أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - المجنون طليقاً















المزيد.....

المجنون طليقاً


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 3753 - 2012 / 6 / 9 - 10:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن قراءة إحداثيات أي صراع شرط كافي و لازم لأسباب الانتصار. صراع الشعب السوري مع نظام الاستبداد ابتدأ منذ زمن الطاغية الأب الذي و للتاريخ أمتلك إحداثيات الصراع و استطاع تجاوز أسباب الهزيمة لا بل تابع استبداده ليصل لأسباب السيطرة المطلقة للوطن, للدولة, للإنسان السوري.
بغض النظر عن وجود مستشاريين غير سوريين ضمن تركيبة خلية إتخاذ القرار, لكنه أمتلك القدرة و الكارزما إضافة للحنكة الأقرب للخبث عندما تعامل مع رفاق دربه أولاً و تركهم لغياهم المعتقلات و السجون, و أيضاً عندما أفرغ الدولة من الكوادر البشرية الوطنية السياسية و العلمية التي قد تمتلك يوماً كارزما القيادة فتكون بديلاً أو نداً له.
يمكن تصور سورية الدولة و النظام أيام الطاغية الأب كهرم يفصل بين القمة و القاعدة فراغ غير منطقي, القمة هي رأس الدولة أو الطاغية نفسه أما رجالات الدولة فهم بالإجمال أقرب للقاعدة التي من المفروض أن تكون عامة الشعب. و مع ذلك كان على أي مسؤول أو موظف ذو درجة عالية أو ضابط في الجيش يود الارتقاء برتبته العسكرية أن يقدم فروض الطاعة و المبايعة الأبدية للأب و لأبنه من بعده و الذي حرمته الذات الإلهية صفة الطاغية الجديد و ربما لحكمة من العلي القدير و رفقاً بالشعب السوري فقتل بحادث سيارة لرعونته في القيادة.
عماد هذا النظام الهَرم, أعمدة من أجهزة أمنية متنافسة فيما بينها لنيل الرضا و لاغتنام العطايا و السلطات على حساب الوطن و المواطن و مفاضل الدولة و مؤسساتها بما فيها مؤسسة الجيش و القوات المسلحة.
إن استقراءً بسيطاً للواقع السوري بعد استلام أو بالأحرى اغتصاب الطاغية الإبن لرأس السلطة, و بمساعدة و ترتيب بعض الشخصيات الوصولية التي عملت مع الطاغية الأب و التي أملت بالانتقال من درجة التقزم إلى درجة أعلى ما لبثت أن همشت و حوصرت, يمكن أن نستشف من هذا الاستقراء حالة الدمار التي ستعصف بالوطن. لقد كان حدسي و قناعتي بأن الوطن يتجه لحالة من الخطر الكبير و كانت الويلات ماثلة أمامي منذ أن بدأت ترتيبات التحضير لاستلام الطاغية الأبن لزمام الأمور في سورية. لم يوافقني العديد من السياسيين و المحللين في حدسي لا بل أبدوا تفاؤلهم بالمستقبل و بالشفافية التي أبتلعوا بها الطعم. الشاب لا يمتلك أي فكر أو عقيدة و لا انتماء معرفي له سوى ( تعليمه الجامعي) و نضعها هنا بين قوسيين. لا يملك كارزما أبيه أو حتى أخيه الراحل لا بل هناك بلاهة في تفاصيله و تحركاته, لا يعرف من سورية سوى السيارات الفاخرة و الألعاب الألكترونية و أغاني الجنس التافهة فكيف سيحكم بلداً كسورية و شعباً كالسوريين؟. هنا ممكن أن نجزم بأن مفهوم الشعب قد حذف من قاموس الأب و نقلها للإبن على أنها مسلمة أو بديهية غير قابلة للتغيير.
الآن و بعد أحد عشر سنة من حكم الطاغية الإبن, حيث تحول هرم السلطة إلى ليغو بيده و بيد أقاربه و أصدقائه و صديقاته و أسرته و أسرة زوجته, يركَبون البلد على قياساتهم و أهوائهم و ينهبون الاقتصاد و يتقاسمون غلال الوطن, يمنحون الرتب و المسؤوليات للأزلام و للأقزام, يتقاسمون لقمة المواطن و يمنون عليه بحصوله على الأمن و الأمان في عالم متناحر و غير آمن.
لكن هرم السلطة هذا لم يعد يشبه هرم الطاغية الأب, صار متعدد الرؤوس و فقد الهرم شكله الحقيقي. في النظام الآن عدة رؤوس تعمل من أجل مصالحها و مكتسباتها الشخصية. الطاغية الصغير لا يعدو حجمه حجم سلطة أخيه و صهره و حتى بعض من رؤساء أجهزته الأمنية, ربما لمعرفته المسبقة بضحالة إمكانياته و سطحيتها, أو أن هالة من جنون العظمة أقنعه بها بعض تلك الرؤوس الممسكة بالقرار و بالسلطة.
