أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - المقولات التي تفقد معناها في العرض المسرحي















المزيد.....

المقولات التي تفقد معناها في العرض المسرحي


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


العالم قرية صغيرة..
عبارة اختصرت مقولات النظام العالمي الجديد، الذي تمكنت فيه التكنولوجيا من الكشف عن أسرار الدول وسياساتها، وبذلك لم يعد بإمكان الطبقات السياسية في العالم الاحتفاظ بأسرارها إلى أجل غير مسمى، كما هو الحال مع العديد من الاسرار التي ظلت مختبئة في أدراج السياسيين على مدى نصف قرن أو أكثر.
وعلى العكس من ذلك فقد إختصرت العولمة تلك المرحلة من التاريخ السياسي.. وباتت اللعبة السياسية اليوم مكشوفة امام المتلقي الذي صار مشاركاً فاعلاً في صناعة القرار السياسي في الدول المتقدمة طبعا وذلك من خلال قدرته على نقد السلوك السياسي على مستوى الافراد والمؤسسات، والعمل على كشف فضائح السياسيين وسلوكياتهم، كما هو الحال مع فضيحة الرئيس الاميركي بيل كلينتون وغيرها من فضائح الفساد والتي كان أخرها الوثائق السرية التي كشفها موقع ويكيليكس الالكتروني.
الأمر الذي أحدث العديد من المتغيرات على مستوى العالم، وبات فيها سلوك السياسي تحت مجهر الرقيب، الأمر الذي دفع بالسياسيين إلى اتخاذ أقصى درجات الحذر ومراقبة سلوكياتهم في الحياة العامة، ولم تقتصر هذه الظاهرة على الدول التي تتخذ من الديمقراطية منهجاً وسلوكاً، بل أن الأمر تعداها ليشمل العديد من البلدان التي كانت تعيش تحت الحكم الشمولي والتي يعد العراق من أبرزها، فبعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 تصدى للحكم العديد من السياسيين المعارضين لذلك النظام، إلا انهم لم يكونوا بعيدين عن سلطة التكنولوجيا الاعلامية التي صار المشرفون عليها يسعون إلى الكشف عن خفايا السلطة السياسية الجديدة..ومن هذا المنطلق جاءت مسرحية فقدان تأليف مخلد راسم و غسان اسماعيل وتمثيل فكرت سالم، امير أبو الهيل،ليلى فارس، أمير عبد الحسين، غسان اسماعيل ، وسينوغرافيا جبار جودي إخراج غسان اسماعيل والتي قدمت مؤخرا على قاعة المسرح الوطني في بغداد، بهدف الكشف عن سلوك السياسي العراقي.

فرضيات النص ومقولات العرض

استندت فكرة النص على توظيف الاحداث التي تتوافر بشكل ملحوظ في نشرات الاخبار المحلية، والتي باتت القنوات التلفزيونية تتنافس في نقل تفاصيلها الدقيقة وبخاصة تلك التي تتعلق بسلوك السياسيين على المستوى العام والخاص، وقد إختار المؤلفان الكشف عن التناقض الذي يدور في أروقة السياسة العراقية على وجه الخصوص، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال التقسيمات التي اقترحها النص إبتداءً والتي تمثلت في مكوناته السياسية الثلاثة الكبرى الشيعة والسنة والأكراد وعلى الرغم من ان المؤلفين لم يعملا على تطوير هذه التقسيمات وتوظيفها في منظومة النص »العرض ، إلا أنها كانت واضحة المعالم من خلال وجود الشخصيات الثلاث التي يشير كل منها إلى مكون سياسي معين، ومن جهة اخرى فإن مقولات العرض أقترحت أبتداءً توظيف العلامات الدلالية التي تمثلت في لعبة كرة القدم والتي جاءت في المشهد الأول من اجل الإحالة إلى الصراع الذي ينتج عنها لكي تمنح العرض أرضية خصبة من اجل التوسع في ذلك الصراع، وعلى الرغم من ان جميع اللاعبين كانوا في فريق واحد في إشارة إلى انتمائهم إلى وطن واحد يسعى كل منهم إلى أخذ حصته من الآخر، وعلى العكس من ذلك فإن الاستخدام المفرط للمفردة اللغوية صديقي والتي عمل المخرج على التأكيد عليها داخل منظومة العرض إلا ان سلوك الشخصيات كشف عن أفعال تناقض مضمون تلك المفردة اللغوية التي تحمل معنى دلالي واضح، وذلك من خلال افعال الشخصيات فيما بينها والتي تكشف في كثير من المشاهد عن عدم الثقة بالآخر »السياسي »الصديق ، ومن جهة فإن النص »العرض كشف عن وجود شخصية الاب الذي لعب دور السلطة العليا التي تتحكم بالسلوك العام للمكونات السياسية التي تمثلها تلك الشخصيات، كما انها منحت هذه الشخصية عمقاً تأويليا يحيل المتلقي إلى التفكير بالعديد من القوى التي تحاول فرض هيمنتها على المجتمع العراقي، ولم يعمل المخرج على تحديد هذه القوى لكي يضم الدول المجاورة وحجم تدخلاتها في السياسة العراقية من جهة و الدول الاقليمية وهيمنتها على القرار السياسي والكتل السياسية العراقية من جهة اخرى .
أن حجم الصراع بين القوى السياسية في العراق لم يمنعها من الاشتراك فيما بينها من اجل اللعب بمصير الشعب الذي ينتظر ان تتغير احواله الاقتصادية منذ سنين طويلة، وقد كشف العرض عن حجم الفساد المالي والإداري الذي يمارسه السياسيون في الداخل والخارج، بحجة التفكير في المواطن العراقي، وقد بدا ذلك واضحاً في مشاهد عدة من بينها مشاهد الطائرة، والملهى الليلي، المطار .

