أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهندي- الحلقة الثانية















المزيد.....


عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهندي- الحلقة الثانية


عليان الهندي

الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأخوان المسلمون وإسرائيل
إيهود يعاري
ما نراه اليوم هو غبار التراب الإسلامي الذي هبط على الشرق الأوسط. وما جرى ليس عاصفة ولا إعصارا (تورنادوا)، جاء الإسلاميون للحكم بعد 83 عاما من التأسيس، وهم يحملون مجموعة من المبادئ الإسلامية المنظمة من دون أية خطة عمل. وأعتقد أن هناك ثلاثة أحداث مركزية وقعت، هي:
1. أصبح المواطن العربي ،الخاضع تاريخيا، لأول مرة مواطن، حيث أصبح للفرد في الوطن العربي مواطنة كما هي للإنسان العادي. ونتيجة الشعور بالمواطنة تولد شعور لديهم بالاعتزاز كونهم عرب أحدثوا ثورات. ويقول العربي اليوم، لم ننتظر انهيار الاتحاد السوفييتي كي نحصل ما حصلت عليه شعوب أوروبا الشرقية، بل كانت هناك ثورات عربية ممزوجة بروح إسلامية.
2. انهيار مذهل لأجهزة السيطرة الداخلية في الدول العربية خاصة مصر. ومعلوم أن الذي سيطر على الأوضاع الداخلية في الدول العربية ليس الجيش أو جهاز المخابرات، بل كان جهاز الأمن الداخلي الذي سيطر خلال العشر سنوات الماضية. اليوم، سقطت هذه الأجهزة ولا يوجد اليوم جهاز أمن داخلي، فكل من يسيطر على الحكم اليوم لن يملك جهاز أمن داخلي.
3. أدرك كل من تواجد في الميادين أنه يملك قوة تتضاعف عندما ينزل للشارع. ما جرى ليس ثورة، لكنها مظاهرات متواصلة ستستمر لسنوات عديدة، ويدرك من يتواجد في الساحات بمن فيهم الاخوان المسلمون قدرتهم على التأثير. ورأينا ذلك، عندما كان المجلس العسكري يخضع للشارع مرة تلو الأخرى. نحن نرى أمامنا نظام ديمقراطي فوضوي حيث الاقتصاد منهار والدولة لا تعمل، وهذا الوضع سيستمر.
ما الذي حدث، ولماذا ؟. اعتقد أن العقد الاجتماعي غير المكتوب بين الحكام العرب وبين الخاضعين نص على تعليم مجاني وخدمات صحية وشبكة مواصلات شرق أوسطية يركب فيها المواطن على ظهر القطار [مستهزءا]. ما حدث هو، عدم قدرة الدولة على القيام بواجبها في العقد غير المكتوب، ما تطلب النزول للشوارع والساحات.
وعلى الأنظمة الجديدة تجديد العقد الاجتماعي الذي تحطم ،على الأقل كما كان سابقا، وأنا لا أعتقد أن دولة مثل مصر وهي الدولة الأهم، قادرة على القيام بذلك باحتياط نقدي يصل لـ 11 مليارد دولار. من يتصور أن الجيش يقرض الحكومة مليارد دولار [مستهزأ] هل يجري ذلك في دولة ما من دول العالم، هل تتصورون أن رئيس الأركان الإسرائيلي يقرض الحكومة مليارد دولار. لكن ما العمل فهذا هو الموجود.
وبالنسبة للانتخابات التي أوصلت الأخوان المسلمين لسدة الحكم هناك صعوبات كثيرة سيواجهونها وهي:
• هل سيتصرف المواطن العربي كمؤمن أم سيتصرف كمواطن. وحول ذلك علامة استفهام، ومن الاستطلاعات تبين أن 40% من الجمهور المصري يؤيد إقامة دولة إسلامية.
• كيف سيحكمون دولة مثل مصر التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، وأدوات الحكم مفقودة فيها ؟.
• ظل الجمهور العلماني والليبرالي المتنور والجيوش موجودة في الساحة السياسية. وتوازن القوى بين التيارات المختلفة غير واضح.