منذ بداية الانتفاضة السورية الثورة, أمسكنا قلوبنا و تمسكنا بحلم أن تتحول هذه البلاهة و الغباء إلى حالة من البساطة و المسامحة و أن تتعامل مع أطفال درعا بحب و مودة و تستوعب حالة التسونامي العربي, فتجنب البلاد أزمة كان جمرها يتوقد يوماً بعد يوم. لكن و مع الخطاب الأول تكشفت حالة العنجهية و الصلف في شخصيته و كلامه. و تكشفت حالة الفصام التي يعيشها بمنذ مدة كان يتحدث عن رغبات الشعب و عن تلازم وجوده بالمد الشعبي و إذ به يتحدث عن العصابات المسلحة و السلفية و الارهاب و تناسى سطوة و غلو أجهزته الأمنية على رقاب الشعب.
اليوم و بعد ما يقارب السنة و النصف على الثورة السورية, يتكشف للسوريين أن هناك تماسكاً وجودياً لكل رؤوس السلطة السورية و مثابرة في تحقيق انتصار على هذه الثورة و أن هذه السلطة ليست غبية بالمطلق فهي تتعامل بذكاء و خبث الطاغية الأب و هنا يمكننا إسقاط الكثير من الأحداث و السيناريوهات التي مارسها الطاغية الأب في الثمانينيات كالاغتيالات و التفجيرات و المجازر و توظيف هذه الأحداث و السيناريوهات سياسياً و إعلامياً على الصعيد الداخلي و الخارجي لتحويل الحراك الثوري السوري من سماته السلمية الوطنية الأخلاقية إلى سمة العصابات المسلحة و العسكرة و الأسلمة و التطرف و الارهاب.
نعم, نجحت عصابات النظام و أجهزته الأمنية الدموية و العسكرية و شبيحته في بعض المناطق بعد أكثر من ثمانية أشهر من السلمية في عسكرة الثورة و أسلمتها و هذه حقيقة يجب أن نتعامل معها كي نستطيع السيطرة عليها, و لكن ما زال الفعل الثوري قائم و بقوة و بتصاعد و اتساع يحصنه حس وطني عظيم و عزم و إرادة صعقت كل مراكز التحليل و القرار العالمي. العالم اليوم يتخبط في سياساته تجاه سورية لأنه مشدوه لهذا الشعب الأصيل الخارق لقوانين الطبيعة و البشرية. إصرار هذا الشعب ضمانة نصره و لكن العسكرة غير المنظمة و الايديولوجيات الدينية و المتطرفة ستزيد من كلفة هذا النصر.
ليكن في علم الجميع: سلطة و نظام دموي, موالون و صامتون و محايدون, معارضات و ما شابهها, قوى إقليمية ولدولية, كل الهيئات و المنظمات الدولية...
- لا حرب أهلية في سورية مهما أقدم النظام أو غيره على القيام بمجازر بحق السوريين, لمناعة هذا الشعب الوطنية و أيمانه بأن كل ما زرعه النظام من بذور الطائفية ستنتج أشواكاً و ستصيبه في مقتل و سيبقى الانتماء الوطني الأعلى و الأسمى رغم كل التشوهات الحاصلة الآن.
- لابد و حتماً الشعب السوري سينتصر بإصرار شبابه و شاباته اللامحدود لنيل الحرية و الكرامة, لأنه خبر النظام و عرفه بعد أحداث الثمانينيات و لأنه يعرف أن الرجوع عن ثورته يعني حكم قطعان الشبيحة للوطن و لعقود أخرى.
- لا يمكن أن تقسم أو تقتطع أي مساحة أرض من الوطن السوري لأن أول من سيقف في وجه أي فدرالية أو كيانات طائفية هي دول الأقليم و قبلها أكثرية فسيفساء الشعب السوري الذي لا يمكن أن يعيش دون إكتمال لوحته الحضارية الرائعة.
- سورية ستحاكم القتلة و المجرمين و كل رؤوس السلطة المافوية التي استباحت الوطن و الأعراض و الحرمات كما استباحت خيرات الوطن و ثرواته.
- و ليكن في علم الجميع, لن يحكم سورية بعد اليوم أي طاغية أو مجنون لأن الشعب السوري سيمنح المجنون الأسباب و سيودعه مصحاً عقلياً يقام له خصيصاً في بابا عمر.
لكننا و بكل الحزن و العنفوان, سنظل ندفع الثمن غالياً طالما كان المجنون طليقاً.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة و اللادولة


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - المجنون طليقاً