أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اياد عودة - باولو فريري ومحاكاة النظام الجديد للثانوية العامة في فلسطين















المزيد.....

باولو فريري ومحاكاة النظام الجديد للثانوية العامة في فلسطين


اياد عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 02:02
المحور: المجتمع المدني
    


باولو فريري ومحاكاة النظام الجديد للثانوية العامة في فلسطين
"سيكشف أي تحليل دقيق للعلاقة بين المعلم والطالب على أي مستوى، داخل المدرسة أو خارجها، عن طابعها السردي (Narrative). وتشمل هذه العلاقة "فاعلاً" (المعلم) يقوم بالسرد و "مفعول به" أو أهداف" (الطلاب) الذين يستمعون بصبر. وتجنح المحتويات – إن كانت قيما أو أبعادا عملية للواقع – الى أن تصبح، خلال عملية السرد، بلا حياة، محنطة. فالتعليم يعاني مرض السرد."
ياتي هذا المقال التحليلي بعد الهجوم الذي بادر به مجموعة من التربويين سواء في الصحف او الاذاعات او اللقاءات التربوية على مقترح لتغيير نظام الثانوية العامة الجديد والذي اسفر عن تعطيل تنفيذ هذا النظام. على الرغم من أن معظم المحتجين إن لم يكونوا كلهم أكدوا على ضرورة التغيير ولكن السؤال الاهم والمحرك الرئيسي لحركة الاحتجاج كانت ووفق تعبير كل المحتجين – وأنا منهم – على نوع ونتائج التغيير المقترح وليس على مبدأ التغيير.
من هنا وبعد النجاح البسيط الذي حققته حركة الاحتجاج يجب أن يبدأ العمل الحقيقي الان وبنفس البسالة التي أظهرناها كمحتجين في تلك الفترة التي عقدت فيها الاجتماعات وتعالت الصرخات عبر الاذاعات المختلفة ونشرت الكثير من المقالات في الصحف المحلية والالكترونية، علينا الان وبدون تأخير البدء بالحوار حول نوع التغيير الذي نريده طالما اننا كنا نجمع على ضرورة التغيير وكانت مشكلتنا هي نوع التغيير، والا فان الحركة التي قمنا بها لا سياق لفهمها سوى الاحتجاج من أجل التعطيل ويدخل جزء منها كنوع من المناكفات الفكرية والتربوية كتلك التي نعرفها جيدا في المجال السياسي، اما اذا كان الامر حقيقيا واننا كنا نبحث بالفعل عن بديل أفضل وحقيقي فان اللحظة الان ودون تأخير هي اللحظة التي يجب أن نبدأ منها لطرح الافكار وتبادلها ونشر القيم منها وعمل المؤتمرات وتقديم الاوراق العلمية لمقترحات حقيقية تخرجنا من ذلك النوع المقيت من التعليم وهو التعليم البنكي وفق وصف باولو فريري والذي سأحاول في هذا المقال التحدث حوله.
إن هدفي من هذا المقال ليس التعريف بهذا النوع من التعليم فقط على أهمية هذا الهدف، الا أن هدفي الاساسي يأتي لمحاكمة نظام الثانوية العامة الحالي ونظام الثانوية المقترح بناء على هذا التعريف، وهل يمكن للنظام الجديد أو المقترح أن يخرجنا من هذا النوع من التعليم؟
المقصود بالتعليم البنكي:
