أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خسرو حميد عثمان - 18// بين عامي 1984 و 1987















المزيد.....

18// بين عامي 1984 و 1987


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 3782 - 2012 / 7 / 8 - 13:46
المحور: سيرة ذاتية
    


بعدما بدأ ضابط آمن مديرية أمن أربيل وصفي بالقوندًرة…(2)
غادرت إستعلامات مديرية أمن أربيل بسرعة، للعودة إلى مقر عملى، كنت مشتاقا بأن أصل بأسرع  ما يكون للألتحاق بالخبير الياباني للمباشرة بتصليح جهاز ال coulter counter العاطل، لم يكن مَرَدُ تلهفي الأستعجال في تصليح الجهاز فقط، وإنما لأعرف كيف يقوم  هذا الجهاز الصامت بحساب كلٍ من كريات الدم الحمر والبيض بسرعة ودقة، وكيف يستطيع التمييز بينهما؛ هل بالأعتماد على فرق الحجم أو اللون؟ سؤال كان يشغل بالي منذ فترة، ولم تسعفني، للأجابة عليه، لا المصادر العلمية التي كانت بحوزتي عن الألكترونيات الرقمية، ولا معلومات المهندسان اليابانيان المقيمان في الموقع، رغم كونهما رجلين طيبين وشفافين ومتعاونين جداً جداً، لكنني كنت، أستشف من خلال التجربة، بأن معلوماتهما العلمية، بصورة عامة، لا تتجاوز ما هو موجود في الكتلو كات التي كانت بحوزتهما، مِثلها كانت موجودة في حيازتنا أيضاً. لربما كان السبب يكمن، في هذه الحالة حصرا، في سياسة ا لمصَنِع للجهاز، بهدف المحافظة على سرية بعض خصوصياته، لكون الجهاز قد دخل حيز التطبيق العملي على نطاق عالمي حديثاً، ولم يكن من منشأ ياباني. إلى جانب سياسية الشركة اليابانية نفسها في الحيلولة دون تسرب المعلومات وبعض المعارف إلى الجانب العراقي خارج السياقات المحددة من قبلها، كما إستنتجته عندما جاء لي أحد المهندسين المقيمين في أربيل دليل التلفونات المعروف عالميا ب yallow pages الخاص باليابان، حيث أعطاني الدليل بعيدا ً عن الأنظار، كان أثار القلق باديا على ملامحه وعلى حركة يده،عندما كان يُخرجه من تحت الجزء العلوي من بدلة عمله، مع العلم ان الذي عرّفني ب(دليلٍ) من هذا النوع ومقدار أهميته كان مهندس ألماني إسمه Ludvig Suter، في النصف الثاني من العقد السابع للقرن الماضي، عندما كنا نعمل معا في معمل الطابق، ولم يكتفي Suter بالتعريف فقط، بل طلب نسخة منه بإسمي من مقر شركة (Encon) في هامبورغ، التي كان يعمل Suter لحسابها  في أربيل، عندما وصل الدليل من ألمانيا كان في مجلدين كبيرين يشملان عموم دول أوروبا الغربية. كان إختلاطي بالمهندسين القادمين من أوروبا الغربية، في ذلك الوقت، مصدرا عظيما للحصول على  ما كنت أحتاجه من المعارف العلمية والعملية والمصادر، إلى جانب فرصة معاينة صفاتهم الشخصية وتصرفاتهم كأفراد نمو وترعرعوا في بيئة ديمقراطية حقيقية، عن قرب أثناء العمل أو السهر معا في بعض الأحيان، خلال عيشهم في بيئة غريبة عنهم لفترات طويلة وفي ظروف متغيرة، وقدراتهم الهائلة على التكيف وبناء علاقات إنسانية رائعة مع من هم ينتمون إلى ثقافة