أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر السوداني - قصة قصيرة














المزيد.....

قصة قصيرة


جابر السوداني

الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 17:12
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

عيدان عامل بناء فقير من أهل الثورة يكدح بشرف ويجني رزقه بعرق جبينه لم يؤذي أحدا طوال عمره وحيد ليس له إلا زوجته وأربع بنات جميلات وطالبات مدارس كان يحبهن ويحسن تربيتهن ويحرص عليهن ويصطحبهن معه في الأعياد إلى زيارة المراقد الدينية والمتنزهات ، وهن يجتمعن حوله حين يعود عصرا من عمله يمسحن عن وجهه عناء يومه المتعب ويقاسمهن طعامه ويمازحهن بإلفه تجعلهن مطمأنات للمستقبل ،
ظل عيدان سعيدا وراضيا حتى جاء المشؤوم مسؤول البعث في القطاع الذي يسكنه عيدان وبلا سبب أو مبرر ناصبه العداء وكان لا يفوت مناسبة من مناسبات البعث الكثيرة إلا ويطرق باب عيدان ويهدده بالسجن إذا لم يشارك فيها فمرة يوم النخوة ومرة يوم الزحف الكبير ومرة يوم الفتح الخطير ولخ وعيدان كان يتقيه بلباقة ومسكنة وذات يوم طرق هذا ألبعثي باب عيدان في الساعة الواحدة ليلا ومعه مجموعة من صغار العبثيين مسلحين ببنادق كلاشنكوف ويرتدون بدلات عسكرية (زيتوني ) فتح عيدان الباب فأحاطوا به وسحبوه بصمت بعيدا عن باب منزله وزجره مسؤول القطاع وقال له يا عيدان أنت رجل خارج على (خط الحزب والثورة)
فأيقن عيدان بخطورة الأمر والتفت إلى الوراء لعله يحظى بنظرة وداع من وجوه بناته وزوجته لكنهم سحبوه ولما أحس بالضعف ابتلع ريقه بصعوبة وقال برجاء واستعطاف (استحلفكم بروح الحسين أن تعفون عني أنا صاحب بنات ورجل كبير السن ومستعد أن ادخل في - خط الحزب والثورة- )
فرد عليه مسؤول القطاع ( عليك أن تتطوع في قاطع للجيش الشعبي وتذهب غدا إلى جبهات القتال وبذلك تكون قد وضعت قدميك تماما على بداية (خط الحزب والثورة )
بعد أن وصلوا به إلى مقر المنظمة الحزبية انقطع رجاءه من عائلته وأمضى بقية ليلته محتجز وخلال ساعات الليل تزايد عدد المحتجزين معه ووضعوهم في حافلات مدنية تحيطها قوة من الانضباط العسكري حتى لا يتمكن احد من الهرب وتم تزويدهم بالتجهيزات العسكرية والسلاح وقبل شروق الشمس تحركت الحافلات متوجهة بهم إلى قاطع ( الشوش ) وبعد مسيرة تواصلت حتى متنصف النهار توقفت في احد مقرات القيادة الرئيسية للجيش وأمروهم بالترجل وارتداء الزي العسكري ثم شحنوهم في سيارات حمل عسكرية نوع إيفا لتواصل بهم المسير نحو الحدود العراقية الإيرانية في منطقة الشوش
في الغروب وصلت بهم الإيفات إلى نهاية المطاف لم يخطر ببال عيدان أن هذه هي ليلته الأخيرة في العراق وان العودة إلى زوجته وبناته أصبحت مستحيلة ومع طلوع الفجر اجتاح الإيرانيون قاطع الشوش برمته وأسروا عشرات الآلاف من أفراد الجيش الشعبي بضمنهم (عيدان ومسؤول القطاع أيضا ) وتمكن الإيرانيون من إخلاء الأسرى وأرسلوهم إلى العمق الإيراني ، ولما شاهد عيدان مسؤول القطاع محتجزا معه في قفص الأسر شعر بالقلق وقال وهو يطيل النظر إلى السماء (اللهم تعهدني برعايتك الكريمة وارحمني برحمتك يا ارحم الراحمين ولا تسلط عليّ هذا ألبعثي يظلمني مرة أخرى ) ثم قال مع نفسه إننا في الأسر وإذا آذاني لن اسكت له انه بعثي ولا يستطيع أن ينكر
وفي اقل من أسبوعين تحققت مخاوف عيدان وانظم ألبعثي إلى جماعة التوابين وأصبح يتنمر من جديد بطرق عجيبة غريبة وذات مرة جاء إلى عيدان وقال له ( اسمع يا عيدان أنت رجل خارج عن - خط الثورة والإمام -)
فرد عيدان قائلا ماذا حدا مما بدا بالأمس كان (خط الحزب والثورة) واليوم أصبح (خط الثورة والإمام) لكن التوابين سحبوا عيدانا من فراشه في الليل وضربوه بقسوة حتى أدموا انفه ورأسه وتورمتْ عيناه ثم أعادوه إلى فراشه وانصرفوا عنه
أمضى عيدان بقية ليلته يئن وفي الصباح استجمع كل شجاعته وذهب إلى العبثي التواب وصاح به أمام الجميع (ماذا تريد مني؟ في العراق كنت تركب على ظهري وهنا أيضا تركب على ظهري؟) فقاطعهُ التوابُ قائلا ( وعندما نعود من الاسر إلى العراق سأضل أركبا على ظهرك أيضا لأني أصلح لكل الأزمان والمناسبات )



#جابر_السوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيانة ام غباء
- قصيدة لا تصلح للنشر
- وجهة نظر اخرى
- رحلة التكوين
- معادلة
- تساؤل سابع
- وجهة نظر
- الرجوع
- قصيدة ليست طائفية
- ضعاريط البعث وارد بدر السالمم انموذجا
- يا شهقة الآس
- اين العبرة فيما يجري
- قصيدة لمرأة من تونس
- عشق آخر
- الموئل الاخير
- أمنية مستعصية
- الأسس التي قام عليها مذهب التشيع
- رسائل عبر الموبايل
- سمراء
- سيدة الجات


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر السوداني - قصة قصيرة