أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (14) : رأي يوستينوس الفلسطيني















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان (14) : رأي يوستينوس الفلسطيني


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 12:14
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


بعد عرضنا لنصوص الكتب المقدسة المسيحية وموقف المسيح ورسله من الختان في مقالين سابقين، سوف نوضح موقف بعض آباء الكنيسة ومفكريها بداية من يوستينوس الفلسطيني المولد.

إنتصار التيّار الرافض للختان
-----------------
ذكرنا سابقاً كيف أن أتباع المسيح قد إنقسموا فيما بينهم إلى «نصارى» من أصل يهودي و«مسيحيّين» من أصل وثني.
كانت طائفة «النصارى» تتكلّم اللغة السريانيّة وتحافظ على نواميس موسى كممارسة الختان وعدم أكل لحم الخنزير، وكان لها كنائسها الخاصّة بها وكهنتها. وكان اليهود يلاحقون هذه الطائفة ويطلقون على أتباعها لقب «مينيم»، أي الهراطقة، أو المرتدّين حسب التعبير الإسلامي. وكان هناك أيضاً تناحر بين طائفة «النصارى» وطائفة «المسيحيّين» حتّى داخل مدينة القدس. ويروي أحد الكتّاب القدامى كيف أن رجل دين «مسيحي» من أصل وثني في زمن الإمبراطور قسطنطين (توفّى عام 337) كان يعرض على الناس في القدس أكل لحم الخنزير عند خروجهم من الكنيسة يوم الفصح. فمن كان يرفض أكل الخنزير أعتُبِر «ناصري» فيقتل. وكانت طائفة «النصارى» تبغض القدّيس بولس، فلا تعترف به كرسول ولا تقبل رسائله كجزء من الكتاب المقدّس لرفضه الانصياع لنواميس موسى ورفضه للختان. ولطائفة «النصارى» أناجيل خاصّة بها رفضتها طائفة «المسيحيّين» واعتبرتها نصوصاً محرّفة، وكثير من تلك النصوص فُقِد، وقد تم إكتشاف بعض تلك النصوص في مصر.
وقد تم تذويب طائفة «النصارى» تدريجيّاً والسيطرة عليها من قِبَل طائفة «المسيحيّين» بعد تحوّل الإمبراطوريّة الرومانيّة إلى «المسيحيّة» وانحسار الوثنيّة. ففي عام 325، إلتئام مجمع نيقية، في آسيا الصغرى، بحضور الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي تبنّى قراراته كقانون روماني. وقد شارك في هذا المجمع 318 أسقفاً من بينهم 18 أسقفاً فلسطينياً أسماؤهم كلّها يونانيّة. ولم يُدعَ لهذا المجمع أسقف مدينة طبريّا الذي كان من أصل يهودي وله نشاط تبشيري كبير بين اليهود.
ورغم إندماج طائفة «النصارى» بطائفة «المسيحيّين» في نهاية القرن الرابع الميلادي، إستمر الجدل حول الختان عبر العصور. فقد حاول دائماً اليهود الذين تحوّلوا إلى المسيحيّة لاحقاً في الإبقاء على عادة الختان. ويبيّن لنا مجمع اللاتران الرابع المنعقد عام 1215 أن بعض اليهود قد أصبحوا مسيحيّين ولكن دون أن يتخلّوا عن عاداتهم اليهوديّة كالختان. «فهم، حسب قرارات هذا المجمع، لم يخلعوا الإنسان العتيق ليلبسوا الإنسان الجديد» كما يقول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل قولسي (9:3). وهم بذلك يعكّرون صفاء الدين المسيحي. وبما أنه مكتوب: «ويل للخاطئ الذي يمشي في طريقين» (إبن سيراخ 12:2) وكذلك: «لا تلبس ثوباً مختلطاً من صوف وكتّان معاً» (تثنية 11:22)، فقد قرّر المجمع بأنه يجب إجبار أولئك اليهود لكي لا يعودوا إلى شعائرهم القديمة.
هذا ونجد جدلاً متواصلاً حول موضوع الختان في كتابات آباء الكنيسة واللاهوتيّين المسيحيّين عبر العصور. ولكن هذا الجدل لم يلقى إهتماماً كبيراً عند الباحثين الغربيّين أو الشرقيّين. ونحن نحث هؤلاء الباحثين على تتبّع هذا الجدل لفهم تطوّر الفكر البشري حول مبدأ سلامة الجسد واحترام الغير. وبانتظار مثل تلك الدراسة المتعمّقة، إخترنا خمسة مصادر يمكن إعتبارها من أهم المصادر عند المسيحيّين، ثلاثة شرقيّين هم «يوستينوس» و«أوريجين» و«كيرلوس»، وغربيّين هما «توما الأكويني» و«مارتن لوثر». وفي الفصلين اللاحقين سوف نستعرض هذا الجدل الديني في عصرنا بين مسيحيّي مصر ومسيحيّي الولايات المتّحدة.

