أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - هل تكون سوريا مسرحاً لصراعات دولية واقليمية قادمة؟














المزيد.....

هل تكون سوريا مسرحاً لصراعات دولية واقليمية قادمة؟


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3778 - 2012 / 7 / 4 - 20:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كانت منطقة الشرق الأوسط ومازالت عبر عصور التاريخ البعيدة منطقة صراعات أزليّة، ومن يحكم قبضته عليها يحكم قبضته على جزء كبير من خارطة العالم الجيو- سياسية. وبما أنَّ سوريا تقع في قلب الشرق الأوسط فقد كان من الطبيعي أن تشكّل مفتاحاً هاماً لجزء كبير من صراعاته، واستقراره السياسي والعسكري. بقيت سوريا ردحاً كبيراً من الزمن تحت نير الإحتلال العثماني. ومن ثم جاء الإنتداب الفرنسي ليبقَ فيها حتى عام 1946. مع خروج الفرنسيين بدأت الاستقطابات الإقليمية في المنطقة، وجاءت مشاريع النفوذ تحاول السيطرة الواحدة تلو الآخر، فكان مشروع حلف بغداد، وايزنهاور والمشروع الصهيوني وغيرها.
جعل الرئيس حافظ الأسد من سوريا خلال حقبته التي امتدت ثلاثين عاماً، بلداً مستقراً سياسياً وأمنياً. وأبعد من ذلك فقد حوّلها إلى لاعب رئيسي في المنطقة، بل ومفتاحاً أساسياً للكثير من قضايا هذا الشرق العالقة، والمصيرية. فماذا بقي من إرث حافظ الأسد الذي تركه خلفه في العام 2000 بعيد رحيله، وهل ستعود سوريا كما كانت عليه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وماقبل ذلك أيضاً، كنقطة تجاذبات واستقطابات دولية واقليمية كبرى..؟؟!
عرّت الأزمة السورية التي عصفت بالبلاد منذ 15آذار 2011 الكثير من الخبايا التي كانت خافية على الكثيرين في سوريا، بما فيهم الأجهزة الأمنية القوية جداً، والتي كان يُظنُّ أنها ترصد حركة النمل في أوكاره. ولكن ما انكشف بيّن بشكل قاطع بأنَّ جانباً كبيراً من هذه المؤسسة الأمنية العملاقة قد استهلكها الفساد، والبيروقراطية، والروتين، والأهم من هذا كلّه غرور من ينام في العسل، ظناً منه أن كل ما يدور حوله يدور في ركبه وبإرادته. حيثُ ثبُتَ بأنَّّ هذه المعادلة غير صحيحة. وأنَّ الفأر قد كبر في جحره الذي وضعناه فيه، وتحوّل إلى جرذ ضخم عملاق.
لقد كان من الطبيعي، مع توفر دعم خارجي مفتوح سياسياً، واعلامياً، وعسكرياً، ومالياً أن تستمر المعركة التي تدور رحَاها في سوريا والتي يدفع ثمنها الشعب السوري وحده، دماءً، وخسارات اقتصادية ودمار اجتماعي شامل واصطفافات مذهبية ودينية في صميم المجتمع. بينما تدفع سوريا كبلد من هيبتها وقوتها، وصمودها، ومكانتها السياسية ثمناً باهظاً أيضاً لهذه المعركة التي لها علاقة باشياء كثيرة أكثر من علاقتها بموضوع التحوّل الديمقراطي والحرّيات التي يغالون فيها وبطرحها. فمن يدعمه حَمَد، وسعود الفيصل، والشق الديني الأصولي من تركيا العلمانية، وأمريكا وفرنسا وغيرها من قوى عالمية، فلن تكون معركته معركة حرّيات، قد تكون جزءاً منها، ولكنها في الغالب صراعات سياسية على سلطة، ونفوذ، وهيمنة، واستقطابات دولية واقليمية. وقد أثبت الجميع ذلك من خلال أدواتهم في الحرب التي يخوضونها، حيث ليس هناك أي مساحة قدم واحدة لمفهوم " الآخر" في هذا الصراع، ولا لإرادة شريحة كبيرة من السوريين تقدّر بالملايين. ولا لوطنٍ ينوء تحت ارهاصات واستحقاقات قد تصل به حد الدمار الشامل ولسنوات كثيرة قادمة. وليس لديهم مصداقية لما يقولون ويدّعون، ويروّجون. فهم نصوصهم وكلماتهم مقدّسة، ونصوص غيرهم ومقولاتهم مشكوك بها، وغير صالحة للإستهلاك لاالسياسي ولا الاجتماعي.
في الجهة المقابلة، إبتلى الله السوريين بنظام غاشم ظالم لا يرحم. وعلى استعداد لفعل أي شيء في العالم إلاّ تقديم التنازلات والمشاركة السياسية في سلطة استولى عليها بالقوة في 8 آذار 1963، ولمّا يزل يعتبر نفسه مالكاً مطلق الصلاحيات في بلد يزيد عدد سكانه عن 23 مليون، ومساحته على 185 ألف كيلومتر ربع. ولطالما كان نبراساً وهدى للمنطقة وسكانها بسبب حجم طاقاته الهائلة، البشرية منها، والطبيعية، والجغرافيا التي جعلته في موقع نقطة الوصل بين شرق أقصى، وغرب بعيد جداً.
إنَّ عملية رصد بسيط لما آل إليه الصراع في سوريا يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك ما رمينا إليه من تحليل آنفاً حول سوريا. فالتجاذبات الدولية والإقليمية قد اصبحت أعقد بكثير حتى من الأزمة السورية في الداخل برغم تباينها الكبير وشروخها العميقة وشبه العصيّة على الحل. فبين مجتمع مدني سوري متحضر، ومجتمع بدويّ متخلف، وشرائح اجتماعية دينية، ومذهبية تغوص في عمق السَلَف الإسلامي، وبين مكّونات إثنية متشابكة ومتصارعة، بين كل هذه العوامل ضاعت الإحداثيات وفقدت الناس بوصلتها. فما يُسمى ثورة في رقعة من أرض سوريا، يُسمى في مكان آخر من سوريا ارهاب يضرب البلاد، وما يُوصف بالشهيد في حيّ ما، يمكن أن يكون عميلاً ومجرماً في حيّ آخر من نفس المدينة. وبين نظام سادي الهوى دموي الأدوات، ومعارضة جاهلة مسعورة، دموية الحراك، تدفع سوريا وابنائها أثماناً باهظة لما يحصل. بالرغم من أنّ الحلول يمكن أن تكون موجودة، مع قليل من التنازلات من هذا الطرف وذاك.. لكن اللعبة كبُرَت كثيراً، وأصبحت المباراة في حلبات خارجية لا علاقة لسوريا وشعبها بها..؟!
ما زالت في الأفق بوادر حلول تلوح، بعضُ من العقلانية، وقليل من التنازلات، يضع الوطن ومصالحه وموقعه نصبَ أعين الجميع يمكن أن يُخرج البلاد من مأساتها التي تهدد المنطقة برمّتها فيما لو ازداد لهيبها، وتأجج سعارها أكثر من ذلك. وساعتذاك لن يبقى هناك لا وطن ولا هم يحزنون. بل ستكون سمة الجميع النواح والبكاء على أطلال ذهبت أدراج الريح ليبكيها القادم من السنين. لذلك، فإنه من المؤكد بأنه إذا لم تحصل تسوية سياسية شاملة يدرك كل طرف فيها حدوده وتخومه التي يُمثلّها تماماً وحجمه الشعبي بدقة، دون التعدّي على تخوم الآخر، فإن سوريا ذاهبة ليس فقط إلى فقدان مكانتها التي عرفتها خلال الأربعين عاماً التي مضت، بل هي ذاهبة إلى ما يُشبه النموذج اللبناني أو العراقي بأحسن أحواله، وستعود كما كانت في الخمسينيات من القرن الماضي ملعباً لثلّة من سفراء الدول الكبرى والدول الإقليمية الرئيسية التي تتحكم بالمنطقة وبمقدراتها، وصيرورة دورتها السياسية والعسكرية..؟!!!

