أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أيوب - حركة فتح على مفترق طرق















المزيد.....

حركة فتح على مفترق طرق


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


تمر حركة فتح بمنعطفات حاسمة في مسيرتها النضالية ، مثلها في ذلك مثل بقية التنظيمات الفلسطينية الأخرى المنضوية ضمن إطار منظمة التحرير وتلك التنظيمات الموجودة خارجها ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى عدم القدرة أو الرغبة في التفرقة بين متطلبات العمل السري والعمل العلني ، وعدم القدرة على التمييز بين مرحلة الثورة ومرحلة بناء الدولة ، فما زالت معظم التنظيمات تعمل بالعقلية التي كانت سائدة زمن العمل السري من حيث تسليم القيادة التنظيمية لكوادر معينة دون إتاحة الفرصة أمام العناصر القاعدية في هذه التنظيمات لاختيار قياداتها عن طريق الاقتراع الحر المباشر ، ولعل غياب القواعد التنظيمية الفاعلة والتي تساعد أي تنظيم على البقاء نشيطاً ومؤثرا دون المرور بحالة من الترهل تضعفه وتقلل من رصيده بين الجماهير ، ومن أهم هذه المبادئ التنظيمية : مبدأ النقد والنقد الذاتي ، ومبدأ خضوع الأقلية لرأي الأغلبية ، ومبدأ تيارات الحمل الذي يتيح الفرصة أمام الكوادر النشطة في التنظيم للترقي إلى مناصب قيادية أعلى ، مما يشجع كافة أعضاء أي تنظيم على العمل الدءوب من أجل خدمة الوطن والمواطنين أولا ، وخدمة التنظيم ثانيا ، وخدمة طموحات هذه الكوادر ثالثا وأخيرا ، وبدلا من التأكيد على أهمية هذه المبادئ تغاضى عنها المسئولون في كافة التنظيمات من منطلق الحرص على بقائهم على رأس الهرم التنظيمي أطول مدة ممكنة ؛ مما أدى إلى إحباط كثير من العناصر الشابة في هذه التنظيمات ، هذا الإحباط دفع الكثيرين إلى مغادرة تنظيماتهم التي أصبحت تتحكم فيها المصالح الخاصة والعلاقات الشخصية .
إن غياب مبدأ خضوع الأقلية لرأي الأغلبية أدى إلى خروج بعض أعضاء هذه التنظيمات على القرارات التنظيمية والعمل بصورة فردية ، فإذا ما نجح هذا العضو المنفلش قام التنظيم بإعادته إلى حظيرته بدلا من تجميد عضويته في التنظيم أو تقديمه إلى محكمة تنظيمية تعاقبه بعقوبة الفصل من التنظيم أو تجميد العضوية كحد أدنى، كما حدث في انتخابات المجلس التشريعي سنة 1996 م ؛ حين لم يلتزم بعض أعضاء حركة فتح بقائمة المرشحين التي أقرتها الحركة ، وحين نجح هؤلاء احتضنتهم الحركة بدلا من معاقبتهم وكأنها تقر بصحة موقفهم وخطأ موقفها .
إن اختيار القوائم الحزبية لخوض أية انتخابات يجب أن يتم من خلال إجراء انتخابات داخلية بين أعضاء التنظيم لاختيار أفضل المرشحين لتشكيل القائمة الحزبية الأكثر كفاءة وقبولا لدى الجماهير حتى لا يتكرر مسلسل الفشل الذي تتعرض له هذه القوائم وحتى لا تتاح الفرصة أمام بعض العناصر غير المنضبطة للتمرد على قرارات المراتب التنظيمية الأعلى ، كما يجب أن يتم اختيار المراتب التنظيمية من القاعدة إلى القمة ، حتى لا يبقى البعض متربعا على قمة الهرم التنظيمي لعدة عقود ، فقد خسر الحزب الشيوعي الروسي نفسه بسبب تربع قيادته على قمة الحزب لعدة عقود ، فقد ظل بريجينيف لأكثر من عشرين عاما يتزعم الحزب وهو مريض ، لقد كان أشبه بجثة محنطة ، مما أتاح الفرصة أمام العناصر الانتهازية في الحزب للانقضاض عليه وهدمه من الداخل ، إن تفرد شخص واحد ، مهما بلغت عبقريته ، بحق اتخاذ القرارات المصيرية دون مراجعة أو مناقشة يودي بالحزب وبالوطن إلى الهاوية والدمار .
ولعل نتائج الانتخابات البلدية في مرحلتها الأولى في الضفة الغربية أولا ، وفي قطاع غزة بعد ذلك خير دليل على نتائج غياب الانضباط الحزبي ، فقد خسرت حركة فتح هذه الانتخابات لأن اختير قوائم المرشحين تم من خلال قيادات المناطق دون إعطاء أي اهتمام للأعضاء في القواعد العريضة للحركة ، إضافة إلى أن اللجوء إلى تعيين أعضاء المجالس البلدية دون إجراء أية انتخابات أفقد الجمهور ثقته بصواب القرارات المتخذ .


