أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نافذ الشاعر - الخرافة في الأديان















المزيد.....

الخرافة في الأديان


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 10:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لا شك أن التوحيد هو أصل كل الديانات السماوية، وقد أفنى الأنبياء حياتهم وجل أعمارهم لنشر هذه العقيدة بين الناس، أما بعد موت الأنبياء وانقطاع الرسل فقد بدأت البدع والخرافات تتسربان إلى عقائد الناس من جديد، وبدأ الناس يبتعدون عن الدين الحق ويخلطون فيه الكثير من البدع والخرافات حتى أصبحت الخرافة هي السائدة. ولو ألقينا نظرة سريعة على الكتاب المقدس أو العهد القديم على الأخص لوجدناه تكريسا لهذه البدع وتلك الخرافات.. فتم هناك تسجيل للبدع والخرافات في أوج انتصارها واعتبارها الدين الحق، فبعد أن ابتعدَ الناس عن الدين الحق وادخلوا فيه الشرك والبدع.. جاء الكاتب في عصور الانحطاط وبدأ يسجل الواقع كما هو موجود على اعتبار أنه الدين الحق، وبعد ذلك أصبح العهد القديم (كتاب مقدس) وأصبح هو المصدر الأول للتشريع، وبهذا تكرست البدع والخرافات في أبهى صورها.

تماما مثلما تنتشر في الأرياف لدى العجائز بعض الطقوس السحرية لمناسبات معينة عند الولادة أو عند المرض، أو عند الزواج، أو عند الموت.. فتقوم بعض النسوة الحكيمات بعمل طقوس معينة بشكل مبهم يضفي عليها مزيدا من الغموض والابهام والجلال لدى من يشاهدها..
إن أمثال تلك الطقوس لا تكتب؛ إنما تتوارث بين الناس بالتجربة والمشاهدة، وكذلك فإن أغلب العجائز التي تقوم بأمثال تلك الطقوس لا يعرفن الكتابة ولا القراءة، ولذلك فإن هذه الطقوس في طريقها إلى الاندثار والزوال شيئا فشيئا..
لكن المشكلة تكمن عندما يمارس هذه الطقوس الذين يكتبون بأيديهم الكتب المقدسة ويملكون حق الشروح والتفاسير، فعند ذلك تصبح هذه الطقوس شيئا مقدسا وعقيدة من العقائد..
نأخذ على سبيل المثال ما ورد في سفر اللاويين من قذف دم المعزة بعد ذبحها في عكس اتجاه الهيكل، ومثل وضع اليد على رأس المعزة والاعتراف بالخطايا ثم إرسال هذه المعزة إلى الصحراء..
أو ما كان يفعله بعض الأحبار من تلطيخ العصافير بالدماء وإطلاقها في الصحراء زاعمين أنها تأخذ خطايا الشخص وأوزاره، فقد ورد في الكتاب المقدس:
(يأخذ لتطهير البيت عصفورين وخشب أرز وقرمزا وزوفا، و يذبح العصفور الواحد في إناء خزف على ماء حي، و يؤخذ خشب الأرز والزوفا والقرمز والعصفور الحي ويغمسها في دم العصفور المذبوح وفي الماء الحي و ينضح البيت سبع مرات، ثم يطلق العصفور الحي إلى خارج المدينة على وجه الصحراء؛ فيكفر عن البيت ويطهر) (سفر اللاويين 14/49-54)

هذه الأفعال يسترزق من ورائها بعض الأشخاص الذي يمارسون الطقوس الدينية، بشكل سحري، حيث يربطون في أذهانهم بين أمور لا رابط بينها، كما أنهم يضفون على الجمادات الروح والحياة، وهي نفسها الطقوس التي كان يمارسها بعض المشعوذين الذين يقومون بعمل الأحجبة والتمائم والتعويذات، وقد سُجلت تلك الأشياء في كتب صفراء تنتشر بين الناس على أنها كتب السحر.
فلو نظرنا إلى المثال السابق في العهد القديم، لوجدنا أن الكاتب قد ألف بين أشياء لا تجتمع أصلا، وأضفى على الجميع روحا حية؛ حيث يقوم الكاهن بإحضار عصفورين، فيذبح أحدهما أمام أهل البيت، ثم يأخذ العصفور الآخر فيغمسه في الماء وفي دم العصفور المذبوح، فكأن هذا العصفور قد أخذ كل الخطايا أو الأمراض من البيت، ثم يطلق العصفور ليذهب بعيدا بهذه الخطايا!
فهذا تصور خرافي لا عقلاني؛ عندما يُعتقد أن الخطايا أو الأمراض أشياء محسوسة، تؤخذ بشكل حسي لتعلق في رقبة عصفور؛ ليلقي بها بعيدا عن أهل البيت.
لكن القرآن الكريم قد فند تلك المزاعم وعاب على أصحابها سلوك هذه السبيل؛ حيث وصف أن الطائر لا يذهب بهذه الخطايا بعيدا، إنما يبقى مربوطا في رقبة صاحبه مهما غاب عنه، فإنه لابد عائد إلى صاحبه محملا بخطاياه وأوزاره يوما ما، فقال تعالى:
{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ؛ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً}الإسراء13
كما أنه خاطب بني إسرائيل الذين كانوا يعتقدون بهذه الأشياء قائلا إذا كنتم تظنون أن العصفور يطير بخطاياكم وأوزاركم حقا؛ فهو لا يطير بها إلى الصحراء؛ إنما يطير بها إلى الله ليحتفظ بخطاياكم وأوزاركم عنده ليوم الحساب:
{وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ؛ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ، وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}الأعراف131

