أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - الداعـي إكس















المزيد.....

الداعـي إكس


ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:06
المحور: الادب والفن
    


الداعي X
جهز ألبسة عمله وعلقها على علاقة الملابس .. غسل وجهه بالماء الذي كان قد تركه على مدفأة النفط الجاثمة في منتصف الغرفة المتصلة بالمطبخ الملون بالأخضر الفاقع ، أو بالأحرى الصالون كما يحّب أن يطلق عليها ..
قبّل وجه ابنته الصغيرة التي لاتشبع من رؤيته أبدا ..
دخل غرفته ليستلقي استعدادا للنوم ، وما أن أغمض عينيه حتى رن الهاتف متسارعا ..
رفع السماعة وأجاب : آلو ، من المتكلم ؟
ردّ عليه الآخر : غدا آت إليك .
- من أنت ؟
" ألم يتصل بك مروان ؟
- من مروان ؟
انقطع الخط ..

في اليوم التالي اتصل مرّة أخرى ، أمره أن ينتظر في الثانية بعد الظهر في محطة القطارات القادمة من مدينة تيرول الواقعة في أقصى البلد ، إنه قادم لامحالة ، وعليه تدبير الأمور بحيث لاتتعارض مع علاقاته مع زوجته الحمقاء أو موقفه من مجريات الأحداث في بيته وبيوت جيرانه

في بودابست انقطعت به الحيل ، اتصل بأحد هم وكان طبيبا درس على حساب الحزب الذي لم يعد له حلفاء اليوم وذلك منذ عشرين سنة .. تزوج من مجرية فتطبع بعادات أهل زوجته
رجاه أن يعطيه نصف ساعة من وقته كي يلتقي به ويشرح له حاله البائس حيث غدر به صاحبه و سرقت اشيائه التي حملها في حقيبة سفره التي كان فيها سروال اضافي وقميصين وشحاطة وجوارب وفرشاة أسنان .. وعلبة سكائر وثقاب ، وصورة أخذت له وهو يفتتح أحد المعارض للشبيبة المثقفة ..
قال للدكتور : أنا المدعو غسـان الذي كتبت عنه الصحف والمجلات الحزبية ، هل سمعت بهذا الاسم ؟
طبعا سمعت بالمناضل غسـان ولكن ماهو الموضوع الذي تريد الحديث عنه ؟
- إنه أنا … أنا هو غسـان
- ومن أين لي أن أعرف بأن غسـان هو أنت ؟!!
هل معك بطاقة شخصية تدل على اسمك الحركي ؟؟
والله العظيم أنا وإذا لم تصدق فسأشرح لك تاريخ الحركة بالكامل .. حتى السياسة التي تطرحها قيادتها ..
لقد أمضيت عامين في زنزانة رطبة دون أن يحكم علي .. عشت وحيدا وبعيدا عن العالم ، زاملت رفاقا شيوعيين ، وإخوانا من المسلمين ، وشاركني في غرفتي حرامية النظام ، وبضعا من حثالة البروليتاريا وبعثيين ، ونبيه بشاشي المغدور في إقليم التفاح ..
ألم تسمع بي ؟
- لا لا اسمح لي أن أقول أن هذا ثمة هراء ولن أستطيع أن أقدم لك أية مساعدة ..
- أريد فقط الذهاب معي غدا إلى مركز هيئة الأمم ولو لربع ساعة من الزمن ، لاأعرف اللغة الهنغارية لأشرح لهم وضعي بالتفصيل ..
أغلق الباب بوجهه ، ردّ عليه بوقاحة :
- اعذرني وقتي ثمين ولا أستطيع أن أضيعه ..
وعندما وصل فيينا عاصمة الجمال لم يكن قد بقي معه إجرة الاتصال بالهاتف ، كان من المفروض أن يتصل به حال وصوله ، ورغم ذلك إتصل به فور حصوله على المبلغ ، قال له وصلت ، الآن موجود عندكم ، في مدينتكم .
- حسنا ، سنلتقي بعد رأ س السنة ..
غدا رأس السنة الجديدة وعندي ضيوف ..
أعاد سماعة الهاتف ، ولم يعد المحاولة مرّة أخرى .. الناس لم يعودوا يسمعوا أو يشعروا ..تطبعّوا بعادات المدن الكبيرة حيث تضيع الآمال في زحمة أمكنتها الممهورة بخاتم السيد الأوربي .
أمضى ليلة رأس السنة في غرفته التي يتقاسمها مع أفريقي مبهور بالعالم الموصوف بالمتحضر ..
يومها وضع على الطاولة صحنا من الفستق الحلبي اشتراها من المحل التركي الواقع في منتهى شارع المانش ماركت ، وعلبة كونسروة من الفاصولياء خلطها بحبة بندورة وملح وبهارات ، في حين أن صاحبه وضع على الطاولة قنينة ويسكي فاخرة كان قد سرقها قبل يومين في زحمة أعياد الميلاد من محلات البيلا الشهيرة في فيينا .
رفع صوت المذياع الذي تركه عندهما صديقهما الغجري المحجوز حاليا مع عبد الله العراقي الذي كان مقيما في الكويت في مركز الشرطة لأنهما لم يدفعا ثمن تذكرة القطار الذاهب إلى ترايس كيرخن لزيارة أخيه القادم لتوه من بلاد القرباط ..
أمسك بقلمه وكتب على وريقة صغيرة : اليوم نهاية العام الماضي .. الكل مشغول بلا شغل أو عمل إلا هذا الصديق الأبله الذي لايزال يعتبر السرقة من المحلات الكبيرة عمل مشروع في حين أن جارهما في الغرفة المقابلة كان يراقص نفسه بعنف مستقبلا السنة الجديدة وهو مهزوز ..


