أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى البستاني - نقوش الحب والجسد ، قراءة في مجموعة - أبشرك بي - لانتصار سليمان















المزيد.....



نقوش الحب والجسد ، قراءة في مجموعة - أبشرك بي - لانتصار سليمان


بشرى البستاني

الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 00:08
المحور: الادب والفن
    


نقوش الحب والجسد
قراءة في مجموعة انتصارسليمان
"أبشرّك بي "
**
أ. د. بشرى البستاني
**

أنعم الله على البشرية بالشعر و الفنون جميعها ليعرف كل انسان ذاته سواء بما يكتب بها وعنها ام بما يقرأ في هذا الميدان، و بما ان الروح و مكنوناتها هي اقصى المنى التي تسعى الفنون لوصول حدوسها و التقاط اشاراتها، فان هم الشعر كان و ما يزال متجها نحو هذه المديات الرحبة بحثا عن اسمى التجليات و ارقى المراتب في درجات تلك الروح وبوحها , و كان لدخول المرأة عالم الشعر عبر العصور اثر في انتاج ملامسة عاطفية اكثر عمقا و ابعد مدى بما ينسجم و طبيعة المرأة التي شكلتها ظروف و إيديولوجيات قد تتباين قليلا او كثيرا عن ظروف الرجل و الترسبات الثقافية و القيمية و الدافعية التي تلعب ادوارها في حياة كلا المخلوقين داخل اطار وحدة النفس الانسانية .
ولن ابتعد عن موضوعي لأخوض في سمات خطاب المرأة الادبي و هل هو متماه بخطاب ادب الرجل او مباين له من خلال الكتابة بقوانين لغة واحدة , أو بما تفرضه الكتابة النسوية لا النسائية من التزام بوعي خاص هو الوعي بالذات الانثوية وبهويتها وحقوقها وضرورة تحررها ووقوفها وسط الحراك الحياتي ذاتا لا موضوعا للتد اول به او عنه ولا أداة للجنس او المتعة او التكاثر،يضاف لذلك مهمة اخرى لا بد من تحققها بشكل محايث كي تأخذ المهمة الاولى مداها هي العمل بمثابرة على نقد وتعرية البنى المتخلفة القابعة في مضمرات كل الخطابات التقليدية سواء المكتوب منها بأقلام الرجال أم بأقلام نسائية تابعة ، تلك البنى الموروثة والسائدة والمتمكنة من المجتمع عبر مؤسساته كافة آخذة بتلابيبه ومحرضة على استمرار حضورها فيه ، الا انه لا بد من التاكيد على قضية مهمة اذا لم تشتغل في الشعر و الفنون فان ذلك الغياب سيلحق كارثة بهما ، فالخصوصية و الاختلاف ضرورتان مهمتان ليمتلك كلٌّ اسلوبه و ليميز عمله من اعمال الاخرين على على مستوى الجنس الواحد .
أقول هذا وانا ادخل الى مجموعة الشاعرة السورية انتصار سليمان الموسومة (ابشرك بي .. ) (1) و ليس بخاف ان العنوان بنية مستقلة لكنها متواشجة مع المتن مهما تباينت الآراء في وظائفه من التفسير الى التمويه والتشويش والمفارقة ، إلا أنه يبقى ثريا النص سواء اتصلت به اتصالا مباشرا أو تأويليا ، إنه أول ما يستوقف قارئ النص و العتبة التي يلج من خلالها الى فضاء متنه ، فضلا عن كونه الاشارة المبأرة التي تدفع بتياراتها الى المتن ,وتستلم من المتن تياراته الصاعدة اليها مما يوثق العلاقة الجدلية القائمة بينهما , و لما كان العنوان هنا جملة فعلية نسقية تامة التركيب كونها تتألف من فعل مضارع + فاعل مستتر (انا) + مفعول به ( الكاف) + جار و مجرور (بي) فان هذا التمام التركيبي مواز لتمام الدلالة الكامنة