أمر أخر عن الأخوان المسلمين هو أن حماس تعتبر حركة شاذة عن الحركة الأم رغم كونها أحد أجنحتها التي شكلت حركة عسكرية مسلحة. لكن هذه ليست الصورة عند الأخوان المسلمين الذين تخلوا عن الأجهزة العسكرية في الخمسينيات لدرجة يرون بالسلاح كارثة وخطأ من الدرجة الأولى في تاريخ الحركة. أتحدث هنا عن الأخوان في مصر الذين كان لهم تنظيم سري مسلح، فكك ولا يوجد شوق له. وفي أدب الأخوان اليوم لا يوجد ذكر للتنظيم السري.
في سوريا انتهى التمرد بمذبحة حماة الذي قاده مروان حديد الذي اعتبر شخصية كارثية في تاريخ الحركة، وهناك مؤلفات كثيرة جدا تتحدث عن الخطأ الذي وقع فيه الأخوان خلال عهد الأسد الأب. وتجربة الأخوان في الجزائر تشير إلى سلسلة الأخطاء التي وقعت وأدت إلى 100 ألف قتيل.
وتحاط إسرائيل اليوم بتنظيم الأخوان المسلمين، وأتنبأ بأن تكون هناك علاقات تدريجية بين حكومة مصر بقيادة الإخوان وحكومة حماس في غزة، وأعتقد أنه ستكون هناك ضمانة من حكومة مصرية يشكلها الأخوان المسلمون لحكومة غزة. نحن نرى اليوم سيطرة الأخوان والسلفيين على البدو في سيناء، الذين صوتوا في الانتخابات الأخيرة للإخوان المسلمين والسلفيين. البدو الذين لا يعرفون الصلاة ولم يكن لهم مساجد بل كانوا مجرد مسلمين، أصبحوا اليوم مجموعة إسلامية متطرفة ومليشيات سلفية، ولا يحتاجون لإدارة من غزة، رغم أنهم يتلقون ولا يحتاجون، فكل المنطقة الممتدة من غزة حتى القاهرة لونت بألوان خضراء. وهذا ليس أمر سياسيا، فهناك تواصل إنساني واجتماعي ضخم. وفي هذا السياق، ذكر المثقف البدوي أشرف عنان الذي احترمه عن الفصل بقوله :"ما الذي أراده شارون، أراد أن يسلم قطاع غزة لمصر، لكن مبارك قال له لا أريد. لكن ما الذي جرى، تدحرجت كرة النار من قطاع غزة حتى سيناء وأصبح شمال سيناء وقطاع غزة من ناحية اقتصادية منطقتين مترابطتين، وتقدر قيمة التجارة بينهما بنصف مليارد دولار".
في سوريا سيكون لهم دور بعد سقوط النظام، لكن قوتهم في سوريا ليست مثل قوتهم في مصر لأن قوتهم دمرت كليا في سوريا بما في ذلك تأثير المتواجدين في سوريا نفسها.
ونفس الوضع ينطبق على الأردن التي لم تقال فيها الكلمة النهائية بعد. ودورهم في الأردن دفع الملك إلى القيام بإصلاحات ولن يكون دورهم في الأردن مثلما كان قبل 30-40 عاما، والمظاهرات التي تجري اليوم بمشاركة أحمد عبيدات وأهل الجنوب تشير إلى الدور المستقبلي للإخوان.
الجميع يتحدث عن الدور السني-الشيعي فهو قائم وعنيف وواسع وعميق وهو خلاف مركزي في المنطقة. تذكروا أن الأخوان المسلمين وإيران وحزب الله يبحثون بشكل مكثف عن أهداف سياسية من أجل إيجاد جسور مشتركة. ليس صدفة أن خامنئي نفسه ترجم كتب الأخوان المسلمين إلى الفارسية. وليس صدفة أن تنشر كراسات كتبها صديقنا أحمد يوسف من غزة بأن الدولة الإسلامية التي طرحها الخميني تشبه الدولة الإسلامية التي طرحها حسن البنا، ونحن نرى الجهود لبناء هذه الجسور.
الأخوان المسلمين مرتبكون خاصة في مصر حيث يحاولون اليوم تطوير مفهوم إسلامي اسمه "المصلحة" أي أن هناك شرعية من الشريعة الإسلامية وهناك شرعية للمصلحة العامة. وعلى الحكم أن ينظم نفسه لهذه المصلحة وليس للأفكار العامة. والهدف من منطق "المصلحة" هو إظهار نوع من الليونة كي يصبحوا شركاء مركزيين في الحكم.
