أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الوهاب القريشي - الجزء االثامن ( الإعصار الأسود )














المزيد.....

الجزء االثامن ( الإعصار الأسود )


عبد الوهاب القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 21:22
المحور: الادب والفن
    


ا
عبد الوهاب القريشي
أنا أخطو بألم شديد مثل ابو جلمبو في آخر القافلة التي تسير نحو المجهول ، من دون هدف ٍ محدد أو مكان مقصود ومن الغرابة أن تجد أن الناس تتبعنا زرافات ووحدانا..لقد رأيتُ ذلك الشيخ المريض جارنا هو الآخر خلفي وتعب العمر متسجد في نظراته وثقل المرض يخطو معه وهو يرتجف جاحظ العينين من شدة الرعب ..عيناه تومضان بأكثر من علامات إستفهام هائلة وعتاب خفي موجه الى رب السماوات والرحمة والسلام ؟! وبدلا من أن نتجه الى بداية الطريق المودي الى مدينة كربلاء يممنا صوب الحي الاخير ( حي الجزيرة)....نواصل السير من دون توقف..بينما رفض بعض الشباب مغادرة الاحياء ..قائلين نفضل الموت هنا طالما أحرقت مقدساتنا ..اسمع ذلك والألم المقيت يدمر كياني ويدمر أيضا إحساسي بالزمن بدون تفكير لا ندري أين نمضي ففي أثناء سيرنا من بعض الأحياء ونحن نتساءل أين إتجاه بداية طريق كربلاء لم يجبنا أحدٌ سوى الأرض المملوءة حجارة والرمال وبقايا هياكل لعربات قديمة محطمة ..ثمة آثار لدبابات ومصفحات عسكرية قد مرت أثناء الليل لم يزل أثر سرفتها يمزق وجه الأرض لعلها هي الأخرى تأخذ حصتها من التدمير...
صاحت إمرأة : أليس طريق كربلاء تريدون؟؟
قال : أخي : نعم
فأشارت الى جهة أخرى لكن صوتها ضاع ويبدو انا الوحيد اسمعها كما اسمع الإنفجارات القريبة نسبيا ...إذ أنَّ المتقدمين في سير عائلتنا سبقونا الى حي الجزيرة ...وإمرتي ظامئة تشكو الجفاف الملازم لها نتيجة الرعب بين آونة وأخرى تواصل إبتلاع قليلاً من الماء تبلل ريقها وقد انهكنا التعب من مواصلة السير جلسنا في بداية شوارع حي الجزيرة ولا ندري أيَّ مكان ٍ سيظللنا** ** ** **
حتى في هذه اللحظات الثقيلة ما فقدت النساء بعض ما يتصفن به من ثرثرة جارحة وكأنَّ بينهن حربا ً بدلا من أن تسود الإلفة والتعاون...جاءت إمرأة تسأل عن أحوالنا وأخبار الناس ولماذا غادرنا أحياءنا في وسط المدينة ، قلنا لها : ألم تسمعوا بإخلاء المدينة ؟؟قالت المرأة: لا لم نسمع..وأنتم اين تتجهون؟
ليس لدينا نهدف أو مكان نأوي إليه
قالت : لدي بيت فارغ حسنا لتلتقطوا أنفاسكم فيه ويمكنكم المكوث فيه ليلة أو ليلتين ثم واصلت حدثها
: امكثوا فيه حسب حاجتكم فالبيت لا يشغله أحد
شكرنا وسرنا خلفها وقضينا ليلتين في دار المرأة المحسنة ، وطوال اليومين لم نجد ما نقتات به سوى الذرة والعنب المجفف..وترتسم على وجوهنا المحنة الصعبة...ونحن ما بين مرضى وتعب يهد العمر وتوتر الأعصاب هو تحصيل الحاصل سائد في تفاصيل حياتتنا وسلوكنا ...تذكرتُ نعمة الأمان ..وبيتنا الطيني...وزمان الطفولة تلك الأزمنة الزاهية بالرغم أنّ أدوات التربيهية والرفاهية لم تكن متوفرة آنذاك..
عند عودتنا بدى لنا الطريق أكثر طولا ومعنا بعض الناس يعودون الى منازلهم في قلب المدينةونحن الى دارنا الذي أستجره أخي والغريب صادفتنا مجموعة من الاهالي وهم يتجهون الى حي الجزيرة الذي عدنا منه....
مررنا برجال المدفعية وهم يصوبون مدافعهم نحو قلب المدينة..كأنهم يقاتلونها ىبتصميم غريب هم جنودنا الأخوة الأعداء ...ينظرون إلينا كنظرة الغزاة..أحقاً هم جيشنا العراقي؟ ولماذا ينظرون لنا بنظرات غير طبيعية ..أو كأننا لاجئون ودخلنا أرض غير عراقية ..يا للسماء!
رغم تعبنا لم نستطع الجلوس على قارعة الطريق بالقرب منهم ..وقررنا إجتيازهم وهكذا أرحنا أنفسنا دقائق معدودات ثم عاودنا السير الى الدار المستجرة... لقد وصلنا الى مستقرنا والجوع الكافر ينهش في أحشائنا..تناولنا بعض قطع البسكت والتمر او حساء عدس لا يغني من الجوع ونحن لم نزل نلج بالدعاء الى الله العلي العظيم أن يرحمنا بفرجه القريب......
** ** **
في الليل استلقي في غابة يأس غجرية وينادمني دخان سيجائر صنعتها بنفسي ...فجأة وأنا أحدق ُفي الحائط المقابل القديم ، رأيت ُ نفسي جثة هامدة ثم رأيت صورا ً أخرى لعائلتي ولا أدري بهذه الرؤية أكنت أحلم أم في حلم يقظة ٌد أتابني وانا في حيرة من أمري واتابني الرعب وأنا أتحسس جسدي...ربما أن طقوس اليأس تتفنن في تقديم الصور غير المريحة ...لقد إشتد بنا اليأس حتى أيقنا بأن النجاة من هذا الكابوس- المأزق الكبير لا تتم إلا بمعجزة ربانية إذ لا توجد في هذه المدينة ( النجف) إلا صولات الجند وإطلاق الرصاص ودوي المدافع وليس هذا فقط بل إنما يحاصر المدينة الجوع وشحة الماء........



#عبد_الوهاب_القريشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء السابع ( الإعصار الأسود )
- الجزء السادس ( الإعصار الأسود )
- الجزء الخامس- الإعصار الأسود-
- الجزء الرابع من الإعصار الأسود
- الجزء الثالث من الاعصار الأسود
- الجزء الثاني( الإعصار الأسود
- الجزء الاول الإعصار الأسود
- فرض العصيان المدني باسلوب ٍ صدامي
- الحكومة العلمانية هي الحل الموازي لنجاح امريكا و مشروعها
- نعم تعبنا من هذا الاسلام السياسي
- مصالحة بالدهن الحر( مع الاعتذار الى الكاتب والشاعر وجيه عباس ...
- العلمانية والاصولية والبحث عن الهوية الاسلامية
- شعبٌ بدون هويه..او الشعب البدون!
- ما العلاقة بين العلمانية، الدين والدولة؟؟
- الاسلام في قفص الاتهام وظهور سلمان رشدي من جديد- كامل السعدو ...


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الوهاب القريشي - الجزء االثامن ( الإعصار الأسود )