في محمول الفعل بشّر الذي يحتوي دلالة السرور و الفرح ( بخبر جديد سار , او ولادة جديدة سارة ) من جهة و من جهة اخرى فان المرأة المبشرة حسب لسان العرب هي المرأة التامة الكاملة في كل شئ ، اما توجه الفعل في سياق الخطاب فان غياب حركة الكاف فتحة او كسرة في ( ابشرك ) يترك المخاطب عائما ما بين التذكير و التأنيث ، فالفتحة تتوجه نحو مخاطب مذكر هو الرجل الذي ربما كان نفسه الذات التي تحركت حولها نصوص المجموعة و ربما كان رجلا خارج نصي تعمد الراوية الى اسعاده بولادتها الجديدة من خلال النصوص التي طرحتها المجموعة ، اما الكسرة التي تتوجه نحو مخاطبة مؤنثة فانها تأخذ مسارين كذلك : الاول ان في الجملة تجريدا بلاغيا اذ تبشر الشاعرة نفسها بولادتها الجديدة و الفنان يولد من جديد عبر كل عمل جيد من اعماله الفنية ، وا ما انها تخاطب انثى عصرها مبشرة اياها بولادة عمل فيه ثورة على عوامل السلب و بشارة بولادة عوامل ايجاب ، لكن العنوان من ناحية دلالية لا يتوقف اشتغاله عند هذه النقطة لان دلالة الفعل أبشر لا تقتصر على التبشير بما هو سارٌ ومفرح بل قد يتحول الى الضد ليوحي بما هو شديد السوء من الاخبار ( فبشرهم بعذاب أليم ..آل عمران:21) و سيكون في ذلك ما يسوء المخاطب او المخاطبة و ما يغيظهم معامن طروحات المتن التي تحكم عليها كاتبتها بدءامن الغلاف بان فيها من الجدة المحتملة ما يوحي بالاثارة ايجابا او سلبا ، فطروحات التحرر و الانعتاق و التحديث لا تسوء الرجل السكوني حسب بل هي تسوء المرأة الساكنة كذلك ،فالرؤية الانثوية وعيا وفعلا وارادة مخيفةٌ في مجتمع صيغ وعيه ذكوريا وبنيت قيمه أبويا،لان الانوثة رؤية شاملة للعالم وليس هي حديثا عن الجسد أو الحب أو تحرر المرأة اجتماعياواقتصاديا او حضورها في الميدان الثقافي....
احتوت المجموعة على سبعين قصيدة ما بين قصيرة مركزة و متوسطة وطويلة ، و توزعت على مئة و ثمانين صفحة ، غلب عليها الطابع التاملي الوجداني ، و سادها بوح عميق ، معتمدة آليات فنية متنوعة ، فمرة لجأت الى الضربة و المفاجاة ومرة زخرت بالمفارقة و اخرى عبرت بالرمز مفيدة من الفنون البلاغية في اداء مراميها لكنها في كل ذلك كانت تسعى الى حل الروابط الساكنة التي طال التعاقد فيها بين الدال و المدلول ، ليكون انفراط الدلالة واحدا من سمات حداثة هذه المجموعة مرشوشة بعطر الانوثة و طراوتها ، تقول في مقطوعة شرفة و سقف :
يانعةٌ زنابق صدرك ..
بللت وجهي بالندى
ثم رشفتني بالعبق
أعنّي ..
شرفتي مشرعة ٌ
وسقف أحلامك واطئ
و السنى يتدّفق ..... (ص:49)
ان المقابلة مابين ( شرفتي مشرعة / و سقف احلامك واطئ) تلخص البؤرة الدلالية التي دارت حولها التجربة الفنية و هي تشكل التناقض القائم بين رؤيتين متباينتين سعة و ضيقا فشرفة الانوثة مشرعة مفتوحة اشارة لقدرة غير محدودة على الاحتواء والعطاء والاستقبال، لكنها تصطدم بسقف واطئ من الاحلام و التطلعات لدى المخاطب مما يحدّ من فاعلية الشرفة على التحقق كونها تصطدم بما يعيق سعيها وتدفقها بينما يظل مشروعهاٍ مفتوحا على المستقبل يتواصل بتدفق السنى ..وتقول في مقطوعة نقش :
ما تركه السهر
على وسادتي ،
هو تماما ...