رأي يوستينوس الفلسطيني (توفّى حوالي عام 165)
------------------------------
القدّيس الشهيد «يوستينوس» فلسطيني المولد، من مدينة نابلس، من عائلة رومانيّة ولكنّه كتب باليونانيّة. فهو ينتمي إلى طائفة «المسيحيّين». وهو من أوائل من كتب دفاعاً عن المعتقد المسيحي في مواجهة اليهود وفي مواجهة الدولة الرومانيّة الحاكمة. وكان له مدرسة لاهوتيّة رائدة. وقد ألّف كتاباً يعرض فيه جدلاً دار بينه وبين يهودي إسمه «تريفون»، إحتل فيه الختان مكاناً كبيراً إذ لامه اليهودي في بداية حديثه بأنه غير مختون كما أنه لا يحترم الأوامر الأخرى الخاصّة بالسبت والقرابين والصيام والطعام. وقد قدّم يوستينوس عدداً من الآراء في ردّه على اليهودي نختصرها في النقاط الآتية:
- إن أشعيا (3:55، 5) وأرميا (31:31-32) تكلّما عن عهد جديد. وهذا العهد هو المسيح. فمن بعد مجيء المسيح يجب ختان جديد وهو ختان القلب بالإبتعاد عن الفحشاء كما جاء في التوراة: «فاختنوا غلف قلوبكم، ولا تقسّوا رقابكم بعد اليوم» (تثنية 16:10). والمحافظة على السبت ليس بالبقاء بطّالين دون عمل بل بالكف عن السرقة. والمحافظة على الصيام، ليس بالحرمان من الأكل بل بالصوم عن الشرور كما يقول أشعيا (1:58-11).
- فرض الله على اليهود الختان كعلامة لتميّزهم عن غيرهم من الأمم وعن المسيحيّين حتّى يذوقوا وحدهم العذاب الذي يتعرّضون له الآن بكل عدل. فالله كان يعرف الأحداث المستقبليّة فيُبَيِّت لكل واحد حسب إستحقاقه. فكل ما يحصل لليهود من عذاب ينالونه بعدل لأنهم قتلوا المسيح والأنبياء من قَبله، ورفضوا الإيمان به، ورفعوا صلواتهم في مجامعهم ضد من يؤمن بالمسيح. وإن كانوا لا يستطيعون أن يرفعوا أياديهم على المسيحيّين بفضل الحكّام، إلاّ أنهم يفعلون كلّما تمكّنوا من ذلك.
- الختان ليس ضروريّاً للخلاص. ولو كان كذلك، لما كان خلق الله آدم غير مختون، ولما قَبل محرقات هابيل الذي لم يختن، ولا رضي عن أخنوخ الذي رفعه إليه وهو غير مختون. وقد نجَّى الله لوطاً من صدوم، ودخل نوح وأولاده سفينته عند الطوفان ولم يكونوا مختونين. وكذلك الأمر لملكيصادق الذي على صورته أوحى الله لداؤد أنه سيقيم الكاهن الأبدي. ولم يحفظ أي منهم يوم السبت رغم أن الله كان راضياً عنهم جميعاً. كما أن إبراهيم لم يكن مختوناً عندما آمن بالله فرضي الله عنه (التكوين 6:15) ولم يكن في زمن إبراهيم أمر باحترام السبت والأوامر الأخرى الخاصّة بالطعام. فالختان واحترام السبوت وتقديم القرابين والأوامر الخاصّة بالطعام فرضها الله على اليهود لاحقاً بسبب شرورهم وقساوة قلوبهم. ففرض الله السبت عليهم حتّى يتذكّروه في ذاك اليوم. وفرض عليهم تقديم القرابين له لأنهم عبدوا العجل. وفرض عليهم الأوامر الخاصّة بالطعام لأنهم كانوا ينسون الله في أكلهم. فقد ذكرت التوراة أن يعقوب أكل فشبع وسمن فرفس فنبذ الإله الذي صنعه (تثنية 15:32). هذا ونحن نقرأ في القرآن الكريم قولاً مماثلاً لقول يوستينوس: «فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل الله كثيراً» (النساء 160:4). وهذا قد يكون من تأثير فكر يوستينوس الذي تناقله المسيحيّون الشرقيّون.
- الختان مجرّد رمز وليس وسيلة للخلاص. وبرهان ذلك أن النساء لا تختن، ورغم عدم ختانهن، يمكنهن ممارسة الفضائل وأن تكنَّ صالحات. فليس الختان الذي يميّز الإنسان، بل التقوى والصلاح.
- على اليهودي أن لا يلومه بسبب الغلفة، فالغلفة قد عملها الله، وأن لا يلومه لأنه يشرب مشروباً ساخناً يوم السبت، فالله يقود العالم يوم السبت كغيره من الأيّام. وهذا إشارة إلى أن اليهود لا يستطيعون حتّى تسخين أكلهم في يوم السبت.
- إن أمر الختان الذي يجب أن يجرى في اليوم الثامن هو رمز للمسيح الذي قام في اليوم الثامن والذي به يختتن المسيحي من الإثم والشر.
- الختان والأوامر التوراتيّة الأخرى كالسبت والقرابين التي خصّها الله باليهود بسبب قساوتهم تم إلغاؤهها بميلاد المسيح من نسل إبراهيم. فقد بُشِّر به كناموس أبدي وعهد جديد للعالم أجمع. وقد حل محل الختان الجسدي ختان الروح الذي مارسه أخنوخ وأمثاله. وبخلاف الختان الذي يخص فقط اليهود، فإن المعموديّة مفتوحة للجميع.
- جاء في التوراة أن يشوع قد أمر بختان اليهود في سيناء مرّة ثانية بسكّين من حجارة (يشوع 2:5). والمسيح يشار إليه في الأنبياء بأنه حجر وصخرة. وهذه إشارة إلى ختان الروح الذي أتى به المسيح. فهو حجر الزاوية، وهو ختان يقي من عبادة الأوثان ومن عمل الشر. فقلوب المسيحيّين قد تم ختانها بصورة مثاليّة إلى درجة أنهم يفرحون أمام الموت لأجل الحجر الجميل الذي هو المسيح والذي تجري منه مياه حيّة لمن يريد أن يشرب.
هذا وقد أثار «يوستينوس» موضوع «النصارى» من أصل يهودي الذي كانوا يريدون المحافظة على الختان وأوامر موسى مع إيمانهم بالمسيح. وهو يرى بأنه يحق لهم ذلك على شرط أن لا يفرضوا الختان على الغير كوسيلة للخلاص.

