أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - مدرسة المشاغبين فبي ميزان النقد














المزيد.....

مدرسة المشاغبين فبي ميزان النقد


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 18:27
المحور: الادب والفن
    


المسرحية تتعرض لصورة من الصور التي تجري في بعض المدارس الخاصة .. وقد تعرضت لتلك الصورة مبكرا قبل أن تستفحل مشكلة العلاقة بين الطالب والمعلم بعد ذلك بعشرات من السنين .. وهي مسرحية كوميدية تتعرض لقضية مجتمعية حقيقية تتجسد في فلسفة التعليم في بلادنا مركزة على مقابرها وصور تدني تلك المهمة التربيوية التي يقوم دورها على البناء المعرفي والعلمي في اتجاه بناء عقلية الطالب وبناء وجدانه الإنساني وتعلي من حسه القومي والوطني . والكوميديات بكل أشكالها التي تربو على عشرة أنواع أهمها كوميديا الموقف التي يتفجر الضحك فيها على مواقف متناقضة تكشف عن تدني فعل لشخصية ما أو تدني موقف أو صورة من صور الممارسة الإنسانية التي تخرج على قانون الحياة البشرية التى يظهر فيها نبل الإنسان وسمو سلوكه في اتجاه تأكيد كرامته التي خلقه الله على صورته التي خلق عليها حتى يكون جديرا باستخلافه إياه على الأرض من أجل إعمارها .. فالكوميديا إذن معنية بإظهار صور التدني في الفعل أو السلوك الإنساني بغرض حث المتفرج على تغيير ذلك الفعل الإنساني المتدني وليس بغرض تثبيته ولما كانت الكوميديا تقوم بمهمتها عن طريق تفجير طاقات الضحك عند المتفرج تفريجا عما أصابه من كبت أو ضيق في محاولة إخراجه من تلك الحالة النفسية من ناحية وحثه على تغيير ذلك السلوك المعيب باعتبار اختلاف هدف الكوميديا عن هدف المأساة (التراجيديا) التي تهتم بمحاكاة صور نبل الإنسان في تصديه لقوى أسمى منه وأعلى قدرا وقيمة بتطهيره من حالة تعاطفه مع ذلك الشخص النبيل الذي يتصدي لطغيان قوى أعظم منه وأقوى في محاولة عبثية وغير مجدية لوقف تجبرها الذي تقرر في الغيب .
ومعرض مسرحية ( مدرسة المشاغبين) عرض كوميدي باقتدار يقوم على كوميديا خريطة فيما بين كوميديا السلوك وكوميديا الموقف في محاولة معالجتها لقضية العلاقة بين المعلم والطالب . ولأن الكوميديا تقوم على تشخيص صورة حياتية تجمع بين تناقض موقفين أو فعلين أو سلوكيه أو نمطينومن الشخصيات لذا اعتمد العرض على شخصيات سلبية وأخرى إيجابية حتى يتحقق الصراع الذي هو أساس الدراما كوميديا وتراجيديا
لذا نجد شخصية الطالب أحمد الذي مثله الخالد أحمد زكي وشخصية المعلمة التربوية بحق التي مثلتها القديرة سعير البابلي بين مجموعة من الشخصيات السلبية المتدنية في صورتها وفي انحرافها عن الالتزام بدورها المنوط بها في الحياة وقد قام بالأدوار الفنان القدير عادل أمام وزميله سيدعيد صالح ويونس شلبي وغيرهم فضلا على الفنان القدير حسن مصطفي ناظر المدرسة فهذا التناقض غير المتكافيء بالضرورة حتى تتخلف الكوميديا ويتفجر الضحك من خلال سلسلة التناقضات والتكرار وقلب الأوضاع بإخراجها قولا أو صورة أو حركة من إطارها الطبيعي كتيبه الذكر بالأنثي أو العكس وكقلب اللفظ بإعطائه معنى مناقض لمعناه المتعارف عليه بين الناس في بيئة ما . وفي هذا السياق تعالج المسرحية سلبيات المعلم متمثلة في الناظر ومدرس اللغة العربية وفي الساعي وفي مجموعة الطلاب المشاغبين لسوء تربيتهم الأسرية على اختلاف صورها وهو الأمر الذي قذف بهم في مدرسة خاصة لفشلهم في الالتحاق بالتعليم الحكومي الرسمي فالمسرحية إذن صرخة نقد تهكمية وتجريبية مبكرة لذلك النوع من التعليم الخاص قبل أن يستشري خطره على النحو الذي هو حادث اليوم عبر تراكم سلوكيات سلبية وضارة تزايدت مع البطالة وتسمع المريخيون على المقاهي وعلى نواصي الشوارع واضطرار حسن الحظ من بينهم الذي يعثر على عمل نقاش أو نادل في مقهى أو سايس في موقف للسيارات
فالمسرحية إذن تتعرض لصور سلبية في العملية التعليمية والتربوية تركيزا على المدارس الخاصة ومن حسنات مؤلفها وموهبته التي تستحق الثناء أنه مسرحية بادرت باستشفاف نتائج ذلك النوع من التعليم الذي يفتقد إلى العملية التربية التي هي قرين لعملية التعليم كذلك استشفاف نتيجة التعليم اعتمادا على التلقين والمنهج النقلي الاتباعي مع إقصاء المنهج العقلي والنقدي وهو المنهج الذي اتبعته الأستاذة د. عفت المعلمة التي جاءت لترسي مباديء المنهج العقلي والنقدي الذيً يقوم على مبدأ المناقشة والممارسة ودفع الطالب إلى التعبير عما حصله واختبار صحة ما كصله من معلومات ومعارف ؛ لذلك لم يكن إختيار على سالم مؤلف المسرحية لوظيفة الأستاذة عفت وتخصصها حيث هي أستاذة لمادة الفلسفة مادة الدهشة والتساؤلات وتفعيل طاقات العقل في الحصول على إجابات منطقية عن الوجود وعن الماهية وعن الإنسان. وإذا وقفنا عند نتيجة الجهد التربوي المثابر الذي قامت به الأستاذة عفت نجد أنها نجحت بامتياز في تغيير سلوك أولئك الطلاب المشاغبين مرورا بنقد المسرحية نفسها للتعليم الخاص .
نقطة أخيرة حول التعامل مع الفن والأدب : حيث ضرورة النظر إليه من زاوية ربط الشكل بالمضمون فلا يجوز الحكم على الموضوع معزولا عن الشكل ولا يجوز الحكم على الشكل معزولا عن الموضوع فكما لا يمكن لأحد أن يسمي كوب الليمونادة ليمونادة إذا فصل الليمون عن السكر عن الماء بعيدا عن الكوب أو فصل الدم عن قطعة اللحم فالعمل المسرحي توظيف لعناصر متنوعة ومتعددة ولكل منها توظيفها في تخليق الصورة المسرحية تعبيرا تجسيدية يؤدي إلى أثر درامي ومعرفي مبهج وممتع قبل أن يقنع فيؤثر بالحث على سمو الفعل البشري بالتطهر من حالات الخوف والتعاطف مع من تجرأ على نواميس الكون أو تغييرا لأفعال وسلوكيات وصور متدنية
ويا حبذا لو ترك الحكم على الشيء للمتخصصين فيه من ذووي الخبرة بعيدا عن الأحكام الجزئية الانفعالية التي تفصل الموضوع عن الشكل الذي يسكن إليه
د.أبو الحسن سلام أستاذ علوم المسرح بجامعة الإسكندرية



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروض مسرحية بلا إنتاج
- كتابة ناقدة لنصوص مسرحية واعدة
- - برشيد - وقضية تخوين الحركة النقدية المسرحية
- تراجيديا في قالب كوميدي
- محاكمات المبدعين في عصر المتأسلمين
- حرفية الناقد و مراوغات التطبيق النظرية
- البحث المسرحي في سرير بروكست
- حيرة الباحث المسرحي بين نظرية العامل ونظرية المتخلفات والمتغ ...
- الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج-ج1-
- نهار اليقظة في الثقافة المصرية بين وهج التخريض ولهيب التعريض
- الإرتباك الإبداعي في فن التأليف وفن الإخراج المسرحي
- المسرحيون العرب وغياب فعل الاستشفاف
- سارة وأخواتها والثالث المرفوع
- التجريب في العلم وفي الفن
- قراءة سياسية وقراءة مضادة حول الواقع المصري
- مستنقع الذئاب الجزائري في عمان
- مستنقع الذئاب - في عمانس
- قيمة الحرف في الإيحاء بسيكلوجية اللفظة
- - أيقونة العشوائي - ومعمار البنية السردية
- الكتابة المسرحية من منظور التناص


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - مدرسة المشاغبين فبي ميزان النقد