أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الشعر عندما يكون مصرى اللغة والوجدان















المزيد.....


الشعر عندما يكون مصرى اللغة والوجدان


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3756 - 2012 / 6 / 12 - 08:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أعتقد أنّ ديوان شعر(كل شى ن كان) الذى اختارمؤلفه لنفسه اسم (ابن ابن عروس) هوديوان فريد فى الشعرالمصرى ، سواء المكتوب باللغة العربية أو باللغة المصرية التى تراها الثقافة السائدة أنها ((عامية العربية)) وهوما ينفيه- بلغة العلم- مؤلف الديوان الراحل الجليل بيومى قنديل ، ويرى أننا نحن المصريين نتكلم ((اللغة المصرية الحديثة)) وهى لغة- من حيث البنية- لاعلاقة لها باللغة العربية رغم الكلمات العربية الكثيرة فيها. لذلك فإنّ الوعى بما يطرحه المؤلف من أفكارحول القومية المصرية واللغة هوالمدخل الحقيقى لدراسة هذا الديوان الصادرعام 1996 على نفقة المؤلف .
اختارالشاعرشكل الرباعيات كما فعل ابن عروس وصلاح جاهين. ولكن اختلافه معهما فى طريقة كتابة الكلمة وفى طرح الأفكارالتى تكسرالثوابت السائدة مثل أننا نحن المصريين عرب . كما أنه اختاربداية لكل رباعية بكلمة (شوباش) وهى كلمة شائعة فى التراث المصرى تعنى التنبيه لما سوف يقال. يطرح الديوان الكثيرمن الأفكارغيرالمألوفة فى الإبداع المصرى من خلال محورين رئيسيين : الأول هوية مصرثقافيًا وعلاقتها بالعروبة عرقيًا. فى الرباعية رقم 17 بعنوان (شعب) يقول ((شوباش علا شعب كان بين الأمم معدود/ والاسم له رنّه وريحه تفوق ع العود/ هف علا دماغ أهله يبقا قال عربى/ بص لقا نفسه اتدحدرفى ديل العبود)) هنا يُلخص الشاعرتاريخ آلاف السنين عن شعبنا الذى صدّق بعد إنقلاب أبيب / يوليو1952 أننا نحن المصريين عرب. وفى الرباعية رقم 21 بعنوان (فص ألماظ) يُعمق ذات المعنى فيقول ((شوباش علا شعب مخه كان زمان فص ألماظ/ يضوى فى عزالضلام الليل يفوت بس منغاظ/ وكان يلمّح ولايجرح ويقفش ما يخدش/ وفجأه باظ زى ما تقول إيه ؟ ضرب شقلباظ)) وفى الرباعية رقم 44 بعنوان (سجره) يُلخص مأساة مصرفى عهد البكباشية الذين قتلوا المصريين فى اليمن ناهيك عن تبديد موارد مصرعلى أكثرمن دولة عربية فيقول ((شوباش علا سجره بتطرح وتحدف بره/ نزلت دموع الجدع علا الخد حادقه مره/ ماهمنى ش لا الجوع ولاالعطش بالمره/ غيرشى الأسا فى الشوب والضل راخربره)) والشاعريرى أنّ كارثة مصرالحقيقية فى متعلميها الذين نقول عنهم – تجاوزًا- مثقفين. ففى الرباعية رقم 119 بعنوان (مقاوحة) يقول ((شوباش علا المتعلم يقرف ك سنتين/ يفهم ؟ فشر. بس يقاوح ياريت باللين/ تفسّرإنت يبررهوّ. توصف يؤرخن/ وتقول له مصر يا واد ضاعت يقول وفلسطين)) ولم تكن مصادفة أنْ يكون مخطط (تعريب مصر) ضمن مناهج التعليم وبرامج الإعلام وإبداع الكتاب. فى الرباعية رقم 286 بعنوان(مصرى) يقول ((شوباش علا مصرى ختمو قفاه فى المدارس/ (روح عربى) تلقاه واقف كما الفارس/ ينعل جدوده اللى اضطهدو اليهود فى (كيمى)/ ناسى بؤونه وحافض- قال- جُمادا ومارس)) والشاعرهنا- بلغة العلم- يساوى بين التقويمين الهجرى والميلادى. والنتيجة أنّ التعليم فرض علينا تقويمين أجنبيين كى نتجاهل تقويمنا المصرى وهو ما عبّرعنه ب ((ناسى بؤونه)) ومن القضايا المسكوت عنها فى الثقافة السائدة الهجوم على جدودنا المصريين القدماء دون مقاومة من التعليم والإعلام والكتاب. وهذا الهجوم يشترك فيه المسلمون والمسيحيون. وهوما عبّرعنه فى الرباعية رقم 184 بعنوان (قبطى) فقال ((شوباش علا قبطى واقف يغنى تمللى/ قرّبت منه شوى لقيته عمال يقول لى/ ملعون أبوى وسنسفيل جدودى المصاروه/ زعقت بتهبب إيه يا ابنى ؟ قال لى : باصلى !)) وكان الشاعرموفقًا عندما ذكرفى الهوامش أنّ الصلاة فى الأبصلمودية المقدسة- الهوس الثانى نصها ((أشكروا الرب الذى ضرب المصريين مع أبكارهم)) .
يتوازى مع هذا المحورتعميق الخصوصية الثقافية لنا كمصريين . فى الرباعية رقم 109 بعنوان (عشاق) يقول ((شوباش علا النارييجو يقوّموها ماترضاش/ جرا إيه يانار؟ قالت لهم دول عشاق ياناس/ لاسبو حرايرولافرضو جزى ع المداين/ وقلوبهم الخضرا أرق من جناح الفراش)) هنا- بلغة الشعر- الفرق بين الثقافة العربية التى احترفتْ الغزووفرض الجزية وسبى النساء وبين الحضارة المصرية التى أسّستْ ثقافة العشق بين البشر. وعلى نفس اللحن- فى الرباعية رقم 160 بعنوان (حبيبى) يقول ((شوباش علا (رضوان) وارب لى باب الجنه/ وقال لى فوت أزرق دوغرى ع شان تتهنا/ صنيت شوى . همس فى ودنى : مالك ؟ قلت/ أتهنا كيف وحبيبى عضمه فى النارحنّه!)) .
المحورالثانى هو تعريف الأجيال الجديدة بجدودنا الفراعنة ( = الملوك ، الحكام) الذين حاربوا الغزاة واشتركوا فى المعارك مثلهم مثل أى جندى. ولم يُديروا المعارك من القصور. وقد عبّرعن ذلك بالرباعية رقم 13 بعنوان(سيكن- ن- رع) فقال ((شوباش علا الفرعون راقد فى قلب الضريح/ ماتعرف إنْ كان ميت ولاّبس جريح/ وناوى يقفزعلاعجلته من تانى/ ويطلع ورا الهكسوس ويحدف الروح للريح)) وفى الهوامش موجزعن تاريخ هذا الفرعون العظيم الذى أنجب كاموس الذى تولى القيادة من بعده وقتل فى المعركة. حتى كبرالطفل أحمس فحرّر مصرمن