رنّ الهاتف مجددا ولكن في اليوم التالي . أخبره (القادم) بأنه وصل المحطة الرئيسية وعليه الاستعجال في المجئ .
لبس الياكي على عجل ، ودون أن يزرر ، حذائه لبسه وركض مهرولا نازلا درجات السلم الخمسة والأربعون قفزا ، أغلق باب البناية ورائه ، استقل سيارته ، نادته ابنته تريد اللحاق به لم يردّ عليها ، أسرع في السياقة حتى أنه اعتقد بأن سيارة مخابرات تلاحقه ، فأشباحهم في مخيلته مذ أن ذاق أول كفّ من السجان المدعو بحري لأنه تهامس مع صديقه المعتقل حديثا حينها ..
أدار مفتاح المذياع . أغلقه . كبس زر آلة التسجيل .. هتف المغني بالأحمر كفناه .. دفعها إلى الأمام قليلا ، صدحت أغنيته المفضلة ( 9 المنشورات ) وقبل أن تنتهي الأغنية .. وصل الى المحطة .. نزل مستعجلا .. دخل البهو فراى القادم شخصا كثير الشبه بالهابط المتهم بالإختلاس وقد ظهر عليه التعب من السفرو ملّ الانتظار ..
سبقه في السلام ، عرفه بنفسه ، أثار دهشة الغريب الذي عرفه بدوره على نفسه : محمد قريب الرفيق أبو هافال .
ركبا السيارة وانطلق مجددا نحو معسكر اللاجئين دون أن يسأل القادم ماذا يريد أو لماذا جاءه في هذا الوقت بالذات …
في غرفة أبو حسين تعارفا أكثر أعطاه صورة سريعة عن الوضع في فرنســـا ، وعن كيفية تقديم اللجوء السياسي سيما إذا كان مناضلا وقريب لمناضل كأبو هافال. شربوا ثلاثتهم القهوة ، سرد نتفة عن حياته في المعتقل .. قال أن رجلا مسنا كان معه في زنزانته … تحدث عن حريق سجن الحسكة ، وعن أبو عبده الذي كان يتخشب في نوبات صرعه المتأتية نتيجة سجنه الطويل .. وقصص أخرى تهتز لها المشاعر ..
أبو حسين عقّب على كل حديث .. شرح حادثة حريق السجن في الحسكة بالتفصيل قال لهما أنه ظلما أعدموا شخصا أّتهم بالحريق مع العلم بأن السجانة مشتركين قولا وفعلا في افتعال الجريمة ..
محمد القادم بدون اذن عقب أيضا .. (وكانت مفاجئة) أنه كان رقيبا أول في ســــجن صيدنايا تحت الأرض ، وكان يسرق اللحمة من طعام المعتقلين ليقدمها للعقيد المجرد من كل الأحاسيس الانسانية .. وكان يضرب الناس ويعذبهم ، وكان شاهدا ً لأكثر من عملية إعدام (لجواسـيس وخونة) وكان يفعل أشياء أخرى يندى لها الجبين ..!!

بعد أسبوع من مغادرته المدينة أرسل لمضيفه الذي لم تزل له علاقة بالسياسة والحزب وثمة علاقة بأفراد فرّوا من بلادهم مثله قصة سجين سياسي عانى الكثير من الاضطهاد جرّاء إعتقاله من أجل الوطن والشعب وطلب منه أن ينشرها له في مجلة الحزب ..!!!
ربما يحصل بها على اللجوء السياسي !!!!



#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كبرتلـــــــــو
- كيفما اتفق
- تضامن - تحية إلى المناضل .. الشاعر مروان عثمان
- محارات
- الوصول إلى تفاهم كردي – عربي عبر الحوار والمساجلة
- هل هناك شعب كردي رد على الأستاذ محمد سيد رصاص
- شعب منسي ودسـتور غائب -قراءة في المسألة الكردية في سورية-
- انطباعات عن الرئيس الراحل أبو عمّار


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - الداعـي إكس