أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف غنيم - الهوية الدينية والهوية القومية















المزيد.....

الهوية الدينية والهوية القومية


يوسف غنيم
(Abo Ghneim)


الحوار المتمدن-العدد: 3753 - 2012 / 6 / 9 - 02:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الهوية الدينية والهوية القومية

من المفارقات الغريبة أن يلتقي موقفان متناقضان على تحقيق هدف و احد متمثلاً بشطب البعد القومي للصراع مع الإحتلال من خلال تنحية التعبيرات الوطنية للحالة القومية وتسخير الدين السياسي لتغطية ذلك.
ما دعاني للبدء بهذا التعميم موقف الزهار الذي راوغ في تحديد الهوية الوطنية عندما سئل ماذا كنت تقدم لو خيرت بين الجنسية الفلسطينية والجنسية المصرية؟، هرب من الإجابة إلى مفهوم الأمة الإسلامية وإلى صلاح الدين الذي وحّد مصر والشام وإستعاد القدس وهو كردي الجنسية، لم يشأ الزهار إعطاء إطار وطني بعمق قومي في تحديد الهوية، هرب إلى التاريخ محاولا الإختباء بعمامة صلاح الدين الكردي المسلم ليبرر عدم تحديد الهوية القومية. لكنه نسي أنه يختصر التاريخ مستحضرا الماضي للتطبيق وليس للعبرة. الماضي هو للاستفادة وليس للالتزام به، فمن غير المجدي نقاش ظاهرة صلاح الدين الأيوبي خارج السياق التاريخي الذي نشأ به وما عكسه عليه من هوية وتوجه تمثل في مقاومة الغزو "الصليبي- الفرنجة" و السعي لتحرير القدس والذي تكلل بالنجاح الذي ما يزال الإسلام السياسي يعتاش عليه إلى راهن اللحظة، لقد نشأ صلاح الدين في ظل الثقافة العربية الإسلامية، حمل الهوية العربية الحاملة للإسلام، تكلم العربية وتواصل مع العرب" مسلمين ومسيحيون " بها، لم تشعر مكونات المجتمع العربي بحالة إغتراب معه، كان من نسيج هذه الثقافة العريقة التي حملت الدين الحنيف، أثرت وتأثرت به في علاقة جدلية. أقر الإسلام بعظمة الموروث العربي من خلال حالة التحدي الذي فرضها القرآن على الثقافة العربية، لقد تحدى المخزون الثقافي العربي في دلالة على رقي هذا التراث، ألا يعبر التحدي الإلهي لثقافة هذه الأمة على مقدار الرفعة والرقي الذي وصلت اليه ثقافيا والذي يعتبر من البناء الفوقي بالمجتمع المنعكس بالضرورة عن بنية إقتصادية إجتماعية مميزة.
لا يمكننا الجزم بأن الزهار لا يعرف بأن الفرنجة ذبحوا العرب المسيحيين كما ذبحوا المسلمين، بينما صلاح الدين حمى المسيحيين العرب كما حمى المسلمين العرب، فلم يكن يقاتل أساسا على ارضية دينية.
إن المحاولات الإسلاموية بوصف المجتمع العربي قبل الإسلام بالمجتمع الجاهلي يتناقض كليا مع التحدي الإلهي لهذه الأمة للعديد من الأسباب ومنها :-
• من يقرأ التاريخ يعرف أن العرب كانوا يسيطرون تجارياً على التجارة بعيدة المدى حتى الهند والصين "طريق الحرير"، وأن مكة كانت دولة تجارية فيها طبقة غنية وارستقراطية وهذا ما سمح لقصي بن كُلاب بأن يؤسس لدولة قريش قبيل مجيء الرسول حيث كانت بنية الدولة جاهزة، وعليه، فإن الحديث عن جاهلية ما قبل الإسلام هو تعبير غير دقيق وغير علمي.
• لا يمكن تحدي مجتمع متخلف من قبل قدرة كلية لغياب الموضوع موضع التحدي.
• حمل الإسلام للعديد من القيم والعادات العربية دليل على إنسجامه مع هذه القيم التي جاءت نتاج التطورات الداخلية للمجتمع العربي قبل الإسلام
• إنطلاق الدعوة الإسلامية من قلب جزيرة العرب دليل على إختيار إلهي لهذه الأمة لحمل رسالة الإسلام للبشرية لذا لا يمكن أن يكون الإختيار الإلهي عشوائيا.
• العرب حملوا الإسلام الذي حملهم ودافعوا عنه كما دافع عنهم ولا يمكن الحديث عن علاقة أحادية، العلاقة إذاً جدلية، وما يدلل على ذلك أن عاصمة الخلافة الأموية في دمشق كانت ذات أغلبية عربية مسيحية.
قد تساهم هذه المعطيات في إخراج الطرح الإسلاموي من السياقات التي يضعنا بها في محاولاته لكتابة التاريخ من اللحظة التي حاول من خلالها محو التاريخ العربي الممتد في قلب التاريخ، لم يبدأ التاريخ العربي من الدعوة الإسلامية، بدأ الإسلام من البيئة العربية وتطور في أحشائها وازدهر في فضائها جامعا ما بين الأصالة والتجدد في سياق حركة التاريخ الصاعدة دوما والتي لن تتوقف أبدا.
