أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد محمد غازي - حقوق الإنسان كانت قضيته الرئيسية وداعاً للمثقف المغترب •• هشام شرابي















المزيد.....

حقوق الإنسان كانت قضيته الرئيسية وداعاً للمثقف المغترب •• هشام شرابي


خالد محمد غازي

الحوار المتمدن-العدد: 1102 - 2005 / 2 / 7 - 11:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


بعد معاناة شديدة ولسنوات مع مرض السرطان سقط فارس آخر من فرسان الفكر والثقافة العربية رحل المفكر الفلسطيني هشام شرابي عن عمر يناهز 78 عاماً، وبوفاته ترك نهاية حقبة فكرية طويلة في حياتنا الثقافية، ويعتبر شرابي واحداً من كبار المفكرين والمثقفين العرب الذين شغلوا حيزاً واسعاً في الحياة الثقافية والاجتماعية والعربية منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وهو صاحب مشروع ثقافي وفكري تحرري ينطلق من وعي عميق بما يجري في عالمنا العربي خصوصاً وفي العالم عامة، لقد تجاوز جهده الاجتماعي من خلال الارتباط بالقضايا الكبري والتي كان على رأسها قضية العرب المركزية قضية فلسطين التي حملها معه حين غادر مدينته يافا عام 1947 حين كان في الرابعة والعشرين من عمره، ولم يزرها سوى مرة واحدة في عام 1993• تخصص في الفلسفة وأكمل دراسته فيها بجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة بعدها انتقل لدراسة تاريخ الحضارات، مدرس تاريخ الفكر الأوروبي بكافة اتجاهاته، هو واحد من أبرز المفكرين والمناضلين الفلسطينيين الذين لهم إسهاماتهم وتحليلاتهم السياسية التي يعتد بها عربياً وعالمياً، بوصفه خبيراً في شئون الشرق الأوسط والعلاقات العربية الأمريكية، فضلاً عن ترأسه للمركز الفلسطيني للدراسات السياسية بواشنطن• ولد هشام شرابي المفكرالفلسطيني في الرابع من إبريل عام 1927 بمنطقة >يافاالفرنذزكولودج الدولية< بيروت بعدها تخرج في الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1947 في أثناء هذه الفترة وأثناء دراسته الجامعية، انتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، له كثير من الأبحاث والدراسات في حقول الفلسفة وعلم الاجتماع والأدب والسيرة الذاتية، باللغتين الإنجليزية والعربية، ظل طوال حياته والتي بلغت 78 عاماً يركز على مسألتين أساستين، الدين والمرأة، وكان يعتبر العالم العربي لايمكنه أن يخرج من عصور الظلامية، ويدخل العصر الحديث من دون التعاطي الصحيح مع هاتين المسألتين لكنه كان يدرك في الوقت ذاته، أن مثل هذا التعاطي تقيض رؤية سياسية غير موجودة في الوقت الراهن في عالمنا العربي، منذ أن نالت الدول العربية استقلالاتها الوطنية حتى اليوم تعمل بخلاف ذلك على تغذية التعصب الديني في ظل نظام استبدادي ذكوري متسلط• نزعة رومانسية وكان " شرابي " ورغم مشاغله الفكرية والسياسية مسكوناً بنزعة رومانسية حالمة، وكان يتميز بابتساماته الرحبة، وبطاقته الكبري على الكرم بالمعني الجميل لهذه الكلمة، وقد شكلت كتاباته جزءاً من تكوينه الثقافي، فكان كتاب >مقدمات لدراسة المجتمع العربي< على سبيل المثال يضم ست محاضرات ألقاها شرابي على طلبته في جامعة >جورجتاون< الأمريكية، كان هذا الكتاب يشير إلى أساليب التخلف التي تعانيها المجتمعات العربية، كانت كتاباته تجمع مابين العام والخاص وبين التجربة الجماعية والسيرة الذاتية• كان في ظاهره رجلاً بسيطاً متقشفاً في الكلام، على رغم غني عالمه، وتوجهه إلى قرائه المفاصل الأساسية التي تحكم التجربة العربية المعاصرة، في السياسة والاجتماع والثقافة، من هنا كان كتابه> المثقفون العرب والغرب< والذي أصدره بعد ثلاثة أعوام من هزيمة 1967، قارئاً فيه كيف تواصل المثقفون العرب فيما أسماه >سنوات التكوين مع الغرب< بسبب التحدي الذي فرضه الغرب في نهايات القرن التاسع عشر على العقل