سينوغرافيا العرض والتوظيف التقني للمكان

إعتمد مصمم السينوغرافيا على البناء المشهدي في تشكيل منظومة العرض البصرية، وقد بدا ذلك واضحاً في العديد من المشاهد التي كان أبرزها التحولات البصرية من مشهد إلى اخر سواء على مستوى التغيير في الشكل البصري او على مستوى المضمون الذي يطرحه النص، فضلا عن ذلك فإن توظيف الدخان الصناعي في مشاهد تحول المكان من ساحة كرة القدم إلى أروقة السياسيين واجتماعاتهم من خلال تبادل الازياء من جهة وتغيير منظومة الاضاءة من جهة اخرى، وقد أفاد المصمم من تقنيات المسرح التي أسهمت على نحو واضح في تطوير الشكل البصري للعرض، وبخاصة مشهد الطائرة الذي أفاد فيه السينوغراف من قدرة خشبة المسرح الوطني على الحركة بشكل دائري الامر الذي كشف عن تحول في الزمان من جهة والمكان من جهة أخرى كذلك هو الحال مع مشهد العجلة البخارية الستوتة والتي كان توظيفها داخل فضاء العرض منسجما مع تقنيات خشبة المسرح والفكرة التي أراد المخرج تقديمها، إذ كانت العجلة تعمل على العكس من حركة خشبة المسرح في إشارة إلى ان المشتغلين في السياسة في بلادنا لا يتحركون مع الحاجات الملحة لشعوبهم بل إنهم يتحركون على وفق احتياجاتهم الخاصة فحسب، لاسيما وان مشهد الستوتة ذاك كان قد كشف عن قدرة السياسي العراقي في ابتكار مشاريع جديدة تسهم على نحو فاعل في تعليم الانسان العراقي كيفية التعبير عن موته المجاني، فضلا عن ذلك فإن توظيف الرسومات التشكيلية لاسيما الدلالية منها وبخاصة اللوحة التي تحمل العديد من الاقنعة ؛ تشير إلى قدرة السياسي على تغيير شخصيته بين حين وآخر بحسب ما تقتضيه المصلحة الحزبية او الفئوية او المناطقية كما هو الحال مع تلك الاقنعة التي تحمل صفات مختلفة لشخصيات متنوعة.