وقد يقول البعض إن حركة فيتح ليست تنظيماً حزبياً ولكنها حركة جماهيرية تتميز بتعدد الاتجاهات والأفكار داخل الحركة ، إن هذا الأمر يشكل خطراً على الحركة بقدر ما هو ميزة تميز الحركة ، لأن البعض قد يتذرعون بتعدد المنابر الفكرية داخل الحركة ، تعدد المنابر داخل فتح أمر جيد وإيجابي ، ولكن هذا التعدد يجب أن يكون محصناً بمزيد من الديمقراطية التي تتيح لكل المنابر أن تكون ممثلة في قيادات الحركة ، وإلا فإن هذه الحركة قد تتعرض للتشقق من الداخل بحيث يتحول كل منبر إلى حزب مستقل وتصبح فتح عدة فتوح ، خصوصا بعد غياب شخصية الرئيس ياسر عرفات بسطوته وكاريزميته المعهودة والذي كان يعد مرجعية لكل الأطياف داخل الحركة ، لذا يجب على قيادات فتح أن تقف طويلا مع نفسها إذا كانت هذه القيادات حريصة على بقاء الحركة ووحدتها ، فقد عملت بعض هذه القيادات من أجل تحقيق مكاسب شخصية خلال السنوات العشرة الماضية ، ولم يقدموا الحد الأدنى المطلوب لتطوير الحركة وتمتين بنيتها التنظيمية ، وقد وصل الأمر ببعض رؤساء وأعضاء البلديات المعينين إلى درجة العمل في سمسرة الأراضي والمتاجرة بها ، كما استمرأ هذا البعض في تجاهل مصلحة الجماهير ، لقد استهانوا بالجماهير فاستهانت الجماهير بهم ، إن من يزرع الخطأ يحصد الفشل ، إن الاختيار غير الموفق لقوائم المرشحين أدى بالضرورة إلى خسارة المرحلة الأولى من انتخابات البلديات ، وفي المقابل تقدمت حركة حماس بمرشحين يحظون بقبول الشارع واحترام الجمهور ، ومن هنا جاء الفوز لحماس .
إن فوز حركة حماس في الانتخابات ليس كارثة كما قد يتصور البعض ولكنه يشكل اختباراً حقيقيا لجميع الأطراف ، اختبار لحماس لأن هذا النجاح يضعها على المحك في مواجهة الجمهور، فإما أن تجيد الأداء وإما أن تخسر هذا الجمهور وتحصد الفشل إن لم تقدم الخدمات وهي أكثر من أن تحصى ، لأن البنية التحتية في المدن والقرى الفلسطينية تم تدميرها في السنوات الخمسة الماضية ، ولا يمكن إصلاح ما تم تدميره في فترة الأربع سنوات القادمة في ظل الإمكانيات المحدودة التي قد تتاح وقد لا تتاح ، كما يشكل هذا النجاح اختباراً لقدرة فتح على تجاوز أزمتها والخروج بمرشحين يلقون قبول الناخب الفلسطيني في المراحل القادمة للانتخابات البلدية وفي الانتخابات التشريعية ، إن بعض الأسماء من مرشحي فتح للمجلس التشريعي التي تتردد في خان يونس تشير إلى أن فتح لا تريد أن تعطي اهتماما لرأي أعضائها في قواعدها التنظيمية ، يجب التعامل مع الموضوع بحسم ومنع التشرذم وتعدد المرشحين خروجا على القائمة الحزبية ، خصوصا بعد بروز إمكانية وجود مرشحين مستقلين يحظون بالاحترام ويمكن أن يشكلوا ظهيرا قويا لفتح ولمنظمة التحرير ، كما يجب أن تبادر حركة فتح إلى ترميم العلاقة بين فصائل منظمة التحرير ، حتى لا تواجه هذه المنظمة المصير نفسه الذي واجهته الأحزاب الشيوعية في الكتلة الشرقية والمأزق الذي وقعت فيه جبهة التحرير الجزائرية ، لقد تجاهلت جبهة التحرير الجزائرية كافة جماهير الجزائر ومنحت كل الامتيازات لمن وصفوا بالمجاهدين ؛ فنالوا المناصب الرفيعة والحساسة دون اعتبار لمدى كفاءتهم ، بل إنه تم تجاهل الأعضاء المخلصين في جبهة التحرير مما أدى إلى انزوائهم وشعورهم بالإحباط ، كما نقرأ في قصص الطاهر وطار وروايات أحلام مستغانمي ، كل الاحترام لنضال المناضلين ، ولكننا نحتاج إلى ذوي الكفاءات العالية ؛ لأن الوطن لا يبنى بالأماني أو بالنوايا الطيبة ، فما بالنا إذا كان هناك من يحاول استغلال ماضيه النضالي لتحقيق مكاسب شخصية ، كما يجب أن تكون كل فصائل منظمة التحرير شركاء حقيقيين في مرحلة بناء الدولة بعد أن يعيد كل فصيل النظر في ممارساته الماضية وأن يمارس النقد والنقد الذاتي .
عندما فازت جبهة الانقاذ في الانتخابات البلدية في الجزائر شعرت بالإحباط عندما حدث ما يشبه الانقلاب على نتائج هذه الانتخابات ، وكانت وجهة نظري أنه يجب أن تجرب جبهة الإنقاذ حظها في العمل على أرض الواقع وأن توضع على محك خدمة الجماهير وإعطاء الجماهير حق منح الثقة لمن تثق فيه وحجبها عمن لا يستحق هذه الثقة ، حتى يتنافس الجميع على تقديم أفضل الخدمات والرعاية للجمهور ، لقد احتاجت جبهة التحرير الجزائرية إلى خمسة وعشرين عاماً لكي تواجه مأزقها ، وقد توقعت أن تواجه فصائل منظمة التحرير المأزق نفسه بعد مضي عشرة أعوام على الأكثر على توقيع اتفاقيات أوسلو .
لتبدأ فصائل منظمة التحرير في استنهاض قواها وترميم بيتها ، ولتتح الفرصة أمام الجميع للتنافس الحر الشريف على خدمة الجمهور ، ولتتوسع قاعدة المشاركة في بناء البيت الفلسطيني وفي صناعة القرارات المصيرية ، حتى لا نكون كمن يخربون بيوتهم بأيديهم ، وحينها لا يجدي الندم أو البكاء على الأطلال .



