أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه














المزيد.....

حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3752 - 2012 / 6 / 8 - 20:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يتبادل أنصار السيد المالكي وفي مقدمتهم نواب دولة القانون قصة عدم توفر البديل لزعيم قائمتهم في حالة سحب الثقة منه وبطريقة ربما هدفها تبيان تمسك دولة القانون بزعيمهم وإظهار الولاء له في ساعة الحاجة الماسة إلى ذلك الولاء إضافة إلى محاولة إظهار تماسك جبهتهم الداخلية لتعطيل كل المراهنات التي ربما تنعقد أو تستمر على أمل تفكيكها.
ليست دولة القانون وحدها من يتمسك بنهج كهذا, بل أن جميع التكتلات الأخرى لجأت وتلجأ إلى هذه التصريحات حينما يكون هناك استهداف لزعمائها ولوحدة القائمة من خلالهم. ولقد سبق لي أن ناقشت في مقالة مستقلة حالة اسمها قضية الرموز في النظام الديمقراطي الذين يتحولون بفعل الترميز أو الرمزنة إلى زعماء قبائل لا يجوز انتقادهم فكيف بتبديلهم.
وكان مما قلته أن قضية الرموز تصبح بهذه الطريقة عبأ ثقيلا على العملية الديمقراطية, لا بل ونقيضا لها لأنها تحول الديمقراطية إلى مؤسسة لرؤساء قبائل يتبادلون فيما بينهم الأدوار ويتقاسمون بينهم الغنائم ويتحكمون برقاب الناس إلى أن يحين أجل الواحد منهم فيستبدل حينها بابنه الذي كان قد أعده إعدادا جيدا لاستلام الراية بعد رحيله إلى العالم الآخر, ولكي يستمر في إدارة عالمنا هنا من عالمه هناك.

وليس بعيدا عنا التجربة اللبنانية التي تحولت إلى ديمقراطية زعماء قبائل, حيث صار الواحد منهم يسلم الزعامة إلى ابنه ليستلمها الحفيد من بعده, وهكذا تحول النظام السياسي في لبنان إلى كيان قبلي بعباءة ديمقراطية. ولنا هنا أن نستعيد قصة مبارك, فالرجل كان قد رفض تعيين نائب له لكي لا تفكر الناس بإمكانية استبداله ولكي لا يكون نائبه حجر عثرة على طريق توريث الحكم متوهما أن الدستور يعطيه حق "الإسترئاس في حالة غياب الراس". وكان صدام قد سار على نفس النهج بعد أن بدأ بإعداد ابنه قصي لكي يكون بديله. أما حافظ الأسد فقد سبق الجميع حينما ترك للمؤسسة الحزبية والعسكرية بعد ذلك أن تختار واحدا من إثنين.. أما بشار وأما بشار. ومن جانبها تقدم التجربة الإيرانية نموذجا للديمقراطية المضحكة حيث يقوم فيها أبناء الشعب بانتخاب رئيس يعمل في خدمة المرشد الأعلى ويأتمر بأمره وإلا فإنه لن يرى باب الجنة مطلقا.
وأجزم أن العراق قد بدأ حقا بإنتاج هذه التجربة نفسها, فهناك فعلا وواقعا زعماء أحزاب أو حركات قد استلموا الزعامة من آبائهم, وهم بدورهم على طريق توريث الزعامة للأحفاد تيمنا بفتوى خير خلف لخير سلف. وتأتي قصة اللابديل لكي تكون إحدى أهم وسائل إلقاء القبض على الديمقراطية وإعادتها إلى أحضان زعماء القبائل الدافئة, بعد أن كان نظام الطوائف قد أحكم القبض عليها من خلال خدعة المكونات التي تجعل الهوية الطائفية تتقدم على الهوية الوطنية.

