أهمية عمل المرأة من منظور الرجل

إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 3756 - 2012 / 6 / 12 - 10:53
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

منذ وقت ليس بالقريب، أخذت النظرة إلى عمل المرأة خارج البيت بعداً مختلفاً عمّا هو سائد وتقليدي، وذلك لعدة أسباب:
- تعزيز الدولة لمبدأ حق المرأة في العمل وفق ما نص عليه الدستور- القديم- في مواده(36،26،25) والتي تتضمن جميعها المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص في العمل والمساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
- رغبة المرأة في إثبات ذاتها من خلال العمل، باعتباره مدخلاً لتحررها الاقتصادي من جهة، ومن أجل تغيير وضعها النمطي في المجتمع من جهة أخرى.
- تخلص بعض البيئات والشرائح الاجتماعية من نظرتها التقليدية لدور المرأة في المجتمع، إيماناً منها بإمكانية قيام المرأة بأعمال خارج البيت تتناسب وطبيعتها(التدريس مثلاً).
- القناعة التامة لدى بعض الرجال بأهمية عمل المرأة من منظار حقوقي وإنساني، بغض النظر عن الوضع المادي. لكن البعض الآخر منهم يرغب أن تكون المرأة عاملة( زوجة، أخت، أو ابنة) تحت ضغط ووطأة العامل الاقتصادي والمعاشي القاسي، والذي فرض بدوره على هذا الرجل رؤىً مغايرة تطلبت مشاركة المرأة في تكاليف أعباء الأسرة واحتياجاتها، ذلك أنه لم يعد قادراً بمفرده القيام بكامل أعبائه التقليدية، خاصة لحظة يفكر بالزواج كتأمين المسكن، والفرش، والمهر الذي طاول بارتفاعه عنان السماء، وأشياء أخرى تحتاجها الحياة الجديدة، إضافة إلى مهمته الأساسية والأزلية في تأمين حاضر ومستقبل الأبناء حسبما تقتضي الأعراف والتقاليد الاجتماعية والشرعية.
باعتقادي، علينا نحن معشر النساء ألاّ نُغفل حقيقة الواقع الاقتصادي الذي فرض على الرجل البحث عن زوجة عاملة كي تُعينه على متطلبات الحياة المعيشية، رغم عدم تحرره من التعامل معها ككائن تابع له في جميع مناحي الحياة، بما فيها موقفه من عملها الذي يريده معيناً له، في ذات الوقت الذي يقف فيه متفرجاً على معاناتها داخل وخارج البيت، دون أن يمدَّ لها يد المساعدة الواجبة عليه كما تساعده هي، منطلقاً من موروث ذكوري- تقليدي بحت، بأن العمل داخل الأسرة هو من اختصاص المرأة حتى لو كانت عاملة خارجه، فهذا واجبها كزوجة، متجاهلاً واجباته نحوها كزوج ورب أسرة، وحقها في أن تلمس منه العون والتعامل الإنساني الذي يخفف من تعبها، وربما إحساسها بأن اختياره لها كزوجة عاملة محصور فقط بما تتقاضاه نهاية كل شهر بغض النظر عن بناء علاقة زوجية قائمة على المودة والاحترام والانسجام.
لا شك أن الذهنية المجتمعية والعقلية الذكورية التي ترى في المرأة عموماً، والزوجة خصوصاً(حتى لو كانت منتجة) ملكاً للرجل بكل أبعاد هذه الملكية بدءاً من حياتها وحريتها وليس انتهاءً براتبها وعملها، هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن تلك الممارسات التي تؤدي في بعض الأحيان إلى فقدان ثقة المرأة بالرجل.
لكن يبقى التغيير في الموقف من عمل المرأة وإن كان دافعه مادي بحت، مطلوب في سبيل تغيير الذهنية المجتمعية تجاه وضع المرأة في الأسرة والمجتمع، لأنه خطوة رئيسية وهامة من أجل الوصول إلى مرحلة الإيمان الحقيقي والكامل بحق المرأة في العمل من منظور حقوقي وإنساني يعزز كيانها كإنسانة ومواطنة لها من الحقوق مثلما عليها من واجبات.
قد ترفض الكثير من الفتيات والنساء هذه النظرة المادية لعملهن، بمعنى أنها تريد وبإصرار أن يكون الاقتناع بعملها نابع من كونه أحد أهم حقوقها في الحياة، وهذا بالطبع حقها الذي لا يمكننا إلاّ أن نعترف به. لكن بالمقابل علينا ألاّ نرفض التغيير وإن كان لا يرتقي لمستوى طموحاتنا، وذلك من أجل الوصول يوماً إلى قناعة راسخة وأكيدة بحق المرأة ليس فقط بالعمل، وإنما بأمور أخرى هامة وأساسية، والتي سيصلها الرجل منفرداً ومعه المجتمع برمته طال الزمن أم قصر.

#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات