أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - وإن كره الكارهون..!!














المزيد.....

وإن كره الكارهون..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3777 - 2012 / 7 / 3 - 12:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأدب السياسي أخطاء شائعة. ولعل أبرزها تعبير العلمانية، الذي يُطلق وأُطلق في العالم العربي على أنظمة من نوع نظام مبارك في مصر، والأسد في سورية، وصدّام في العراق، وبن علي في تونس، والقذافي في ليبيا، وعلي صالح في اليمن (وكلها أنظمة عصفت بها موجة الربيع العربي)، وحتى على النظام الفلسطيني الغلبان، الذي يُقال إن حماس "الإسلامية" انقلبت عليه في غزة.
والصحيح أن هذه الأنظمة كلها لم تكن علمانية، وأن في وصفها بالعلمانية افتئات على الحقيقة، بقدر ما يتعلّق الأمر بحقيقة العلوم الاجتماعية. والصحيح، أيضاً وأيضاً، أن العالم العربي لم يعرف أنظمة علمانية في تاريخه حتى يوم الناس هذا.
الأمر، هنا، يشبه الأواني المستطرقة. في الأكاديميا الغربية، وفي صحافة الغرب، أيضاً، يُكتب الكثير عن الأنظمة العربية العلمانية، التي تتهاوى اليوم تحت مطرقة الإسلام السياسي. ويستطرد هؤلاء وأولئك في فك شيفرة العالم العربي، الذي يمثل الدين في نظرهم جوهر كينونته السياسية والاجتماعية. وفي العالم العربي يكتب علمانيون وليبراليون ويساريون عن مخاطر الدولة الدينية، في سياق الكلام عن صعود الإسلاميين.
وليس ثمة ما هو أحلى وأشهى على قلوب الإسلاميين من تأكيد هذه "الحقيقة"، حقيقة أنهم يعيدون الحق إلى نصابه، والهوية إلى مكوّناتها الصحيحة، في مجابهة أنظمة علمانية مستوردة. وبل ويحدث أن ناطقين باسم الأنظمة التي ذكرناها، وغيرها، يذكّرون مباشرة ومداورة شعوبهم وساسة الغرب بطبيعة الحال، أن أنظمتهم علمانية، وتقاوم خطر الأصولية والإسلام السياسي..الخ.
ينجم هذا الخطأ الشائع عن فوضى المفاهيم، وعن حقيقة أن مفهوم الدولة في الأدب السياسي العربي ما يزال ملتبساً، وبالقدر نفسه مفاهيم من نوع العلمانية والدولة الدينية. وبقدر ما يتعلّق الأمر بمفهوم الدولة، فإن الدولة القومية الحديثة كينونة علمانية. والعلماني، هنا، يعني الدنيوي. وفي هذا المعنى لا توجد دولة دينية في الأزمنة الحديثة.
حتى السعودية وإيران لا يمكن وصفهما بالدولة الدينية دون تحفظات، رغم أن الأولى بلا دستور، والثانية تضع الولي الفقيه فوق الدستور. بل وأكثر من هذا يمكن القول إن الدولة الدينية لم تعد ممكنة في الأزمنة الحديثة.
وحتى مع الوصول إلى هذا الحد يصبح التقسيم ما بين العلماني والديني باطلاً. فالدولة الحديثة، بما هي أنظمة مالية وإدارية وتشريعية وسلطات، كينونة علمانية. أما التبريرات الدينية والفقهية التي يضفيها هذا النظام أو ذاك على أنظمته فتدخل في باب الأيديولوجيا، لا في باب مفهوم الدولة.
ولكن كيف نقول هذا الكلام، وقد ذكرنا في البداية أن العالم العربي لم يعرف أنظمة علمانية في تاريخه؟
ثمة أكثر من إجابة من بينها التمييز بين الدولة والنظام. وعدم تجاهل أو تناسي حقيقة أن الدولة القومية الحديثة، وبقدر ما يتعلّق الأمر بدول كثيرة في العالم العربي لم تستقر كدول قومية حديثة بعد. والدليل أن جغرافية الدولة تصبح هشّة وقابلة للانكسار في ظل أزمات من نوع الاحتلال الأميركي للعراق، والثورة السورية ضد نظام آل الأسد، والثورة ضد نظام القذافي..الخ. باختصار، تكتمل هوية الدولة عندما تصبح الحدود السياسية للدولة أكثر أهمية من حدودها الطائفية والإثنية واللغوية (فكّروا في سويسرا وبلجيكا، مثلاً).
هذا جانب والجانب الآخر أن الأنظمة المذكورة، وغيرها في العالم العربي، مرّت بمراحل مختلفة اتسمت آخرها (أي العقود الأخيرة في حكم بن علي ومبارك والقذافي وصدّام، ونرجو أن نضيف إليهم قريباً بشّار الأسد) بمحاولات تديين قسرية للدولة والمجتمع، عن طريق جهاز التعليم والإعلام المركزيين، محاولات كانت مصحوبة بمشاريع للتوريث، وتحوّلات طرأت على بنية النخبة الحاكمة فحوّلتها إلى نخبة من المماليك تحتل شعباً أجنبياً بالحديد، والفلكلور السياسي والوطني، والنار.
وأعتقد أن ثمة علاقة بين التديين، ومشاريع التوريث، وآليات التحوّل إلى نخبة مملوكية. التديين يرفع من شأن الأفكار المطلقة، والأفكار المطلقة ضرورية لعقلنة وشرعنة القمع. أما الفلكلور السياسي والوطني فارخص الأقنعة وأوسعها سوقاً وأيسرها تسويقاً. وهذه الأشياء متضافرة ملائمة للتوريث. وفي هذا السياق ينبغي تأويل عمليات التديين في الأنظمة المذكورة باعتبارها تتناسب طردياً مع الموقف من كينونة الدولة. يزداد التديين كلما ضعفت كينونة الدولة وغاب الفرق بينها وبين النظام، والعكس صحيح.
لذلك، في وصف تلك الأنظمة بالعلمانية ما يُسهم في تزييف الواقع. التزييف الذي استفاد منه الجميع. استفادت الأنظمة، واستفاد الإسلاميون، واستفاد اليمن واليسار، الكل استفاد لأسباب مختلفة بطبيعة الحال.
ولكن إذا لم تكن تلك الأنظمة علمانية فماذا تكون؟
لا يوجد نظام علماني يمارس تديين الدولة والمجتمع على طريقة الأنظمة المذكورة. (ابحثوا في مناهج التعليم، وسياسة أجهزة الإعلام الرسمية في كل الأنظمة المذكورة) الصحيح أن هذه الأنظمة هجينة، تجتمع في تكوين هويتها عناصر مختلفة منها ما هو راسخ وأصيل في الثقافة والمخيال العربيين، ومنها ما هو جديد و"مستورد". الشعبوية هي العنصر المستورد الوحيد، أما المملوكية والسلطانية فهما في جذر الميراث الثقافي للعرب، وفي المخيال الشعبي.
سيظل هذا الالتباس قائماً، ولن يتمكن العرب من الفكاك منه، قبل استقرار الدولة القومية الحديثة في الفكر، وفي الواقع، باعتبارها كينونة علمانية. ومع ذلك ينبغي التفكير، دائما، في حقائق من نوع أن العلمانية والديمقراطية ليسا صنوين. وإذا اجتمعا، وهذا لن يتحقق في عالم العرب في وقت قريب، ستكون تلك أعلى مراحل الربيع العربي، وإن كره الكارهون.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ستكون الانتخابات ديمقراطية بعد أربع سنوات؟
- انطباعات سريعة من القاهرة..!!
- الكرملُ جديدٌ، وفي المكتبات خلال أيام..!!
- الثورة، لمنْ يهمه الأمر..!!
- مصالحة، ظاهرتان، وأشياء أخرى..!!
- المصالحة غير ممكنة..!!
- الكأس كاملة حتى الثمالة..!!
- Grotesque
- الإسلاميون وانتخابات الرئاسة في مصر..!!
- نبوءة سعد الدين إبراهيم..!!
- تفاهة الشر..!!
- الواقع بعينين أوسع قليلاً..!!
- كل عام وأنت بخير يا محمود درويش..!!
- بنغازي سورية في حمص، ولماذا أحبطها الأميركيون!!
- في رثاء ماري كولفن..!!
- السباحة في الماء بلا بلل..!!
- رسالة إلى الرقم 1842..!!
- لا شيء يفنى أو يُخلق من عدم..!!
- مديح العام 2011..!!
- البيان والتبيين في خلافة المسلمين..!!


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - وإن كره الكارهون..!!