراف لإغتنامها: فالجميع له خبراء متخصصون في إدارة حملات إنتخابية بكيفيِّة قذرة مزورة لكنها مغطاة ومزوقة يصعب مسكها، وكثير من الأطراف تمتلك قدرات مالية هائلة وإستعداداً لتقديم رشى سخية جداً كالنظام السعودي**، وهناك الإندساسات كالسيدة ميتشل مساعدة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد إد ملكرت، والتي أشارت بعض المصادر إلى كونها موظفة في وكالة الإستخبارات المركزية، ولعبت دوراً كبيراً في إنتخابات 7/3/2010.

6- من هذا أعد الجميع العدة لتلك الإنتخابات، ومنها بلورة خطة "حرق الأعشاش" التي وضعها وموَّلها السعوديون وأغروا الفئات الطغموية العراقية للإنضواء تحت يافطة "إئتلاف العراقية".

هنا جاء دور ضباط الإستخبارات المركزية. وعلى أغلب الظن أن نشاطهم المنوه عنه سلفاً كان بالتنسيق مع / أو بالأقل يتناغم مع جهود السعوديين وحلفائهم في المنطقة للتأثير على الإنتخابات النيابية القادمة بإتجاه ترجيح كفة إئتلاف العراقية؛ أو بأكثر دقة لإضعاف وتشتيت أطراف الإئتلاف العراقي الموحد، تلك الأطراف التي خاضت الإنتخابات بقوائم منفصلة.

أكرر، لو أراد الأمريكيون حقاً إبعاد تدخلات السعوديين والقطريين والسوريين وباقي دول المنطقة عن العراق؛ ولو أرادت إذعان السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني للدستور والقوانين المرعية في النظم الديمقراطية، لحققت ذلك بنفخة خفيفة على تلك النظم والشخصيات الهزيلة. ولكنها لم تكن تريد ذلك ولحد هذا اليوم وذلك لإبتزاز حكومة التحالف الوطني، إن لم يكن لعزلها وإبعادها عن السلطة ولو بتزييف الإنتخابات.

ثانياً: لقد أثبت الصدريون بما لا يقبل الشك بأنهم كانوا خصوماً شديدين ضد إئتلاف دولة القانون وزعيمه المالكي. إنهم مخيفون حقاً لأنهم في معظمهم شباب قليلو الخبرة السياسية والدينية ومثلهم تسهل إصابته بأمراض عديدة مخيفة مثل: عبادة الفرد، التعصب الأعمى، غياب الفكر والمنطق والمرونة، إنغلاق الرؤيا، الكره الشديد للمغاير، الإعتداد بالذات لدرجة الغرور.

من هذا ناكفوا حكومة المالكي الأولى وسحبوا وزرائهم من تلك الحكومة. قبل إنتخابات 7/3/2010 صوتوا ضد القرض الياباني لئلا يؤدي تنفيذه إلى كسب دعاية للمالكي. لم يؤيدهم في ذلك سوى إئتلاف العراقية المستعد والساعي دائماً وأبداً لتخريب النظام الجديد برمته، كما صوت مع الصدريين المجلس الأعلى . أما الأكراد فيقول الدكتور محمود عثمان أنهم إستغربوا للموقف وقالوا إن هذا ليس للمالكي بل للشعب العراقي.

كل هذا أعطى مؤشرات إلى الأمريكيين و"حلفائهم" في داخل العراق وفي المنطقة بأن معلوماتهم أو إستنتاجاتهم بشأن إنشقاق الشيعة كان أمراً حقيقياً ومغرياً وأيقنوا بأن الصدريين أصبحوا يمثلون حصاناً جامحاً يمكن الإستفادة منه في رفس أهله قبل غيرهم وهي سمة المتخلفين تذكرنا بأحداث أيام زمان: "يا أم دعبول لا تبكين ....إلخ".

ثالثاً: بتأريخ 15/7/2011 أجرى الإعلامي السيد سعدون محسن ضمد مدير برنامج "حوار خاص" في قناة "الحرة – عراق" – أجرى حواراً مع الدكتور إبراهيم الجعفري، رئيس التحالف الوطني ورئيس الوزراء السابق وزعيم "تيار الإصلاح".
عرج الكتور إبراهيم على نتائج إنتخابات 7/3/2010. إلتقطتُ منه تذمرَه من أن أصوات تيار الإصلاح ، والتيار الصدري أي "كتلة الأحرار" والإئتلاف الوطني أي المجلس الأعلى وحلفائه كانت ليست بذلك الفارق الذي يبرر التباين في عدد المقاعد النيابية التي حصل عليها كل من هذه الكتل الثلاث. على ما أذكر فإنه قد ذكر بأن أصوات الناخبين التي حصدتها كل كتلة كانت كما يلي بالتقريب: الصدريون 269 ألف صوت؛ الإئتلاف الوطني 249 ألف صوت، وتيار الأحرار بحدود 210 ألف صوتاً. بينما حصلوا على مقاعد برلمانية كالتالي وحسب التسلسل: 40 نائباً و17 نائبا و 4 نواب.

قلتُ "على ما أذكر" لأنني بصراحة لم أركز كثيراً على هذا الجزء من الحوار ولكن الأرقام التي ذكرتُها أعلاه كانت مقاربة لما ذكر الدكتور. إلا أني لم أركز بدقة على ما أراد إستنباطه الدكتور الجعفري، لأنني كنتُ موقناً بأن العلاقات الإنتخابية البينية لهذه الأطراف الثلاث لم تشبها شائبة فالمشكلة الحقيقية كانت بين إئتلاف دولة القانون وإئتلاف العراقية، لذا فلم أُعر لهذا الجزء من حديث الدكتور الجعفري الإنتباهَ الكافي فيما عدا الأرقام (التي أردتُ تدقيقها بالرجوع إلى موقع "المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات" ولم أُوفق).

في الحقيقة إقتنعتُ، في حينه بعد الإنتخابات، بالتفسيرات التي بررت حصول الصدريين على 40 مقعداً؛ وهي تفسيرات ظهرت هنا وهناك بضمنها تعليق صحيفة أمريكية ومفادها جميعاً أن الصدريين كانوا منضبطين ومنظَّمين جيداً في حملتهم الإنتخابية فحصدوا تلك الأصوات البرلمانية.

ربما كان في كلام الدكتور الجعفري ما ينفع إستنباطي بشأن التزوير لصالح الصدريين. مع هذا فمجرد تذمره من عدم وجود توازن ومنطق بين أعداد المصوتين لثلاثة أطراف من التحالف الوطني وأعداد الأصوات النيابية التي حصدتها تلك الأطراف، لهوَ أمرٌ يثير كثيراً من علامات الإستفهام والغرابة. وقد يكون تبرع بعض الجهات السياسية والإعلامية لتبرير فوز الصدريين بأربعين مقعداً، يُقصد منه قطع الطريق على مجرد الشك، خاصة وأن حذاقة تلك الجهات أظهرتهم وكأنهم متبرمون من فوز الصدريين ولكنهم "مستسلمون لقَدَرِ" التنظيم والإنضباط الجيدين. يا لهم من مساكين!!!.

رابعاً: كنتُ وماأزال مقتنعاً، كما إقتنع آخرون أيضاً، بأن تزويراً مبرمجاً حصل في إنتخابات 7/3/2010 وذلك بناءاً على مراقبة مجريات الإنتخابات وما أحاط بها. أسطع برهان كان رفضَ المحكمة، بضغط من الأمريكيين بتقديري (سواءاً عن طريق السفارة أو عن طريق السيدة ميتشل مساعدة ممثل أمين عام الأمم المتحدة في بغداد إد ملكرت والتي أُشيع بأنها موظفة في وكالة الإستخبارات المركزية)، - رفضَ المحكمة لطلب إئتلاف دولة القانون للقيام بالعد اليدوي وكأنَّ طعن الإئتلاف لم يكن ذا قيمة. بتقديري، إن ضغوطاً وإغراءات مورست أيضاً على المفوضية االعليا المستقلة للإنتخابات. وللأسف أظهر الإستجواب الذي جرى في مجلس النواب للمفوضية المذكورة وجودَ ضعف كبير في ما يفترض أن تكون حصانة متينة جداً يتمتع بها مسؤولو المفوضية. كما لعبت القدرة التقنية المتخصصة للتحكم ببرمجيات الحواسيب دورها في تسهيل تنفيذ عملية التلاعب.