ذلك الذي نقشته العيون ....!! (48)
فما الذي طرزته العيون على وسادة امراة مؤرقة ؟ و لماذا لا تقول لنا الراوية ذلك
إلا بطريقة المسكوت عنه من خلال اسم الاشارة والاسم الموصول (ذلك الذي....) مما يوفر غلالة تلف الدلالة وتغري بالبحث عنها..كاتبة داخلها المكثف بايحاء يوفر
لها عناصر الشعرية و هي تعزف بسلاسة على محوري الاختيار و التأليف اذ تنتقي المفردة بذوق يتسم بالعذوبة و بالرشاقة كذلك لتؤلفه في سياق شديد الايجاز :
سارمي من شباك قلبي / وردة
حتى تتعثر برائحتي
فانا منسوبة اليك .. (48)
هكذا تتجه الانوثة دوما صوب الاتساع الذي يؤهلها للعطاء و التفتح ، فالقلب ليس مضغة مقفلة على وظائف بايولوجية ، انه يصير في الشعر افقا له شبابيك و نوافذ مفتوحة اذ يمتزج الترميز بالتراسل الوظيفي للحواس ( تتعثر برائحتي ) ، بالكشف الواعي عن نبض الرؤية الشعرية .
ان شعر المرأة يدخل الى الحب من باب مشرع، ويتلون بالوانه فرحا ووجدا وخسارة وفصلا، انه في شعرها رائد الجمال والارادة والنشاط الروحي،وهو كما هورائد العطاء والتفتح فانه رائد الفكر الخلاق والقوة المبدعة والموقف الفلسفي كذلك ،من هنا قال الفيلسوف والمفكر الامريكي امرسون...ان النساء هن ممدّنات الانسانية ،والمدنية تطّرد تقدما باطراد قوة النساء الفاضلات...(2) واذا علمنا ان المدنية لا تصنع الا بإرادة الحب التي تطلق ارادة الحياة والعمل، فاننا ندرك خطورة هذا الشعور الخلاق في صنع انسان ومجتمع متحضرين....ولما كان الحب مهددا دوما بمخاطر التغييب والخسائر فهو رفيق الحزن واللوعة والوحشة :
مشغولة بك...
وعاتبة على جسدي
لانه لا يحتويك...
وأراك تفرد اجنحتي وتقول :
حلقي الى منتهى الروح...
حلّقي...فلو لم تكوني حبيبتي
من أنا ...ومن سأكون..
وأفيق من حلمي
على شمس علت شباك بيتي
فلا اراك ..أنادي باسمك...
واقول....هل كنت في هدأة النوم
تسري في دمي
ولكن متى غادرت فراش الروح...
وما زلت أراك تنثر ازاهير قبلاتك
على وسادة خيبتي...... (133)
ان من اهم سمات الشعرية هذا التركيز،التكثيف ،الايجازالذي يوحي بالاثارة ويحفز على البحث والتنقيب عن الاسباب المغيّبة داخل النص وهي تبتعد كليا عن التفاصيل
التي أودت بهذا الحب للخيبة وكسرت منطقة التوازن بين الذات والحبيب دافعا المتلقي الى الدخول بنفسه الى عالم الحب الأبهى والاشمل منقبا عن الاسبابٍ التي لا يأبه الشعر الا بالرؤى المنبثقة عن الشعور بلواعجها...ان قدرة الانسان على الحب تتطلب حالة من التوتر واليقظة والحيوية الدائمة وهي مسائل لا يمكن ان تكون الانتيجة نزوع مثمر وفعال في مجالات الحياة الاخرى فالحب نشاط روحي وحيوية خلاقة،وهو ليس اي نشاط ،انه النشاط الباطني الشجاع والتوظيف المثمر لقوى الانسان،ولذلك فهو فعل من افعال الايمان الذي هو شرط من شروط الوجود الانساني وقديما عرف نيتشة الانسان بقدرته على الوعد وعلى إثمار الحب في الاخرين والوثوقية به، والايمان يقتضي الشجاعة والقدرة على المخاطرة والاستعداد حتى لتقبل الالم وخيبة الامل(3) من اجل كسر جدار الانفصال الذي يهدد الانسان خارج جنة الحب الوارفة، وقهر عوامل القطيعة التي هي مصدر كل قلق وعذاب...
والحب في الحياة وفي الشعركحاله دوما يعيش نار اشتعاله في الغياب والغموض والمقدس، فاذا أدام القربَ اوشك ان ينطفئ، وعند فلا سفة العرب كان كل ما في الكون يتكون ويتحرك بالمحبة ،وان العشق هو الصلة الطبيعية الوحيدة التي تصنع حالة التوازن والتجاذب بين الافلاك ، أما الاجرام والبروج والكواكب والاجسام والدوائرفقد توافقت على غرار علاقة أعضاء الجسم الانساني وما ذلك إلا قوة عشقية (4).....

و الشاعرة لا تنسى معاناتها الذاتية في مجتمع يستلب منها الفرح و الشعور بالامن و يداهمها دوما بعين الرقيب:
اشهرت لكم جسد قصيدتي عاريا
ممتشقا هسيس لهفة الالهة..
فتخضرُّ بها الشعاب اليابسة ..
مددتم ألسنة ثعابينكم الملساء..
كزجاج ابنيتكم
لتنفث على همومي
كل هذي السموم ......(47)
اذ تعرب المقابلة بين موقفين ، موقف الراوية و موقف الاخرين عن عمق الهاوية الفاصلة بين الطرفين حيث يتألق الاول صدقا و خضرة وعطاء ، في حين ينكفئ الثاني على الشر و الغدر و القطيعة .واذا كانت القصيدة هي الكلمة والكلمة هي الروح فان الذات الشاعرة تُسقط نقاء روحها من الزيف والاقنعة والتغليف على القصيدة لتمنحها جسدها لكن هذا الجسد بالرغم من نبله سيُقابل بالحقد والعدائية..
ان الجسد هو محور إدراج الانسان في نسيج العالم،والمرتكز الذي لا بد منه لكل الممارسات الاجتماعبة والثقافية ،ولذلك لا بد من الاشارة الى ان هناك تعددية اجساد بتعددية الثقافات ومع ذلك فان البنى الانثروبولوجية المشتركة تدع نفسها تتنبأ من خلال تغيرات الاشياء أن الجسد بناء اجتماعي وثقافي لم تُعط مطلقا حقيقته النهائية لانه يشبك تجلياته ومكوناته بالرمز الاجتماعي(5). من هنا كان اشتغال الجسد في الادب العربي مثلا يختلف عن اشتغاله في اي ادب يعيش واقعا آخر، كما ان اشتغال الجسد في نص كاتب معين يختلف عن اشتغاله عند كاتب اخرمباين التكوين والثقافة والظروف ،ففضاء الاعضاء في نصوص المبدعة العربية كثيرا ما يكون حيزا للالم والوجد والحرمان والشكوى:
خمسين سنة....
وقنديل قلبي
يفتش عن كف رحمة...
تمسح جبيني المتصدع.......(21)
...........
جسدي مسجى فوق أكف هاربة...
جسدي ضئيل...
لا يقوون على رفعه من ثقل الالم.....(145)
إن الالم الجسدي والروحي الذي تعانيه المرأة بشكل عام والمبدعة بشكل خاص هو ألم متأت أكثر الاحيان من القطيعة القائمة بين ماهومطلوب بالضرورة وما هو متاح على وجه الواقع،سواء على المستوى الفردي او الجماعي،فهي ما تزال تفتقد الجو الانساني الذي يوفر لها الشعور الآمن بانسانيتها وبحقيقة الاقرار بعطاءاتها الجمة التي ظلت حتى اليوم غير معترف بها إلا على المستويات الاجرائية او الرمزية والتزيينية اكثر الاحيان ، وحتى على المستوى الاكثر خصوصية وفي الجانب الذي يبني كيانها الداخلي ويمنحها الامتلاء والتوازن لا تكاد تجدعند الرجل ماتحتاجه في هذا الجانب وأعني الحنان الذي تمنحه هي بلا حدود، فقليلٍ من الرجال الواعين من يدركون ان المرأة تحتاج مشاعر الحنان اكثر مما تحتاج المال و الجنس وقد اثبتت دراسات عديدة هذا الامر من خلال التحليلات التي أجريت على نساء متعبات في هذا الجانب:
ما ارتديت معطفا يقيني الوحشة..
ويحميني من شتات البلاد ،
وصقيع البيوت
ويهديني للطرقات المفروشة بالامل..
ما ارتديت حتى الان...
معطفا يفعل كل هذا....
غير نظرتك الحانية.......(62)
وهي تدرك اشكالية العلاقة في هذا الجانب بوضوح حين تؤشر الخلل:
اقترب لأتفيأ ظلك...
لكنك...تتكور على ذاتك...(40)
ان اهمية حضورالجسد في الادب تكمن في كونه هو الذي سيحقق فردية الفرد وخصوصيته ويميزه عن الاخرين وعن العالم أيضا،انه الرابط للانسان مع كل الطاقات المرئية وغير المرئية التي تجوب العالم،فالجسد ليس كونا مستقلا منكفئا على ذاته لكنه ميدان لقوة ذات قدرة على التأثير على العالم.....(6) ولذلك فهو يشتغل على البهجة كذلك مستمدا من بهاء الحب طاقته:
في جيب الريح خبأت عنك عطوري
وفي ليالي لهفتي خبأت لك
قمر عيني الجميل...
وفي لون الربيع ٍخبأت عنك وجهي .....
اذ يلعب النص لعبة الخفاء والتجلي حينما يحجب ويجلواذ يتداخل السلب بالايجاب
في جدلية التناقض الاليف عبر مقابلات شعرية تنزع نحو البوح واللهفة.
و تظل الجدران قدر المرأة في العالم كله و ليس العالم الثالث حسب بالرغم من كل التقدم الذي أحرزته في ميادين شتى في طليعتها العلم و العمل و المشاركة الا ان سلطة منظومات القيم التقليدية المتخلفة ما زالت تشكل عوائق قسرية تحول بين النساء و بين الاندفاع بكل طاقاتهن نحو بناء الذات و الحياة معا :
كبلهاء لا يليق بها
الا قضم اظافر عمرها ...
انقّب في اعماقي عن حصى ذي اشعاع
اخضب به بركة سكوني
و الجدران صامتة .......
و اسئلتي تكرج حول الروح
كثمر يتساقط من غصنه
في قمة النضوج ......(153)
هكذا حين تتعب المراة المبدعة من مقاومة عوامل السلب في حياتها و في مجتمعها تتسلل اليها الوحشة و يطلع بأس من حولها يكرس جدران القطيعة بينها و بين حركية الحياة ، لكنها لا تستسلم بل تلجأ الى الداخل باحثة عن بؤر الضياء في اعماقها ، عن حصى الحلم تحرك به سكونية ايامها ،وقوة الحصى هي أمنية الشعر والشاعر العربي القديم من(أمنية ابن مقبل)(7) في العصر الجاهلي قوة وتماسكا وقدرة على المجابهة حتى اليوم ، لكن اسئلتها الوجودية لا تقطف ثمارها في موسم القطاف و افراحه لانها تتساقط بعبثية ، مهدورةً في عز نضجها ، وتلك اشارة لعزلة مفروضة و قطيعة مرضية يكرسها الفعل المضارع المستمر في ( يتساقط ) الذي يتيح امتداد الفه زمنا صعب التسلق و بطيئا و اكثر امتدادا من الفعل( يسقط)، كما تكرسها الجملة الاسمية التي تبث السكونية و الاحباط و الثبوت في استمرار الحواجز الجدرانية المنيعة ...
إن الابداع الاصيل لا يخضع ابدا لعوامل الانفصال و لا يرفع راية الأفقار لان الكلمة – الحرية ستظل رمزا للحياة و رديفا للامل كونها صانعة الابداع والمعرفة وكانزة شعاع الحضارة ، انها الكلمة الجسد كونها تختزل وظائفه في التغيير والفاعلية وهي الكلمة الروح لانها تختزن ارادتها ، ولذلك ينهض الحب منجَز الحرية الأبهى ومؤازر الكلمة التي يبوح بها ليكون علامة الخلاص بوجه الهزيمة و التردي :
وحدك ايها الناسك
ايات قلبي تتوضأ بوِرد همسك
بقربك امتلك كوكب العشق
لتدنو مني المواسم ...
فاقطف من حضورك فاكهة النشوة ...