وفق تصور فريري فان عملية السرد تؤدي بالطالب الى الحفظ غيبا بشكل ميكانيكي ما يسرد له أو يروى له من قبل المعلم (الراوي) حيث يتحول الطالب بهذه الطريقة الى "وعاء" أو " إناء" بحيث يعمل المعلم على ملئه، وتقاس كفاءة المعلم بهذا النظام بكمية ملء الوعاء، بينما تقاس أفضلية الطالب (الوعاء) بقدرته على السماح بخنوع – وفق تعبير فريري – بملئه. وهكذا فان عملية التعليم تصبح عملية "إيداع"، يكون المعلم هو العميل البنكي أو المودع، ويكون الطالب هو الجهة التي يتم الايداع بها أي البنك، حيث يقوم المعلم باصدار البيانات والتي هي ملكه وفق هذا التصور وإيداع ما لديه من هذه الممتلكات فيتلقونها الطلاب ويحفظونها غيبا الى حين طلبها من قبل المودع ليتم استرجاعها وكما هي، اذ لا يجوز اجراء تعديلات أو تغييرات على هذه البيانات او ادخال العنصر الذاتي بها بل ان جودة الاناء أو البنك تقاس بمدى اعادتها بنفس الصياغات التي اودعت بها. أن هذا التعليم لا يسمح لنشاط الطلاب بدور أكبر من التلقي والامتلاء وتخزين ما يتم ايداعه .
وهنا أود طرح الاسئلة التالية على التربويين الفلسطينيين بشكل خاص:
• اليس النظام التعليمي الذي نتبناه ونعمل به هو من هذا النوع من التعليم؟
• اليس المعلم وفق نظامنا هو محور العملية التعليمية والمالك للمعرفة المودع لبياناته داخل الاواني (الطلاب)؟
• اليسوا طلابنا وفق تعاملنا معهم في نظامنا بنوك نحاول جاهدين ايداع بياناتنا لديهم لاسترجاعها عند الامتحانات؟
• الا تقيس اختباراتنا وبكافة مستوياتها كمية الايداع وتركز على استرجاع ما تم ايداعه داخل الوعاء؟
• الا نلاحظ عداء غريب بين الطالب والمعلم بما يمثله من نظام وهذا مبرر لهذا النوع من التعليم
• الا نلاحظ حالة اغتراب بين الطلاب وبين المتعلمين حتى الجامعيين بالمعنى الماركسي للاغتراب
ان هذا النوع من التعليم له العديد من الاثار والتي لا يمكن حصرها ولا يمكن مناقشتها في هذا المقال الا انني أكتفي بما سبق للذهاب مباشرة الى الهدف المرجو من هذا المقال.
إن الحديث عن النظام الحالي للثانوية العامة (التوجيهي) هو توصيف دقيق لكل ما جرى ذكره عن التعليم البنكي واكاد أجزم انه لن يوجد ثمة من يختلف معي – مع ضمان حق الاختلاف – بان كل صفات التعليم البنكي هي صفات لنظامنا الحالي ليس الثانوية العامة فحسب بل النظام بشموليته ولكنني أرغب باقتصار الحديث عن الثانوية العامة، واذا ما أضفنا الى هذا التوصيف كل المداخلاات (المعارضة والمؤيدة للمقترح الجديد) فانها كلها أحمعت على ضرورة تغيير نظام الثانوية العامة. حيث أنه وباعتقادي الشخصي – وانا لا ارى فيه حقيقة مطلقة بل هو رأي لا يمكن أن يكون مكتملا ولا يمكن له أن يكتمل دون ملاحظات المهتمين والمعنيين وكل من له ملاحظة بهذا الشأن – اعتقد انه لا يمكن لاي معلم أو تربوي القبول بهذا الدور عن وعي كامل بما يحويه هذا النوع من التعليم بكل ابعاده فدور المعلم الحقيقي يجب أن يكون مساعدة الطلاب في اعادة تشكيل واقعهم ومعيشتهم بما يتلائم مع ذواتهم كفاعلين وقادرين على التغيير في محيطهم ومبدعين وخلاقين وبالتالي كآدميين أو كأناس مكتملي الانسانية وهذا كله يندرج تحت عنوان واحد وهو أنسنة التعليم وبالتالي لا يمكننا القبول باستمرار هذا النظام بشكله الحالي.
وهذا كله يحيلنا الى البدء بمحاكمة حقيقية للنظام المقترح هل يقدم هذا النظام تغيرا جوهريا في نظرته للعملية التعليمية برمتها أم يغير في الشكل والاجراءات فقط مع محافظته على مضمونه البنكي؟
