أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!















المزيد.....

قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3765 - 2012 / 6 / 21 - 11:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



عبقرية هيجل تَظْهَر وتتجلَّى في كثيرٍ من أعماله وآرائه الفكرية والفلسفية؛ ولقد استأثر باهتمامي قولٌ له في شأن "الكائن (أو الوجود، أو الكينونة) الخالِص (الصَّرْف، المَحْض)" Pure Being.

جاء فيه أنَّ "الكائن الخالِص" هو عَيْنه "العَدَم"، وأنَّه "تجريد (فكري وفلسفي) فارغ وأجوف".

و"الكائن الخالِص" إنَّما هو "الشيء الذي لا وجود فيه للتناقض"، أو "الشيء الذي يَخْلو تماماً من نقيضه".

إنَّه لقولٌ وجيز؛ لكنَّ معانيه غزيرة، وفي منتهى الأهمية الفكرية، ونَقِف عليها في كل ميادين المعرفة والفكر والعِلْم.

"الخالِص" من الأشياء (ومن الكائنات) إنَّما هو شيء لا وجود له؛ لم يُوْجَد قَطْ، ولن يُوْجَد أبداً؛ فهو "الشيء الذي يَخْلو تماماً من نقيضه"؛ وإنَّ خُلُوِّ الشيء من نقيضه هو ما يجعله مستحيل الوجود، ومرادِفاً لـ "العَدَم".

"الماهيَّة (أيْ "ما هو هذا الشيء")"، ولجهة "تعيينها، هي "العِلْم"، في معنى من أهم معانيه؛ و"العِلْم"، في سعيه لتعيين ماهيَّة شيء ما، يحتاج إلى "المنطق الصوري (الشَّكلي)"، وإلى مبدأه الميتافيزيقي الأوَّل، ألا وهو مبدأ "الهوية"؛ فأنتَ تقول، على سبيل المثال، "هذا الإنسان ذَكَرٌ، وذَكَرٌ فحسب"؛ ليس ممكناً (من وجهة نظر ميتافيزيقية) أنْ يكون "أُنْثى"، أو فيه شيء من "الأُنوثة"، في الوقت نفسه؛ فإمَّا أنْ يكون (في اللحظة عينها) ذَكَراً وإمَّا أنْ يكون أُنْثى.

لكنَّ "العِلْم" لن يتقدَّم إذا لم يتوسَّع ويتعمَّق في الرؤية والنَّظر، أيْ إذا لم يتخطَّ هذا "المنطق الميتافيزيقي"، الذي استنفد مهمته وأهميته بعد الانتهاء من تعيين "الماهيَّة"، إلى "المنطق الدياليكتيكي (الجدلي)"، ويَفْهَم "الماهيَّة"، مِنْ ثمَّ، على أنَّها "متناقضة ذاتياً".

إنَّكَ لا تُخْطئ إذا ما قُلْت إنَّ هذا الإنسان "ذَكَر"، وإنَّ هذا الإنسان "أُنْثى"؛ لكنَّ هذا "الصَّواب" يغدو "خطاً" إذا ما تَطرَّفْتَ فيه، وقُلْت إنَّ هذا الإنسان هو "الذَّكَر الخالِص (أو "الأُنْثى الخالصة")"؛ فهل من وجود لـ "الذَّكَر الخالِص" في الإنسان، أو الحيوان؟!

وهل من وجود لـ "الأُنْثى الخالصة"؟!

ألا يشتمل "الإنسان الذَّكَر"، ومهما تطرَّفت فيه "الذُّكورة"، على "الأُنْثى"، أو على "شيء (نِسْبَةٍ) من الأُنوثة"؟!

ألا يشتمل "الإنسان الأُنْثى"، ومهما تطرَّفت فيه "الأُنوثة"، على "الذَّكَر"، أو على "شيء (نِسْبَةٍ) من الذُّكورة"؟!

و"الإنسان الذَّكَر"، كيف له، مثلاً، أنْ يتحوَّل إلى "أُنْثى" لو لم يكن يشتمل على شيءٍ (أو نِسْبَةٍ) من الأُنوثة؟!

إنَّ أحداً لا يستطيع أنْ يطمس (أو يضرب صفحاً عن) الفَرْق النوعي (البيولوجي) بين "الرَّجُل" و"المرأة"؛ لكن أليست "الذُّكورة" و"الأُنوثة" أمْراً "نِسْبِيَّاً"؟!

