أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - على مشارف الحرب السورية














المزيد.....

على مشارف الحرب السورية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3756 - 2012 / 6 / 12 - 17:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


على نحو مفاجئ، لكن غير مستغرب منه، أقر بشار الأسد بأن ظهور العمل المسلح ضد نظامه جرى في شهر رمضان الماضي، أي بعد أربعة شهور ونصف من انطلاق الثورة السورية. الرجل مخطئ. الواقع أن بدايات المقاومة المسلحة أخذت تظهر في وقت أبكر، لكنها لم تتحول إلى بعد أساسي للصراع السوري إلا بعد نحو شهرين من رمضان (الموافق لآب 2011). على أن رمضان كان بالفعل بداية مرحلة ثانية من الثورة، تميزت بالاحتلال العسكري للبلد، إثر مظاهرات بمئات الألوف خرجت في حماه ودير الزور.
وفي مطلع شباط من هذا العام، وبعد الفيتو الروسي الصيني الثاني، دشن النظام في بابا عمرو في حمص المرحلة الثالثة، مرحلة الإرهاب والمجازر الجماعية، وهي في الوقت نفسه مرحلة انتشار المقاومة المسلحة في أرجاء البلد، بما في ذلك أكثر ضواحي دمشق وبعض أحيائها.
لكن هذه المراحل الثلاثة جميعا تندرج ضمن طور أول مما يتحول أكثر فأكثر إلى مسألة سورية، طور الثورة. فرغم مداخلات خارجية متنوعة، إلا أن الصراع في سورية ظل حتى اليوم صراعا سوريا أساسا، يتواجه فيه سوريون يتطلعون إلى تغيير النظام السياسي في بلدهم باتجاه أكثر حرية وعدالة، مع نظام استبدادي مشهور بعنفه وفساده وانحطاط "نخبته" القائدة.
اليوم، بعد خمسة عشر شهرا من الثورة تلوح علائم طور مغاير، طور الحرب السورية.
في سورية حرب منذ تفجرت الثورة. وهي حرب أهلية أيضا. لقد قرر النظام منذ اللحظة الأولى أن يواجه ثورة المحكومين بالحرب لا بالسياسة. ولن تتأخر الحرب كثيرا في إنتاج طرفها الآخر، الذي هو المقاومة المسلحة المتنوعة التي يحتمل أن عديد المنخرطين فيها اليوم يتجاوز 50 ألفا. كان النظام أيضا أول من استفاد من مساعدة خارجية مادية، عسكرية وتقنية واستخبارية, وربما بشرية، من روسيا وإيران وغيرهما. طوال شهور، بالمقابل، كانت المقاومة المسلحة تعتمد على أسلحة فردية بدائية، مصدرها مستودعات الجيش السوري، ولم يندر أن أعوز المقاتلين الرصاص. الثابت أن من حارب ودفع نحو الحرب، ومن تصرف بمنطق العصبة الخاصة لا الدولة العامة، هو "النظام". ليس هذا مفاجئا بحال، الثورة أظهرته للعلن فحسب.
لكن الحرب السورية ليست هذا الصراع المسلح بين سوريين في بلدهم، بل هي وضع يلوح في الأفق القريب، ويمتزج فيه قتال طائفي مفتوح بأشكال صريحة من التدخل الخارجي، على نحو ما ميز الحرب اللبنانية بعد قليل من انطلاقها. ليست المجازر التي حصلت في منذ كرم الزيتون حوادث منعزلة، بل هي منوال يرجح جدا أن يستمر أن من يقطع من خارجه. وليس ثمة ما يمنع التدويل السياسي المتصاعد للصراع السوري أن يتحول إلى تدويل عسكري، وإن بطرق غير مباشرة.
مثل لبنان أثناء الحرب اللبنانية، تتجه سورية لأن تكون بلدا بلا داخل ذاتي، أو بلدا متعدد الدواخل ومتنازعها. كانت النخبة المارونية المسيطرة استدعت تدخلات خارجية متنوعة، ومنها التدخل السوري، لتنقذ نفسها. أنقذت نفسها، لكن بثمن ارتدادها إلى طرف لبناني بين أطراف، ولم تعد القوة القائدة في الكيان اللبناني. وعلى نهجها تسير الطغمة الأسدية اليوم، مستندة إلى روسيا وإيران، ومطلقة سلسلة من المجازر الطائفية، يزداد وقفها تعذرا، ويصعب الأمل بأن تبقى دون ردود أفعال من جنسها.