بقربك تتدفق ينابيع الموسيقى من جسدينا
و لا شئ يوقف هذا الرقص .....(176ٍ)
هنا يصير المحبوب ناسكا ، ويصير القلب رسولا يمتلك اياته و يتحول الهمس الى أوراد ذكر تنجز مهمة ماء وضوء طهور في سلسلة من التحولات التي تعد واحدة من أهم سمات الشعرية لان فقدان التحول سيؤول باللغة الى السيمياء حيث التعاقد بين الدال والمدلول في لغة اشارية محكمة واذ يرقى الحب الى مستوى العبادة تتمكن الكلمة من احتواء طاقة الحياة لتكون خلاصا من الموت في الحياة ، و لتغدو كلمات الحب سلاحا للمقاومة في معركة الانسان المحاصر و هو يدافع عن كرامة انسانيته المهدورة ، ويدخل الجسد ليصير بموسيقى الحب سلما نحو السمو بالروح و هي تتألق بحركية رقصة كونية لا يقوى على ايقافها احد ، ان انفتاح النص على الاجناس الفنية الاخرى و القدرة على احتوائها يعمل على اثرائه و تكثيف مستوياته الدلاليه فحضور الموسيقى و الرقص عملا على تداخل محور التحولات الفنية من خلال رؤية صوفية تمزج المتناقضات في دائرة مقفلة على النشوة ليسود الانسجام بين ما يبدو متناقضا ظاهريا في المستوى التركيبي او البنية السطحية بينما يتلاحم كل شئ في البنية العميقة لان التجربة الحداثية حسب المنظرين لها هي تجربة اندماج بالعالم لا تجربة وصف للعالم ، و هي تجربة فعل يتحقق لا تجربة انفعال عابر ،و تجربة كشف عن وجود يواصل حضوره وتالقه ، لا تجربة وصف لموجود ، ولذلك فهي تجاوز و صيرورة مستمرة ترفض التوقف و الانفصام لانها تجربة خلق باللغة اكثر مما هي تعبير و ارتسام . ان الجسد الذي يتحول بتواصل الحب الى موسيقى هو نفسه الجسد الذي يتحول الى قبر بالقطيعة بينما تتحول الايام بالزمن النفسي للذات الشاعرة الى جثث مكفنة :
هذا الجسد القبر ...
ما عاد يتسع لاكفان ايامي ......(36)
ان النفسي يحيا ويجد فضاءه بالجسدي ومعه يعيش الوعي بالاشياء والظواهر،فالجسد والحياة والروح ليست تشكلا لثلاثة انظمة من الوجود المستقل وانما هي ثلاثة مستويات من الدلالة او ثلاثة اشكال من الوحدة لا تراتبية قيمية بينها ،فالجسد ليس آلة منغلقة على نفسها يمكن للنفس أن تفعل فيه من الخارج بل هو يتحدد عبر اشتغاله الذي يوفر له درجات من الاندماج في مستوى اعلى هو مستوى الحياة،لذلك فهو حق انساني وجدلية حياتية،وفضاء من نوع خاص ينفتح على العالم ويضفي عليه من معاني وجوده الكثير(.8).
ان تلون التعبير عن فعالية الجسد بتأثير الحالة النفسية في البنى الفنية يؤكد حقيقة الاختلاف في ردود الفعل الانساني تجاه الفعل الواحد مما يشير الى حيوية النص الذي يحتضن عبر حركية فضائه تناقض الاشارات واختلاف الرؤى التي
توجهها التجربة الداخلية لذات الراوية مما يهيئ الجسد لاحتواء دلالات متباينة الابعاد ، كثيفة الطبقات ، لا تخضع لحدوده الفيزيائية بل تتجه عبر سيا قي التشكيل و القراءة اتجاهات عدة، منها ما يتعلق بالمقدس و الديني و القيمي معيدا طرح العلاقة بين الذات و الاخر، مؤسسا لعلاقات شتى ،ومعبرا عن صلة الذات بكينونتها مرة و بصميم هويتها الثقافية أ خرى ، إنه يتشكل عبر النصين السابقين تشكلا مباينا فمرة يعزف و يرقص و اخرى يتحول بسكونيته وو حشته الى قبر ، في الاولى تشكله حالة حب حركية و في الثانية ترديه القطيعة ، فالجسد الانساني في الأدب ليس كتلة من اللحم و لا حيزا معينا لانسان محايد ، انما يشير في مدلولاته المتنوعة الى شبكة مؤثرات ، فهو ليس علامة على انتاج فسحة زمانية تستدرجه اليها قدر ما يكون هو نفسه واهبا لهذه الانفراجات و التطلعات المنفتحة على امل طافح بحياة عارمة مما يؤكد ان االجسد ليس سكونا محايدا و انما هو ملاء مسكون بعلامات تكسبه قيما ثقافية معينة ...(9) ان حضور فالجسد في نصوص المرأة المبدعة يشكل في الأدب موقفا ذا بعدين : تأويلي تزامني يتعلق بمعاناة الذات في لحظة زمنية بعينها هي لحظة البوح التي يشكلها النص باللغة ، و بعد ثان هو البعد التفسيري التتابعي الذي يتجاوز اللحظة الى ملاحظة التطور ، و البحث عن الاسباب و المرجعيات في سياق الزمن الجاري منذ الازل حتى وصلنا مشبعا بالترسبات و الوقائع و الاحداث ، ولذلك فالشاعرة إذ تحس بحضور هذا الجسد الذي لم يكن لها علاقة به من قبل نتيجة القسر التاريخي و التغييب المستمر الممارس ضده تعلن احتفالها كثيفا .. رقصا و عزفا و فرحا من نوع خاص ، فالموسيقى فن التجريد الاول الذي يأخذ بيد الانسان الى العلا مخلصا اياه من اعباء الموجود الارضيٍ المادي الثقيل ، و الرقص فن يحقق الانسجام بين الجسم والعقل والمشاعر من جهة ويحقق التناغم بين ما هو ارضي وسماوي، بين الإنسان منفيا في الارض و بين وجوده الاصلي في جنة فردوسية :
تمنيت ان أكون المزمارَ
ايها الراعي ...
