أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - الفدرالية : أهي خير مطلق أم شر مطلق















المزيد.....

الفدرالية : أهي خير مطلق أم شر مطلق


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:31
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


برز مفهوم الفدرالية ( أو الحكم الاتحادي ) في دائرة النقاش و الجدل السياسي منذ زمن ليس بالبعيد حين طرح بوصفه صيغة مقترحة للحكم في عراق المستقبل و بديلا للحكم المركزي الذي ساد البلاد طويلا. و قد أثار بعض الباحثين كثيرا من اللغط حول هذا المفهوم و طبيعة نظام الحكم المستند إليه فزعموا : (1) أن الفدرالية تشكل نقيضا الوحدة الوطنية العراقية ، و(2) أنها مقدمة لتقسيم العراق ، و (3) أن الشعب العراقي غير مهيأ لخوض مثل هذه التجربة في الحكم. و لعل هذه النقاط الثلاث هي الأبرز بين ما ردده الرافضون أو المتخوفون من تجربة الحكم الفدرالي أو الاتحادي. فهل هنالك أساس موضوعي لما يزعمون ؟
في الإجابة على هذا السؤال نبدأ بتعريف الفدرالية أو نظام الحكم الاتحادي فنقول : إن الفدرالية نظام للحكم يقوم على الاتحاد الطوعي و الاختياري بين الكيانات المكونة لشعب من الشعوب فتكون لهذه الكيانات المرتبطة برقعة جغرافية معينة أو إقليم محدد حكومة محلية بصلاحيات تنفيذية و إدارية واسعة و تساعد هذه الحكومة مجالس برلمانية محلية بصلاحيات تشريعية واضحة. و يثبت الدستور الاتحادي و يضمن حدود و طبيعة سلطات الحكومات و البرلمانات المحلية و حدود و مدى سلطات الحكومة الاتحادية و المجلس النيابي الاتحادي كما ينظم العلاقة بين السلطات الاتحادية و الإقليمية بشكل واضح و بما يمنع التضارب بين صلاحيات و سلطات المركز و صلاحيات و سلطات الأقاليم من الناحيتين التشريعية و التنفيذية. و من مستلزمات نظام الحكم الاتحادي وجود محكمة دستورية اتحادية عليا تقوم بمراقبة أداء السلطات الاتحادية و سلطات الأقاليم و تفصل في الخلافات التي قد تنشأ نتيجة لتجاوز أي من الأطراف المذكورة أعلاه للصلاحيات و السلطات المنصوص عليها دستوريا. و تسهم مثل هذه المحكمة في تعزيز النظام السياسي و صيانة الدستور من الخرق كما تعزز من هيبة و استقلال السلطة القضائية . و تمثل أنظمة الحكم في ألمانيا و سويسرا و المملكة المتحدة و كندا و الولايات المتحدة الأمريكية و الهند ، على سبيل المثال لا الحصر ، نماذج و صورا مختلفة لنظام الحكم الاتحادي . وهذا يعني أن الفدرالية نظام حكم متطور أخذت به أمم كثيرة و أنها كانت على الدوام مقترنة بالديمقراطية فإذا كان نظام الحكم المركزي يقترن في كثير من التجارب السياسية ، و خاصة في عالمنا العربي ، بالدكتاتورية فأن التجربة البشرية أظهرت أن الدكتاتورية لم تجد لها أرضا خصبة قط في بلاد تأخذ بنظام الحكم الاتحادي الحقيقي لا المزيف. و هذا ما يجعلنا نخلص الى القول أن الفدرالية هي إحدى الضمانات الأساسية للديمقراطية .
و ينبغي لنا أن نؤكد أن اختيار نوع نظام الحكم المنشود في العراق هو من حق الشعب العراقي وحده و ذلك استنادا الى تجربتهم مع نظام الحكم المركزي لمدة ثمانين عاما وما قادت إليه تلك التجربة المريرة من دكتاتورية بشعة و قمع و ضياع للحقوق و تخبط سياسي أقر به كل منصف ؛ و هم يستندون كذلك الى طبيعة المرحلة الراهنة و ما أفرزته من حقائق على الأرض . كما ينبغي لنا أن نتذكر حقيقة أن العراقيين يملكون الآن أن يقرروا بأنفسهم و لأنفسهم نوع نظام الحكم و العقد الاجتماعي الذي يرتضيه الجميع و في الوقت نفسه يحول دون تكرار مآسي الماضي القريب و البعيد. وهذا يعني أن اختيار نظام الحكم الفدرالي سيعزز الوحدة الوطنية العراقية و يرسيها على أسس رصينة .
و إذا ما عدنا الى مآخذ الرافضين لنظام الحكم الفدرالي فنجد أن حججهم لا تصمد إزاء الفحص العلمي الدقيق فالوحدة الوطنية هي في أعلى درجاتها في البلدان التي تتبنى نظام الحكم الفدرالي بالرغم من وجود مشكلات كبرى قد تعاني منها بعض هذه البلدان. فالهند التي بلغ عدد سكانها مليار إنسان ، مثلا ، و هي تعاني من تعددية عرقية و دينية و طائفية و لغوية كما أنها من بلدان العالم الثالث الفقيرة و لكنها غير مهددة في وحدتها الوطنية لأنها تتبنى الفدرالية . بينما تعاني كثير من الدول التي تتبنى أسلوب الحكم المركزي ، مثل تركيا و السودان ، من تهديد جدي و خطير لوحدتها الوطنية و هي التي ليس لديها عشر ما لدى الهند من مشكلات اجتماعية و اقتصادية و ديموغرافية . و لو فحصنا حالة العراق لوجدنا أن مظالم الماضي و مآسيه يمكن أن تتكرر و لذلك لا بد من أن يتبنى العراقيون نظام حكم أكثر رقيا و أكثر استجابة لحقوقهم من جهة و هو يضمن عدم الارتداد الى نظام الحكم الشمولي من جهة أخرى.