العربي، على مستويات الوجود الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي، وقد مثل هذا الكتاب مثله مثل كتاب >مقدمات لدراسة المجتمع العربي< تفتيحاً لأفق الوعي على الشروط الاجتماعية والتاريخية التي يتكون فيها الفكر، وتنشأ المحرضات الفعلية للتغيير في المجتمعات الراكدة التي تغط في نوم عميق على رغم التحديات الوجودية التي تفرض نفسها عليها• وسوف يقرأ العرب لمدة طويلة كتابي شرابي >الجمر والرماد<و> صور الماضي<فهما يتعديان ـ حسب قول المثقفين العرب ـ سيرة المثقف الفلسطيني القومي إلى جيل النهضة العربية المتكسرة بعد إنشاء إسرائيل عام 1948 ولايمكن لأي قارئ نسيان المقاطع النهائية الآسرة من >الجمر والرماد< حين تقلع الطائرة بهشام شرابي إلى الولايات المتحدة تاركاً خلفه مأساتين متلازمتين، ضياع دولته فلسطين وإعدام أنطون سعادة الذي كان الصديق الصدوق لشرابي والذي انتمي لحزبه القومي• صحيح أن كتبه >المثقفون العرب والغرب، والنظام الأبوي والدبلوماسية، والاستراتيجية في الصراع ـ العربي الإسرائيلي< علامات في الكتابة النهضوية لكن شأن النهضة والتحديث في عالمنا العربي متغير متحول متأرجح• لحال مجتمعاتنا التي كانت معبراً للقوي الكبري ولاتزال على تقديم نفسها لنفسها وللعالم كقوة تحمي، على الأقل صورة هويتها ومسار تطورها• أكثر تشدداً أما عن آرائه ، فقد كانت دائماً ماتتسم بالموضوعية في دلالة الأشياء والأحداث وكان يقول: عن الاتجاه السائد في أمريكا إن المسئولين والمحللين السياسيين كانوا دائماً مايطالبون بموقف أكثر تشدداً وبأن تكون السياسة الأمريكية استئصالية وتفكيك كل الجماعات الإرهابية في العالم، وهم يعتبرون أن دول الشرق الأوسط العربية،ووسط آسيا الإسلامية مواقع مثالية للمواجهة، ومن تحليل هذه التعليقات نستشف والكلام مازال لشرابي أنها صناعة يهودية إسرائيلية بحتة تحاول أن تستغل الغضب الأمريكي في استهداف بلدان بعينها في المنطقة، ولكن الصوت الأمريكي يجب أن يسعي بداية إلى تعريف ماهو الإرهاب، وهل أي عمل يلحق أضرار مادية وبشرية بدولة يكون إرهاباً هل إذا قامت دولة محتلة كفلسطين مثلاً بمقاتلة الأعداء هل سينظر إليها على أن الشعب الفلسطيني إرهابي• ومن بين كل الذين تعرف عليهم وتعلم منهم ترك أنطوان سعادة زعيم الحزب القومي السوري الأثر الأكبر على حياته، وارتبط به وبفكره طويلاً، ومع انقطاعه ظل فكرياً مرتبطاً بأفكار أنطوان سعادة مع أنه تساءل مرة أنه لو ظل سعادة حياً ولم يعدم أكان سيظل في الحزب وهو السؤال الذي أجاب عليه بالسلب، وكانت فترة انتمائه للحزب من أكثر الفترات التي تركت أثرها على حياته، حيث كان يقول إن كان التأثير الذي تركه سعادة في نفسي طاغياً إلى درجة أني لم أكن أرى لنفسي مستقبلاً خارج الحزب ولاعملاً إلاداخله، زال التردد الذي أحدثه في نفسي انتقالي من منطق القومية العربية إلى مفهوم القومية السورية، وتقلبت في الحل الجدي الذي طرحه أنطوان سعاده• لقد انتمي أثناء دراسته بأمريكا إلى القوميين العرب الذي لم يكن هو من أسسها وكان يحضر اجتماعاتها السرية التي قال عنها إنها مملة، وعن السبب التي دعاه للانتماء إلى هذه الفكرة يقول: إنه كان يبحث عن طريق راديكالي أو فكرة ينتمي إليها، والغريب أن انتماءه للحزب القومي السوري جاء من خلال بحث أعده للجامعة، حيث كان الحزب محارباً في الإعلام، وكان زعيم الحزب في ذلك الوقت بالأر?