أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - - سرسنك - التي كانتْ














المزيد.....

- سرسنك - التي كانتْ


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 15:33
المحور: المجتمع المدني
    


لغاية نهاية الثمانينيات .. كانتْ [ سرسنك ] من أجمل المصائف في العراق .. والدليل على انها مكانٌ مُمّيَز من جميع النواحي .. ان الملك إختارها لبناء " القصر الملكي " لمناخها المعتدِل وطبيعتها الخلابة ووداعة سكانها . كان " الفندق الحجري " منذ أكثر من ستين عاماً ، مَعلَماً حضارياً ببناءهِ الفريد ومسبحهِ الجميل وحدائقه الغّناءة .. بل كانَ في سرسنك حينها ملعبان للتنس .. يستخدمه الضيوف ونُزلاء الفندق والمصطافين .. إضافةً الى الكثير من المقاهي والكازينوهات والأكشاك والبيوت السياحية . في السبعينات والثمانينيات .. تطورتْ سرسنك بصورةٍ كبيرة ..واُقيمتْ فيها منشآت سياحية كثيرة ، كانتْ تُنافس مثيلاتها في دول الجوار ، إن لم تكن أحسن منها ! .. فحتى كان هنالك خط طيران سياحي ، ينطلق من " مطار بامرني " القريب من سرسنك ، الى الموصل ثم بغداد ... حيث أتذكر انني سافرت عدة مرات من بغداد الى بامرني في 1972 / 1973 ، وكانت البطاقة على ماأتذكَر بخمسة او ستة دنانير ، وكانتْ أرخص من أجرة تكسي خصوصي !. حقاً ان السياح العراقيين في تلك السنوات الذهبية ، باتوا يفضلون سرسنك ، على لبنان او تركيا اوسوريا .. فكانَ كُل شئٍ مُتوفرٌ فيها : صالة ألعاب فاخرة تحتوي على الكثير من أحدث الأجهزة والآلات .. صالات سينما راقية .. مطاعم أيطالية وفرنسية .. ملاهي ليلية .. بيوت سياحية مختلفة الانواع والاحجام وفنادق ذات مستوى عالٍ .. فُرق راقصة وموسيقية وغنائية .. كُل هذا تحت إشراف مديرية سياحة مهنية وكفوءة . طبعاً من نافلة القول ، ان " البيئة " الإجتماعية ، كانتْ حينها مُلائمة للتقدم الحاصل في مجال السياحة .
نبذة مُختصرة :
بعدَ أن وضعتْ الحرب العالمية الاولى أوزارها .. وهزيمة الأمبراطورية العثمانية .. كانَ من إفرازات الوضع الجديد .. شَن حملات إبادة ضد المسيحيين والارمن في جنوب شرق الأناضول، مِنْ قِبَل بقايا الامبراطورية العثمانية والاتاتوركية الصاعدة . مما أدى الى هروب الكثير من أهالي القرى المسيحية وتوجههم الى العراق الحديث " الدولة التي كانتْ في طور التشكُل في ذلك الحين ".. وإستقرَ المقام بمجموعة من هؤلاء المسيحيين الآشوريين ، في منطقة " سرسنك " التي كانتْ تحت سيطرة بعض الشيوخ الكرد المسلمين حسب الترتيبات الإقطاعية التي كَرستها السلطات العثمانية قبل ذلك بسنوات ... فجرى الإتفاق بين الشيوخ والمسيحيين المهاجرين ، على إستقرارهم في " سرسنك " على ان يدفعوا جزءاً من إنتاجهم الزراعي والحيواني الى الشيوخ . وفعلاً إستمرَ الوضع لعقود من الزمن .. وكان " كُل " أهالي سرسنك هُم من المسيحيين المهاجرين من تركيا بالأصل .. ولم يكن يوجد أي بيت للمُسلمين الكرد في سرسنك القديمة " عدا بيت الشيخ مُمثل الشيوخ النقشبنديين ، وكان يتكلم السريانية بطلاقة " . في الستينيات كان هنالك بعض الموظفين الحكوميين الذين جلبوا عوائلهم الى سرسنك وإستقروا فيها ، وإكتسبوا عادات وثقافة الأهالي الى درجة ما . بدأت التغييرات الديموغرافية منذ بداية السبعينيات ، حيث اُستقدمتْ العديد من العوائل الكردية المسلمة وبنوا بيوتا في أطراف سرسنك .. لكن بعد 1975 .. أي بعد عمليات هدم القرى التي قامَ بها نظام صدام .. فلقد تم توطين الكثير من العوائل الكردية المسلمة في سرسنك .. وتفاقمَ الأمر بعد إنتفاضة 1991 .ففي حين كان المسيحيون لغاية الستينيات يُشكلون الغالبية المُطلقة من سكنة سرسنك .. فانهم اليوم أقلية ! .