الهكسوس بفضل تربية وتشجيع أمه وجدته. وفى الرباعية رقم 67 بعنوان(ناصرى) يقول ((شوباش علا الناصرى اللى قال ما كان فرعون/ دوغرى هزم الأحزاب وجلس فى عرش الكون/ قلت صحيح بس باين كان جلالته أحول/ ذل المصاروه وعزتمام بنى صهيون)) هنا يستخدم الشاعرالسخرية. لأنّ الحكم الناصرى هوالذى أذل المصريين ومكن إسرائيل من إحتلال سيناء. وتعبير(عزبنى صهيون) عبّرعنه ( مواطن مصرى) شَعَرَ بفداحة هزيمة بؤونة/ يونيو67 فأرسل رسالة إلى توفيق الحكيم نشرها فى كتابه (عودة الوعى) اقترح فيها إقامة تثمال لعبدالناصرفى تل أبيب. وعكس ما تروّج له الثقافة السائدة يرى الشاعرفى الرباعية رقم 151 بعنوان(رمسيس الأكبر) أنّ المصريين فى عهد هذا الفرعون العظيم كانوا أحرارًا فيقول ((شوباش علا رمسيس واقف فى وسط الميدان/ شامخ تقول فى الترا ضارب جدورسنديان/ ضامم دريعته تقول بطّل يادوب طيران/ وما أعبدوش ؟ والمصرى فى عهده لم مرّه إتهان ؟)) ولأنّ الحضارة المصرية لم تعرف اسم (عبد آمون) أو (عبد رع) وإنما (سا / رع) أى ابن رع إلخ فإنّ الشاعرعبّرعن ذلك فى الرباعية رقم 168 بعنوان (فرعون) فقال ((شوباش علا مصرى عاش يقدّس الفرعون/ فيما قلت ما انت ش مكسوف تعبد الملعون/ قال : كنا منه وهوّ برده كان منا / ولارضى ش لىّ فى يوم أبقا عبدون)) وعن نفس المعنى يُخصص الرباعية رقم 42 بعنوان (آمون) فيقول بأسلوبه الساخر((شوباش علا مصرى قال : آمون يبقا ربّاى/ وما أعبدوش كيف ؟ دا كان أماى وكان أباى/ وعمره لم كتب الذل علا المصرى قلت/ أما إنت عيّاب صحيح يا (بعيد) ولا انت ش مرباى)) وعن إله المعرفة والكتابة (بتّاح) خصّص له الرباعية رقم 328 فقال ((شوباش علا دا إلاه مصرى نبيه وبيفهم/ خلق الزهوروالأنوف وخجل يحرّم بقا الشم/ وإندارنشا النتى وإداهم كنوزما لها حصر/ ولولا الملامه لكان فرض الغزل والضم)) وعن الفرعون العظيم (بسماتيك) خصّص له الشاعرثلاث رباعيات فقال فى الثالثة رقم 207 ((شوباش علا الفرعون أصيل ما طاق ش العار/ نظّم صفوفه وهجم قام انهزم والنهار/ طاطا بادام الليل حكم ، صلبوه/ ما رضى ش يقوم ويسيب الميتين فى الحفر)) وعن عداء العرب والخلفاء المسلمين للحضارة المصرية عبّرعنهم بالرباعية رقم 110 بعنوان (رحّال) فقال ((شوباش علا الرحّال شاف الحجاره إندهش/ همس : كدا تهدو الهرم يا ناس يا حَوَشْ / ورغرغت بالدموع عينيه وغابت سماه/ وبيتلفت قام لقا الهرم يادوب إنخدش)) الرحالة هنا واحد من الشعوب المتحضرة ومحاولة هدم الأهرام فعلها كثيرون من الغزاة مثل الخليفة المأمون (أنظرمقدمة ابن خلدون- المطبعة الأزهرية- ط 1930 ص 291) .