نأخذ مثلا قصة الطيور التي قام إبراهيم بتقطيعها للاستدلال على قدرة الله في الإحياء والإماتة، كما صرح بذلك القرآن الكريم.. لو جئنا للمقارنة بين مغزى ورودها في القرآن الكريم ومغزى ورودها في العهد القديم، لتبين لنا الفرق الشاسع بين المعنيين؛ فيقول سفر التكوين: (فقال أيها السيد الرب بماذا اعلم أني ارثها؛ فقال له: خذ عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشا ثلاثيا ويمامة وحمامة، فاخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه.. ولما صارت الشمس إلى المغيب وقع على أبرام سبات وإذا رُعبة مظلمة عظيمة واقعة عليه.. في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقا قائلا: لنسلك أعطي هذه الأرض؛ من نهر مصر إلى نهر الفرات..) (إصحاح 15اية 8)

هكذا تحولت هذه القصة في التراث اليهودي في عصر البدع إلى قصة دنيوية، الهدف منها وراثة الأرض والمال والسيطرة.. وليس الهدف منها الإله الحق الذي يحي ويميت.. وهكذا قل في كل قصص التوراة أو العهد القديم..

أما قبل مجيء المسيح عليه السلام، فقد كان بنو إسرائيل هم الشعب الذي يرفع لواء التوحيد، وكانوا هم الذين يحملون كلمة الله في الأرض، وإن كان لهم هفوات كثيرة أو سقطات خطيرة، لكنهم برغم ذلك كانوا أفضل الشعوب في ذلك الزمان، وكان بين الحين والآخر يقوم فيهم أنبياء وعظماء يذكرونهم بالشريعة ويتحولون فيما بعد إلى قدوة حسنة لهم، ومنهم داود عليه السلام، برغم تشويه التوراة لصورته، بأنه زاني ومحبا النساء ومخادع.. فهذا كلام خاطئ لأن التوراة كما قلنا سجلت في عصر البدع، فسجلت هذه الحكايات الشعبية وكأنها عقائد..

ومثلما شوهت التوراة صورة أنبياء بني إسرائيل، شوهت كتب التاريخ الإسلامي صورة المسلمين، كالبداية والنهاية، وتاريخ الطبري، والمسعودي والواقدي.. فالتوراة تحولت إلى كتب تاريخية تشرح سيرة هؤلاء الملوك، ولكن هذه السيرة كانت مليئة بالأكاذيب والمبالغات والافتراءات والسرد الشخصي من وجهة نظر كاتبيها، فأصبحت هذه السيرة وكأنها حقيقة من الحقائق. وكذلك كتب التاريخ الإسلامي شوهت صورة المسلمين لأنها مليئة بالأكاذيب وأخطاء الرواة..
وكما قام المسلمون بالفتوحات لنشر الدين الإسلامي وفرضوا الجزية على غير المسلمين، كانت أيضا فتوحات بني إسرائيل، في عهد الأنبياء، مثل داوود عليه السلام، فقام داوود عليه السلام باتخاذ القدس عاصمة لمملكة إسرائيل وأحضر فيها تابوت العهد، وقام بتوسيع مملكته عن طريق الفتوحات العسكرية فاستولى على أرض الآراميين والمؤابين والعمونيين في شرق الأردن، كما تمكن من فرض سيطرته على دمشق، وأجبر حاكمها على دفع الجزية وأنشأ صداقة مع مدينة حماة في أقصى الشمال، وفينيقيا في الشمال الغربي، ومع الفلسطينيين بعد أن انتصر عليهم!

ففي عهد هؤلاء الأنبياء كانت الفتوحات بهدف نشر الديانة اليهودية أو التبشير بدين التوحيد، أما في عهد الملوك غير المتمسكين بالشريعة اليهودية، فكانت الفتوحات تتم للسلب والنهب والقتل، كما حدث في التاريخ الإسلامي، لكن المهم أن هذه الفتوحات سواء في عهد الأنبياء أو في عهد الملوك من غير الأنبياء، قد تم تشويهها في الكتاب المقدس ورويت حكايات وقصص لا أساس لها، كما تم ذلك في التاريخ الإسلامي..
وقام هؤلاء الأنبياء كداود وسليمان بتوحيد مملكة إسرائيل بعد أن كانت متفرقة ونشروا العدل والتسامح بين الناس، ولكن بمجرد موتهم عاد القتل والقتال والضعف يدب في صفوفهم من جديد، تماما كما حدث مع المسلمين في عصور التدهور والانهيار..
لاشك أن كتب التاريخ تحوي كثيرا من الباطل والزيف والكذب بين طياتها، فقد شوهت صورة الإسلام والمسلمين، لأن المؤرخ كان لا يهمه إلا جمع الأقوال والراويات المثيرة التي تجعل من كتابه مثيرا وجذابا، وكان يتعذر على الكاتب آنذاك التثبت من صدق الروايات، لانعدام الوسائل الحديثة والميديا والكتب والمطبوعات..
فهذه الكتب التاريخية الإسلامية شوهت صورة الإسلام بما أوردته في طياتها من البذخ والترف والمعارك والحروب، تماما كما حدث في الكتاب المقدس، الذي تحول إلى كتاب تاريخ ينقل لنا معارك شاؤول وصمويل وداود، حيث أضفى على هذه المعارك الكثير من التهاويل والمبالغات التي لم تثبتها مصادر غير التوراة، وبالتالي أصبحت هذه الحكايات في الكتاب المقدس أو في العهد القديم على وجه الخصوص وكأنها حقائق وعقائد، ولكنها في حقيقة الأمر ما هي إلا مجرد حكايات وخرافات تم المبالغة فيها إلى حد عجيب.
وقد سار المسلمون بسيرة قريبة الشبه من سيرة بني إسرائيل في العهد القديم، فكان المسلمون يشبهون بني إسرائيل وملوك بني إسرائيل فتجد بلاد المسلمين تعلو وترتفع، أو تسقط وتنحدر حسب الخليفة الذي يمسك خلافة المسلمين إلى أن جاءت الضربة القاصمة ألتي أدت إلى سقوط الخلافة الإسلامية.

إننا لو تتبعنا سيرة موسى عليه السلام، في العهد القديم وما بعده لوجدناها مطابقة تمام التطابق لواقع المسلمين بعد قيام الدولة الإسلامية:
فقد توفى موسى عليه السلام بعد أن أكمل الشريعة لبني إسرائيل وقاد بعده يوشع بن نون كفاحه ضد الكنعانيين إلى أن تمكن من دخول أرض فلسطين، وبعد ذلك جاء عهد القضاة والملوك، ومنهم صمويل وشاؤول وداوود وسليمان وغيرهم.. وكانت بنو إسرائيل عبارة عن مملكة مفككة لا تقوى إلا عند قيام ملك قوي كداود أو صمويل فيعيد ترتيب صفوف بني إسرائيل من جديد وينشر الشريعة والسماحة والعدل، فإذا مات هذا الملك أو النبي أو الحكيم.. رجع بنو إسرائيل إلى عصر الانحطاط، ولكن الكتاب المقدس تحول إلى أسفار تاريخية تتحدث عن سيرة هؤلاء الملوك، لكنه للأسف لم يكن كتابا تاريخيا محايدا، حيث روى القصص الخاصة بأخبار الملوك والقضاة بمبالغات ومغالطات شوهت صورة هؤلاء الأنبياء والملوك والحكماء..
كذلك حدث للمسلمين بعد أن توفى النبي صلى الله عليه وسلم فتولى زمام الخلافة الخلفاء الراشدون وهم يقابلون ملوك بني إسرائيل، وأقاموا الدولة الإسلامية وفتحوا البلاد ونشروا العدل، وبعد موتهم دب الخلاف بين الملوك والحكام، وضعفت الدولة الإسلامية في فترات كثيرة، وكانت تقوى أحيانا عندما يستلم زمام الأمور ملك عادل قوي شجاع، وبقي الأمر على هذا المنوال إلى أن سقطت الخلافة الإسلامية على يد كمال أتاتورك.



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يأجوج ومأجوج
- الإسراء والمعراج إشارات علمية ونبوءات مستقبلية
- ساعة بيولوجية تدق للصلاة
- الإنسان وحرية الإرادة
- مفهوم -اللوح المحفوظ- في ضوء العلم الحديث
- تأملات في ملة الصابئة
- ما هي الروح


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نافذ الشاعر - الخرافة في الأديان