وبخصوص إسرائيل لا أعتقد أن الأخوان المسلمين سيلغون اتفاقيات كامب ديفيد ولن يعرضوه على الاستفتاء العام بعد غد. عندهم حسابات بعيدة المدى وهو ما يوفر لهم هامش ليونة. والمصريون لا يواجهون مشكلة بخصوص تقييد التواجد العسكري في سيناء وبالنسبة لإسرائيل يفضل لها أن يكون حجم القوات أقل من 70% مما اتفق عليه. وسمحت إسرائيل بدخول قوات مصرية إلى مناطقB و C لكن المصريين أدخلوا قوات أقل مما طلبته
وعلينا إظهار، أن القوات الدولية الموجودة في سيناء هي التي تقوم بالأدوار الاستثنائية المتفق عليها بين الجانبين وليس من خلال موافقة إسرائيلية مباشرة. أي أن الأمور التي ترفضها إسرائيل عليها أن تأتي وكأنه رفض من القوات الدولية وليس من إسرائيل.
وفيما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية التونسية نحن لا يهمنا سوى السياحة في مدينة جربة التونسية. ومع ذلك فقد حضرت اجتماعا مغلقا في مكان ما في الولايات المتحدة قال فيه راشد الغنوشي أنهم لن يسنوا في الدستور بنودا تمنع العلاقات مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بالعلاقات المغربية الإسرائيلية علينا المحافظة على علاقات مع المغرب بواسطة القصر الملكي.
وأخيرا وعند الحديث عن حماس، يمكن لنا التوصل لتفاهمات معها وايجاد شبكة اتصال واقعية معها وذلك في إطار اقتراح يتضمن (سبق أن طرحته مرات عديدة) حل مرحلي كريم وليس وفق صيغة موفاز بحيث يمنح الفلسطينيين السيطرة على 80-85% من الضفة الغربية من دون الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية وهو اقتراح ليس له علاقة بتوقيع اتفاقات سلام نهائية بل اسميه أنا هدنة وفق المصطلحات السائدة بعد حرب الاستقلال عام 1948، فيما تسميه حماس هدنة. وبشكل عام، فالتسميه ما شاءت المهم أنه حل تتطلع فئات كثيرة من الإسرائيليين إليه.
وخلاصة القول أتوقع أن تستمر الاضطرابات في العالم العربي وربما تمتد إلى الممالك المختلفة.

الرابحون والخاسرون
عوديد غرانوت
ما يجري في العالم العربي ليس ثورات ولا ربيع، وهو ليس عربيا بالمطلق إذا أضفنا إليه التدخل الخارجي، والأيدي التي أدخلت في هذه الانتفاضات (الاسم الذي أفضله على الثورات). لكن يجب عدم الاستهانة بما حقق حتى الان على الأرض حيث هرب الحكام الذين حكموا لعشرات السنوات أو قضي عليهم أو تنحوا. وعلى أية حال، سموا ما حدث كيفما شئتم. وحتى الان لا نعرف ما جرى وما هي الأسباب. وفي هذا السياق، ذكرت الأديبة التونسية المشهورة ألفة يوسف أنها لا تعرف حتى هذا اليوم لماذا هرب زين العابدين بن علي. حتى سقوط مبارك نحن لا نعرف تفاصيل سقوطه ومن هي الأطراف التي ساعدت في ذلك. فربما ننتظر التاريخ أو ويكيليكس.
المهم هو انهيار النظام وجدار الخوف. لكن الثورات العربية لم تغير جدول الأعمال العالمي كما أحدث الانهيار السوفييتي. فالأنظمة السابقة لم تنهار كليا، فما زال كبار الموظفين في مناصبهم وهذا ظاهر في مصر التي يحكمها ضباط الجيش وعلى رأسهم المشير طنطاوي حبيب مبارك السابق وبعض أعضاء الحزب الوطني المنحل.
المهم بالنسبة لي هو التدخل الخارجي، ففي بعض الدول ساعد ذلك في تسريع انهيار النظامين في مصر وليبيا. والتدخل الخارجي أوقف انهيار النظام في البحرين ولو لم تتدخل السعودية لحكم البحرين اليوم الشيعة وأسقطت العائلة المالكة.