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين وزارة المالية الفسطينية مما جرى في حي الأمل
- نعم لسيادة القانون في فلسطين
- القراءة في المجتمع الفلسطيني بين العوائق وعوامل التشجيع
- أمنيات مواطن فلسطيني غلبان
- الزمان والمكان في القصة القصيرة
- البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة بين التشابه والاختلاف
- من دفتر الاجتياح
- جدار السلام هو الضمانة الأكيدة للسلام
- قراءة نقدية في ديوان - تأملات الولد الصعلوك - للشاعر : باسم ...
- العناصر الفنية في القصة القصيرة
- ملاحظات حول القانون رقم 5 / 96الخاص بانتخابات المجالس المحلي ...
- الذاكرة المثقوبة
- انتخابات الرئاسة في فلسطين والحملة الانتخابية
- الصعوبات التي تواجه المثقف الفلسطيني
- ورقة عمل حول الإصلاح الوطني والتغيير الديمقراطي
- الأزمات الداخلية في التنظيمات الفلسطينية
- ما وراء النص في ديوان - البدء ... ظل الخاتمة - للشاعر توفيق ...
- الزمن في بعض الروايات المحلية
- الانتخابات الفلسطينية
- لديمقراطية الأمريكية والحرب النظيفة


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد أيوب - حركة فتح على مفترق طرق