كنتُ أظن أن التزوير قد أوقف عند حد معين بفعل التهديد الجماهيري الذي أعقب نزول تظاهرات في النجف والبصرة لصالح إئتلاف دولة القانون، إذ كانت نذيراً بتأجج عصيان مدني قد يتطور إلى ثورة سلمية. لذا إجتمع السفير الأمريكي برئيس الوزراء على عجل لتدارك الموقف.

بعد مراجعة وتمحيص الموقف ، بدَّلتُ رأيي وصرتُ أعتقد أن التزوير الذي حصل كان هو المخطط والمقصود، وليس أقل مما أرادوه ولم يريدوا أكثر، إذ حقق الأهداف التالية :
- القدرة على تفعيل المادة 76 من الدستور التي تقضي بتكليف الجهة الأكثر أصواتاً لتشكيل الحكومةً (على إفتراض أن الآخرين سوف لا يتحدون حسب نظرية وكالة الإستخبارات المركزية التي أشرتُ إليها في الفقرة (أولاً) أعلاه)؛
- كان التزوير بالحدود التي لا تجعل الإنتخابات فاقدة المصداقية التي تحددها المعايير الدولية؛
- كما كان التزوير بالحدود التي لا تستفز الجماهير كثيراً فتؤجج ثورة سلمية عارمة. لذا "تفوَّق" إئتلاف العراقية على إئتلاف دولة القانون بفارق صوتين فقط (91/89). كما كان وجود عدد كافٍ من النواب لأطراف الإئتلاف العراقي الموحد مهدءاً لغضب الجماهير على إفتراضٍ لدى تلك الجماهير بأن هؤلاء النواب سيتحالفون من جديد.

لقد إتحد أطراف الإئتلاف العراقي الموحد السابق وشكلوا التحالف الوطني بعدد أصوات يفوق كثيراً أصوات إئتلاف العراقية. هنا نفعت تظاهرات النجف والبصرة لأنها، بتقديري، مكَّنت رئيس إئتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي من التسلح به وإلغاء الضغط المشترك من الأمريكيين والأمم المتحدة على المحكمة المختصة لتقضي بأحقية تكليف التحالف الأكبر في تشكيل الوزارة حتى إذا تَشَكَّلَ بعد الإنتخابات. وهو أمر منطقي غير أن إئتلاف العراقية أراد تكليفه هو حسب المادة 76 من الدستور كي تمارس أمريكا وتركيا والسعودية ضغوطاً على الأكراد لحملهم على تأييد السيد علاوي لرئاسة الوزارة علماً أن السيد مقتدى الصدر قد أعلن إستعداده لتأييد إسناد رئاسة الوزارة إلى شخص آخر من إئتلاف العراقية على ألا يكون السيد أياد علاوي وأعتقد أنه رشح السيد محمد علاوي لكن إئتلاف العراقية رفض ذلك.

خامساً: أظهرت أحداث سوريا أن الجهد مستمر لضرب الممانعة العربية للتوسع الإسرائيلي. العراق ليس من دول الممانعة لكنه "ممانع" من وجهة النظر الإسرائيلية التي تريده أن ينظم إلى جهد الإطاحة بنظم الممانعة إيران وسوريا وإلا فإنه ممانع أيضاً. وإذا شهدنا بعض "التهاون" مع العراق بشأن عدم إنخراطه في سياسة معاداة إيران دون سبب وطني، وعدم انضمامه للجهد المبالغ به للإطاحة بالنظام السوري (الإطاحة المطلوبة لا حياً بالشعب السوري بل لتدمير منظومة الدفاع والممانعة العربيتين التي تشكل سوريا، مهما كان رأينا وإنتقاداتنا للنظام البعثي السوري الدكتاتوري، إلا أنه يشكل محورهما وآخر قاعدة للصمود العربي في الصراع العربي - الإسرائيلي)، فمرد ذلك إلى سببين:

