أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - دع القلق وابدأ الموت (نصائح للسادة الهالكين)














المزيد.....

دع القلق وابدأ الموت (نصائح للسادة الهالكين)


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 3778 - 2012 / 7 / 4 - 16:42
المحور: الادب والفن
    


دع القلق وابدأ الموت
(نصائح للسادة الهالكين)
ماجد الحيدر

عزيزي الميت، اليك بعض النصائح المفيدة التي جمعتها من كتب الحكماء الأقدمين ورواد المقاهي ومواقع التواصل الاجتماعي:

*في اليوم الأول لموتك ستفاجأ بكثير من الأمور فلا ترتبك. ستفاجأ أولاً بأنك ميت! وهذا يعني ضمنا أنك لن تستطيع التعبير عن انفعالاتك وردود أفعالك (ومنها المفاجَأة) ناهيك عن أنك لن تمتلك انفعالات وردود أفعال لتعبر عنها.. لذا ينبغي عليك أن تسكت (وهو أمر لا مناص منه على أية حال).

*ما لم تكن مدفوناً في مقبرة جماعية تتيح لك الاجتماع والحديث مع أناس من زمانك وبيئتك (وهو أمر ستكتشف بأنه لا يخلو من فائدة ويؤكد حكمة قادتنا وطيبة قلوبهم الكبيرة) فإنك ستفاجأ أيضاً بفقدانك لتلك اللذة الفوق-ترابية الجميلة أي لذة الثرثرة وإزجاء الوقت في الحديث.
عندما تدفن في قبر خصوصي (وخصوصاً إذا تميز بالفخامة) فإن أقرب الموتى لا يمكن سماعهم إلا بشق الأنفس (لا أدري لماذا يذكرني هذا بالكونت دي مونت كرستو وصديقه السجين) وهناك طبعا بعض الاستثناءات كما في حالة تصادف وجودك في مكان سبق وإن استخدم لهذا الغرض، وفي هذه الحالة قد يلعب الحظ دورا في اختيار "شريك حياتك" الجديد وطبيعة ثرثرته (أعرف صديقا لي تصادف وجوده في مكان وجود قوّادة في قصر أحد الخلفاء مما أتاح له فرصة التمتع بالاستماع الى مئات من قصص الدسائس والغراميات والغدر التي لم تسجلها كتب التاريخ-رغم انه كان مختصا بتاريخ الفترة نفسها!)

* حاول أن تعتاد سريعاً على غياب وسائل الاتصال الحديثة؛ فالهاتف النقال والانترنت لا وجود لهما في الوقت الحاضر رغم أن مشايخنا الأفذاذ (ولكونهم يولون أهمية قصوى لما يحدث في القبر) لن يلبثوا أن يصلوا في تاريخ قريب إن شاء المولى (بمساعدة من أصدقائنا اليابانيين) الى طريقة ما لتوفير مثل هذه الخدمات تحت التراب (أنت طبعا سعيد لأنك لن تضطر الى دفع فلس واحد مقابل هذه الخدمات، أما الذين سيموتون بعد ذلك التاريخ فعليهم أن يحسبوا حساب ذلك أثناء وجودهم فوق التراب)

*ينبغي عليك أن تتعلم الانتظار.. الانتظار الحقيقي الذي لا يحسب بالأيام والسنوات.. ولكن لا تقلق؛ فهذا أمر في غاية اليسر إذا علمنا توقف شيء اسمه الزمن (وهو أول مستلزمات الانتظار).

*بعد قليل من موتك، وفي حالة دفنك تحت الأرض (كما اعتادت كثير من الأمم) ستكتشف أن خوفك القديم من الديدان والزواحف والبكتريا والحشرات والنمل (بما فيه النمل الفارسي الكبير الحجم) هو خوف لا مبرر له على الإطلاق.. سوف تضطر الى الاعتراف بأنها كائنات لطيفة للغاية، لا تسبب أي ألم وهي تتغذى على جثتك.. إنها تريد أن تعيش فحسب، كما كنت تفعل، مدفوعة (مثلك بالضبط) بقوة غامضة عسيرة على الوصف والتفسير.
(هذه النقطة الأخيرة يمكنك تجاوزها إذا ما قرر الآخرون اللجوء الى وسيلة أخرى للتخلص من جثتك)

*وقبل ذلك عليك ألا تخشى من أي إحراج بسبب تعريتك وغسل جسدك وإطلاع الآخرين (وبعضهم من الغرباء الذين لم يسبق أن التقيت بهم) على مناطق جسدك الأكثر حميمية أو بعض العيوب الخلقية التي كنت تحرص على إخفائها. ربما أطلق بعض هؤلاء (أو كتم في صدره) مشاعر السخرية أو التشفي أو التقزز أو الإعجاب (أو حتى بعض المشاعر الجنسية الشاذة) .. لكن صدقني: كل هذا لن يؤذيك ولن يسبب لك أي حرج كما قلت لك.. رغم أنه قد يسبب هذا لمن يتبقى بعدك من أهل أو أقرباء..