ان ما جرى ويجري توصيفه للنظام الجديد للثانوية العامة لهو نظام بنكي بجودة بنكية أعلى؛ اذ انه وبشكل واضح يعمل على تقييد حرية المتعلميين (الطلاب) لمدة احتجاز تصل الى ثلاث سنوات مراقبة من قبل أجهزة الرقابة الخارجية لجودة العملية البنكية اذ سيتعرض الطلبة بعد الصف العاشر الى عمليات سحب للارصدة ( البيانات المودعة ) حيث يشترط النظام الجديد على الطالب (البنك) استرجاع ما نسبته (50%) كحد أدنى من الودائع التي وضعت فيه خلال العام الدراسي لانتقاله الى الصف الحادي عشر، يتم بناء عليها تحديد جودة هذا البنك وبالتالي تحديد مساراته من قبل غيره، على اعتبار انه "مفعول به" متناسية بشكل كامل إنسانيته ومتعدية بشكل كبير على حريته للاختيار، ومعتمدة نفس اليات الاسترجاع المعمول بها وهي الاختبارات المعرفية فقط.
بعد ذلك وبآلية رقابة أعلى تتدخل فيها أجهزة مركزية (اختبارات وزارية) سيتم عمليات مراقبة لسحب ايداعات جديد مع نهاية كل من الصفين الحادي عشر والثاني عشر ولايداعات (بيانات) أكبر حجما حيث سيتحول الطالب في هذين العامين و بشكل كامل الى وعاء ووعاء فقط طيلة هذه المدة، مهمته الاساسية هي استقبال الودائع (البيانات) من قبل المودعيين (المعلميين) لاسترجاعها بعمليات سحب متتالية تظهر جودتها بمدى القدرة على الاحتفاظ بكل تلك البيانات الى حين عمليات السحب (الاختبارات) والتي لا يمكن أن تتعدى هذا الدور.
إن معارضتي للنظام الجديد ليس معارضة للتغيير نهائيا اذا ان ديناميكية الحياة تفرض التغيير المستمر لكل ما فيها ولكن المعارضة هي للاساس النظري المبني عليها النظام سواء المقترح أو الحالي، وبالتالي فان العمل الاساسي للتربويين يجب ان يعود الى أصله وهو أنسنة التعليم وتحرير المتعلمين ولا يمكن لهذه الانظمة التي تعتمد التعليم البنكي من القيام بهذا الدور إن المهمة التي تقع على عاتقنا تكمن في نسف النظام وليس القيام بتعديلات عليه، وهنا لا بد الى الاشارة الى ما أكده فريري والذي يعتبر أساس رفض المقترح من قبلي وهو
" كلما ازداد انهماك الطلاب في تخزين ما يتم إيداعه لديهم، كلما قلت إمكانية تطورهم لوعي انتقادي ينجم عن تدخلهم في العالم كـــ _ (محوّرين) لذلك العالم، وكلما ازداد قبولهم بالدور السلبي المفروض عليهم"
ومن هنا فانني ارى ان النظام الجديد من شأنه زيادة انهماك الطلاب في التخزين وبالتالي تقليل تدخلهم الحقيقي في تغيير اوضاعهم والتي هي بشكل استثنائي للفلسطينيين تحتاج كل الطاقات الممكنة من أجل التدخل في القيام بالتغيرات ورفض كل المحاولات الساعية من أجل قبول الفلسطيني بالوضع المفروض عليه بل ان على عملية التعليم والنظام التعليمي الفلسطيني أن تحتوي أهداف واضحة ولا لبس فيها تجعل الطالب الفلسطيني رافضا لوضع الاحتلال والظلم والقهر الذي يعاني منه ويدخله في عملية الصراع من أجل استعادة حريته والتي لا يمكن لانسانيته أن تكتمل دونها.

اياد عودة
11/7/2012م



#اياد_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابعاد الثانوية العامى الجديد في فلسطين


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اياد عودة - باولو فريري ومحاكاة النظام الجديد للثانوية العامة في فلسطين