أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود قاسم أبوجعفر - سليمان النعامي .. شيخ العرب !















المزيد.....

سليمان النعامي .. شيخ العرب !


محمود قاسم أبوجعفر
كاتب وباحث وشاعر

(Mahmoud Qasim Abu Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 3758 - 2012 / 6 / 14 - 23:35
المحور: كتابات ساخرة
    


- على الرغم من أنه مواطن مصري بسيط ، لا يبغي – في الحقيقة – من دنياه الفانية سوى الستر ودوام الصحة والعافية ، إلا أنه قد ضرب أروع الأمثلة – الصادقة – في الكرم والسخاء والبذل والإيثار وحب الآخر ، بغض النظر عن تباين دينه أو جنسه أو عرقه القبلي ، ليس ذلك فحسب ، بل إن المتابع – جيداً – لتصرفاته الشخصية وتعاملاته الحياتية المحمودة عن كثب ، سيتبدى له – يقيناً – أن مثل هذا النموذج الإنساني القويم قد بات " عملة نادرة " في غضون عصرنا الراهن هذا ، ولا أكون مبالغاً حينما أؤكد على أن مثل هذه المعادن البشرية النفيسة لا تستحق منا الشكر والمدح والثناء فحسب ، وإنما تستحق – في تقديري – لدراسة واهتمام الباحثين والمتخصصين من علماء النفس والاجتماع ، حتى – نجسد – لشباب أمتنا – أبهى - صور ومعاني الرجولة ومكارم الأخلاق ، من ناحية ، ولكي نتخذ من مثل هؤلاء الرجال الأخيار " نبراساً " عملياً ، وقدوة حسنة في شتى مناحي تعاملاتنا الحياتية المختلفة ، من ناحية أخرى .

- وفي الواقع ، فإنني قد آثرت الاقتراب من ذلك النموذج البشري الفريد – على المستوى الشخصي – لأتحقق – قدر المستطاع – من سر حب وتقدير وإخلاص المحيطين به من الناس لهذا الحد من الوفاء والتفاني المطلق ، وبالفعل ، فقد سألته عن مسماه الشخصي وموجز سيرته الذاتية ، فما كان جوابه إلا الصمت برهة قليلة من الوقت ، ثم تحدث قائلاً :- اسمي الأسطى سليمان خليل النعامي ، ولدت ونشأت بمنطقة " النعام " بالقاهرة عام 1969م ، أي أنني أبلغ من العمر " 43 " عاماً تقريباً ، والتحقت – في البداية – بالمدرسة الابتدائية ولكنني تركتها في الصف الرابع الابتدائي ، لأبدأ العمل – آنذاك – بورشة الأسطى حسن خليل والأسطى مصطفى سليمان ، بميدان النعام القديم ، هذا إلى جانب قيامي بعمل إضافي خاص ، مكنني – بعد ذلك – من استئجار ورشة خاصة بي ، بعمارة سويلم ، الكائنة بميدان محمد إبراهيم عبد الرازق ، وما إن لبثت بتلك الورشة إلا قليلاً ، حتى تركتها – مضطراً – بسبب ضيق مساحة الشارع الكائن به ورشتي ، حيث أنني كنت أعمل في سيارات النقل الثقيل في ذلك الوقت ، وفي النهاية ، استقر بي المطاف في هذه الورشة – المتواضعة – الكائنة بشارع الخزان بالمرج ، واستطرد الحديث قائلاً :- في البداية كنت – أضطر – لإغلاق الورشة – أحياناً – لكي أقوم بتصليح المواتير بمنطقة " توشكى " بجنوب مصر ، لكنني – الآن - قد انتظمت بعد أن شعرت بالاستقرار النفسي والمادي ، بسبب اتساع مساحة الشارع الكائن به ورشتي ، من جهة ، ولارتباطي " الأخوي " الحميم برفيق حياتي ، الأسطى أحمد الكهربائي ، من جهة أخرى ، لا سيما أنني قد لمست في شخصه الكريم – منذ الوهلة الأولى – كل معاني الصدق والرجولة والإخلاص ونقاء القلب .

- والحقيقة أنني قد بصرت – بأم عيني – السيد سليمان النعامي ، وهو ينفق ما بوسعه من مساعدات مادية وعينية للفقراء والضعفاء والمقهورين ، ليس ذلك فحسب ، بل إنه – غالباً – ما يعطي العاملين بورشته أضعاف حقهم وأجرهم وعرقهم ، رغم حصوله على لقمة العيش بصعوبة بالغة وجهد مضني ، ولعل هذا ما دفعني لأن أتعرف – منه – على أهم الدوافع والأسباب " المكنونة " التي آلت به لهذا الحد من الإيثار المفرط ؟ ، فتبدى لي أنه ينتمي لقبيلة عربية عريقة ، تعرف ب " عرب النعام " ، وأن لهذه القبيلة " بئر " باسمها حتى هذه اللحظة بمنطقة " تبوك " بالمملكة العربية السعودية ، أضف إلى ذلك أنه متزوج من سيدة " جعفرية " شريفة ، ينتهي نسبها للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها ، مشيراً إلى أنه قد رزق منها بثلاثة أبناء ، هم على التوالي " دهب ومي ومحمد " ، هذا بالإضافة لأشقائه وشقيقاته العشرة ، واختتم الحديث قائلاً :- أسأل الله أن يجزي والدي " رحمه الله " خير الجزاء ، لكونه صاحب الفضل بعد الله ورسوله في " غرس " قيم الكرم والإيثار والصدق في نفوسنا منذ مراحل الطفولة الأولى .

- والحق أقول أن العاملين والمتعاملين مع الأسطى سليمان النعامي ، دون استثناء أحد منهم ، قد أثنوا عليه خيراً كثيراً ، بل وأكدوا – جميعهم – على أنهم يتعاملون معه بمنطق الحب والأخوة فحسب ، بعيداً عن أية أهداف خاصة أو مصالح شخصية زائلة ، فعلى سبيل المثال ، لا الحصر ، فقد أكد شقيقه الروحي ، الأسطى أحمد الكهربائي ، بأنه قد أغلق ورشته الخاصة بقصد التفرغ للعمل بجانب الأسطى سليمان ، مؤكداً – في الوقت نفسه – بأنه يعتبر أخيه سليمان بمثابة الصديق الأمين ، الذي لطالما بحث عنه كثيراً بين الخيرة من رجال عصره ، وفي نفس السياق ، فقد أشار السيد سمير حسني " قهوجي " ، إلى أن الأسطى سليمان جدير بحب وإخلاص الناس له ، لا سيما أن الأعداء والأصدقاء – معاً – يقرون بأنه قد جعل من ورشته البسيطة " مائدة رحمن " شبه يومية للمارة من الفقراء والمساكين والمكروبين ، لدرجة أنه – أحياناً – يقوم بتقديم طعامه الخاص لمن لا يقدرون على توفير الحد الأدنى من قوت يومهم ، وفي نفس الصدد ، فقد أضاف السيد صابر أيوب فلتس ، الذي يبلغ من العمر " 62 " سنة ، والذي يعمل " خفيراً " ليلياً بالورشة ، بأنه قد نزح من محافظة أسيوط ، بحثاً عن توفير لقمة عيش كريمة ، مشيراً إلى أنه قد وجد في شخص الأسطى سليمان كل معاني الصدق والرجولة والشهامة واحترام وتقدير الناس ، دون النظر لألوانهم أو أعراقهم أو – حتى – دياناتهم ، واختتم الحديث قائلاً :- الأسطى سليمان رجل طيب وذكي ، لكونه قد تيقن بأن الذي يزرع الورد لا يمكن له أن يجني شوكاً ، وهناك مثل شعبي شهير يقول " من طعم يطعم .. ومن حرم يحرم .. وكله من فضل الله " .

- وبلا ريب ، فإن من دواعي سروري أنني قد حرصت على الشروع في كتابة هذا المقال المتواضع ، لا لشيء ، سوى – قناعتي الذاتية – بأن السواد الأعظم من أبناء وطننا ، في غضون عصرنا الراهن هذا ، قد – عزفوا – عن الامتثال أو التحلي بمثل هذه الطبائع والسجايا والصفات العربية العريقة القويمة ، بل وأصبحوا – الآن – في منأى ومعزل عن مثل تلك القيم الأخلاقية الرفيعة ، رغم علو شأن الكثيرين منهم لأقصى المستويات المادية والدرجات العلمية ، وإن كنتم في ريب من هذا ، فما عليكم إلا أن تصوبوا أذهانكم وأبصاركم وبصائركم حيال الطبقات الاجتماعية " الأرستقراطية " في وطننا ، سيتبدى لكم – يقيناً – أن أكثرهم كالأنعام بل أضل سبيلاً ، ذلك لكونهم يحرصون على توفير وتقديم أشهى الأطعمة وألذ المشروبات لكلابهم وقططهم الخاصة ، في حين أنهم يبصرون بأعينهم – فقط – قطاع عريض من أبناء وطنهم ، وهم يغوصون وينبشون كالقطط والكلاب الجائعة في عمق أهرامات القمامة في وضح النهار ، بحثاً عن إيجاد لقمة عيش " عفنة " يسدون بها جزء من بطونهم الخاوية ، فهل طرأ في ذهن هؤلاء القاسطون – يوماً – أن يكفلوا عدداً محدوداً من أطفال الشوارع ، بدلاً من تبنيهم ورعايتهم المخلصة للحيوانات من القطط والكلاب الضالة ، التي أكرموا نزلها ، وأحسنوا تربيتها ، وأدمنوا مخاللتها ، وأقروا نديتها وأفضليتها على بني جنسهم من الإنس المكرمين ؟؟؟

- " ليتهم يتعلمون شيئاً .. أو يصبحون جزءاً من الأسطى سليمان النعامي .. شيخ العرب الأصيل !



#محمود_قاسم_أبوجعفر (هاشتاغ)       Mahmoud_Qasim_Abu_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن العربي .. في بؤرة الانهيار !
- بلاغ .. لوزير الداخلية !
- مصر .. وإيران .. هل يتحالفان ؟


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود قاسم أبوجعفر - سليمان النعامي .. شيخ العرب !