في مصر علينا أن لا ننسى عندما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بقولها :"الأن يعني الان". بخصوص تنحي مبارك. وفي الأماكن التي لم يحصل فيها تدخل ما زال الربيع متواصل في سوريا، وقمع الربيع الإسلامي في إيران.
وتميز الربيع العربي بأن المتظاهرين خرجوا للشوارع بمطالب متواضعة مثل محاربة الفساد وأماكن عمل ومحاربة البطالة والمشاكل الاقتصادية. ولم يكن لهم رغبة بإسقاط رأس النظام مبارك بل أرادوا أمرين فقط هما: عدم الترشح مرة أخرى. وإقناع سوزي بأنها لا تريد التوريث لجمال. وأقول هنا اليوم لو أن مبارك استجاب لهذين المطلبين لأصبح اليوم بطلا يعيش في شرم الشيخ أو سويسرا وفق ما يختار.
واعتقد أنه لم يعمل ذلك لسببين هما: المرض وموت حفيده . مبارك منذ عام 2009 مدمر نفسيا. وعندما انتقلت النيران للشوارع وافق على مطالبهم -لكن بعد فوات الآوان، ما دفعهم لرفع سقف المطالب. المهم فيما جرى أن الشباب في كل الثورات لم يحصلوا على مرادهم، ففي تونس سيطرت حركة النهضة على الحكم رغم عدم مشاركتهم في الثورات من بدايتها. وكذلك الأخوان المسلمون الذين انضموا في وقت متأخر للثورة في مصر، لكنهم حصلوا على 50% والسلفيون على 20% من الأصوات. أما الشباب الذين أشعلوا الثورة فقد حصلوا على 2.3% من الأصوات. الذين قتلوا في الميدان لم يحصلوا على شيء. أما الأخوان الذين ينتظرون هذه اللحظة منذ 83 عاما فقد حصدوا كل شيء .
لماذا كانت نتائج الانتخابات ؟. بالنسبة لي، فإن الأمر بسيط جدا. الثورة في تونس سرقت مرة عندما خرج الشباب التونسي للتظاهر ضد الفساد وضد البطالة، لكن حركة النهضة هي التي استلمت الحكم. لكنها في مصر سرقت مرتين :الأولى، من قبل العسكر. والثانية، من قبل الأخوان المسلمين والسلفيين. الشباب شكروا الجيش لإسقاطه مبارك وعدم إطلاقه النار عليهم. ولم يفهم هؤلاء الشباب أن الجيش سرق ثورتهم، في ذلك الوقت بحث البعض عن إعطاء مكانة للجيش، وحتى ترشيح طنطاوي للرئاسة. هذا الوضع ليس موجودا اليوم. الجيش الذي أراد أن لا يشعر الجميع بأنه سرق الثورة ولرغبته في البقاء في الحياة السياسية، أدخل إلى الفراغ الأخوان المسلمين بواسطة الانتخابات. لقد جرت الانتخابات في مصر قبل أن يفهم ميدان شباب التحرير أن عليهم إنشاء أحزاب. الثورة كانت من دون بنية تحتية ومن دون تنظيم ومن دون آلية تنسيق بينهم، ولا يوجد عندهم أساس قوة خارج المدن الكبيرة على عكس الإخوان المسلمين الأكثر تنظيما وخبرة. وأشبه ما جرى في مصر من ناحية الحياة الحزبية هو أن يلعب شبيبة الخضيرة في دورة كرة السلة للمحترفين في الولايات المتحدة NBA حينها هل تتوقعون فوز الخضيرة ؟. وعلى أية حال، جرت الانتخابات في مصر نتيجة شراكة بين الجيش والإخوان.
لكن ماذا كان الرد الأمريكي. الرد الأمريكي قال ليس مهما نتائج الانتخابات، المهم هو أن الانتخابات جرت بديمقراطية وسلاسة. وأشير هنا أن الأمريكان تفاجؤوا من هذا الفوز. وعليه، أقول للأمريكان لا يمكن سرقة الانتخابات فقط بل سرقة المسيرة نفسها. وإذا ملك الأخوان المسلمون المساجد ومئات ألاف النشطاء والعيادات والمساعدات فإنهم لا يحتاجون لبرامج. ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط، فعندما احتاجت شبرا الخيمة لتوزيع اللحوم للفوز في الانتخابات تم توزيعها، عن أي تنافس تتحدثون، ولماذا نتعجب من حصول الأخوان على هذه النتائج، ولا تنسوا أن الجيش هو الذي حمى الصناديق. وصرح الرئيس الأمريكي السابق الذي تجول بمصر أن الانتخابات ديمقراطية. نحن متأكدون أنها ديمقراطية، ولا تنسوا أن جيمي كارتر صرح أيضا قبل عدة سنوات أن الانتخابات في السلطة الفلسطينية كانت ديمقراطية. بالنسبة للأمريكان المهم هو أن العملية جرت بديمقراطية ومن دون تزوير، وليس مهما عندهم النتائج .
لقد بحثت عن الذين توقعوا حدوث الثورة في مصر فوجدت أن صحفي وكاتب بريطاني باسم جون بريدلي عاش في مصر عدة سنوات نشر في عام 2008 كتابا بعنوان "مصر على أبواب ثورة" يقول فيه أن الثورة ستبدأ بشكل عفوي في محيط ميدان التحرير والأخوان المسلمون سيركبون الموجة في وقت متأخر منها. والخطأ الوحيد الذي وقع فيه الباحث هو أن الأخوان المسلمين لم يسيطروا على الحكم، لأن الأخوان المسلمين ليسوا أقوياء في البلد، حيث بلغ عدد مؤيدوهم حوالي نصف مليون، لكن لهم معارضون كثر مثل السلفيين والأقباط والليبراليين. وفي النهاية لم يحكموا. وبعد عدة أسابيع من نشر الكتاب منع مبارك نشره في مصر وجمعت الكتب بسرعة من المكاتبات لأن مبارك لم يحب ذلك.
أما الشخص الثاني الذي توقع حدوث الثورة فهو شخص أسمه محمد حسني مبارك ففي محادثة وهي محادثة سنوية أجريها معه قال لي مبارك "قلي عوديد الأمريكان عايزين إيه، عايزين الأخوان ياخدوا مصر". وقد أبلغت نص هذه المحادثة للجنرال عاموس يدلين رئيس جهاز الاستخبارات حينها. لقد شعر مبارك أن الأمريكان يريدون إسقاط النظام، وبدوره استخدم الأخوان المسلمين لإخافة الأمريكان.
وقال لي سعد الدين إبراهيم المدعوم أمريكيا والذي يعتبر من أصدقاء إسرائيل أن أبناء مبارك جمال وعلاء مسجونون في الغرفة التي مكث هو فيها.
وبخصوص الرابحين والخاسرين، فإن الخاسرون هم شباب ميدان التحرير والرابحين هم الجيش والأخوان المسلمون. الجيش طلب من الأخوان المسلمين عدة مطالب هي :الأول، أبعاد شباب الأخوان عن ميدان التحرير مقابل السماح لهم بالاحتفال بالفوز. الثاني، عدم تكرار تجربة أردوغان الذي طلب من الجيش عدم التدخل في الحياة السياسية والعودة إلى الثكنات. الثالث، طلب من الأخوان المسلمين المحافظة على اقتصاد الجيش الذي لا يرغب بفقدانه. والرابع، طلب منهم عدم سن دستور ديني والأخوان يتعاملون مع ذلك بضبابية. وفي المقابل، طلب الأخوان من الجيش عدم التدخل في السياسة.
ربما سيتحطم هذا التحالف إذا أصر الجيش على استمرار تدخله في الحياة السياسية، وأصر على منحه مكانة ليس للبرلمان عليه صلاحية. وربما يحدث العكس يتدخل الجيش لمنع قيام دولة مدنية ودينية من قبل الأخوان المسلمين.
الأخوان المسلمون اليوم يبذلون جهودا بنسبة 150% من أجل تهدئة الجميع وشعار "الإسلام هو الحل" اختفى لأنه جيد لهم وهم في المعارضة وليس في سدة الحكم.
ماذا سيحدث، وما الذي يزعج ؟. إمكانية التصادم بين الجيش والأخوان قائمة، ومطالبهم بعرض اتفاق كامب ديفيد على الاستفتاء العام رغم تصريحهم باحترامهم للاتفاقيات الدولية، وبخصوص البكيني في الشواطئ فإذا لم يكن هناك بكيني فلن تكون هناك سياحة.