لينموَ الحب اكثر ،
و ترقص الحياة ......(37)
اذ تواصل سلسلة التحولات الفنية فعلها ليتحول الجسد هذه المرة الى مزمار،وليكون فعل الصوت بثا ، والسمع تلقيا واحدا من فضاءات الانتشار والديمومة المهمة وليكون الجسد في الصميم من لعبة التداخل الاجناسي ما بين العزف على الناي ورقص الحياة....ويتجلى بوح المرأة بألمها الذاتي عن طريق الوظيفة التعبيرية باستعمال ضمير المتكلم (أنا) الذي يشكل الخصوصية الادبية للكتابة النسائية حسب تودروف،من حيث ان موضوع العلم الادبي ليس هو الادب بل هو الادبية، فاحالة الكاتبةالى مركز ذاتها ادبيا يشخص التمركز الواقعي لأنويّتها في المجتمع التقليدي منذ الانفلات من الوأد الجاهلي الى الاشكال المعاصرة للوأد الذي أقام الفصل المفتعل بين الجنسين...(10) لكن هل ينضوي جسد الشاعرة ضمن الاجساد الاعتيادية الاخرى؟؟ ربما أجاب النفريّ عن ذلك يوم قال : "أرواح العارفين لا كالارواح،وأجسامهم لا كالاجسام " (11)ذلك لانه جسد يتسم بحساسية مرهفة ،وخصوصية تجعله عرضة لاستجابات شتى لعل التناقض كامن في صميمها فضلا عن كونه جسدا يتجدد بكل شعور، ومع كل نبض يتشكل تشكلا جديدا، استجابة لنوع الفعل المثير والطارق والطارئ سواء أكان ذلك المثيرداخليا أم من الخارج ،وهذا ما يؤكد ضرورة التعامل مع الجسد تعاملا انسانيالايعزله عن مشاعره واحساساته ولا يفرغه من محتواه ومن مضامينه الانسانية ليكون الاحتفاء بالانوثة فعلا جوهريا يشتبك مع نبض الحياة وليس ادعاء أو احتفاء بالأعراض وجمال الاعضاء التي ما تلبث ان تتحول الى اشياء ظاهرية أداتية تزول قيمتها بعد الانتهاء من فعلها ذرائعيا ، بينما تشكل الأعضاء في الحقيقة النبض الحي للروح الانسانية والكشف المتجلي للظواهر النفسية من خوف او تأمل او فرح او تأزم وتوتر،نقرأ ذلك بلا صعوبات ولاواسطة من الفكر المفاهيمي فنحن نعرف بعضنا بقراءة كلية فورية لتعابيره الفيزيولوجية ، وتعلمنا تجربة الخوف او الخجل أن الاضطرابات البدنية في جهازي التنفس والدم تتمظهر في الجسد، في العين واليد والصوت واننا نقرأ تعابير الوجه وندرك الإجهاد او الارتياح او الحزن بلا تجميع لعناصر وجزئيات ، فالوجه أداة اتصال غير لغوية (12) وكذلك اشاراته والكفان والسواعد وما اليها...