*في العادة سوف يثقل بعضهم أسماعك (وأنا أستخدم هذا التعبير مجازيا كما تعلم) بالكثير من النصائح التي لا يمكنك الأخذ بها، أو الخطب المملة التي تحاول أن تلصق بك صفات لم تكن تعرف أنك تمتلكها! ولكن هوّن عليك؛ هذه الفعاليات لن تستغرق في العادة سوى بضع دقائق يمكنك قضاؤها في التعود على طبيعة سريرك الجديد!

*هناك عدد من النقاط التي اختلف الناس بشأنها ومازالوا، وأنا هنا لا أتدخل في أقوالهم: ومنها مسألتان أساسيتان وهما احتمال قيامك (أو من يمثل جثتك) في موعد ما.. والثانية هي المدة الزمنية (بحساب العالم الخارجي) التي سوف تقضيها في قبرك حتى تلك القيامة. بعضهم يؤكد بأنك سوف تضطر الى الانتظار الى يوم محدد سلفا؛ وهو يوم كوني عام يشمل جميع المخلوقات –وبضمنها النمال والبكتريا والديدان التي تحدثنا عنها- ولا يخصك وحدك ويقع في نقطة ما من المستقبل.. رغم أن هذا البعض كثيراً ما يورد، بشكل مؤكد لا يقبل التشكيك والتكذيب (وقد يسبب التشكيك بها مشاكل خطيرة) أحداثاً ومغامرات خاضها بالفعل فلان وفلان من الصالحين والطالحين في ذلك اليوم وما بعده.. رغم أن ذلك اليوم وما بعده لم يأتيا بعد.. وهو أمر قد يسبب بعض البلبلة والتشوش.. ولكن، لا يهم.. كل ذلك قد تعرفه لاحقاً!

*لا تقلق بشأن الحساب وجلسات التحقيق، فالنظرية الأكثر شيوعا هو أن مصيرك (بما فيه نوع حسابك ونتيجته) أمر مقرر ومفروغ منه قبل أن تولد (وفي روايات أخرى قبل أن يأتي الوجود الى الوجود) ولذلك يقول البعض أن بإمكانك التحجج بهذه النقطة في حالة مساءلتك على ما قد يعتبره المحققون خروجاً عن الطريق السوي .. بعبارة أخرى يمكنك القول بأنك لم تكن مخيراً في اختيار الطريق، سواء كان سوياً أم لا، وعليه انتفى فعل التجريم لانتفاء إرادة الفعل أو القدرة على الاختيار (هذه العبارة الحكيمة سبق أن سمعتها من محامٍ صديق!) أما إذا قيل لك بأنك كنت تمتلك عقلاً يمنحك قدراً معيناً من حرية الاختيار فيمكنك (حسب رأيهم) أن تتحجج مجدداً بأن هذا العقل لم يكن من صنعك أو تصميمك أو برمجتك وإنك بالتالي غير مسؤول عن أي قصور في أدائه!
هل دوختك الفقرة الأخيرة.. سامحني على الثرثرة الفارغة.. هذه الأمور يصعب فهمهما على الأحياء.. أما أنت...آه.. لقد نسيت أنك ميت!

*هذه نصائحي لك فاحفظها يا عزيزي فهي على قدر كبير من الفائدة (أو إنها تبدو كذلك، لأنها في الحقيقة غير موثقة أو مؤكدة بشكل قطعي أو مجربة على نطاق واسع).. أتمنى لك رحلة سعيدة هانئة!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المزار المقدس-للشاعر الانكليزي د. م. دولبن-مع النص الأصلي
- نصائح الى شاعر عربي
- الحقائق-للشاعر الايرلندي لويس ماك نيس-مع النص الأصلي
- أغنيةُ حُبِّ الصَبِيَّةِ المجنونةِ-للشاعرة الأمريكية سلفيا ب ...
- رجال في الأصفاد-للشاعر الجنوب أفريقي أوزوالد م. متشالي-مع ال ...
- قوبلاي خان --للشاعر الانكليزي كولرج-مع النص الأصلي
- الأم المستعبّدة-قصيدة الشاعرة الامريكية فرانسيس هاربر-مع الن ...
- أدونيس وبجماليون-قصيدتان للشاعرة الأمريكية هيلدا دولِتِل-مع ...
- الى قبَرة-للشاعر الانكليزي العظيم ب ب شيللي-مع النص الأصلي
- من نافذتي أنظر..وأبصق في غضب!
- قصيدتان للشاعر الأمريكي إمرسون-مع النص الأصلي
- قصيدة الأجداد للشاعر الانكليزي إيدموند جارلس بلوندن-مع النص ...
- آرشِبالد ماكلِش-فن الشعر- مع النص الأصلي
- صلاةُ المهرِّجِ للشاعر الأمريكي ادوارد سل
- آن سكستون-القُبلة
- الى شاعرٍ ، بعدَ ألفِ عام-ج. إ. فليكر
- قصيدتان للشاعر الأمريكي كارل ساندبرغ
- رتشارد ألدنغتن-مناوراتُ الميدان-واجبٌ في الحجاباتِ الأمامية
- الذي لا يقهر للشاعر الإنكليزي وليم إيرنست هنلي
- في مطبخ الأمنيات-شعر


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - دع القلق وابدأ الموت (نصائح للسادة الهالكين)