واذا كان البعض يرى أنّ الحضارة المصرية انتهتْ ، فإنّ الشاعريرد بما فعله الفنان العظيم محمود مختارفى الرباعية رقم 322 فيقول ((شوباش علا الأزميل اللى إتنترم الأيود/ الروعه لما الليل بلع شموس الجدود / وفضل كدا الأزميل تايه فى كحل الضلام/ بعد كذا ألف عام شقطه ولد ولّود)) هنا نلاحظ بلاغة اللغة الشاعرية (بلع شموس الجدود) كناية عن عصورالغزو الأجنبى ، ومع ذلك فإنّ مختارالعظيم أثبت أنّ الحضارة المصرية لم تمت وأنها حضارة إتصال لا إنقطاع . كان مختارابن مرحلة القومية المصرية ، ولكن بعد أبيب / يوليو52 يُخرج يوسف شاهين فيلم (المهاجر) فيُزيف التاريخ ، ليس التاريخ من وجهة نظرعلم المصريات فقط ، بل من وجهة نظرمرجعيته الدينية التى اعتمد عليها ، فيخالف ما جاء فى العهد القديم والقرآن العظيم عن يوسف حيث اقتصردوره على تخزين الغلال ففى القرآن العظيم ((قال إجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم)) (سورة يوسف/55) وفى شرحه لهذه الآية الكريمة ذكرالطبرى فى تاريخه المعروف بتاريخ الأمم والملوك ما يلى ((فى قوله (أى يوسف) إجعلنى على خزائن الأرض ، قال على حفظ الطعام ، إنى حفيظ عليم. يقول إنى حفيظ لما استودعتنى عليم بسنى المجاعة فولاه الملك ذلك)) (ج1 ص 243) وهوذات المعنى الوارد فى العهد القديم (تكوين 41 :33- 63) تعمد يوسف شاهين تزويرالتاريخ والمزايدة على مرجعيته الدينية فجعل (رام) بطل الفيلم الذى يمثل شخصية النبى يوسف يُعلم المصريين الزراعة. هذا الموقف المعادى والمستفزلمشاعرالمصريين عبّرعنه الشاعرفى الرباعية رقم 141 فقال ((شوباش علا رام ساب بلاد الوبر/ وجا يحضّريا خال- شوف البجاحه- الحضر/ ويعلم الزراعين- قال إيه- زراعة القمح/ كان ش زرع شبرواحد ريح خيام العبر!؟)) وما ذكره الشاعريتفق مع صريح النص فى العهد القديم من أن يوسف كان راعيًا للغنم (تكوين 37 :2) وكتب أ. شفيق مقارأنّ ((سجلات التاريخ توقفنا على أنّ المصريين لم يعرفوا نظام صوامع الغلال وتخزينها من أقدم العصورفحسب ، بل عرفوا أيضًا نظام تخزين المياه. والمثال الحى على ذلك فرعون الأسرة الثانية عشرأمنحتب الثالث (1959- 1910 ق . م) وخزان المياه العظيم فى منخفض الفيوم. أما الحبوب كالذرة والشعير- لاالقمح وحده- فهذا ما كان المصريون يفعلونه فيما يخصها منذ عهد المملكة القديمة)) واختتم كلامه قائلا ((فالمصريون- كما نرى- لم يكونوا بحاجة إلى عبد عبرانى من البدوالرحل الرعاة كيوسف ليُعلمهم (حكمة) تخزين الغلال..الخ)) (قراءة سياسية للتوراة- رياض الريس للنشرص 89) .
