أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرزاق عيد - حزب الشعب /إعلان دمشق / سطو المعارضة على الثورة (الحلقة الثانية)















المزيد.....


حزب الشعب /إعلان دمشق / سطو المعارضة على الثورة (الحلقة الثانية)


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 3764 - 2012 / 6 / 20 - 20:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحدثنا في الحلقة الأولى عن مبررات تنبيهنا لشباب الثورة من الاعتماد في سياساتهم ومواقفهم على المعارضة التي لا تملك شيئا من أجل الثورة ... فمنذ اليوم الأول للثورة خاطبنا الشباب وقلنا لهم : "لا تنتظرونا فليس لدينا ما نقدمه لكم سوى حبنا ومشاعرنا الطيبة ، حيث نفتديكم بعيوننا ..لا نخبيء برنامج ولا خطة لا نخبيء سوى الهزائم خلال خمسين سنة (سلطة ومعارضة) ، حيث الفارق بين الاثنين هو فارق أخلاقي بين جلاد ( السلطة ) وضحية هي ( المعارضة) ، بينما نحن والسلطة متماثلون بنيويا ، وصراعاتنا وتناقضاتنا لم تكن مؤسسة على تناقض (حرية /استبداد) ، بل على مقولة (وطنية /استعمار) ...ومن ثم التباريأو لنقل المزاودة على من هو الأكثر وطنية وعداء للإمبريالية ممانعة وصمودا وتصديا وقوة صوتية في الردح ضد الاستعمار وأعوانه من الرجعية ، وفي الجهة الأخرى كان هناك المستسلمون الميالون للواقعية السياسية والميل للتفاوض ، وتوج ذلك انقسام العالم العربي بين كامب ديفيد والصلح مع سرائيل ، وبين المعادين للتسوية السياسية ورافعي شعرات الصمود والتصدي والتحرير ...إذا كانت الإشكالية المركزية هي إشكلية (الهوية ) القومية والإسلامية أو العالمثالثية يساريا بوصفه حركة تحرر وطني ...

إن موضوعة الحرية لم تشغل الفكر العربي منذ المعتزلة الذين طرحوها كإشكالية لاهوتية ( اقضاء والقدرة ، والاختيار ، وظلت هذه المسألة حبية الاسبداد العربي حتى بدايات القرن العشرين الذي ترجم فيه كتاب جون ستيورات ميل عن (الحرية ) الذي شكل المرجعية السياسية والتشريعية لمرحلة الليبرالية العربية حتى سقوطها مع ثورة يوليو المصرية ...ولهذا كانت هذه الموضوعة القائمة على التناقض الرئيسي (التناقض بين الحرية والاستبداد) ،وليس تناقض الهوية (أنا العربي أو المسلم أم التحرري ضد /الآخر الأجنبي : الأوربي والأمريكي –المسيحي الصليبي –الإمبريالي ) ، إذن مقولة (الحرية /الاستبداد ) ظلت غريبة على العقل العربي السياسي والثقافي والدولتي خلال خمسين سنة حتى مجيء ثورة الشباب مع ما سمي بالربيع العربي ،ولم يكن قد سبقهم إليها سوى بعض الأصوات النخبوية الثقافية التي صنعت ربيع دمشق ، ودفعت ضريبة جدية سجونا ومعتقلات ....فأصبح لدينا معتقلين من أجل الحرية والديموقراطية بعد أن كان الاعتقال والسجن والاضطهاد قائما ضد من كان أكثر يسارية أو قومية بل وذروة الإضطهاد كان موجها للأكثر إسلامية ...

وعلى هذا فنحن تجاه قطيعة معرفية بين عقل الثورة الشاب المؤسس على جدل (الحرية/ الاستبداد) وعقل المعارضة المؤسسة على ثنائية تقليدية لم يستطع الفكر السياسي العربي والإسلامي أن يتخطاها حتى اليوم ،وهي ثنائية الهوية ( تحرر /استعمار) ...وذلك بعد أن تحول زمن ما بعد الاستقلال إلى زمن عبودية لم تعرفها الشعوب في ظل الاستعمار ...ولهذا يميل الشعب السوري غريزيا ليقارن بين العدوانية الإسرائيلية الموجهة نحو الشقيق الفلسطيني، والوحشية البربرية البدائية للنظام الميليشي التشبيحي الطائفي الأسدي ..

