أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الحرية وتطبيق الشريعة














المزيد.....

الحرية وتطبيق الشريعة


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 18:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحرية هي أن تكون حراً في اختيار أن تفعل ما تشاء، كل ما تشاء، حتى وإن لم تستطع فعله فعلاً. إذا كنت تريد، بمناسبة حلف د. محمد مرسي اليمين، أن تصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية، أنت حر. ما سيحول بينك وبين رئاسة الجمهورية هي فقط قدرتك أنت على أن تبلغ هذه الغاية. الحرية محدودة دائماً بالقدرة. كذلك الحرية محدودة بشيء آخر، حرية الآخرين. إذا أعجبتك امرأة في الشارع وأردت أن تنكحها، أنت حر. لكنها هي أيضاً حرة، من منطلق أنها إنسانة مثلك ولها نفس الحق مثلك تماماً في التمتع بالحريات الخاصة، وعليها نفس واجبات المواطنة مثلك تماماً أيضاً. إذن، ما الحل؟ أن توافق حريتها حريتك، بعدئذ فقط يمكن أن تنعقد عقدة النكاح بينكما. لكن الأمر قد لا ينتهي عند ذلك الحد. يوجد شرط آخر لابد أن يتحقق حتى يكون هذا النكاح شرعياً وقانونياً: المصلحة العامة؛ القانون العام هو الفاصل الوحيد ما بين الزواج والزنا. هكذا تكون الحرية الشخصية، حريتي أنا أو أنت أو هو أو هي أو نحن أو هم، مقيدة بحريات الآخرين المتفقين أو المختلفين معنا، وبمصلحتنا جميعاً كتلة واحدة، أو المصلحة العامة. أنظمة الحكم الديمقراطية تصون الحريات الشخصية المختلفة، وتصون في الوقت نفسه المصلحة العامة، التي تمثل مصلحة الجميع داخل الوطن الواحد.

في المجتمعات الإسلامية ذات الأغلبيات السكانية المسلمة، مثل مصر، ثمة إشكالية تواجهها اليوم في التوفيق بين الحريات الخاصة المتناقضة من جهة، وبينها وبين المصلحة العامة التي لا تتطابق بالضرورة مع المجموع الحسابي للمصالح الشخصية الفردية. هناك، مع تدشين هذه المرحلة الإسلامية الواضحة، من، ربما أغلبية عددية، يريدون إقامة الدولة الإسلامية الصريحة، عبر تطبيق الشريعة وجعل الدين مرجعية الدولة. هؤلاء، بحكم حرياتهم الشخصية، وبحكم أغلبيتهم التشريعية وغلبتهم السياسية، ربما يحق لهم أن يقيموا وأن يطبقوا ما يشاءون. لا جدال أن حقوقهم في الحرية الشخصية الفردية تكفل لهم ذلك. لكن، من جهة أخرى، المصلحة العامة، مصلحة الجميع ككتلة واحدة داخل نفس الوطن، لا تكون أبداً مجرد حاصل ضرب الحريات الفردية في إجمالي عدد السكان. المصلحة العامة منفصلة بذاتها حتى عن مكوناتها الأفراد.
على سبيل المثال، إذا جئت بدورق من الماء الصافي الأبيض يضم بلايين ذرات الهيدروجين والأكسجين، ثم سكبت فيه ما نسبته فقط 1% من مركز عصير البرتقال، هل نسبة الواحد بالمائة تلك تركت التسعة وتسعون على حالها السابق، أم حولتها، وتحولت هي بالضرورة معها، إلى شيء جديد تماماً؟ في قول آخر، إذا كان 99 بالمائة من الأفراد المصريين يريدون تطبيق الشريعة، لكن لا تزال نسبة لا تتجاوز الواحد بالمائة لها إرادة مغايرة، أبداً لن يكون حاصل جمع المصلحة العامة (99%+1%) معبراً عن الـ99% أو عن الـ1%. مؤكد ستكون النتيجة مختلفة عن هذا وذلك، مثلما تحول الماء الأبيض إلى عصير برتقال أعلاه.