وعن كارثة المتعلمين المصريين فإنّ الشاعرخصص لهم أكثرمن رباعية. فى الرباعية رقم 80 قال ((شوباش علا دكتور- ما تعرف إنْ كان بهيم/ ولاّ يادوب عامل كدا وكدا ابن اللئيم/ لا جل ن يرقوه- قال : أمريكا بتوكلنا / رديت : وأسطولها راسى بالمعالق فى جليم)) وفى الرباعية رقم 125 قال ((شوباش علا اللى معر: أمريكا- قال- أغنا من مصر/ قلت : فشر- قال لى هناك من يقربع نهر/ واللى يميّل يشمط عجل (بوفتيك). رديت/ لاكن هناك ش اللى يفطرفول وينحت فى الصخر)) وفى الرباعية رقم 167 قال ((شوباش علا دكتوركوم يتوزن بالقنطار/ يرطن تقول لبلب فى الأمريكانى ويندار/ يوعظنا قال : سيبكو م التغريب بقا يا (عرب) / طب موش تبطل يا خال تقبض- بقا- بالدولار)) وفى الرباعية رقم 259 قال ((شوباش علا عيّل تقول عليه فحل بق/ غباه دكر، جهله تقول ش حجر، وبيندق/ سمعو عليه لامريكان دوغرى قوام دكتروه/ إيه الحكايه يا ناس ؟ قالو مآمن بالحق)) وفى الرباعية رقم 320 قال ((شوباش عليه إيه ؟ دقنه فايته م الصره/ أما الزبيبه تلات- ت- أدواروطوف بالمره/ يفصل ما بين الجنسين فى المدرج. أخلاق/ إكمنه جايب شهادته من أمريكا الحره)) ويُخصّص ثلاث رباعيات عن النقاد (البنيويين) قال فى الرباعية رقم 317 ((شوباش علا بنيوى فى النقد آخرلزازه/ نفس الكلام يطرشه علا كل شى لو قزازه/ ولاّ صفيحة زباله/ وهوّ تضاد فى تناص/ إيه العباره يا ناس ؟ م الغرب راجع طازه)) .
وعن الصحفيين / المخبرين كتب أكثرمن رباعية منها الرباعية رقم 143 ((شوباش علا مخبرفى مهنته واد خطير/ صوابعه إيه تتلف يا خال فى منديل حرير/ لبد- تصوّر- تحت السرير سجل/ تلات ساعات لمراته ورئيس التحرير)) وعكسها الرباعية رقم 144 ((شوباش علا باش مخبرمال علىّ وقال/ طيب ننسق فى الدرا سوا سوا فى كل حال/ إتمطع الحرالفقيروقال م البال/ ما أبقاش أنا شاعروأفزّع الأطفال)) هذا الشاعر(الحرالفقير) يكتب فى الرباعية رقم 5 ((شوباش علااللى بكت : نفسى أتولد من جديد/ قالولها إيه ؟ بلبله ؟ تملى السما تغريد ؟ / قالت : ولد مفترى . زعقت أنا : ليه بس ، ما خلقناش أحراربدال سياد وعبيد ؟)) والشاعرابن الحضارة المصرية يعرف أنّ جدودنا عاملوا المرأة معاملة تختلف عن معاملة العرب لها فيكتب فى الرباعية رقم 45 ((رجلى شالتنى- اللى تنكسر- علا هناك يا هوه/ وودنى دى قالت- اللى تنطرش- نسمعوه/ ((صوتها نجس وكذلك شعرها وضلها))/ عقلى إنتول : دا أمه برده ولدته ولاّ أبوه)) ويمتزج خط نقد الأصولية الإسلامية بخط العدالة الاجتماعية فى الرباعية رقم 46 ((شوباش علا الشيخ شاور ع العرايا الغلابا / وقال لى : دول يا ابنى همّ الموعودين كالصحابا / يتمرّغو فى النعيم طول النهارليل ما فى ش. قلت/ بس النعيم يبقا عربونه الجحيم كيف يا با؟)) ولأنّ أمريكا هى التى دعّمت وموّلت الأصولية الإسلامية وهى حقيقة تتجاهلها- عن عمد- الثقافة السائدة فإنّ الشاعر يعبّرعنها فى الرباعية رقم 100 ((شوباش علا دكتورقال إيه خبير فى الإعلام / ساكت بيتكلم عمال يشع ضلام/ يقعد متختخ مرخرخ بالساعات ينخع/ أمريكا- قال- أكبرعدولها الإسلام)) وبلغة الشعريُعمّق مأساة رفض الاختلاف على لسان السمكة التى ترفض قانون الطبيعة فكتب فى الرباعية رقم 293 ((شوباش علا سمكه عايمه رأت طيرطاير/ صابها الزهول : ليه وكيف ؟ قعدت تعايرتناير/ زعقت : إنزل عوم ! شاورلها علا ريشه/ قالت : كمان ريش البعيد أكيد تبقا كافر)) ولأنّ الأصوليين فى كل دين يتشابهون ، ولأنّ لا أحد منهم له موقف من تصنيع الأسلحة التى تقتل البشر، فإنّ الشاعريكتب فى الرباعية رقم 176 ((شوباش علا البابا بيطلع فى وشه السماح/ كل السماح- كل عام- يصلى للسلام والصلاح/ بس الغريبه بقا القيامه خشت خلاص/ وعمره لم صلا لاجل قفل مصنع سلاح)) .