تأسيسا على هذا الفهم النظري نحن نتناول دور وفعل المعارضة ، وليس كما فهم البعض أنها تصفية حسابات ثأرية مع هذه المجموعة أو تلك أو هذا الفرد أو ذاك ...رغم أن تركيزنا النقدي سيكون على المعارضة الأقرب لساحتنا الفكرية والسياسية وهي ( المعارضة القومية واليسارية والعلمانية ...) وليس الإسلامية التي لا تختلف في إشكاليتها الصراعية معرفيا عن إشكالية القوميين أو اليساريين (الهوية) ...لكنا مع ذلك نجد أنفسنا معنيين بشؤون بيتنا الداخلي تاركين للآخرين أن يرتبوا بيوتهم على ضوء أسئلة الثورة المؤسسة على التناقض بين (الحرية والاستبداد ) وليس بين التحرر والاستعمار قوميا...أو الإيمان والكفر إسلاميا ....وتأسيسا على هذا الخلط بين فكر المعارضة التقليدية وفكر ثورة الشباب ، ومن ثم تقدم المعارضة التقليدية لقيادة العملية السياسية في زمن الثورة أو ما بعدها ، اعتبرنا أن ثمة عملية سطو على الثورة ذات النواة الشبابية من قبل المعارضة التقليدية الطامحة لقيادة هذه الثورة الشبابية ذات الوعي النوعي الجديد المختلفة حتي (جينيا :جينالوجيا المعرفة) ، عن أجيالنا (المهزومة ) ،وهذا الجيل الشاب اليوم هو بملايين حملة الشهادات الجامعية ... فهي ثورة عقلية ثقافية تتخطى إيديولوجيات (الهويات: القومية واليسارية والإسلامية )، لتكون ثمرة عولمة ثقافية كونية تضع قضية الحرية وحقوق الإنسان في مقدمة الأهداف ، وتأسيسا على هذا الهدف تشتق باقي الأهداف ، ولهذا ليس مهما "هوية الآخر المستبد إن كان صهيونيا أو كان أسديا"، وفق مبدأ التأسيس على أن التناقض الجوهري في عالمنا اليوم هو (التناقض بين الحرية والاستبداد ) كما ألمحنا، وهذا ما ينبغي أن يتدرب على فهمه إخوتنا الفلسطينيون ،بأن عدونا واحد وهو الاستبداد إن كان استبدادا صهيونيا أو ستبدادا عربيا، أي لن نقبل من أحد منهم السكوت على الوحشية الأسدية التي هي أشد وحشية وبربرية من الوحشية الصهيونية ، بل إن تراثنا العربي يشع ببعض الالتماعات التي تؤكد على أن (ظلم ذوى القربى أشد مضاضة .... )...

وعلى هذه الأسسس سنواصل سرديتنا في حلقتنا السابقة عن : ( هل رياض الترك : رأس مال وطني مهدور ؟؟ !!)
كنا في الحلقة السابقة تحدثنا عن اللقاء مع الثلاثي (الأتاسي) ، الأول الذي أتانا بنبأ دعوة فرنسا (إلى نصيحة النظام وليس عزله ومحاصرته) ، واعتبرنا هذه الأطروحة هي وصية (رياض الترك ) من خلال ممثله ، مما جعلنا نعتبر أن هذا الخط (المصالحة) لم يعد الخط الانتهازي لجورج صبرة وجماعته ، ممن كان يسميهم (أبوهشا –الترك) " أصحاب فلسفة حماية الذات" ، بل إنه انسجم معهم سيايا وتوحدوا برنامجيا ،كما وذكرنا أن السيدة الأتاسية الثانية تعرضت إلى تعنيف وزجر من ابن عمها علي الأتاسي القادم من لبنان بمهمة حزبية من حزب الشعب ومن رياض الترك نفسه الذي تربطه به علاقة خاصة ..وذلك لأنها ذكرت أن برهان غليون يعتبر أن معتقلي المجلس الوطني ذهبوا إلى السجن عبثا ...!

أما الشخصية الأتاسية الثانية ،فكانت شيخا عجوزا لا يستطيع الاجتهاد خارج دائرة المحرمات الفقهية الشيوعية لقائدهم التاريخي (الترك )، فقد سكت حينها عن مضمون السياسة الجديدة لحزبه الداعية لفك الحصار عن النظام ، وهو سيكون الشخصية الرئيسية في سرديتنا هذه في الحكاية التالية عن ( أخينا الكبير الترك ) وفق دلالة التسمية السردية (الأخ الكبير) لجورج اورويل في رواية 1984 ..

حيث بعد فترة قصيرة سيبلغني الأخ الأتاسي الأكبر (أبو كمال) دعوة الى مؤتمر للمجلس الوطني لإعلان دمشق في بروكسل ،فقلت له لكني لم أرشح نفسي لعضوية هذا المؤتمر في هيئة باريس ولهذا سأحضر كضيف لا يحق له الترشيح والانتخاب ، فقال :ان النظام الداخلي للمجلس ،يسمح لك بحضور كل المؤتمرات واجتماعات المجلس الوطني ،بوصفك عضوا مؤسسا للمجلس .حيث وقعت باسمك الفردي ضمن الشخصيات الوطنية الموقعة بصفتها الفردية ..مثل جودت سعيد ورياض سيف وهيثم المالح وفداء حوراني والراحلان عبد الرحمن الضحاك ونايف قيسية ....ذهبت مع الشيخ العجوز الأتاسي الى بروكسل لحضور المؤتمر على ضوء الفتوى القانونية للنظام الداخلي التي أفتى بها الأخ الأتاسي ممثل الإعلان وحزب الشعب في فرنسا ...

هذا الرجل الذي أتمنى له طول العمر ليشهد شهادة الحق ،فقد فوجئ بالحملة عليه من قبل حزبه لأنه لم يعبر عن رفضه لترشيحي لرئاسة المجلس الوطني ،حيث قضينا الرحلة مع بعض ولم يعرف أو أعرف بأني مرشح الى رئاسة المجلس، لن أتوقف طويلا عند عرض الترشيح علي ، وتعبيري عن تحفظاتي التي أولها وآخرها أني لا أريد أن أوضع بموقع رسمي يحد من حرية تعبيري ، فالكتابة بالنسبة لي غدت آخر مساحة للحرية الفردية الشخصية والانسانية ،سيما بعد الفيسبوك ، حيث المتعة في أن أكتب نصا خاصا لست مضطرا فيه لأي رقيب أو حسيب ..سوى رقابة حرية ضميري ومزاجي الكتابي في لحظة الكتابة ،حيث يتمازج في نصي السرد بالتاريخ ،المأساوي بالملهاوي ،الجدية المفرطة بالسخرية والعاطفية الشديدة الخطابية ، بالتوازي مع التقشف اللفظي الممزوج بالبذل اللغوي والسخاء التعبيري والإفراط بالإستثمار الدلالي ، الذي يتوخى تارة المباشرة التعبوية التحريضية ،وتارة التجريد الذهني الرياضي ..الخ .. تلك هي آخر مغامراتي الفردية والإنسانية في تجربتي مع امتلاك متعة الحرية من خلال الكتابة ..
بسّط علي الأصدقاء المقترحون فكرة ترشيحي لرئاسة المجلس ، وأنه لا يستدعي كل هذه التحفظات وأن الموضوع لا يعدو أن يكون تكريما لي لإدارة جلسات المؤتمر ..
فوجئت باصطفافات انتخابية - وأقسم لو كنت أعرفها مسبقا لما دخلتها - ولكي لا يعتبر القارئ أني اصطنع التعفف أو الزهد بالمناصب، أقول : لا ليس تعففا ولا زهدا بل ترفعا وتعاليا ،لأني بكل بساطة أنظر لنفسي وتاريخي وحجم انتاجي الثقافي والفكري على أني أكبر من أن أدخل في منافسة مع أي حد ‘ أيا كان ومهما على شأنه ، لأني طوال حياتي مشغول (بعلو المكانة لا بعلو المكان) على حد تعبير شيخنا ابن عربي ،وهذا ليس تصغيرا من شأن أحد ،بل لأن لي شأنا واهتماما مختلفا ومغايرا عن اهتما غيري وشأنه !!!

تصور عزيزي القارئ أن امرءا لا يعنيه هذا الأمر من قريب أو بعيد مثلي ،كيف سيكون وضعه حين يأتيه منافس يضطر لمغالبته تحت ضغط الأمر الواقع المفروض الذي لم يكن لدي أدنى تصور عن مساراته ، حيث فهمت أن دعوتي للرئاسة هي محط إجماع الجميع وأني لست مضطرا لخوض انتخابات ، لكن المدهش في الأمر أن تجد نفسك دخلت انتخابات ، وعندما تحصل على نتائج تكسبك الجولة بما يعادل 80% - (39 ) صوتا.مقابل أقل من 20 % بالمئة (12 ) صوتا لمن يفترض أنه خصمك الذي لا تعرفه ، ولا تعرف أنه مدعوم ومؤيد من حزب الشعب (رياض الترك ) الذي كنت تفترض أنه الفصيل الأقرب لك ،فإذا بك تجد نفسك في معمعان معركة لم تخطر لك قط على بال ،فتجد نفسك مؤيدا من الأخوة الأكراد بتعدد تياراتهم السياسية وتأييد الإسلاميين بتنوع مشاربهم ،إخوانيين وسلفيين ، بينما كان خصمك الذي رفع الخصومة لدرجة العداوة هو حزب الشعب (رياض الترك )، كل ذلك دون أن تفهم سر هذه المعركة الشرسة حتى الآن رغم صداقتك مع الكثيرين في هذا الحزب الذي يشهد نزيفا في الآونة الأخيرة ، هي على الأرجح نتاج سياساته التي ترفع شعار (رفع الحصار عن النظام) في زمن تتشكل فيه قاعدة من ملايين الشباب الذين نضجت في داخلهم قناعة (اسقاط النظام) تأسيسا على أولوية (الحرية والكرامة -حقوق الإنسان) ...أي معادلة أولوية تناقض عصرنا ( الحرية /الاستبداد ) ، في مواجهة شعار الأربعينات (التحرر/الاستعمار) ...حيث هوجمت يومها بشراسة من قبل المرشح الخصم بأن رئاستي للمجلس هي ضد الوطن ومصلحة الوطن ، وذلك عندما بدأت أهاجم من قبل مرشحيه ومنتخبيه في حزب الشعب، منددين بي وبوطنيتي لأني أنتقدت إيران وحزب الله !! بل وانسحب المرشح المضاد وهدد البعض من أنصار حزب الشعب والقوميين البعثيين الحلفاء لحزب الشعب بالانسحاب ، إذا كنت مصرا على رأيي بحزب الله وايران ...!!!.

ليست هنا المشكلة الأساسية ، بل إن المشكلة كانت في اليوم الثاني إذ نكتشف أن (أبوهشام- الترك) على السكايب ، وكان في ذروة عصبيته يصرخ أن خط عبد الرزاق عيد يمثل خطا متطرفا جانحا ويجب أن يستقيل فورا، وإلا فإنهم سيصدرون بيانا ينفصلون به عن إعلان دمشق الخارج ،أو يعلنون عدم اعترافهم ...لم أعد أتذكر الصيغة ...أعلنت استعدادي للاستقالة انطلاق من مقولة الأخوة اللبنانيين : من أنني ومجموعة المثقفين الصانعين لربيع دمشق المتوج بإعلان دمشق ،"نحن أم الصبي" ، وإلا فإنه بكل بساطة يعود إلى حزبه العتيد ،ولا ضرورة لهذا الإطار الذي صنعه المثقفون (إعلان دمشق) ...اقترح البعض أن نؤجل ذلك لكي لا ينفجر المؤتمر ، وأن نعدهم أننا سننفذ الاستقالة بعد شهرين أو ثلاثة ...رغم الاعتراض الشديد من الجميع خاصة الأستاذ أحمد جتو زميلي في مجلس الرئاسة الذي هدد أنه لا يقبل استقالتي إلا إذا ترافقت مع استقالته ...وكذلك الأشقاء الأكراد ممثلي الأحزاب الكردية ، وخاصة الممثلين بالأمانة العامة ،والأخوة الإسلاميين ( الأستاذ علي الأحمد و الأستاذ محمد زهير الخطيب ) ..ووعدتهم جميعا أني لن أقدم على خطوة الاستقالة بعد ثلاثة شهور إلا بعد أن أشاورهم في الأمر ..لقد أقدم حزب الشعب وقائده رياض الترك على هذه الخطوة نحو عشرات السوريين المثقفين الذين يعيشون في الغرب ،ويتعايشون مع قيمه الديموقراطية متطلعين للاستفادة من التجربة الديموقراطية الغربية ،لا ستلهامها وطنيا في بلادهم ،فإذا من سميناه (منديلا سوريا " يزدري أصواتهم ويقول لهم أنتم مخطئون باختياركم لعبد الرزاق المتطرف ، وما عليكم سوى أن تبلعوا أصواتكم ،وإلا طردناكم جميعا من الإعلان ...طبعا صوت (أبو هشام –الترك) أعاد الشباب جميعا إلى أرض الوطن المكتوم الأنفاس ، ليعيش الجميع تخييليا كوابيس أعراس الانتخابات الديموقراطية الشعبية في ظل الأسدية .. فمن إذن الذي يهدر الرأسمال الرمزي لرياض الترك وحزبه بل ولإعلان دمشق الذي خربه بعد هذه الواقعة ، وسمم الحياة السياسية للمعارضة السورية في الخارج !!!؟؟؟
اتصلت بعدها بأ حد ممثلي حزب الشعب ، وطالبته أن يطمئن الحزب وأبوهشام بأني سأنفذ تعهدي ...بدون ضجيج إعلامي ،وأن الأمر لا يعنيني، ولن استخدم هذه الصفة (رئيس المجلس) لا تنزل ولا ترفع من قدري .. وفعلا لم أستخدمها إلا بعد قيام الثورة ومشاركاتي التي غدت كثيرة على الإعلام ..حيث افترضت أن أوار نيران سخط حزب الشعب وقائده التاريخي قد خف تأججها ، وذلك لافتراض منطقي وعقلاني ،وهو أن الثورة برهنت على أن خطابي قبلها لم يكن متطرفا أو جانحا أو جعاريا أو طائفيا ،بل أثبتت الثورة أني كنت أنتج خطابا مطابقا للحظة التأجج الثوري المجتمعي الذي كان يتفاعل تحت قشرة الواقع ...

وذلك إذا كانوا صادقين بذريعتهم بأن خطابي كان متطرفا، وربما يسبب لهم إشكالات عبر عنها الإعلام الأمني الذي هدد على صفحات موقع (الحوار المتمدن) :بأن عبد الرزاق عيد إذا لم يستقل فإن الإعلان سيتعرض لعملية ابادة سياسية ، حتى ذهب بعض الأصدقاء لاعتبار أن اللهجة العالية بمطالبتي بالاستقالة كان تحت ضغط المخابرات أو بالتنسيق معها ، سيما عبر مندوب الحزب المفاوض مع الجهات المعنية حينها الأستاذ جورج صبرة ، وفق رواية الترك ذاته ..