نتين، ومن خلال بحثه ولقائه مع ممثلي الحزب في بيروت كون فكرة جيدة عنه حولته من الشك لليقين• ويعتقد شرابي أن سعادة كان أول مفكر قومي يطرح تحليلاً جيداً للقضية الفلسطينية وكان متمثلاً بفكره ، ولأنه فلسطيني القلب والهوية فقد كانت قضية حقوق الإنسان تعني شيئاً خاصاً بالنسبة له، ففي العام الذي صدر فيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 هو نفسه عام النكبة، حين طرد شعب من أرضه وتشتتوا في البقاع والأصقاع وبقي منهم آخرون تحت الاحتلال، معني ذلك أن ازدواجية المعايير وقانون الأقوي بدأ في شكل واضح منذ ذلك التاريخ لكن "شرابي" لم ييأس فقد كانت حقوق الإنسان قضيته ليواجه بمبادئها وقيمها كل الذين يضربون بها عرض الحائط أو يتعاملون معها تعامل نفاق وانتقاء• كان د• شرابي في تدريسه لمادة الفكر العربي الحديث عندما كان أستاذاً زائراً في الجامعة الأمريكية قليل الكلام كعادته لكنه كان فناناً في حسن إدارة الكلام القليل، مما جعل صفه غنياً بكلمات من النوع الذي لاينسى، ويذكر أنه كان يردد الفكرة الماركسية حول استحالة انبثاق العمل الثوري من الطبقات الموسرة والمستفيدة من الأوضاع القائمة• الراديكالية الأولي التي تمثلت في انخراطه الشاب والديناميكي منذ أن كان طالباً في الجامعة الأمريكية بيروت في النصف الثاني من الأربعينات والتصاقه الحميم فكرياً وشخصياً بزعيمها ومؤسسها ثم رائدها لاحقاً أنطون سعادة كانت حصيلة تجربة شرابي في النهضة القومية العلمانية، وتجاوز الخصوصيات الأولية الطوائفية وبناء الجبهة العربية وتحريرالقسم الجنوبي من سوريا والمقصود به فلسطين مرة على غرار حصاد جيله المنكوس والمنتكس الذي عاش وعود ارتفاع الرايات ولوعة انكسارها إلى ماهو ضدها•• لقد شكلت هذه الراديكالية العملية الأولي التي قوطعت تطلعاتها الجامحة الأولي دموياً بانقلاب القوميين وإعدام سعادة النسيج التكويني الأساسي لوعي شرابي الشاب، ولقد استرجع هذه التجربة مرات كثيرة في مقدمات كتبه، وأفرد لها حيزاً كبيراً في سيرته الذاتية >الجمر والرماد< وأعلن عن أشياء كثيرة، وسكت على أكثر منها• كان د• شرابي واحداً من جيل النكبات، من جيل أولئك المثقفين المغتربين ليس عن الأوطان فحسب لكنه كان موغلاً في تلك الحال الاستثنائية التي يعتبر فيها المثقف ليس مجرد ضحية لعصر الانتكاب المستدام، وإنما شاهداً على فظاعته، ومبشراً كذلك بأسباب انقضائه،فهو بقدر ماكان ساعياً إلى الشهادة الصادقة على فواجع العالم العربي، بقدر ما كان متحرراً من التعليلات الجاهزة، لم يجد في العدو الخارجي المغتصب والمداهم سبباً كافياً لاستدامة النكبة، بل بحث عن العلة كذلك في عمق التكوين المجتمعي، كانت نظرية السلطة الأبوية كما جاء بها مؤسس التحليل النفسي>فرويد< تجد لها حقلاً خصباً في تفكيك البنية الاتباعية المتوارثة في آلية المجتمع العربي واستقالة أجياله من ثقافة الحرية والمبادهة الذاتية، والاحتماء بالموروث السلطوي كما دأب على تحليله شرابي من كتاب لآخر• كان إخلاص شرابي في سعيه المنهجي الأصيل لاكتشاف الداء والدواء قرين إيمانه العميق بالدور الفاعل للمثقف في مواجهة شروط الضرورة في مجتمعه وإلحاحه والحماس على أن الوعي الاجتماعي لايمكن أن يتبلور ويصبح خلافاً إذا لم يكن قائماً على فكر نقدي، وظل يمارس هذا الفكر النقدي بطريقة جذرية وبوعي جدي لايكف عن المساءلة، وعقل خلاق تمتزج فيه الصرامة المنهجية بالرهافة الإبداعية شأن أصحاب الرؤي الكبار، ولذلك سرد تاريخه الفردي في سيرة ذاتية كاشفة، وسرد ما شهده من تجربة الثورة الفلسطينية في مرحلتها الذهبية في قالب روائى كان إضافة إبداعية تكتمل بها دائرة الرؤيا التي انطوى عليها، والتي لم تفارق حلمه الأول إمكان قيام مستقبل عربي واعد



#خالد_محمد_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مصر : اليـهــود لهم حارة ولهم احتفالية في أبي حصيرة
- ألاف من علماء العراق أجبروا علي الرحيل منذ بدء الاحتلال
- صفقة عزام عزام : من الرابح •• من الخاسر
- رحـيل •• ولا عـودة - قصة قصيرة
- نساء نوبل


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد محمد غازي - حقوق الإنسان كانت قضيته الرئيسية وداعاً للمثقف المغترب •• هشام شرابي