كاتب سوري



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة السوري والعقلانية الضائعة ..!!
- الإسلام السياسي العربي هل يشكّل مشروعاً للتغيير..؟!
- الأزمة السورية، تحوّلات دولية وارهاصات اقليمية متصارعة..!
- ضرورات التحوّل المرحلي إلى الديمقراطية في سوريا؟
- الديمقراطية؟! بين المصطلح السياسي.. والمفهوم التربوي
- لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟
- سرقات فكرية وأدبية -وقحة-، على صفحات الفيس بوك ؟!
- -مع الثورة ضد النظام، مع النظام ضد الثورة..؟!-
- الديمقراطية في ثقافة المعارضة السورية ..؟!
- إلى خ - ب .... أو ما يسمّونه أديباً ..؟!
- مآلات الخارطة- الجيو- بوليتيكية- في الشرق الأوسط
- ايجابية الأزمات الوطنية ..!
- تحية طيبة للجميع
- الصراع على سوريا عبر الاحتجاجات الفئوية .؟!
- الحراك السوري، والارتكاسات المذهبية المضّادة.؟!
- العرب وسوق العهر السياسي
- سوريا يا حبيبتي ؟ سأترك الحديث في السياسة ( 1& 2)
- حزب البعث العربي الاشتراكي -بين النظرية والتطبيق-
- مزايدة علنية بالظرف الجماهيري المفتوح
- سوريا؛ ونزعات السياسة والنفاق


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - هل تكون سوريا مسرحاً لصراعات دولية واقليمية قادمة؟