ان على الادب النسوي ونقده أن يقوما مع تحقيق الهدف الجمالي بمهمة تفكيك الهندسة الاجتماعية القائمة على تنميط حياة المرأة في البيت والعمل والمؤسسات عامة وعلى مستوى علاقتها الشخصية مع الرجل أبا وأخا وحبيبا وزوجامن اجل رفع مستوى حضور المرأة من الانسان التابع والجسد الوعاء،ومن اللهاث وراء المساواة بالرجل التي باتت من أجلى البديهيات الى المستوى الانساني الحواري الذي يمتلك طاقات يتمكن النهوض بها نحو الفعل المتحرر المسؤول ونحو الابداع إنتاجا ذاتيا وليس تقليدا لتجربة أحد بل تناصا وإفادة من كل الخبرات التاريخية التي يمكنها التفاعل معها والتأثر بها والتأثيرفيها من أجل صنع تجربة الانثى الخاصة والمتفردة التي تعمل بحق على إزالة تراكمات مشاعر الضعف والدونية والتهميش ومقاومة ترسبات الأكراه و الأرغامات وهيمنة العاطفي والكيدي التي زخر بها تاريخ المرأة زورأوتعطيلا واستلاباً عبر العصور،لتستعيد هويتها الانثوية الناهضة بانسانيتها الحرة وإرادتها المتحررة معا ، فالمرأة المتحررة بحق تدرك ان التجربة الايجابية التي بنتها النساء الواعيات على قلتهن -لأسباب معروفة شتى- في الوطن العربي والعالم هي مطمح الكثير من الرجال،وان الابداع والاقدام ليس حكرا على احد ولا هو مشروط بجنس أو نوع ، ولذلك كان تطور إبداع المرأة وسيظل رهين إرادتها الحرة في العمل المثابر على ترصين موهبتها بمتابعة المعارف وتعميق الرؤى واقتحام الخبرات التي لا تتحول الى منجز الا بالتفاعل مع الحياة .




الهوامش والمصادر:
(1)-دار الينابيع ،دمشق ، ط 1،2004 .
(2)-فلسفة الحب عند العرب ، عبد اللطيف شرارة،22 ، منشورات دار مكتبة الحياة،بيروت،ط 1 ، 1960 .
(3)-فن الحب ،أريك فروم ،ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد 190، 197،دار العودة،بيروت ،ط 1 ،1972 .
(4)- صنم المرأة الشعري،البحث عن الحرية ويقظة الانثى،ظبية خميس، 15 ،دار المدى للثقافة والنشر،دمشق،ط 1، 1997.
(5)-انثروبولوجيا الجسد والحداثة،دافيد لو بروتون ،ترجمة محمد عرب صاصيلا،
183 ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر،بيروت ،ط 1 ، 1993.
(6)-المصدر نفسه،31 .
(7)-ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
والشاعرالجاهلي هو: تميم ين مقبل ،ديوانه،تحقيق د.عزة حسن، 273 ، وزارة الثقافة والارشاد القومي ، دمشق ،1962 .
(8)-الجسد والصورة والمقدس في الاسلام،فريد الزاهي،23 ،افريقيا الشرق،بيروت،
المغرب،1981 .
(9)- جماليات الصمت في أصل المخفي والمكبوت،ابراهيم محمود،110،مركز الانماء الحضاري ، حلب، ط 1، 2002 .
(10)-الجسد ،نصوص مترجمة ،هشام الحاجي ، 55ٍ ، دار نقوش عربية، تونس ،د.ت.
(11)- المواقف والمخاطبات،محمد بن عبد الجبار النفري ،تحقيق آرثر آربري ،تقديم وتعليق عبد القادر محمود،68،الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة ،1985.
(12)-هتاف الجسد بين الحرية والتحرر،عبد النور ادريس،انترنيت، موقع محمد اسلي .



#بشرى_البستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة القدس
- في الغياب أتعثر بأنوارك
- فتنة
- رجاءات
- وفي كفيك ترقد النجوم
- جماليات الذاكرة وجدلية الحضور،قراءة في عينية الصمة القشيري
- زمنية التشكيل الشعري .. مقاربة في ديوان خليل حاوي
- انسجامات
- تحليل النص
- قصص قصيرة
- جيماتُ الوجد
- وعند ابن رشد فصل المقال
- عاريةً إلا من حبك ..
- هذا الضياع يدخلني في النشوة
- لئلا ينطفئ البرق
- المرأة العربية والربيع المأمول
- مواطنة المرأة العربية ، شعارٌ أم قضية ..
- النقد وإشكالية الحداثة
- إبداع المرأة بين الخصوصية والسؤال


المزيد.....




- روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن ...
- من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى البستاني - نقوش الحب والجسد ، قراءة في مجموعة - أبشرك بي - لانتصار سليمان