ربما يظهر أكثر في الأسابيع القادمة جنوح الطغمة إلى التحول إلى قيادة ميليشيا مسلحة، معنية بإنقاذ نفسها، ولو بثمن زوالها كنظام وقوة قائدة. تعلم أن استعادة السيطرة ممتنعة، وأن أيام "النظام" تنقضي، وتنحصر خياراتها اليوم بين أن تُجتث كليا وبين أن تنقلب إلى طرف اجتماعي خاص، لم تكن في قلبها بعيدة عنه.
هذا التحول يحقق هدفا للثورة هو التخلص من النظام، أي جملة الترتيبات السياسية والإيديولوجية والمؤسسية التي كانت تتيح لهذه الطغمة أن تشغل موقع القيادة الوطنية. لكنه لا يحقق التخلص من الطغمة ذاتها. تعيد هذه تدوير نفسها كزعامات طائفية، تربط نفسه ببيئة أهلية، وربما بعقيدة حماية الأقليات التي يتكلم عليها ناطقون غربيون بين حين وآخر.
ما يمكن أن يقطع على الطغمة درب هذا الخيار مرهون بسياسة الثورة وتصرف القوى والتيارات المنخرطة فيها بدلالة الوطنية السورية الجامعة لا بدلالة دينية أو طائفية. عمل النظام على تصوير الثورة بأنها ثورة سنية (سلفيون، "عراعير"، قاعدة...)، بغرض الالتفاف على قيمها الوطنية والتحررية الجامعة وقاعدتها الاجتماعية المتنوعة. ولقد أدى القتل التمييزي والمجازر بالفعل إلى شدّ عصب سني، تجد قوى معارضة ما يناسبها في شدّه، لأن من شأن ظهور الثورة كثورة سنية أن يسهل لهذه القوى والمجموعات إشغال مواقع قائدة بعد سقوط النظام. لكن هذا بالضبط ما قد يتيح للنظام الأسدي، وقد أيقن باستحالة أن يعود إلى حكم البلد، مخرجا سياسيا بالتحول إلى زعامة طائفية، على نحو نعرف نظيرا له أيضا في لبنان. وهذا التفاف على الثورة، يردها عمليا إلى استبدال مجموعة حاكمة بمجموعة أخرى.
وليس في كون المسلمين السنة العرب أكثرية مطلقة من السوريين ما يقطع بامتناع هذا التطور. ليس هناك طائفة سنية في سورية بالفعل، لكن هناك طائفيون سنيون، هم بالضبط من يريدون إظهار الثورة كثورة سنية، ومن يعلمون على تطييف السنيين السوريين، أي جمعهم سياسيا تحت قيادتهم. لن ينجحوا في ذلك، لكنهم ربما ينجحون في تطييف النظام السياسي على نحو ما هو الحال في لبنان وفي العراق. سيكون هذا فرصة لتعويم الطغمة الأسدية، وإن خسرت سيطرتها العامة.
وهذا على الأرجح ما يوافق توجهات القوى الدولية المتزايدة التأثير، العربية منها والدولية. منظوراتها متمركزة تلقائيا حول الجماعات الدينية والمذهبية التي توفر أيضا مرتكزات لتأثيرها أو تدخلها، ولا يحيل الكلام الغربي المتواتر عن حقوق الأقليات إلى غير نظام محاصة طائفية. وهو ما لا تملك القوى العربية منظورا مخالفا له، وإن عملت على تثقيل وزن المكون السني.
لا يكاد يمكن فعل شيء ضد هذه التطورات المحتملة، إن لم تتوقف حرب النظام ضد المجتمع الثائر. ينبغي وقف مضخة العنف والطائفية أولا.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الأبوات إلى الأنوات... جيلان من السياسة والثقافة
- نظام الأسد بلا... أسد!
- صورة -الشوايا- وحال منطقة الجزيرة السورية
- الثورة وإفلاس نماذج التحليل السائدة
- أنا والتلفزيون والثورة
- الثورة والسلاح: خطوط عريضة من القصة
- التجديد لغليون وحال المعارضة السورية
- في تمثيل الثورة السورية وواقعها (الثورة هي السياسة الصحيحة)
- حوار في شأن الثورة والسلمية والعسكرة
- عودة إلى النقاش حول الثورة والعسكرة
- حوار عالماشي حول الثورة السورية
- الثورة السورية بين النزاع الأهلي والصراع الجيوسياسي
- الثورة والمعارضة في سورية... علاقة انفصام
- عن الثورة والمستقبل والعلاقات بين السوريين/ حوار
- ثورة في سورية، سورية في ثورة
- عدالة الثورة لا تضمن عدالة الثائرين
- النظام الطائفي ليس نظام طائفة
- الإسلاميون السوريون... توجهات منفتحة وتناقض مقيم
- الثورة كصناعة للأمل
- حوار في شأن أصول الثورة السورية وفصولها


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - على مشارف الحرب السورية