هذه امرأة، وتلك امرأة؛ وكلتاهما تشتمل على شيءٍ (أو نِسْبَةٍ) من "الذُّكورة"، على هيئة "هرمون"، هو "هرمون الذُّكورة"، ويسمَّى "تِسْتوستيرون" Testosterone.

إذا كان هذا الهرمون في ليلى أكثر منه في هند فلن نُجانِب الصَّواب إذا ما قُلْنا إنَّ ليلى أكثر ذُكورة (أو أقل أُنوثة) من هند، أو إذا ما قُلْنا إنَّ ليلى هي "ذَكَرٌ"، بالمعنى "النِّسْبي"، لا بالمعنى "المُطْلَق"، أيْ نِسْبَةً إلى هند، أو نِسْبَةً إلى ما كانت عليه من قبل (أيْ عندما كان هرمون الذُّكورة فيها أقل).

نقول "هذه الذَّرَّة موجِبَة (الشُّحنة الكهربائية)"، أيْ أنَّ عدد إلكتروناتها أقلُّ من عدد بروتوناتها.

لكن، هل من وجود لـ "المُوجِب الخالص" من "الذَّرَّات"؟

كلاَّ، لا وجود له أبداً؛ فأنتَ يُمْكِنكَ أنْ تَنْزَع من ذَرَّةٍ ما إلكتروناتها مُبْقِياً على إلكترون واحد فحسب. عندئذٍ تقول إنَّ هذه الذَّرَّة هي في "الحدِّ الأقصى" من "شحنتها الموُجِبَة"؛ لكنَّها لم تَبْلُغ، ولا يُمْكِنها أنْ تَبْلُغ، حَد "المُوجِب الخالص".

قد يقول قائل إنَّها يمكن أنْ تبلغه إذا ما نَزَعنا منها الإلكترون الأخير؛ لكن، هل يبقى لدينا، عندئذٍ، "ذرَّة"؟

كلاَّ، لا يبقى؛ فمع نَزْع الإلكترون الأخير من "الذَّرَّة" تَكُفُّ "الذَّرَّة نفسها" عن الوجود، ويبقى لدينا، فحسب، "نواة ذرَّة".

لا تُقِمْ "سوراً صينياً"، أو "حاجزاً ميتافيزيقياً"، بين "المُوجِب" و"السَّالِب" في الذَّرَّة نفسها؛ فـ "المُوجِب" من الذَّرَّات يشتمل (حتماً) على شيءٍ (على نِسْبَةٍ) من "السَّالِب"؛ فالذَّرة التي بلغت "الحد الأقصى" من "شحنتها المُوجِبَة" إنَّما هي نفسها الذَّرَّة التي بلغت "الحد الأدنى" من "شحنتها السَّالبة".

وكلَّما نزعنا من الذَّرَّة نفسها مزيداً من الإلكترونات زادت شحنتها الموُجِبَة، وقلَّت، في الوقت نفسه (وفي القدر نفسه) شحنتها السَّالبة.

"المُوجِب الخالص"، أو "السَّالِب الخالص"، من "الذّرَّات" إنَّما هو شيء لا وجود له؛ لم يُوْجَد قَطْ، ولن يُوْجَد أبداً.

"المُوجِب النِّسْبي"، أو "السَّالِب النِّسْبي" من "الذَّرَّات" هو وحده الموجود؛ وكلتا الذَّرَّتين (أيْ الذَّرَّة الموجِبَة والذَّرَّة السَّالِبة) تَكْمُن في الأخرى، وتَتَّحِد معها اتِّحاداً لا انفصام فيه؛ فهُما الضِّدان في وحدتهما وصراعهما.

هذه الذَّرَّة "مُوجِبَة"؛ لكنَّها يمكن أنْ تصبح "مُوجِبَة أكثر"، أو "مُوجِبَة أقل"؛ كما أنَّها يمكن أنْ تتحوَّل إلى ذرَّة "سالبة".

وفي المقارَنة نقول: هذه ذرَّة أوكسجين فَقَدَت إلكترونات؛ وتلك ذرَّة أوكسجين فَقَدَت إلكترونات أكثر؛ كلتاهما "مُوجِبَة"؛ لكنَّ "الثانية" مُوجِبَة أكثر من "الأولى". "الأولى" سالِبة نِسْبَةً إلى، أو مقارنةً بــ ، "الثانية"؛ فإذا فَقَدَت ذرَّة الأوكسجين المُوجِبَة مزيداً من إلكتروناتها قُلْنا إنَّها أصبحت مُوجِبَة أكثر؛ وهذا إنَّما يعني أنَّها كانت "سالِبة"، نِسْبَةً إلى، أو مقارَنةً بــ ، حالتها الآن.

