|
سم العنكبوت
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 17:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثمة خبر نشرته احدى الصحف العربية يقول ، بان الرئيس اوباما وحين زيارته مؤخرا لجامعة كولورادو ، ونتيجة لزحام الطلبة من حوله ، انسكب كوب من عصير الفواكه من يد احدى الطالبات على بنطاله ، حيث قام سيادته باستعارة منديل من احدهم لينظف البنطال بيده ، وكانت هناك صورة للرئيس ترافق الخبر وهو يبدو منحنيا ليقوم بالمهمه ، واخرى وهو يضم الطالبة صاحبة الكوب ، ليهديء من روعها قائلا ، بسيطه .. صارت لديك قصة ستروينها لوسائل الاعلام عن كوب اللبن الذي لطخ بنطال رئيس الولايات المتحدة الامريكيه . أعادني هذا الخبر فورا الى تذكر حادثة انهال فيها أحد اقارب مسؤول حكومي في بلادي العامرة بمثله ، بالضرب على جسد رجل عجوز ، لكونه تسبب بخدش بسيط على هيكل سيارته .. العجوز كان يسير قرب الرصيف بعربته التي يجرها حمار ، فحدث تماس خفيف بين العربة والسياره ، فتوقف مارد الحكومه ليجري مهووسا وبيده هراوة غليضة ، ليهوي بها وفي عرض الشارع على رجل يمتلك عربة يتقدمها حمار متناسيا بان سيارته هو من صنع دولة اليابان ، وليس من ابتكارات عقول اجداده الخاوية . كنت وانا التصق بعمود الكهرباء على الجهة المقابلة من الشارع ، خوفا على الفقير من مواطني الشعب ، ان ينفق تحت هراوة المتنفذ الميسور ، ينتابني احساس باحتقار النفس ... ولم يكن عجبي كبيرا حين لم المح احدا من المارة يعلن حمايته للرجل المسكين ، لأنني انا بالذات خانتني رجولتي المرتجفة حينذاك ، ان تثأر لفقير معدم ، كي اقف بينه وبين هراوة شاذ معتوه ، اعمته السلطة ، وابتعد عنه القانون الاعرج ، ذو العين الواحدة المسلطة على أجساد من ليس لهم سوى رب حلمه يمتد الى اربعين عام . تحت هراوة صاحب السيارة المستوردة من دولة اليابان ، وليس من اسواق عكاظ ، ولا من سوق الحميدية ، ولم يجري صنع هيكلها ولا احشائها في مصانع العروبة المتفككه في نجد والحجاز ، ولا في اي بلد ينطق اهله باللغة العربية المجيده .. تحت تلك الهراوة البغيضة كان ينزف جرح تمتد اعماقه الى مسافات لا يطالها بصر عادي ، سوى البصر الحديد ، بصر يمكنه النفوذ الى أعماق تستقر في قاعه البعيد ، حقيقة ملونة بلون أسى العالم كله ، انها حقيقة أخالها مغلفة بنسيج من خيوط العنكبوت ، من يجرؤ ويمد يده لفك طلسمها المرعب ، سوف تطاله لدغة تحمل سم الارض والسماء معا فلا يرتد له بصره . يطيب للبعض منا ، ان يخالف الشرع والعرف وحتى نصوص الدستور ، فيضع نفسه في مقامات تبدو يتيمة ، حين يعلو بهامته لسماع احدى سيفونيات بتهوفن أو جايكوفسكي .. أو اننا نتجرأ بلا حياء ، محاولين ارتقاء جدار مجد كاذب ، فتهوى نفوسنا للتمعن باحدى مسرحيات شكسبير ، متناسين بان ما نحن فيه من خواء حير العالم باجمعه ، كوننا اكثر أمم الارض اصرارا على امتهان سبيل الموت ، واشدها كرها للحياة . لقد هوت امامي مرة واحده ، وتحت هراوة ذلك الشقي النتن ، جميع مباعث الاعتزاز بمجد الامة ، وسقطت ، مرة واحده ، كل دواعي الفخر والمباهاة بالماضي ( التليد ) .. وبدت لي جميع الاناشيد الحماسية التي قذفت باقدار الفقراء الى سوح الوغى المصطنعة ، وكأنها ركامات من قاذورات كانت تلقى على وجوه الناس ، استجابة الى شهوات المتسلطين على رقابهم من الحكام . . ما هذا الذي يجري ؟؟؟ .. لماذا ياترى تصرخ الحناجر المتورمة ، وترتفع الايدي المصابة بسم عنكبوت التخلف ، من ساحات التحرير في العواصم العربية ، منتصرة لحكام يضحكون منها في السر ، وما ان تجلس مؤخراتهم على الكراسي الماسية ، حتى تهبط هراواتهم على هامة الشعب بلا روية ولا ادنى شعور بالخوف أو الندم ؟؟ .. مذا تريد تلك الجماهير المغفلة حينما ترفرف راياتها السوداء والخضراء والصفراء وبكل الالوان ، وهي تهتف معلنة رفضها لأي حكم غير حكم الله ، ولأي دستور لا يستند الى الشريعة السمحاء ، معتقدة بان الله تعالى لا زالت جنته مشرعة لغير رواد نافورة ( تريفي ) في قلب ايطاليا ، وابناء عمومتهم في العالم ، ممن تأسرهم باقة ورد ، وتفزعهم صورة خنجر ؟؟ !! .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيارات السياسة العربية .. وفشل التجربه
-
خلجات من طرف واحد
-
وصمة عار
-
صوت غاضب من القاع
-
أيها المصريون .. لا تخذلوا بلادكم ، واعبروا المحن بسلام .. (
...
-
خواطر غير سياسيه
-
هجرة الريف الى المدينه .. وما آلت اليه من خراب
-
الطبقة العاملة العراقية ، وتراجع دورها التاريخي
-
زمني توقف هنا في ليلة واحده
-
قول في الماء العربي
-
حال المرأة العربية .. بين الوهم والواقع
-
صهوة الشر
-
ألشعوب العربية لا تحسن الثوره
-
عصارة من خيال
-
مشروع اتفاق مع حكومة الصين
-
ألغرز في اللحم الميت
-
ثورات الربيع العربي ، ودور القوى اليسارية التقدميه .
-
مرافعة لا حضور للمحامين فيها
-
نعم .. نحن فعلا نتعرض لمؤامرة غربيه .
-
من وحي الحبة الزرقاء
المزيد.....
-
هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟..
...
-
شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
-
الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
-
-مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في
...
-
البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال
...
-
جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
-
القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ
...
-
الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
-
فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
-
إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|