كي لا يفهم من كلامي هذا، كما يروج بعض الدعاة الإسلاميين زوراً، أن الأقلية المسيحية، مهما كانت نسبتها، تقف في طريق تحقيق أحلام الأغلبية المسلمة بتطبيق شريعتها، أوضح أن نسبة مركز عصير البرتقال المعارضة أعلاه لا ترتبط أبداً بالدين المختلف فقط. المعارضة والاختلاف ظواهر بشرية طبيعية، وصحية، داخل ذات الأديان وذات النظم السياسية الواحدة؛ ستجدها حتماً في كل بلاد العالم، في دول بعيدة عن التعددية مثل إيران والسعودية وتركيا واليابان والفاتيكان، أو في دول قائمة ومزدهرة على التعدد والتنوع العرقي والديني والثقافي مثل أمريكا والهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا. الاختلاف والتباين سمة طبيعية وأساسية وسط الأفراد والتجمعات. وعبر التاريخ الإسلامي، بسبب خلافاتهم، قتل المسلمون من أنفسهم أكثر بكثير ممن قتلوا من أتباع الأديان الأخرى. في هذا السياق، يجب أن لا ينسى المسلمون الاقتتال الدموي بين علي بن أبي طالب وأنصاره ومعاوية بن أبي سفيان وأنصاره؛ وبأيدي من، وكيف، كانت نهاية الأسرة الحاكمة الأولى، أو الخلافة الأموية؛ ومن كتب نهايات العباسيين والأندلسيين والفاطميين والممالك والأتراك...الخ؟ مشكلة الإسلاميين في مصر مع المسلمين مثلهم، ليست مع المسيحيين.

مع أنني فرد مسلم مثلك، إلا أن اختياراتي السياسية قد لا تكون مطابقة لاختياراتك بالضرورة. علاوة على ذلك، حتى لو كانت اختياراتي السياسية مطابقة لاختياراتك، وبمعجزة ما كانت اختياراتنا نحن جميعاً المسلمين متطابقة تماماً لبعضها البعض، رغم ذلك تظل المحصلة الإجمالية لمجموع اختياراتنا السياسية، أو بتعبير آخر "المصلحة العامة" العليا، لن تكون أبداً مطابقة لمجموع تلك الاختيارات الفردية المتطابقة. المصلحة العامة، وإن كان أساسها مجموع مصالح الأفراد، إلا أنها منفصلة، وقد تكون مختلفة، بالضرورة عن مصالح الأفراد وأمانيهم وأحلامهم. في قول آخر، الكل أكبر من مجموع أجزائه.

ختام القول، حريتي أنا محدودة بحريتك أنت، وحريتنا نحن الاثنين معاً محدودة بحرية الكل مجتمعين، أو المصلحة العامة. النظام الديمقراطي لا يضحي بحرية لأجل أخرى، ولو كانت حرية فرد واحد مقابل المصلحة العامة لملايين البشر، طالما كان لذلك الفرد الواحد الحق في أن يمارس حريته. كذلك النظام الديمقراطي يعرف كيف يوازن ويصون الحريات جميعها، مع المصلحة العامة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امسك...إسلامجية حرامية
- آلهة شياطين
- بسم الدين وبسم العلم...نخون الوطن
- وماذا لو حكم الأخوان؟
- من ثورة مدنية سلمية إلى زحف إسلامي ترهيبي
- هزيمة مشروع الإسلام السياسي في مصر من الجولة الأولى
- أسطورة الإله...أسطورة الوطن
- أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية
- تحالف المشروع الأخواني-السلفي، نعمة أم نقمة؟
- أسطورة القوانين الوضعية والشرائع السماوية
- السيادة أين، للدستور، أم الشريعة؟
- رحمة الله عليك يا مبارك، كيف تعدمون ميتاً؟!
- في مصر، صراع وجودي بين الله والإنسان
- شفيق ومرسي، بالكرسي...إلى الجحيم


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الحرية وتطبيق الشريعة