فى أكثرمن رباعية تناول الشاعربعض المبدعين الأجانب والمصريين الذين أوقدوا للبشر شموع الحرية فيكتب عن عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) الرباعية رقم 256 ((شوباش علا طاها استفهمت عن مين عماه/ قالو: الإلاه. طيب ومين بقا خلاه/ ينوّرالدهاليز والجخانيق فى العقول ؟ قالوالإلاه. فيما قلت طب ياناس هوّ هواه؟)) وكتب عن عبدالله النديم وسيد درويش وبيرم التونسى وأحمد فؤاد نجم و مايكل أنجلو. وعن الرسام العالمى رينوار كتب الرباعية رقم61 ((شوباش علا رينوار من فرشته إندفق النور/ كشف البراءة ورا العرى. التُقا فى الفجور/ لولاه ما كان الجسد نال لا اعتراف ولاترحاب/ والحب كان تنه- قال- ذنب شنيع غيرمغفور)) وعن الموسيقارموزاركتب الرباعية رقم 62 ((شوباش علا ناى فى الفجرإنطلق مسحور/ اللحن شع نشع فى جوهرى المستور/ إلاّ اكتشف إنى روح وجتتى شبوره/ حاجبه الحقيقه دى : مخلوق- ودينى- م النور)) فى الرباعيتين السابقتين نجد أنّ اللغة الشاعرية تتسامق مع إبداع الرسام (رينوار) والموسيقى (موزار) ولأنّ الشاعرالروسى الكبيربوشكين كان مع الحرية فإنه رفض العودة من المنفى إلاّ بشروطه فكتب ابن ابن عروس فى الرباعية رقم 307 ((شوباش علا الشاعرالروسى الكبير بوشكين/ رجع من المنفا لبلاده فقيروحزين/ لاسكن ولاتوب يدفوه. سأله الكاسير:/ قول أى شى تعوز؟ رد : ترفع الرقابه ذى الحين)) ولأنّ التنويرفى أوروبا تحقق بفضل الفلاسفة والعلماء الذين تم إعدام بعضهم ، لذلك كان ابن ابن عروس (بيومى قنديل) موفقًا وهويكتب عن الفيلسوف الكبير(برونو) الرباعية رقم 313 ((شوباش علا برونولما القضاى شنّو/ وحكمو عليه بالحرق ع الحيا لأنه/ قال إيه كفر! بسّم العالم وقال خوفكم/ من حكمكم أكبرمن خوفى أنا منه)) كان من بين أسباب غضب الكنيسة على هذا العالم المفكرالكبيرأنه كان من أنصارالدفاع عن جدودنا المصريين القدماء. وقال إنّ ((اليهود هم فضلات الحضارة المصرية. ولايستطيع إنسان أنْ يُقنع أحدًا بأنّ المصريين قد أخذوا عن اليهود أى شىء من مبادئهم سواء كانت صالحة أم لا. ونحن الإغريق أخذنا عن مصر – مبدعة الكتابة والآداب- كل تراثنا وشرائعنا)) (أثينه السوداء- تأليف مارتن برنال- مجموعة مترجمين- المجلس الأعلى للثقافة- عام 97 ص 286) وعن المثقف الكبير(زهيرالشايب) الذى أهدى المصريين ترجمته البديعة لموسوعة (وصف مصر) وعن المعاناة التى لاقاها فى مؤسسة الصحافة المصرية ، خصّص له ابن ابن عروس 9 رباعيات تُلخّص مأساته فكتب فى الرباعية الأخيرة ((شوباش علا فلاح م البتانون