الاداء التمثيلي وفرضية المكان

على الرغم من الامكانيات التقنية المتوافرة في قاعة المسرح الوطني والتي أفاد مصمم السينوغرافيا منها والتي لعبت دوراً واضحاً في الكشف عن الاشتغال البصري، الذي أسهم في التعاطي مع الافكار التي أراد المخرج تقديمها، ألا ان ذلك لم يمنح الممثلين في هذا المكان حرية الحركة على الرغم من الفضاء الواسع الذي كان متاحاً أمامهم، ويعود ذلك إلى ان المخرج اشتغل على منظومة مكانية مغلقة لم تكن به حاجة إلى هذا الفضاء الفضفاف والذي أسهمت الاضاءة في الكشف عنه لتحوله في العديد من المشاهد إلى مساحات فارغة وغير موظفة لصالح العرض ذلك ان نص العرض يحيل المتلقي إلى تلك العوالم المغلقة المليئة بالخفايا، فكان على المخرج الاهتمام بمقترحات النص، لاسيما وانه قد شارك في كتابته، إلا انه إتجه في العرض نحو كشف الفضاء من دون تفعيله حتى غدا الممثلون في حيرة من أمرهم، فضلا عن ذلك فإن المنظومة الصوتية خذلت بعضهم على الرغم من محاولاتهم إيصال الحوار، وذلك لأن تمركز الممثلين كان في وسط المسرح وهي مسافة بعيدة نسبياً عن المتلقي، ويبدو ان المخرج كان مدركاً لخطورة الموقف، لذلك نراه يلجأ في عدد من المشاهد إلى استخدام النك مايك من اجل مساعدة الممثلين على تفعيل الاداء الصوتي الذي إعتمد عليه على نحو أساس، وعلى الرغم من الاختيار غير الموفق للمكان فإن تباين الاداء بين الممثلين كان حاضراً من حيث السلوك الادائي للممثلين وقدرتهم على تجسيد شخصياتهم، فقد كشف لنا العرض عن قدرة تمثيلية متميزة امتلكتها الممثلة ليلى فارس والتي استطاعت الاداء باللغة العربية والكردية على حد سواء، فضلا عن امتلاكها امكانيات صوتية وجسدية منحتها الفرصة في تقديم الشخصية كما هو مطلوب منها.
ولم تسهم القدرات التمثيلية التي يمتلكها الممثل امير ابو الهيل في تطوير الشخصية التي يؤديها ويعود ذلك إلى عجز المنظومة الصوتية لديه في إيصال الملفوظ النصي على نحو سليم على الرغم من ان سلوكه الادائي الحركي كان فاعلاً في مشاهد عدة .
اما الممثل فكرت سالم فقد عمل إلى خلق تنويعات في الاداء على المستوى الصوتي والحركي وقد أسهم ذلك في الكشف عن تاريخ الشخصية، وبخاصة الجانب الفسيولوجي منها لاسيما وأن المخرج قد اظهر الشخصية وهي مصابة بعوق نتيجة لظروف سياسية سابقة، الامر الذي اتاح فرصة للممثل في التفاعل مع هذه الشخصية، إلا ان الوقوع في فخ المكان دفع بالممثل فكرت سالم إلى التكرار في النمط الادائي حتى انه فقد السيطرة على الايقاع في مشاهد عدة، كذلك هو الحال مع باقي الممثلين الذين فقدوا الحس الايقاعي في مشاهد عدة لم يتمكن المخرج فيها من السيطرة على المنظومة الادائية لديهم، وليس بعيدا يقف الاداء الانفعالي للممثل غسان إسماعيل حاملاً معه الكثير من المبالغات والتوترات التي اسهمت على نحو واضح في استحضار التوتر إلى خشبة المسرح، فارضاً دوره الاخراجي وهيمنته على العرض ومتناسياً دوره التمثيلي الذي كان ينتظر المتلقي فيه حضوراً أدائياً متميزاً كما في تجارب تمثيلية سابقة.
وختاماً لابد من تقديم الأمل للعاملين في هذا العرض.. على الرغم من ان الفقدان الذي كنا نصبو إليه لا يبحث في صالونات السياسيين بقدر ما يبحث في اوجاعنا إلا اننا ندرك جيدا ان حياة السياسي هي مرآة تتقاطع مع أوجاعنا .



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة الجنون ولذة العسل ..في مسرحية أيام الجنون والعسل
- جماليات بريخت في مسرح ابراهيم جلال
- المخرج الانتقائي في المسرح العراقي
- مسرحية روميو وجوليت في بغداد .. مقترحات طائفية تغازل الثقافة ...
- دلالة الحركة وجماليتها في مسرح عوني كرومي
- الصورة تعيد إنتاج الحلم في تجارب صلاح القصب المسرحية
- مسرح فاضل خليل :بين النص الواقعي والرؤية السحرية
- الفيلم العراقي (كرنتينة) صناعة الواقع من ذاكرة لا تموت !!
- مسرحية ( البَرَدة ) : جماليات المكان وحدود الاشتغال التأويلي
- (ندى المطر) عرض مسرحي يتجه نحو المجهول !
- (فيس بوك) :عرض مسرحي بعيد عن تكنولوجيا التغيير
- الإيقاع المسرحي في عرض خارج الزمن
- مسرحية (camp ) : محنة الرفض والقبول في الثقافة العراقية
- -غربة - سامي عبد الحميد على خشبة المسرح
- المؤسسة الرسمية تفتح الأبواب للمزورين
- مونودراما الممثل الواحد في مخفر الشرطة القديم
- رؤى ومعالجات إخراجية للأزمة الاقتصادية في مهرجان القاهرة الد ...
- جلسة مسرحية في الجحيم !
- -نصوص خشنة- : تقرأ الماضي بعيون المستقبل
- المعنى المفقود في الأسطورة*


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - المقولات التي تفقد معناها في العرض المسرحي