مختلفة تماماً عن ثقافتهم، مبنية على أسس من الشفافية والأحترام المتبادل. كثيراً ما كنت أعتبر نفسى إنسانا محظوظا جداً، في الوقت الذي كانت الحكومة تمنعني من السفر إلى خارج العراق، لأن الذي كنت أبتغيه من السفر كان يأتي إلى حيث ما كنت أعمل، وأهم شئ تعلمته منهم هو كيف يستطيع الأنسان التعبير عن إعتزازه بنفسه وقدراته ومبادئه، بعيدا عن التفاخر و المظاهر الجوفاء والسفسطة، عن طريق الجد والأخلاص، مقرونة بروح من التعاون الجاد، في العمل، بمنهجية و دقة وتواضع، محاولا الأقتراب من درجة الكمال كلما كان ذلك ممكننا مع الأستفادة من الأخطاء، وبدلا من محاولة إيجاد المبررات لها وغض النظر عنها معالجتها، بقلب جامد، و بدون تردد مهما بلغ الثمن، هكذا يستطيع الأنسان أن يضمن بأنه لا يتراجع إلى الوراء أو يكون أسيرا للرتابة القاتلة للموهبة وجماليات حياة الأنسان على الأقل. ولم يكن الأستمرار في هذه العلاقات النوعية والإرتقاء بها إلى مدياتها الممكنة  يسيرا إن لم يرافقها تطوير مستمر للذات وحضور جيد للبديهة من جانبي. وإذا كانت  مقولة (الشئُ بالشئ يًُذكر) جائزاًً للتوضيح أو زيادة في المنفعة، لربما لفهم أعمق لحياة و طريقة تفكير كادر عراقي  يسعى حثيثا لتطوير ذاته بهدف خدمة الأخرين، بصمت، في وطنه، ومقارنته مع كيفية تعامل وتصرفات دوائر الأمن  المخجلة والصلفة، إلى درجة الغباء، والمهينة بحق العراقيين من دون سبب و بدون الحساب لأهمية دور الانسان، الذي يملئ مكانه، وكرامته، لا يًُعتبر خروجا  عن سياق السرد الذي نحن بصدده،  لهذا أسمح لنفسي أن أورد هذه الحكاية القصيرة التي يعود تأريخها إلى قبل بدء الحرب العراقية-الأيرانية،  ففي روايتها قليل من التوضيح، تلميحا، عن أصل المشكلة، حسب تصوري: حضر إلى أربيل مهندس بريطاني الجنسية إسمه كما أتذكر(Trevis) ليقضي يوم أو يومين ويطلع خلالها على معملي الطابوق اللذان نفذتهما الشركة الألمانية Encon التي وردت ذكرها أنفا، ولم أكن أعرف عن دواعي حضوره إلى أربيل ربما كانت لأسباب تتعلق بين الشركة و Trevis. عندما زرته مساء في فندق(هه ورامان/ كان هذا الفندق ضمن ذاكرة أربيل  الذي تم بلعه مع مجموعة أخرى من الممتلكات العامة ) وبعد برهة قصيرة من وصولي قال لي: أسألك حزورة لنرى فيما إذ تستطيع فك لغزها.
+ تفضل.
Trevis: توجد لعبة ليست لها بداية ولا نهاية، لا أحد يغلب فيها ولن يخسر أخر، تعرف ما هي هذه اللعبة؟
+ (بعدما تأملت فيما قاله وفهمت ماذا يقصد) قررت أن أفاجئه بجواب لا يتوقعه، مددت يدي اليمنى إلى جيبي و خرجت منه شيئا مخَبئا داخل قبضة يدى، وقلت: إنها في يدي  إفتحها وشوفها.
عندما فتح يدي وجد سبحة صغيرة، أخذها وبعد أن حركها بيده قليلا ضحك وقال: منطقي.
+إنها بين أيديك الأن. 
 لقد فهم أحدنا الأخر، دون الحاجة إلى الدخول في كثير من التفاصيل. ما أردت أن أقول له بأنه صحيح إنها لعبة  لاتنتهي، ولكنها ليست في أيدينا. 