لماذا يعمل الدين السياسي على التصدي للقومية العربية؟ هل التنكر للقومية العربية سيساهم في رفعة "الأمة الإسلامية المفترضة " ؟ وهل تحتاج الأمة العربية لإعتراف الدين السياسي بها لتستمر بالفعل والتأثير.
يتصدى الدين السياسي للقومية العربية لأنها تؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع، وأن الإعتقاد قضية ضميرية يحددها الفرد في سياق علاقته مع الله حيث لا وصاية ولا رقيب على ذلك إلا الضمير الذي يحدد ويشكل توجهات الفرد، وبأن الإيمان مسألة شخصية (من شاء فليؤمن ) هذا الفهم للإيمان يتعارض مع مفهوم الوصاية الذي يحاول الدين السياسي فرضه على المجتمع في محاولة لإخضاع النص الديني للتوجهات السياسية/الطبقية المعبرة في نهاية النهايات عن مصالح طبقة إجتماعية محددة تسعى للتحالف مع الشيطان للوصول إلى السلطة السياسية للإستحواذ على كل شيء في المجتمع " نزولا عند المشيئة الإلهية التي خلقت الناس درجات" في توظيف للنص خارج سياقه فقد قصد بها درجات العلم، تاركة الزهد للفقراء إنتظارا لنعيم الآخرة الذي زهد به أصحاب الدين السياسي وتركوه للفقراء والمساكين الذين يشقون كل يوم من أجل تأمين لقمة العيش في الوقت الذي يكفي فتات الإقتصاد البرجوازي (ومنه بشكل خاص راس المال الطفيلي الذي تراكم لدى اتباع الوهابية سواء في الخليج أو مصر) لتغييروضعهم، يعمل الإسلام السياسي على نشر الجوامع – يعمل الوهابيون السعوديون على بناء أول جامع تحت الماء- في الوقت الذي تفتقر به المجتمعات العربية والإسلامية إلى المستشفيات والمدارس والجامعات، لأن المسجد مكان يتم استغلاله للإستقطاب وتشكيل الوعي عبر التلقين وتذويت المعارف المنقولة و التي تحد من إعمال العقل بالواقع بينما المدارس والجامعات وعلى الرغم من السياسة البنكية التي تتبعها في نقل المعارف تفتح مجالات للتعلم عبر النقد على قاعدة التعرف على ماهية الأشياء بالدراسة والبحث العلمي بعيدا عن التسليم بمقولة أو موقف منقول عن فلان إبن علان أبن .....إلخ
التنكر للأمة العربية لن يساهم في بلورة وتطور الأمة الإسلامية المفترضة، لأن إمكانية بلورة هذه الأمة درب من دروب الوهم، هل يعتقد أصحاب الدين السياسي أن الطبقات الإجتماعية ستقبل إقتسام ثرواتها وإمكانياتها الوطنية القومية من أجل هذه الأمة؟ هل يقبل الأتراك التنازل عن الهوية التركية وإستبدالها بالهوية الدينية؟ وهل يقبل الباكستانيون التنازل عن قوميتهم من أجل أمة مفترضة؟. يلتقي المسلمون في كل أرجاء الأرض على العبادات ولا يلتقون على تقاسم الثروات الطبيعية بين القوميات التي يتشكل منها المسلمون وهذا واضح منذ الحراك الإجتماعي الأول في الإسلام ضد منهج عثمان في الخلافة والذي أخذ بعدا إقتصاديا عندما أستحوذ أقرباؤه على مقدرات الأمة بالشام والعراق.
الأمة العربية لا تحتاج إلى إعتراف الدين السياسي بها للحفاظ على دورها التاريخي نظراً لعمق تجربتها التاريخية وإسهامها في الحضارة الإنسانية.
التاريخ لا يكذب هنالك من يحاول كتابة التاريخ بما يتناسب ويخدم الرواية الرسمية التي تحاول صياغة التاريخ من اللحظة التي تحاول عبرها مصادرة تجربة وتاريخ ممتد في عمق التجارب والتاريخ الإنساني. وهنالك من يحاول إسقاط التاريخ على حاضر تجاوزه مئات السنين.



#يوسف_غنيم (هاشتاغ)       Abo_Ghneim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من النهاية نبدأ دوما
- على الشعب العربي إستعادة ثرواته
- البحرين
- نحو تحديد مفاهيم الواقع
- يا مصر قومي وشدي الحيل
- ما أجملك
- لا وطن ولا عقيدة ولا مبدأ للرأسمالية سوى جني الأرباح
- يا أحمد الجبهاوي
- رسالة إلى بلال وثائر
- كلمات الأسرى الأخيرة
- التفجيرات الأخيرة بسوريا _لعبة الموت
- ما بين الحب والعشق
- هل يكفي أني أحبك
- الأسلاميون وجماع الوداع
- سوريا الوطن النظام
- الواقع العربي و متطلبات التغيير
- أين يتجه العالم العربي في ظل قيادة قطر
- عندما تضحكين
- عندما يتحول الحب إلى كلمات


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف غنيم - الهوية الدينية والهوية القومية