كانتْ هذه المُقدمة الطويلة ، ضرورية في رأيي .. لتبيان الفرق .. بين " البيئة الإجتماعية " في سرسنك قبل ثلاثة عقود .. والبيئة الاجتماعية اليوم . وليسَ أمراً خافياً على أحد .. ان المناخ السياحي ، بحاجة الى " ثقافة " إجتماعية مُنفتحة .. وكانتْ هذه الثقافة المُنفتحة مُتوفرة حقاً ، لدى اهالي سرسنك " المسيحيين " ، في ذلك الوقت .. أما اليوم وسط البيئة الاجتماعية الغالبة والتي هي من جذور ريفية قروية ، مُتزمتة بصورةٍ عامة .. فأنها لاتُساعد على تطوير السياحة بجميع مُتطلباتها .. بل بالعكس من ذلك .. أنها كابحٌ للتطور والتقدم .
ان المُعالجة السيئة لحكومة الأقليم ، لملف المتجاوزين على البيوت والاماكن السياحية في سرسنك وغيرها " الذين إستولوا عليها منذ منتصف 1991 ".. أدى الى تعقيد المسألة وتشجيعٍ ضمني للمُخالفين .. وبدلاً من ردعهم وإيجاد بدائل معقولة لهم .. فأن الحكومة عّوضتهم عن إخلاءهم لهذه الاماكن السياحية العامة ، ووزعت عليهم قطع أراضي داخل حدود سرسنك ! . والخطوة الخاطئة الاخرى ، هي إنتهاج أسلوب غريب في ما سَمَتهُ " إستثمار " السياحة في سرسنك وغيرها .. حيث أعطتْ المنشآت والأراضي السياحية ، للقطاع الخاص ، تحت أسم [ المُساطحة ] طويلة الأمد ، وبشروط مُجحفة للدولة وفي صالح بعض المنتفعين .. حتى ان الكثير من البيوت السياحية التي بناها " المُساطحون " في السنوات الاخيرة .. باعوها الى الأثرياء وأصحاب الأموال ، لإستخدامها كمنازل خاصة صيفية ، تبقى فارغة أغلب أيام السنة ! ولا يستفيد منها السياح .
عموماً .. ان سرسنك ، التي كانتْ في الثمانينيات " مشروعاً " لمدينةٍ سياحية على مُستوى عالمي ، أضحتْ ، نتيجة للسياسات الحمقاء لصدام أولاً .. وبعد ذلك ، النهج الخاطئ لحكومات أقليم كردستان في التعامل مع ملف السياحة في سرسنك .. أضحتْ مدينةً كئيبة ، ليسَ فيها من متطلبات السياحة شئ يُذكَر . سرسنك اليوم ، تفتقر الى بُنية تحتية مناسبة للسياحة ، وتُعاني من سوءِ تخطيطٍ مُزمن .. وتئنُ من وطأة بيئةٍ إجتماعية مُتخلفة .. للأسف الشديد !.



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - ديكارت - كانَ مُحِقاً
- إضراب الرئيس عن العمل
- ما بعدَ مرحلة الطالباني
- زاوية في السوق السياسي العراقي
- مُحّلِل سياسي
- الموصل .. بؤرة التوتُر
- إستراحة .. مع الحروف والنقاط
- مُجّرد أصفار
- في كُلٍ مِنّا ... شئٌ من صَدام
- تهديدٌ وإبتزاز
- العِناد
- بئسَ دولةٍ أنتُم فيها القُواد
- ميزانية الأقليم 2012
- وردةٌ بيضاء على لحدِكَ يا أبي
- ماذا لو ؟!
- المسافة
- البيشمركة المُناضل ( خوسيه موخيكا ) !
- المراحيض الغربية والشرقية
- دولة الدكاترة
- التصالُح مع النَفس


المزيد.....




- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - - سرسنك - التي كانتْ