وهناك تحدي آخر للإخوان وهم السلفيين الذين إذا اقتربوا من الكنائس فهم يحملون بالضرورة علب الكبريت لإشعال الوضع. وعلى أية حال، الربيع لن ينتهي في عام 2012. الوضع اليوم سيء من جميع النواحي. لكن كما قيل أمس في ميدان التحرير "25 يناير 2012 الثورة مستمرة"


المحافظين والحداثة

البروفيسور آشير سسار
أود الحديث عن عدم وجود علاقة بين المسميات التي سميت بها الأحداث في الوطن العربي وبين ما حدث من ناحية عملية على الأرض. وكانت مسميات الربيع وفيسبوك وتويتر بعيدة بعد الشرق عن الغرب عند الحديث عن نتائج هذه الثورات. في البداية كان الحديث يدور عن جيل شاب ليبرالي وديمقراطي، لكن عند حصد النتائج تبين أن البرلمان المصري احتله 75% من الإسلاميين. فما الذي حدث، وكيف وصلت الأمور لهذه النتائج ؟. وللرد على ذلك، لا بد من القول أن الثقافة هي أمر مهم، وذلك ما تجاهله المحللون المختصون بالشرق الأوسط. لقد تحدثوا عنه وكأن الحديث يدور حقا عن فيسبوك وتويتر، وتجاهلوا عمق التأثير الثقافي الموجود في العالم العربي. الربيع الذي يدور الحديث عنه لا يشبه وقائع أوروبية كما حدث بالثورات الأوروبية عام 1848 أو ربيع براغ عام 1968 أو "لعبة الدومينو" بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وفي الحقيقة، ما جرى في أوروبا هي ثورات اجتماعية ديمقراطية ليبرالية. وما يحصل اليوم أسميه تحليل عالمي مزيف، لأن البعض حاول تفسير ما جرى وكأنه مقارنة بين ما جرى في أوربا قبل عشرات العقود وبين ما يجرى في الوطن العربي. المشكلة عند الأوروبيين هي عدم رغبتهم بالاعتراف بالأخر، رغم تنوع مجتمعاتهم التي تتحدث بايجابية وصدق. أما الآخر فهو ليس جيل الفيسبوك وتويتر. التنوع الأوروبي له ميزتان هما: الأولى، أنه لا توجد مبادئ فكل شيء بالنسبة لهم سياسة، وكل بحث جاء ليخدم توجه سياسي. والثاني، كان هناك فشل ذريع في الدراسات الشرق أوسطية ودراسة الشرق الأوسط التقليدي. وذكر إدوارد سعيد أن المستشرقين أخطأوا في دراسة الشرق الأوسط لأنهم تجاهلوا أن الإسلام مكون للعقل الجماعي للشعوب العربية.
التحليلات الحالية تحدثت أن العالم أصبح اليوم فيسبوك وتويتر ولا توجد فوارق بين البشر خاصة أن الإسلاميين تنحوا جانبا خلال الثورة وبدا أن دورهم فيها هامشيا. وبخصوص المستشرقين الإسرائيليين فقد انقسموا لقسمين :الأول، قال أن ما يحدث في العالم العربي هو في صالح القوى الإسلامية وأن الجيش سيظل الجهة المركزية في الحياة السياسية الداخلية. والثاني، اتهم أصحاب الرؤية الأولى بأنهم عنصريون ولا يعلمون ما يجري حيث ذكروا أنهم لا يتوقعون سيطرة الإسلاميين على الحكم، وستتراجع قوة الأخوان المسلمين، وسيملأ الفراغ في مصر قوى سياسية مختلفة. لكن وبعد الانتخابات تبين أن من لم يصوت للإخوان صوت للسلفيين. بكلمات أخرى قال هؤلاء أن الأخوان المسلمين لن يكون لهم مكانا كبيرا والجيش لن يتدخل في السياسة.
واعتقد أن عاموس غلعاد كان أكثر دقة حين قال إن ما يحدث في الوطن العربي هو يقظة عربية وهي ليست مصطلحا جديدا. وهنا أريد أن أسأل سؤالا هو لأي مستوى يختلف ما حدث في السابق عما حدث اليوم، وبماذا يختلف. القومية العربية هي ثقافة علمانية سيطرت على العالم العربي، والعربية هي إشارة لمن يستخدمون اللغة العربية وليس لمن يؤمن بالدين الإسلامي. في ذلك الوقت بدا أن العربية توحد العرب مسيحيين ومسلمين. ويعلم الجميع أن منظري القومية العربية كانوا من المسيحيين، ما مكن الأقليات من الاندماج في السلطة. ما حدث اليوم هو انهيار للقومية العربية وهزيمة للعلمانية. لقد هزمت الثقافة العربية العلمانية مع هزيمة الحكام العرب، وهذا ما ميز اليقظة العربية قبل قرن وبين الوضع الحالي
اليقظة العربية في القرن العشرين كانت محاولة لتقليد الغرب الذي توجه نحو العلمانية والليبرالية ومنافسة الغرب بنفس الأفكار التي يحملها. القوى الغربية في ذلك الوقت كانت في أوج قوتها. لكن مكانتها اليوم تتراجع، وتمر بأزمة مالية عميقة جدا والاتحاد الروسي غائب. وعليه لا توجد نماذج غربية حديثة يتطلب من الشرق تبنيها كما كان عليه الحال في القرن التاسع عشر.
ولا بد من الإشارة أن غياب العرب والقومية العربية يعني صعود القوى غير العربية في المنطقة مثل إيران وتركيا وهي أيضا نماذج ليست علمانية يتطلب من العرب تقليدها. فإيران اليوم لا تمثل العلمانية بشيء، ويحكمها آيات الله، وفي تركيا التيار العلماني يملك نوعا من القوة مثل عبد الناصر الذي رأى بأتاتورك نموذجا للتبني وأردوغان ليس موجودا في النادي العلماني. تركيا اليوم تقف حاجزا أمام سيطرة الفرس. والعراق اليوم هو الحدود الفاصلة بين إيران وتركيا، وهي الحدود الجديدة بين السنة والشيعة التي تضم العراق وحزب الله التابعين لإيران. وما يجري هو صراع بين إيران وتركيا وكل الدول العربية السنية .
الثورات العربية التي وقعت في تونس ومصر واليمن وليبيا لم تنتصر فيها القوى الديمقراطية الليبرالية،بل القوى الإسلامية المحافظة المتمثلة بالإسلام السياسي. ومصر هي النموذج الأبرز لنجاح الإسلاميين. أما العراق فهي دولة طائفية مقسمة بين السنة والشيعة. وسوريا تضم العلويين والمسيحيين ضد السنة. والبحرين السنة ضد الشيعة .
اليوم هناك دمج معين بين الإسلام والحداثة يبنى أمامنا كيانات سياسية حديثة ومتعددة لا تحكم برجال الدين بالقوة هناك تدخل مدني أكبر والرأي العام مؤثر أكثر. والإعلام الحديث والأنظمة الحديثة التي تبنى اليوم تعتمد على العناصر المذكورة. لكن القوى المتحكمة بهذه الأنظمة هي قوى محافظة متمثلة بالإسلام السياسي والطائفية والقبلية وهي التي تلعب دورا حاسما في الدولة العربية الحديثة.



#عليان_الهندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن ...
- ملاحظات فلسطينية حول موقف الحركة الصهيونية من مذابح اليهود ! ...
- هل ستندلع الحرب بين إسرائيل وإيران
- التقرير الاستراتيجي 2011 الحلقة الأخيرة
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2011 الحلقة قبل الأخيرة
- التقرير الإستراتيجي الإسرائيلي السنوي 2011 الحلقة السابعة
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2011 الحلقة السادسة
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2011 الحلقة الخامسة
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2011 الحلقة الرابعة
- التقرير الإسرائيلي الاستراتيجي 2011 الحلقة الثالثة
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2011
- التقرير الإسترتيجي الإسرائيلي السنوي 2011 الحلقة الأولى
- عن الأيديولوجيا الصهيونية
- مواقف إسرائيلية من مهاجمة السفارة الإسرائيلية في القاهرة
- مصر بين إيران وإسرائيل
- قراءة لخطاب خالد مشعل في احتفالية المصالحة الفلسطينية
- مسرة السلام في شرق أوسط مضطرب -الحلقة الثانية
- مسيرة السلام في شرق أوسط مضطرب- الحلقة الأولى
- المطالب الأمنية الإسرائيلية من الدولة الفلسطينية منزوعة السل ...
- مؤتمر هيرتسليا الإسرائيلي ومصر


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهندي- الحلقة الثانية