أولهما أن الضغوط الزائدة على العراق تجعله يتجه إلى إيران حمايةً لنفسه ومصالحه؛

وثانيهما كون عام 2012 عاماً إنتخابياً رئاسياً لأمريكا وشهد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق "إنسحاباً مسؤولاً"، حسب كلمات الرئيس أوباما، لذا فهو لا يريد أن تتوتر الأوضاع في العراق فيكون الرئيس عرضة للطعن بتقديراته. لذا رأينا الإدارة الأمريكية لم تعر إهتماماً كبيراً لعروض التطوع التي تقدم بها إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني لزعزعة حكومة التحالف الوطني لصالح شركات النفط الأمريكية.

سادساً: إذا وضعنا كل هذه الأحداث أمامنا وسألنا أنفسنا السؤال التالي:
- مع كل هذا الإدراك بما يحمله الصدريون من طاقة كامنة لمناكفة إئتلاف دولة القانون ومحاولة سحب البساط من تحت أقدامه،
- ومع توفر المبررات من وجهة نظر الأمريكيين والأمم المتحدة والسعوديين والطغمويين، وكانوا مصرين على تزوير الإنتخابات،
- فلماذا لا يخطر ببالهم تزوير الإنتخابات بإتجاهين: لصالح العراقية والصدريين؟
هذا ليس طعناً بالصدريين. لقد سبق وقلتُ إنهم لا علم لهم بالتزوير الذي جرى لصالحهم على أغلب الظن. إنه تنبيه لهم للتيقظ إلى ما حيك ويُحاك ليس لإئتلاف دولة القانون وحسب بل لجميع أطراف التحالف الوطني؛ فحذارِ حذارِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

**: ذكرت صحيفة البوليتيكو الأمريكية ومحطة إذاعة أوستن النرويجية بأن السعودية وتركيا وقطر قدموا ملياري دولار لأبطال إجتماع أربيل؛ ووعدوا كل نائب يصوِّت لصالح سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي بثلاثة ملايين دولار. وفي وقت سابق سمع السيد حسن العلوي بأذنيه الملك السعودي عبد الله يقول للسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والقيادي في إئتلاف العراقية وكان على رأس وفد من ذلك الإئتلاف: "أعطيناكم مليارين ونصف والشيعة نمازالوا في الحكم".
هذه مؤشرات تبين المدى الذي يمكن أن يبلغه أصحاب المصالح في تخريب الديمقراطية العراقية والإستقرار.



#محمد_ضياء_عيسى_العقابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الخوف من دكتاتورية قائمة أم من دكتاتورية قادمة؟
- أسئلة وملاحظات جديرة بالإهتمام أوجهها للتيار الصدري
- الكهرباء آتٍ بعد عام ولا ينتظر المهدي المنتظر!!
- تحذير شديد إلى السيد مقتدى الصدر ونواب تياره الأربعين
- مؤتمر التجمع العربي لنصرة الشعب الكردي أخفق في مسعاه
- طيارات بلا طيار للعراق موضوع خطير
- أشجع طفل في القرن العشرين!!
- إستحالة سحب الثقة أم الإنقلاب العسكري هو المانع يا صدريون؟
- إغراء التيار الصدري إلى اللعب بالنار
- ملاحظات حول تصريحات السيد مقتدى الصدر
- المتشبثون بالقشة في قضية الهاشمي
- تعقيب على مقال: -نوري المالكي وعبد الكريم قاسم بين زمنين-
- تعقيب على مقال: -تحذير: الحل الوطني أم الأقلمة والتدويل-
- القمة العربية أوجعت قلوب البعض
- المرحوم ناجي طالب يذكرنا بالطائفية
- ثانية وثالثة: أين وطنية بعض العراقيين من وطنية المصريين؟
- الحسابات التكتيكية اللعينة
- مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي
- هل مشاكل العراق قليلة لتزيد فيها يا سيد مقتدى؟
- إئتلاف العراقية يطالب بإقالة وزير الكهرباء


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - هل زُورت إنتخابات 7 آذار 2010 البرلمانية لصالح الصدريين أيضاً؟