"الذَّرَّة"، و"بصفة كونها ذرَّة"، تَكفُّ عن الوجود إذا ما سَعَيْنا في جَعْلِها "المُوجِب الخالص"، أو "السَّالِب الخالص"؛ وكل شيء ينبغي لنا أنْ نَفْهَم خواصه وصفاته وسماته على هذا النحو؛ فـ "الخالِص" من خواص وصفات وسمات الشيء إنَّما يعني "العَدَم"؛ لأنَّ السَّعي إلى هذا "الخالِص" هو نفسه السعي إلى إفْقاد الشيء (حامِل الخاصية أو الصفة أو السمة) وجوده.

و"الخالص" من "الأشياء (والأجسام)" هو أيضاً لا وجود له؛ لأنْ لا شيء يشذ عن قانون "التحوُّل إلى النقيض"؛ فكيف للشيء (أيْ لكل شيء) أنْ يتحوَّل إلى نقيضه إذا ما كان "خالِصاً"، أي إذا ما كان غير منطوٍ على نقيضه؟!

لِنَفْهَم كل شيء (وكل خاصية وصفة وسمة) على أنَّه "نِسْبَة معيَّنة" من نقيضه؛ فمهما تطرَّف يظل منطوياً على نِسْبَة من نقيضه؛ فإنَّ "ازدواج (أي تناقُض) ما هو واحد" هو جوهر "المنطق العلمي" في فَهْم وتفسير الأشياء والظواهر كافَّة؛ فإذا كان كل شيء في الوجود "أسود" فإنَّنا لن نميِّز شيئاً من شيء.. وإنَّنا لن نميِّز شيئاً من شيء إذا كان كل شيء في الوجود "أبيض (أو أحمر أو أخضر..)".

ابْحَثوا دائماً عن "الظُّلْم" في "العدالة"، وعن "العدالة" في "الظُّلْم"؛ عن "الدكتاتورية" في "الديمقراطية"، وعن "الديمقراطية" في "الدكتاتورية"؛ عن "الكفر" في "الإيمان"، وعن "الإيمان" في "الكفر"؛ عن "الرَّذيلة" في "الفضيلة"، وعن "الفضيلة" في "الرَّذيلة"؛ عن "الزوال" في "النشوء"، وعن "النشوء" في "الزوال"؛ عن "الاضمحلال" في "النموِّ"، وعن "النموِّ" في "الاضمحلال"؛ عن "القديم" في "الجديد"، وعن "الجديد" في "القديم"؛ عن "النَّسبي" في "المُطْلَق"، وعن "المُطْلَق" في "النسبي"؛ عن "الخاص" في العام"، وعن "العام" في "الخاص"؛ عن "السكون" في "الحركة"، وعن "الحركة" في "السكون"؛ عن "الموت" في "الحياة"، وعن "الحياة" في "الموت"؛ عن "الجهل" في "العِلْم"، وعن "العِلْم" في "الجهل".

ابْحَثوا؛ فإنَّ في هذا البحث تَكْمُن "علميته"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الإنكار- ل -شعبية- الثورة في مصر وسورية!
- مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!
- لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
- لعبة العجوز الداهية طنطاوي!
- لو قرأوا -الدولة والثورة-!
- إيضاحات وردود
- -مأثرة- ماركس التي عَجِزوا عن النَّيْل من إعجازها!
- -دولة المواطَنَة- التي تتحدَّانا أنْ نفهمها!
- -الديمقراطية- ليست -فتوى-!
- العودة إلى 11 شباط 2011!
- حتى يصبح -نفي الرأسمالية- هدفاً واقعياً!
- صراعٌ يَصْرَع الأوهام!
- خَبَرٌ صغير!
- .. إلاَّ انتخاب شفيق!
- مصر.. عودة الوعي وعودة الرُّوح!
- -الحولة-.. صورة حاكمٍ وسُورة شعبٍ!
- -الرَّائي- و-المرئي- في -الرؤية الكونية-
- -العقد شريعة المتعاقدين-.. أهو مبدأ ل -السرقة-؟!
- حتى لا ينتصر شفيق وتُهْزَم مصر!
- إنَّها -المستحيلات الثلاثة- في الكون!


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!