إن قصة اللابديل هي قضية هدامة دون أدنى شك حتى لو أنها كانت خاصة بالحزب أو الجماعة نفسها, فالإيمان بالديمقراطية في الحياة السياسية العامة خارج صفوف الحزب وضمان المساهمة فيها بشكل صحي إنما تبدأ من داخل الأحزاب ذاتها. ولا سبيل للتأكيد على وجود هذا الإيمان ما لم يتم فحصه بدقة من خلال طريقة ممارسة الحزب للديمقراطية الحقيقية داخل صفوفه.
بغياب العقيدة الديمقراطية داخل صفوف الحزب فكرا وسياقات تنظيمية لا يمكن أن يكون الحزب صادقا في تعامله مع الديمقراطية, ولا يمكن أن يكون في خدمتها أبدا, لأن من المتعذر أن يكون الإنسان دكتاتورا داخل حزبه وديمقراطيا خارجه, وإلا لكان هذا الإنسان بوجهين, وبوصف آخر هو لا يتعدى أن يكون مرائيا من الدرجة الأولى.
إن من شروط النظام الديمقراطي أن تكون هناك أحزابا عديدة متنافسة فيما بينها ويجب أن يسبق هذا الشرط لزوم أن تكون هذه الأحزاب ديمقراطية الثقافة والتنظيم والممارسات والآليات, وبالتالي فإن قوانين العمل الديمقراطي تلزم حرمان أي حزب لا يمارس الديمقراطية ممارسة سليمة في حياته الداخلية ويعتمدها كثقافة حقيقية لأعضائه وإلا لتحولت الديمقراطية إلى نظام للمنافقين والمرائين وأصحاب الوجوه المتعددة.

وإن من ضمن ما يجب أن نتأكد منه هو وجود سياقات تنظيمية تضمن وجود البدائل لرؤساء الأحزاب. وليس من باب الحلول غير الواقعية أن نقترح وجود لجنة نزاهة ديمقراطية عليا للتأكد فيما إذا كانت هذه الأحزاب تمارس الديمقراطية داخليا وتؤمن بها كثقافة حقيقية, ومن ثم يترك لهذه اللجنة المستقلة أن تقرر فيما إذا كان هذا الحزب صادقا ونزيها وغير مخادع أو مرائي وتسمح له أو لا تسمح له بالمشاركة في العملية الديمقراطية.
قد يبدو المقترح مثاليا وليس له سابقة ولكن لنعرف أولا أن الديمقراطية التي تتأسس على ضرورة وجود أحزاب متعددة فإنها تشترط بداية ضرورة أن تكون هذه الأحزاب ديمقراطية, وبدون ذلك فإن النظام الديمقراطي على هذه الحالة سيكون في مواجهة نكسات وأمراض مزمنة.

ولعل المشكلة ستتضاعف حينما يكون الحزب اللاديمقراطي على رأس الدولة الديمقراطية.
إن حزبا كهذا لن تبقى مسؤوليته عن الديمقراطية محدودة التأثير لأنها ستفرز تأثيراتها السلبية على عموم الحالة وبشكل يؤدي إلى بناء ديمقراطية كاذبة ليس لها من الديمقراطية الحقيقية إلا عباءتها, وإذا ما كان غياب البديل هو بالفعل حالة دكتاتورية واضحة فإن تصديرها إلى الدولة سيكون سببا في تخريب الدولة وديمقراطيتها.
إن وجود سياسة اللابديل وخاصة على مستوى حزب يحكم الدولة لن تجعل الحزب قادرا على حماية الأمانة التي أوكلت إليه لحمايتها وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه.. وستتكرر هذه الرواية مع كل حزب لا يكرس الديمقراطية داخل صفوفه كنهج وكثقافة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة ...
- ليس حبا بعلاوي وإنما كرها بالمالكي
- ما الذي أسقطه الصدريون بعِلمٍ أو بدونه
- الخلط بين بناء السلطة والدكتاتورية
- أزمة سلطة أم أزمة وطن
- وإن لكم في الفوضى والإرهاب فوائد وأرباح
- خلل في المداخل وليس خللا في المذاهب
- حل المشكلة بمشكلة.. إجه يكحله عماها
- أعظم مفقود وأهون موجود.. دعوة لتشكيل حزب بإسم حزب الماء
- المظلومية الشيعية.. ظلم للشيعة قبل أن تكون ظلما لغيرهم
- البعثي الصفوي... الذي هو أنا
- أحاديث عن الطائفية... المظلومية الشيعية
- العمالة والخيانة بين فقه الدين السياسي وفقه الدولة الوطنية
- للمهاجرين العراقيين فقط
- سوريا والعراق.. حديث الصورة والمرآة
- من بشار الأسد إلى عرعور المستأسد.. يا لها من مأساة
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الثانية
- قراءات خاطئة جدا جدا لمواضيع صحيحة جدا جدا.. القراءة الأولى
- التحالفات السياسية وخطاب البارزاني الأخير
- في المسألة المشعانية* والقضاء العراقي الممشعن


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه