أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسل سليم - عن الدين والدين السياسي















المزيد.....

عن الدين والدين السياسي


باسل سليم

الحوار المتمدن-العدد: 1103 - 2005 / 2 / 8 - 11:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعد اشكالية النظر إلى الدين والتعامل معه من أكبر القضايا اشكالية لدى الحركة اليسارية العربية عموما ، مما للدين من دور في حياة الناس ومما للجماعات التي تتبنى طرحا دينيا من أثر متزايد على الحراك السياسي والاجتماعي عموما ومما لمقاربة الموضوع من مخاطر تتمثل في امكانية الوقوع في دعوات التحريض على الطائفية ..
ويمكن القول أن ما تجنيه الجماعات الدينية على اختلاف توجهاتها من مكاسب على أرض الواقع السياسي هو في تراكم مستمر يجعل من مكاسب المنادين بالعلمانية والديمقراطية واقطاب اليسار في تراجع مستمر ..
فمنذ الاستعمار الاجنبي المباشر وبعد نيل الاستقلال كانت هنالك في الافق بوادر مكاسب مدنية علمانية من حيث فصل الدين عن الدولة وبناء دولة المؤسسات وتعزيز الحقوق المدنية خصوصا للمرأة، إلا أن بوادر هذه المكاسب ضيعتها انظمة تقمصت البرامج الدينية في محاولة لاستمالة الجماهير من جهة وفي تعبير مباشر عن الطبيعة المتخلفة لتلك الانظمة وما تعكسه في برامجها .
فالحكومات العربية في مجملها من ملكية إلى الجمهورية اعادت انتاج التخلف بشكله الاحدث والاشد سذاجة ، فما زالت القوانين مجحفة بحق المرأة وما زالت الضوابط المدنية للسلوك العام غائبة وما زالت المصالح الفردية مسيطرة على تطبيق القانون الذي دفع البعض إلى تبنى توجهات أكثر تخلفا للأجابة على اسئلة الواقع اليومي الملتبس .
حتى الدول التي تبنت انظمة اشتراكية اعادت انتاج الاشتراكية في اطار وعي ريفي زراعي ، وعي قائم على العلاقات الاقطاعية الاستغلالية، فتحول اقطاب الدولة الى اكثر النماذج فسادا ورعوية ، نماذج اعادت ايضا تأكيد الوعي الديني للناس في اطار اشتراكية قوموية ساذجة اعادت الناس عصورا الى الوراء واستبدلت الله بالحاكم الملهم ..
من هنا نمت التوجهات الدينية التي عبرت في عمقها عن البحث عن هوية لم تستطع الدولة الحديثة بنائها لأن الدولة بمفهومها الحديث من حيث كونها دولة مواطنين لم تتشكل ، وهو بحث عن الهوية في خضم الاضطهاد والتمييز القائم والعسف الذي مارسته الانظمة ، فاصبحت الهوية الدينية هي الخلاص والمعبر إلى عالم العدل والانصاف، ومن أكثر قدرة على منح المضطهدين عزائهم المنشود غير الله ، لا أحد .
فالبرنامج الوحيد الذي قد يشكل خلاصا للناس على الأرض ما زال متعثرا ، وتلقى الضربات الهائلة من قبل الانظمة القمعية أولا ، ثم تعثر أكثر مع انهيار التجربة السوفييتية ، ولازم مكانه في حركة ارتداد إلى الماضي، حيث توقف عن النمو وحيث تحول في اغلبه إلى نمط آخر من الوعي الكلي الديني ، وعي قطعي لا يرى الآخر ولا يحاور ، وعي يستند إلى النصوص ، وعي ازال من قاموسه النقد والنقد الذاتي ولم يصل لهما في افضل حالاته ، وعي ديني من شكل آخر يلتف حوله مجموعة من المتدينين الجدد الذين لم يقدموا نموذجا أخلاقيا مغايرا بل رسخوا الرفض الشعبي لأفكارهم .
هل في ذلك مبالغة ؟ نعم ، ولا . نعم لأن هذا التيار هو التيار الوحيد الذي تمكنه أدواته التي تخلى عنها من اعادة احياء الفكر النقدي الابداعي ، ولا لأن اصحاب هذا الفكر اختلفوا اختلاف الفقهاء على شرعية الوجود وعلى مسميات الاشياء ، لأن اصحاب هذا الفكر جردوا فكرهم من أهم مكوناته وهو كونه فكرا ديمقراطيا ، لأن اصحاب هذا الفكر تبنوا المقولات السابقة ولم ينتجوا أي جديد وابتعدوا عن حركة الناس والواقع إلا في القليل من الحالات .
عودة إلى الدين السياسي كي لا نغفل الحقيقة القائمة بأن احد أسباب نجاحه هو قدرته على التنوع وتوليد النماذج المتباينة ، فمن أبن لادن والجهاديين إلى نماذج من مثل عمرو خالد إلى الحركات الاسلامية المنادية بالديمقراطية تجد الخلاف على أشده بينها وهو خلاف أصحاب الرأي الواحد ، وتجد الكثير من التنويعات على نفس النغمة التي تتيح للجمهور العريض حرية انتقاء فكري يوهم نفسه بأنه هو الصحيح المطلق ، كما فرضت الرغبة في التكيف من جهة وطبيعة التعقيد التي تفرضها الحياة المعاصرة على اصحاب هذا الفكر اعادة انتاج الكثير من المقولات في اطار حداثوي لم يكتمل (مشوه في اغلبه) ، ولا يمكن لي هنا إلا أن استشهد بتجربة حزب العمل الاسلامي في الاردن الذي يتبنى نموذجا مطابقا للمركزية الديمقراطية (التي نسيها الشيوعيون ) والذي يستند على مبدأ النقد الذاتي وهم مستمعون جيدون ويسعون لتقبل وجهة النظر الناقدة لبرامجهم بطريقة يفتقدها أغلب اليسار ، يضاف إلى ذلك الخطابات الدينية التنويرية التي لا ترى النور لدى الجمهور العريض فتبقى حبيسة نخب مثقفة اسلاميا لا تشكل فرقا في النهاية .
إلا أن قوة الحركات الاسلامية تستند على عوامل تاريخية مرتبطة بغياب البدائل لا أكثر وعوامل قوتها هي في نفس الوقت مقتلها وهو مقتل قائم بالضرورة بقدرتها المحدودة على التكيف الذي لا يستطيع تجاوز السقف الديني كما أن مقتل هذه الحركات قائم في مجموعة من النقاط الخلافية التي نناقشها فيما يلي :

أولا : ففي قضية المرأة لا يزال الخطاب الديني بمجموعه قاصرا ، فهو قائم على حالة اللاتساوي في عمقه وإن روج في دعواته الكثيرة إلى أن الاسلام أو المسيحية أعطت المرأة المكانة التي تستحقها ، بل أن هذا الوعي المنقوص تجاه المرأة هو وعي مستشري إلى درجة سيطرته على قطاعات الدولة التي ما تزال تتبنى أشد النظرات تخلفا للمرأة في تبريرات ايديولوجية قطعية في معظمها وقائمة على الفرض والتفكير المسبق بالامور ، فانطلاقا من نظرية أن المرأة معدة بيولوجيا للانجاب وللعمل المنزلي تقوم التيارات الدينية بانتاج خطاب لا ينضب عن لزومية قعود المرأة وتحجيم نشاطها وحريتها ، في حركة معاكسة للتاريخ وللطبيعة ، فالعالم بمجموعه يتجه نحو الانفتاح والحرية الفردية تصبح مع الوقت قرارا فرديا لا شأن للدولة والتشريع بهما ، أي أن من حق الانسان اختيار لباسه وتصرفاته التي لا تؤذي الآخرين ، في حين يعتبر الوعي الديني أي خروج للمرأة على ثقافة قمع الجسد على أنه عهر وتحلل، يعزز في الآن نفسه نمو الاشكال الساذجة والانطوائية من التعبير عن الحرية ، فتكثر ظواهر من مثل الخيانات الزوجية والسلوكات الغير مقبولة اجتماعيا لكن المتطلبة جسديا في اطار من الوعي الاجتماعي العام المشوه ، فبدل أن يصبح الجسد ملكا للشخص في حالة الحرية ، يصبح للمجتمع كبناء قمعي سلطة على أجساد الافراد ذكورا واناثا ، من هنا تتعزز النظرة الى المرأة على انها جسد فيه مكمن الشر ويجب حجب هذا الشر ، وتكثر ظواهر الحجاب المبنية على دعوات العفة والحرص على المرأة في مجتمع لا يثق بغرائزه ولا يعطي للتحكم السليم بها أي شأن: فالطريقة الاسهل للسيطرة على هذا المارد هو وضعه في القمقم وحجبه عن الحياة العامة ووضعه في اطر محددة تبدأ باللباس ولا تنتهي بالقوانين والتشريعات .

ثانيا : يكمن الخلل الثاني في الفكر الديني وحتى السياسي منه بأنه يتعامل مع الاخر بمنطق الالزام والقسر في أغلب تياراته (قلما تجد تيارات تقترح الحوار) ، وهو الزام وقسر يستخدم جميع الوسائل المتاحة بدءا من الاقناع وانتهاء بالقتل (يعطي الاسلام للمرتد فرصة ثلاثة أيام للعدول عن ارتداده من خلال محاورة العلماء له ) ، حاول ان تناقش احد الاسلاميين في موضوع من مثل الله أو الزامية العبادات ولاحظ حجم الادوات التي سيستخدمها لقمعك وكلها ادوات لا تأتي من التفكير نفسه بل هي أدوات محيطة تستند إلى معطيات خارجة عن سياق الحوار ، ويقوي الموقف الذي يتخذه أن التفكير الديني الاسطوري هو السائد في تفسير الظواهر لدى أغلب قطاعات الناس ، وهو يستمد مشروعيته من مشروعية الجماهير ، الجماهير التي لم تعط فرصة للتفكير الحر المنفتح ، الجماهير التي لم تمارس حرية التفكير والمعتقد حتى الآن وهي لا تعدو إلا أن تملك بدائل قاصرة عن المواجهة ، هذا الخلل يعني بالضرورة قصر التفكير على مناطق محددة ولمرجعيات محددة أيضا ، فيصبح الحديث عن الجنس مثلا نوعا من الخروج على المحظورات اذا قام به عالم النفس اما الفقيه فله أن يصول ويجول فيه، فهو يستمد الشرعية المطلقة حتى في منح مدى حرية التفكير للذين يتبنون مقولاته ، ويصبح الحديث عن التاريخ الاسلامي قصرا على علماء الدين وتعتبر أية محاولة لقراءة هذا التاريخ بأدوات مغايرة نوعا من الكفر تستوجب القتل كما حدث في حالة الكثير من المثقفين الماركسيين وغيرهم من مثل مهدي عامل وحسين مروة وفرج فودة ، يبقى من الضروري التأكيد أن اعادة انتاج التيار المعاكس واستمراره ضرورة لا بد منها : تيار الوعي والتفكير والابداع الذي يحتاج أول ما يحتاج إلى تنمية ادواته الناقدة التي تعتمد على القراءة المنفتحة الشاملة للأمور ، لا على قراءات جزئية فقيرة تشبه القراءات الدينية .

ثالثا : يكمن الخلل الثالث في التفكير الديني بمجمله بأنه تفكير طفولي مركزي للاشياء وللعالم ، فردا على المركزية الاوروبية "الراشدة " التي لم تنجح أي من الخطابات الأخرى في مواجهتها انتج الكثيرون مركزية اسلامية ماضوية ظنا منهم أنها تجاري ما وصل إليه الآخرون في الدول الحديثة ، (فلم نبحث في العالم المعاصر عن مرجعيات يوفرها التراث) ، واعتقادا كما يعتقد الطفل أن العالم يمكن أدارته وفهمه بالادوات الذاتية الطفلية الصغيرة ، فما زالت الظواهر تفسر ابسط التفسيرات وهي تفسيرات مريحة للوعي الجمعي الخائف ، فالتسونامي عقاب من الله ، والمطر نعمة ، والله هو وحده المتحكم في علم الغيب (يعلم ما في الارحام )، ويصبح العالم منطلقا وراجعا الى الذات نفسها (ما زلنا نتوهم أننا خير أمة ) ، وما زالت الأدوات التي نواجه بها العالم ادوات طفولية من مثل دعوة البعض للنساء للتوقف عن العمل واعطاء الفرصة للذكور لحل مشكلة البطالة ... ( انظر في علم نفس الطفل عن ميزات التفكير الطفولي وتمثلاته ) ، ويصبح فعل الخير أو الشر محدد بالعقاب لا بالمسؤولية الاجتماعية والقانونية ، فالطفل الذي يرتكب ذنبا أو يسبب اذى ما نقوم بتهديده بالعقاب لا بالمنطق (تقول التربية الحديثة أن هذا الاسلوب خاطيء) ، فالكثير من الناس لا يسرقون فقط خوفا من عقاب الله لا درءا للأذى الحاصل للآخرين ، من هنا يصبح غياب العقاب دعوة مبررة للكثيرين لإيقاع الاذى بالاخرين كما يصبح هذا الامر داعما لاعتقاد الكثيرين أنهم يتمثلون سلطة المعاقب والمكافيء ( الله مقابل الاب ) ، ويصبح عمل الخير عملا مفيدا لتوقع نتيجة ومكافئة لاحقة من الله لا تأكيدا لتضامن بشري ووعي بضرورة التعاون والتلاحم بين الناس ، كما أن الكثير من آراء التشريع الاسلامي وإن كان فيها الكثير من الاستنارات التي لا يجب اغفالها تحولت إلى ادوات في يد السلطة الدينية ممثلة في رجال الدين ، فيصبح رجل الدين ممثلا لله في الأرض يستشار في الامور الزوجية وفي كيفية التفكير ، ويفتي بما يراه مناسبا ظانا أن رأيه تعبير عن التشريع الألوهي متقمصا سلطة ليست له ، في حين أن رأيه يعكس بالضرورة وعيه الذاتي الاجتماعي والسياسي ..ويمكن مقارنة سلوك الرجوع الى الفقيه والعالم الديني بسلوك الطفل الذي يتمثل سلوك الاب في جميع تصرفاته، بوصف الاب العارف بالعالم المحيط والقادر على فهمه، لكن لا بد للطفل من الوصول إلى المرحلة التي يطور فيها أدواته المعرفية وبالتالي يطور علاقته مع الاب ( أو الله) بحيث تصبح العلاقة علاقة انفصال وعلاقة فردية لا وسيط فيها، وهي مرحلة من مراحل الوعي الديني لم يصل البعض لأعتابها .

رابعا : يكمن الخلل الاساسي في التفكير الديني في أنه اعتبر التشريع صالحا لكل زمان ومكان في حركة تتطلب حصر الزمان والمكان في التشريع لا العكس ، فالمنطقي أن يتطور التشريع كي يجاري الزمان والمكان ، فما كان صالحا في وقت ما من مثل الاستعباد والزواج المتعدد يصبح في زمان آخر نفلا من الزمان وزائدا يجب التخلي عنه ، لكن الوعي الديني دائما ما يعيد انتاج نفسه بالطريقة المشوهة، فترى البعض يحاجج بأن الزواج المتعدد ضرورة لمنع "الانفلات الاخلاقي " ومحاربة ظاهرة العنوسة ، وهو وعي يركب مقولاته على ما يريد بالطريقة التي تبرر مصالحه، فمن مصلحة الذكور في مجتمع القمع الجنسي والزواج المرتب الحصول على أكثر من زوجة لاشباع الحاجات الجنسية المتباينة لهؤلاء الذكور(الاغنياء طبعا) ، لأن البنى الاجتماعية لا تسمح للشخص اساسا باختبار مشاعره وعواطفه تجاه الزوج أو الزوجة بل تقوم بفرض علاقة اعتباطية لا تلبي الحد الادنى من الاشباع الجنسي العاطفي ، فيصبح من مصلحة الرجال (والنساء طبعا ) البحث عن شريكات أخريات لاشباع رغباتهم فتكثر الدعوات الى التعدد في الزوجات من جديد .
قلنا أن الخلل هنا في أن "التشريع" لا يريد أن يتطور مع الزمان والمكان ، لكن لو أراد هذا التشريع التطور فهل يستطيع ؟ نعم يستطيع، لكن الخروج من أطر التشريع والقبول بجديد الحياة يتطلب التخلي عن البنى التفكيرية الجاهزة كلها واعادة التفكير فيها ، من هنا يصبح الخروج أو محاولة الخروج على التفكير الديني نسفا للتفكير الديني كله بما أنه تفكير قائم لا يحتاج للتطوير، كما أن تطوير التشريع والخروج به من أطره الجاهزة يهدد مصالح رجال الدين من هنا نرى مثلا مدى اصرار المرجعيات الدينية على عدم فصل الدين عن الدولة في العراق ، لأن هذا الفصل لا يعطي هذه المرجعيات أي مبرر للوجود من أساسه ، فطالما كانوا هم الذين يملكون الوصفة التي تقول ما هو متوافق مع الاسلام ، طالما أن الادوار التي يلعبونها على الأرض باسم الله موجودة ، بذلك تصبح أي محاولة للعلمنة نسفا للأدوار الكهنوتية التي يلعبونها ، فالمجتمع العلماني يحتاج إلى علماء اجتماع وعلماء قانون واداريين ومفكرين أحرار وأدباء لا إلى أئمة مساجد .

خامسا : يبقى الخلل الاهم في التفكير الديني في السؤال الذي يجب طرحه عن استمرارية الخطاب الديني وإلى أي مدى يستطيع الصمود ، إلى أي مدى يستطيع الترويج لمقولاته والثبات في مكاسبه وهي مكاسب لا يعني تحقيقها إلا بمراكمة المشاكل النابعة منها أيضا ، نقول أن الخطاب الديني يستمد شرعيته من قوننة الاضطهاد في احيان، ومن محاربته في احيان أخرى وهو قابل للتغيير والتبديل تبعا لذلك فترى الدين لدى البعض اداة لاضطهاد الآخرين بينما يمكن أن يشكل رافعة لآخرين في وجه الظلم ، مما ينوع الادوار التي يقوم بها وإن كنا نعتقد أنه بمجمله قاصر عن الخروج بالناس من وحل الواقع الحديث (انظر الى تجربة اليمين المسيحي الغربي الذي يعيد انتاج مقولات الاستعمار باطر حديثة وهو الذي مثل في فترة من الفترات خطابا مسالما قائم على المحبة ) ، لكن يبقى من الضروري القول في النهاية أن الشرط الوحيد لعزل الفكر الديني واستبداله بوعي حداثي هو في تنمية الوعي الحداثي نفسه ، وعي يستند على التجريب ولا يؤمن بالقطعية ، وعي يعتبر التنوع دليل خصب لا خروجا على المعايير وهو وعي لا يمكن تحقيقه إلا بتعليم الناس ومحاربة الامية أولا في مجتمعات ما زال معظم سكانها لا يقرأون ولا يكتبون ، وهو وعي لا يمكن تحقيقه إلا بتثقيف الناس عن حقوقهم وعن حياتهم وادارتها عن طريق بناء بديل متكامل شامل للحياة ، بديل سياسي فكري وتعليمي تربوي يقوم على العلم ويؤمن بالانسان وقدرته على التعبير عن هذا العلم في فهم الطبيعة والذات والمجتمع .
وهو بديل موجود ويتشكل لكنه يحتاج إلى دفعة إلى الامام وثقة بالنفس ، وهو بديل يحتاج إلى الانفتاح على الاخر وبناء التحالفات وتحييد الخلافات إلى وقتها ، بديل لا بد منه وإلا كانت النتيجة عالم يغرق في الجهل والاستبداد والاضطهاد ، عالم لن يستطيع التفكير الديني فيه مواجهة القوى الطاغية للرأسمالية والعولمة طالما حمل تفكيره الذي لا يعدو أن يكون تفكير طفل يحاول مجابهة راشد يملك من العلم والقوة أضعاف ما يملكه هذا الطقل .



#باسل_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تقتلونا باسم الحضارة : تعقيب على تعقيب
- الاستاذ حسقيل قوجمان نموذجا : تعقيب على موقف الشيوعيين من قر ...
- كيف تصبح كاتبا في خمسة أيام
- ليس بالكره وحده يحيا العراق - رسالة عتب إلى حوارنا المتمدن
- حوار سريع مع الموت
- أحزاب و عشائر
- عن الداخلية والنقابات
- ليس بالكره وحده يحيا الانسان
- تبت يدا أبي لهب وتب
- كيف يخرج الفلسطينيون من الرماد 2-2
- كيف يخرج الفلسطينيون من الرماد
- قتلانا وقتلاهم
- عن المقاومة التي نريد
- رسالة مفتوحة إلى خوسيه ساراماغو
- أبو مازن والركض وراء الجزرة
- كي لا نضل الطريق - إلى الشبيبة الشيوعية
- عشبة في جدار
- أعور بين العميان
- فسحة للضوء: الحوار المتمدن نموجا
- كم ظلمنا العدس


المزيد.....




- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسل سليم - عن الدين والدين السياسي