موضوع مقالي القادم
------------
سوف استمر في مقالي القادم عرض الختان عند المسيحيين
يمكنكم تحميل كتابي: ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
الجدل الديني والطبّي والإجتماعي والقانوني
من الرابط التالي
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان (13) : موقف المسيح ورسله من الختان
- مسلسل جريمة الختان (12) : الختان في الكتب المقدسة المسيحية
- مسلسل جريمة الختان (11) : اليهود وختان الاناث
- مسلسل جريمة الختان (10) : الختان الدموي والختان الرمزي عند ا ...
- عصمة الانبياء مصيبة المصائب
- مسلسل جريمة الختان (9) : عملية الختان عند اليهود
- مسلسل جريمة الختان (8): يهود ضد الختان
- مسلسل جريمة الختان (7): عواقب عدم الختان في اليهودية
- الشيخ احمد القبانجي يؤكد أن القرآن ليس كلام الله
- مسلسل جريمة الختان (6): النصوص التوراتية الاخرى
- مسلسل جريمة الختان (5): الختان واليهود ومصيبة النبي ابراهيم
- مسلسل جريمة الختان (4): الختان عند قدامى المصريين
- مسلسل جريمة الختان (3): انواع ختان الذكور والاناث
- مسلسل جريمة الختان (2): لماذا هذا الاهتمام؟
- مسلسل جريمة الختان (1)
- دعوة القادة العرب والمسلمين للتزلج على الثلج
- كيف يمكنك ان تصبح نبيا ناجحا؟
- اعتراف رسمي بفشل الدين االاسلامي
- لماذا لا اصبح مسلما؟
- القرآن يطلب تغطية الفرج وليس الرأس


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان (14) : رأي يوستينوس الفلسطيني