بعد آن وصلت إلى المستشفى كان الخبير الياباني بإنتظاري وتوجهنا معا إلى المختبر، فتح نجم الدين، الذي كان مسؤولا عن تشغيل الجهاز الذي كنا بصدد تصليحه، باب الغرفة التي كانت مخصصة للجهاز وهي  داخل المختبر. ولم يمضي وقت طويل على مباشرتنا بالعمل واليابانيون يتحركون في هذه الأحوال بخطوات صغيرة جداً ولا يلجأون إلى القفز من مرحلة إلى أخرى، حرق المراحل بلغة السياسيين،  إلى آن جاء رزگار عزيز حمد وهو تقني كان يعمل ضمن مجموعتنا، مقيم في إيطاليا في الوقت الحاضر، وكان أثار الأرتباك باديا عليه بوضوح من ملامحة وهيئة جسمه، ولم يسبق لي أن شاهدته بهذه الدرجة من الهبوط في المعنويات، بادرته بالكلام ضاحكا: ها رزگار، الأمن خابروا؟
أجاب رزگار بالأيجاب بحركة من رأسه .
+ شتمونا وهددونا؟
رزگار: ماتتصور، وطلبوا أن تخابرهم فورا.
+ إنسى الموضوع، سأتصل بهم بعد الأنتهاء من عملي مع هذا الرجل لأن هذاالعمل غير قابل للتأجيل والوقت محدود.
رزگار: تجاوزوا وهددوا كثيرا، من الأفضل أن تخابرهم فوراً وتُفهمهم بظروفك.
+هؤلاء لا يعرفون غير تخويف ضعفاء من أمثالنا، ضياع الوقت معهم غير ممكن قبل أن أنهي هذا العمل، لا ترفعوا سماعة التلفون إلى أن أعود، بلغ الجماعة بذلك، الأفضل أن لا يتواجد أحد منكم في الورشة خلال هذه الفترة وبلغ مام قادر بأن لا يرفع سماعة التلفون رجاءً.
بعد أن تركنا رزگار عاودونا العمل من جديد والياباني لم يفهم مادار بين رزگار وبيني من كلام. بسبب إندماجي في العمل والتركيز على ما كان يقوم به الخبير الياباني تعطلت عندي، مؤقتا، ساعتي البيولوجية لهذا لا أدرى كم مضى من الوقت إلى أن وقف أحد فراشي المستشفى في وسط باب الغرفة التي كنا نعمل فيها، وهو يشير بإتجاهي قائلا: هذا مهندس خسرو. وإنسحب وتقدم  أحد الشخصين اللذين كانا يقفان خلف الفراش ووقف في وسط الباب تماماً ثم قال: قم، ويانا. كانت حركات من يده اليسرى ترافق كلامه.
قمت وصافحت الخبير الياباني قائلا: لا تنتظرني، كل العلامات تُشير بأنني أتأخر هذه المرّة  أمل أن أطلع على ما تفعله بعدي عندما يصلني تقريرك، وأتمنى لك سفرة أمنة والعودة إلى وطنك بأمان.  
 (يتبع) 



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما كنت أحلم به…(4)
- رسالة جوابية
- 17// بين عامي 1984 و 1987
- ما كنت أحلم به ...(3) 
- صديق فكاهي.....تذكرته!
- صورة عبر الأثير
- لولاكِ يا بغداد!
- لا تفعلها يا فخامة الرئيس (1)
- عندما يُمارس الأنسان دوره بوعيه
- الفرهود و البرنامج الأقتصادي للدكتور برهم صالح
- 16// بين عامي 1984 و 1987
- (Paltalk) برلمان في الفضاء
- إشتقتلك !
- [التحالف المحتضر] بمنظور أخر
- منافع معرفة الأنسان لغات متعددة! (2)
- منافع معرفة الأنسان لغات متعددة! (1)
- ما كنت أحلم به...(2)
- بعدما قرأت مقال مسعود البارزاني!
- 15// بين عامي 1984 و 1987
- ما كنت أحلم به...(1)


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خسرو حميد عثمان - 18// بين عامي 1984 و 1987