مات لكين حى/ يكفاه خلود كونه ترجم (وصف مصر) وبلا زى/ لو كان صحيح البشردول مخلوقين م الطين/ يبقا أكيد الفلاح دا إتخلق من شعاع ضى)) هنا تكون الصورة الشعرية ((إتخلق من شعاع ضى)) لصيقة تمامًا ومعبرة عن شخصية زهير الشايب الذى أجمع كل من عرفوه أنه كان مخلوقًا من نور. وبعد وفاته كتبت عنه الأستاذة سناء فتح الله مقالا مهمًا تناولت فيه الأقزام الذين حاربوه. وأنّ الأقزام يختفون ولايتذكرهم أحد ويبقى اسم زهيرفى سجل الخالدين. وكتب بيومى قنديل عن سامية جمال ثلاث رباعيات من منظوريكسرالمألوف فقال فى الرباعية رقم 305 ((شوباش على اللى زعق : بترقصى بلبوص/ فيما قلت : حقق كويس قال إيه ؟ بدله خوص/ ولاّ فتل ؟ قلت طيب بص شوف العيون/ كيف ناتره من تسبيلها شاش خجل مخصوص)) وفى الرباعية التالية كتب ((شوباش علا لحن فات فى الطين عمل منه نور/ لمس ترا الأرض قام ضرب فى قلبه جدور/ طرح ! ملا الدنيا فن وبهجه. نشوه وسحر/ آدى البنيه الحافيه بقت أميرة الخصور)) واللغة الشاعرية هنا ((لحن فات فى الطين عمل منه نور)) نجدها فى كل الديوان من ذلك الرباعية رقم 163 بعنوان (دقن الباشا) وهى شجرة معروفة فى مصر((شوباش علا بذره جايبه ها الرياح ما أدرى من فين/ حطتها بين بزالشمس وحنان الطين/ ضربتْ جدورمدتْ شواشى للسدق والنور/ قام أصلها فاح ريحه حلوه للعابرين)) ولعلّ القارىء هنا يلاحظ العلاقة بين (بزالشمس) و(حنان الطين) وفى الرباعية رقم 173 قال ((شوباش علا سمانه خضرا فقس السنه دى/ رأت البرور م الجو غنت رنحت : يا فؤادى/ حطت. حدفها الشبك دوغرى قوام للكانون/ قالت : ياريت نى رضيت بالبرد فى بلادى)) عنوان هذه الرباعية (هجره) وهكذا يكتمل المعنى فى العلاقة بين (الكانون) الذى تخرج منه الناربعد أنْ هاجرت السمانه موطنها وبين البرد فى بلادها. وفى الرباعية رقم 255 قال ((شوباش علا قلب الاسكيمو أدى ش دافى/ عمال بينبض تحت كل دا جليد خرافى/ ما طاوعت وش نبضه واحده يغزى برالدفا / ولاقى ش فقى واحد فى يوم وعظهم خلافى)) الشاعرهنا كسرالمألوف عندما رأى بعين المبدع الحقيقى أنّ الجليد الخرافى فى بلاد الاسكيمو لم يمنع قلبها من النبض بالدفء الإنسانى. وأن هذا الجليد الخرافى لم يدفعهم إلى غزوشعوب أخرى ذات مناخ قارى دافىء كما فعل غزاة آخرون لأسباب أخرى. وأنّ (الفقيه) فى البيت الأخيرينصحهم بالغزو. وفى الرباعية رقم 334 كتب ((شوباش علا أسوان حبيت سوادها الحزنان/ ووقفت حيران أسأل نفسى : ليه ! وانا سرحان/ قب الجواب جواى : القلب أبيض شاش/ زى سواد الليل ما بالنهارحبلان)) .