لكن العجيب في الأمر أنهم خلال فترة الشهور حتى قيام الثورة ، كانت كل محاضر اجتماعاتهم ومراسلاتهم بين دمشق والخارج ،تدور حول استقالتي ، ومتى سأنفذها ؟ والرسائل محفوظة لدي بالأرشيف ، وسأنشرها بالوقت المناسب بعد انتصار الثورة إن شاء الله ...فقط للدلالة على مدى ما يمكن أن ينتظر من هذه المعارضة من فعالية وتأثير، ومن ثم وتفسيرا لموقفي الذي أطالب به الشباب أن لا يمحضوا قيادة هذه المعارضة ثقتهم إذا كانت هذه مشاغلهم خلال شهور يتناقشون حول :متى سيقدم عبد الرزاق عيد استقالته من رئاسة الإعلان...

وما يعزز هذا الموقف والدلالة أنه بعد الثورة بشهر ونصف ، عقد مؤتمر أنطاليا ، فظلوا على موقفهم يطالبون باستقالتي، رغم أنه بعد الثورة يفترض أنه لم يعد يحرجهم (تطرفي وجنوحي وجعاريتي وخطابي الشوارعي ...لأن خطابي هذا أصبح هو خطاب الشارع ...!
لقد أخبرناهم بأني مدعو لمؤتمر أنطاليا شخصيا ، وبقيت حوالي الأسبوعين وأنا أحاور المحضرين للمؤتمر بأن الدعوة ينبغي أن تتم باسم إعلان دمشق بوصفه المظلة الأوسع والأكثر شرعية للدعوة إلى مؤتمر وطني للمعارضة السورية، سيما في حينها كان الأخوان المسلمون والأخوة الأكراد ما زالوا أعضاء ملتزمين فاعلين في إعلان دمشق، في حين أن المؤثرين في الدعوة إلى هذا المؤتمر يريدون أن تكون الدعوة باسم شخصيات وطنية ، وأن تكون مشاركتي بصفتي شخصية وطنية كما كانت في الإعلان ...سيما أنهم سجلوا اعتراضهم على الدعوة باسم الإعلان تجنبا لمشاركة أنس العبدة بسبب ما كان يثار حوله من تلقيه مساعدات مالية أجنبية مشبوهة ...ولا يريدون مشاركته في المؤتمر من خلال حضوره باسم الإعلان ...بلغنا الأخوة في دمشق عن طريق القناة المتواصلة معهم في الخارج بهذه التفاصيل بأنهم إذا كانوا لا يرتأون المشاركة باسم الإعلان ، فإني سأشارك في هذه الحالة بصفتي الفردية التي يفضل الآخرون من الشركاء في المؤتمر أن أشارك بهذه الصيغة الفردية الشخصية بكل الأحوال، لأنها الصيغة الأقل إثارة للحساسيات السياسية والحزبية، فقررت المشاركة بصفة شخصية مادام تأخر جواب الأخوة في الداخل.... لكنا في اليوم الثاني للمؤتمر نقرأ تعميما باسم إعلان دمشق في الداخل يعلن أن الدكتور عبد الرزاق عيد لا يمثل إعلان دمشق ....وهذا البيان يظهر بعد شهر ونصف من الثورة ، أي بعد أن حسم أمر إن كنت متطرفا أو جانحا أم لا !!!

كان التفسير الأيسر أن تعتبر هذه المواقف تحركها دوافع شخصية عدوانية كيدية مشبعة بالغيرة والحسد الدنيء حتى في لحظة تدفق دماء أبناء الشعب ،، بل وذهب البعض في تفسيرهم النفسي لشخصية ابن العم ( أبوهشام –الترك ) بحاجته في كل فترة إلى فريسة ، حيث خلال وقائع المؤتمر حدثت الجريمة النكراء بقتل الطفل حمزة الخطيب والتمثيل بجثته ،حيث كان أول طفل فريسة للأسد الصغير ...

لكن التفسير المنطقي السياسي الأكثر عقلانية ومعقولية أن المؤتمر عقد تحت شعار :"اسقاط النظام" وكان ذلك أول شروطي للمشاركة في هذا المؤتمر، فتم تبنيه على مضض من قبل البعض، ورفضه البعض الآخر ، دون إعلان ذلك ، ومنهم كان حزب الشعب وإعلان دمشق بعد أن كان حزب الشعب كان قد حسم هيمنته على إعلان دمشق ، وذلك بعد اعتقال وحبس فرسانه ،سيما رئيسة المجلس (الدكتورة فداء حوراني) ورئيس أمانته العامة (الأستاذ رياض سيف) ، وبعد أن قفز الصغار إلى مواقعهم ، وذلك عبر ممالأة (أبو هشام –الترك) ، من خلال تشجيع رجال الأعمال ، فكان بينهم شخص يفترض أنه رجل أعمال من حلب، كنا قد شجعنا بروز دوره كتحفيز لأرباب الصناعة والتجارة في المجتمع المديني الحلبي، فنقل معه منظومة أخلاق السمسرة والتجارة والعمولات بصيغة رشوات صغيرة عن طريق الدعوات، مفعمة بروح الممالأة والتملق والتربص وتحين الفرص ،وقد لعب هذا الشخص (سمير نشار ) دورا مريحا في تغذية نرجسية بل سادية رياض الترك إذا صح أن نتقبل نظرية الحاجة إلى (فريسة نفسية ) وذلك بعد غياب الكبار ... من أمثال فداء حوراني ورياض سيف ..

. وفي هذا السياق نجد من الضرورة الحديث عن السيد علي الأتاسي موفد ( أبوهشام / الترك) لإرسال رسالة للفرنسيين تدعوهم (لنصيحة النظام لا لمحاصرته) ، سيكتب قبل مؤتمر أنطاليا ردا على ردي على برهان غليون الذي كان قد أتهم مؤتمر أنطاليا (بخدمة أجندة أجنبية) ..فاتهمنا الشاب الأتاسي بأننا نحن أصحاب خطاب تخويني، رغم أن مضمون موقف برهان حينها هو تخوين مؤتمرنا الذي ضم حوالي 400 معارض ، ويستشهد الأتاسي الشاب برياض الترك على دعواه ، وذلك بأن يدعو الناس الذين يذهبون إلى دمشق ويلتقون رياض الترك ..أن يحدثهم عن قصص وحكايا كثيرة عما فعله عبد الرزاق عيد من أجل أن يسيطر على إعلان دمشق ويغدو رئيسا له في الخارج ..!! وهذا ما سيعزز قراءتنا ، حول مطاردتي بوصفي متطرفا –جانحا-شوارعيا- ومن ثم طائفيا ..حيث (الأتاسي الشاب المبعوث) في هذه الرسالة يدعو إلى تنحيتي عن كل مهامي التمثيلية في المجلس الوطني...ولم يمر يومان حتى أصدر جماعة الإعلان في الداخل.بيانا يعلنون أني لا أمثل إعلان دمشق في مؤتمر أنطاليا دون أن يكونوا مضطرين لذلك لأني أعلنت مشاركتي في مؤتمر أنطاليا بصفة شخصية كما أشرت ، حيث ليس هناك تفسير آخر لفعلهم هذا سوى الرغبة بإلاساءة والإهانة ... وكأن هناك معلم واحد للجميع ..هو الذي يعطي الأوامر للجميع ...ونتمنى أن تكون الثورة –بعد تقويضها لجدار الخوف- أنقذت إخواننا المعارضين من ذل أوامره وتعليماته ...وثورة شبابنا هي الوحيدة القادرة على القطع المعرفي والسياسي والأخلاقي والقيمي مع مملكة الخوف والرعب الأسدي ، بما فيها إنقاذ كرامة معارضتنا المهزومة بهزيمة نظامها ...على طريق امتلاك الحرية ...

نخلص من كل ذلك إلى أن حزب الشعب وإعلان دمشق وباقي أطراف المعارضة ، لم تعلن موقفا صريحا من إسقاط النظام إلا بعد شهور من رفعه في الشارع السوري ، بل إنها حتى الآن لم تلغ دعواتها إلى المصالحة ورفع الحصار وفك العزلة عن النظام ببيان يلغي البيانات السابقة ،مما يجعلهم حاملين لقابلية المصالحة في ظل سلطة العصابات الأسدية من خلال المبادرة الروسية ، ولقد سقط رهاننا على الجانب الحي المتأجج بروح الغضب الساطع للأخ (رياض الترك) ، عندما كنا نعتقد أنه يختلف عن المحيطين به من جماعة السياسة (الغنيمة) ، بعد أن راهنا كثيرا على اذكاء روح الاحتقار والازدراء للمنظومة القيمية والأخلاقية للنظام، وذلك قبل تفتح شهواته الغرائزية الدموية لذبح الأطفال من خلال التعويل على الروح الكفاحي لـ(أبوهشام-الترك) ....لكن مع الأسف فإن غالبية النخب في المعارضة خارج حركة الثورة على استعداد للقبول بالتفاوض ليحظى بمنصب أو موقع في جهنم المافيا الأسدية المتوحشة ... مما يفتح الباب واسعا أمام ممكنات السطو على الثورة من قبل المحترفين ..ولهذا لا بد من التحذير والتوجه للشباب أولياء الدم بوصفهم أولياء الحل الذي مهروه بأطهر وأنبل الدماء ....

كنا نباهي برياض الترك كثروة ، بوصفها ثروة وطنية ورأسمال يغني التراث الوطني والذاكرة الوطنية من خلال سجنه الطويل والشجاع الذي فخرنا به بوصفه (مانديلا سوريا)، وكنا مقررين لو عشنا بعده أنا سنجعل من رأسماله الرمزي أيقونة مشعة على صدر سوريا ....لكن مع الأسف فإن معظم رأسماله هدره في الحرب على أصدقائه ورفاقه ...سامحه الله



#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل رياض الترك : رأس مال وطني مهدور ؟؟ !!
- حول طرد أدونيس من ( شاتليه) ساحة تظاهرات السوريين في باريس ي ...
- غسان تويني ظاهرة اسمها الحرية!!!
- في المعارضة السورية ، كما لدى نظامها الديكتاتوري، ليس مهماً ...
- ويسألونك: لماذا يتم اختيار ممثلي المجلس الوطني وفق خيارات دو ...
- هل يعرف الأخوان المسلمون حلفاءهم اليساريين حقا ؟؟!!
- مذبحة -الحولة- بين (الثابت والمتحول ) !!
- خيبتنا بالمثقف الفلسطيني : (بشارة وعطوان ) !!؟؟؟
- ويسألونك: لماذا يتم اختيار ممثلي المجلس الوطني وفق خيارات دو ...
- يسألونك هل مشكلة المجلس الوطني ب (غليون) الذي استقال ؟
- هل خطاب ميشيل كيلو خطاب سلطة أم معارضة ا؟
- ويسألونك عن رئيس المجلس الوطني القادم ..!؟
- المجد للمرأة السورية في الأرض والسماء : فالجنة تحت أقدامهن ا ...
- المهم كشف القفا لمقدس الخوف والرعب.. (الطائفي – الأسدي ) : ا ...
- هل هناك سلطة ومعارضة في إطار الدولة والمجتمع في سوريا ؟
- -الجهاد- أم -الدفاع عن النفس- ؟! قبلة على جبين شبابنا: جيل ل ...
- العجائبي والخارق والعار في سلوك القاصر (بشار) ...!!!
- بين -الممانعة - السياسية و-المماتعة - الجنسية !!!!
- العلاقة بين مفهوم الثورة والجهاد في الثورة السورية
- ليت الرئيس المنصف المرزوقي كان منصفا مع الشعب السوري !؟


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرزاق عيد - حزب الشعب /إعلان دمشق / سطو المعارضة على الثورة (الحلقة الثانية)