و حجتهم الثانية هي أن الفدرالية مقدمة لتقسيم العراق ، فنقول أن ما كاد أن يقوض وحدة التراب العراقي هي المركزية المقيتة المقترنة بالدكتاتورية التي اتخذت من تقسيم الشعب عرقيا و مذهبيا و سياسيا منهجا في الحكم . و تقسيم الشعب هو بداية التقسيم الفعلي لأرض الوطن . و بما أن العراقيون قد أدركوا مدى خبث و خطورة ما فعلته الدكتاتورية ، و بما أنهم على وشك أن يعيدوا صوغ العقد الاجتماعي و اختيار نظام الحكم فأن من حقهم أن يستثمروا ما أفرزته التجربة البشرية برمتها بتبصر و فهم عميقين و دونما خوف أو عقد . و لعل المراقب الموضوعي يلاحظ أن هاتين الحجتين قد تخفيان هدفا بعيدا هو العودة الى نظام حكم الغلبة الشمولي الذي بشر به و مارسه بنو أمية و كذلك فعل و يفعل أميو عصرنا .
أما الحجة الثالثة فأن القائلين بها إذ يقرون بمزايا نظام الحكم الفدرالي إلا إنهم يرون أن الشعب العراقي لم ينضج كفاية ليستفيد من نظام حكم متقدم كالفدرالية .
و الرد على مثل هذه الحجة بسيط كبساطة الحقيقة ، فإذا كانوا قد أقروا بما يميز نظام الحكم الفدرالي استنادا الى تجارب الشعوب فبأي حق و أية وصاية يزعمون أن شعب العراق لم يرتق الى مصاف مثل هذه التجربة و بالتالي يحرمونه من حقه في الاختيار ؟ و لنا أن نسألهم : ما هي الأبحاث التي أجريتموها لدعم مزاعمكم ؟ ثم ألم يثبت الشعب العراقي في يوم الانتخابات العظيم ، يوم الثلاثين من كانون الثاني 2005 أنه أكثر وعيا و شجاعة مما تعتقدون ؟ إن خيار الفدرالية سيعزز الوحدة الوطنية و يصون وحدة التراب العراقي إذا ما تصدى المخلصون من أبناء الشعب لمهمة الدعوة له و توضيح أبعاده و رص صفوف العراقيين وراء قياداته السياسية الوطنية كافة لصيانة هذه التجربة و ضمان نجاحها على أرض الرافدين ، أرض العرب و الأكراد و التركمان و الصابئة والأيزيدية و الكلدان و كل من حمل شرف الهوية العراقية و صانها و عرف حقها من عمل و محبة و إنصاف و احترام للآخرين . و الفترة القادمة هي مرحلة جديدة للبناء المادي و البناء المعنوي و التفاعل الفكري الخلاق بين أبناء الشعب في بيئة من الحرية و التعددية بعيدا عن القسر و التزوير و ديماغوجية الرأي الواحد و القائد الواحد و الحزب الواحد وذلك حين يشعل كل واحد منا شمعة بدلا من أن يكتفي بلعن الظلام . و لسوف يثبت شعبنا مرة أخرى أنه جدير بأفضل ما عرفته البشرية من أنظمة حكم ، فهو شعب معطاء نتشرف جميعا بأننا من أبنائه. و بعد فأن الفدرالية قد لا تكون خيرا مطلقا و لكنها بالتأكيد ليست شرا مطلقا و إنما هي تزدهر و تعطي أكثر بقدر تفاعلنا إيجابيا معها.



#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على ا ...
- ما بعد الانتخابات العراقية : قاعدة الشرعية الدستورية
- الانتخابات العراقية :دلالات و استحقاقات
- تسونامي في ميزوبوتاميا
- الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التار ...
- مدونات سومرية - المجموعة الرابعة
- الحوار المتمدن :المزايا و الاستحقاقات
- مدونات سومرية : المجموعة الثالثة
- مدونات سومرية: المجموعة الثانية
- مدونات سومرية : المجموعة الأولى
- الإنتخابات الأفغانية: دلالات و توقعات
- الحقيقة تتجاوز قدرة النظام الرجعي على حجبها
- قيامة العاشق السومري
- النقابات و الإتحادات المهنية في العراق
- المسافة و اللغة
- الديمقراطية و حرية العمل السياسي في العراق
- مستويات تحليل الخطاب الشعري - عبدئيل- الشاعر موفق محمد إنموذ ...
- الأول من أيار : الفكر الماركسي و تحديات المرحلة الراهنة
- من المسؤول عن حل الجيش العراقي السابق ؟
- الدمع صولجان والروح أقحوان


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - الفدرالية : أهي خير مطلق أم شر مطلق