والديوان المكون من 342 رباعية يصعب- فى الحيزالمخصص للدراسة- التعرض لكل محاوره وجمالياته. وأود العودة إلى بداية هذه الدراسة حيث قلتُ أن ابن ابن عروس يكتب الكلمة حسب نطقها فيقول (علا) وليس (على) العربية. ويفصل الاسم والفعل والحالة عن الضميرمثل ((ياريت نى)) ومثل ((جايبه ها الرياح)) وكلمة (الصدق) العربية يكتبها وفق النطق المصرى (سدق) مع مراعاة اللبس بين القاف والهمزة وهكذا. وأعتقد أنّ الشعرالمصرى فى حاجة إلى متخصصين فى علم اللغويات ليضعوا قاموسًا لطريقة كتابة الكلمة. وهذا جهد لايقدرعليه إلاّ من تعلم اللغة المصرية القديمة بمراحلها المختلفة مع إجادة عدة لغات. وأعتقد أنّ ابن ابن عروس (بيمى قنديل) من خلال ديوانه والهوامش فى آخرالديوان- مؤهل لهذه المهمة القومية. وذكرنى ديوانه وطريقة كتابته للكلمة ودفاعه عن الخصوصية المصرية بما كتبه إسماعيل أدهم وهو يطلب من المصريين ترك اللغة العربية لأنّ ((لكم لغة قومية. هى اللغة المصرية. وأنّ القول بأنها عامية العربية خطأ. وهى ثروة يجب التمسك بها. وهى أولى بعنايتكم من إحياء لغة بدو لايربطكم بهم صلة ولارابط)) (إسماعيل أدهم- المؤلفات الكاملة- قضايا ومناقشات- ج 3 دارالمعارف المصرية عام 1986 ص 65) والشاعرابن ابن عروس كما دافع عن خصوصية الثقافة القومية لشعبنا المصرى ، رأى الجمال الكامن فى خصوصيات كل الشعوب. فكتب عن المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز. وكتب عن الأب الروحى للشعب الهندى (المهاتما غاندى) فقال ((شوباش علا اللى ما كان نبى ولاحاجه من دى/ لا العنف نجّس يمينه ولاشكريوم فى جندى/ وهزم جيوش الانجليزبمغزله ومعزته/ إيه العباره يا ناس ؟ قالو يادوب كان هندى)) وأعتقد أنّ الشاعرهنا كان محقًا حيث أنّ غاندى لخص العلاقة بين الدفاع عن الخصوصية القومية لكل شعب والانفتاح على كل الشعوب فى جملة عبقرية قال فيها ((إننى أرغب أنْ تهب على بيتى جميع ثقافات العالم ، لكننى أرفض أنْ تقتلعنى من جذورى إحدى هذه الثقافات)) .
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغزو العربى وكيف تعامل معه المؤرخون
- الشخصية المصرية ونتيجة الانتخابات
- الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية
- قراءة فى دساتير بعض الدول
- الغزوالعصرى لأسلمة شعوب العالم
- الإبداع المصرى فى مجموعة (عيب إحنا فى كنيسة)
- الحب والتعددية فى مواجهة الكره والأحادية
- مِن القومية الإسلامية إلى القومية المصرية : لماذا ؟
- ثورة يناير والإبداع الروائى
- الأعياد المصرية : الماضى وآفاق المستقبل
- الطبقة العاملة واليسار المصرى
- مجابهة الأصولية الإسلامية
- التقويم المصرى
- الحضارة المصرية : صراع الأسطورة والتاريخ
- السوداء والمشمية - قصة للأطفال
- الشخصية اليهودية والروح العدوانية
- ثروت عكاشة : دراما العلاقة بين الثقافة والسياسة
- الجذور التاريخية لمأساة الشعب الفلسطينى
- درس من خبرة الحركة الوطنية
- صياغة التعصب الدينى بالإبداع


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الشعر عندما يكون مصرى اللغة والوجدان